ثورة الشباب الفلسطينى!

فلسطين (:::)
بقلم : د . ناجي شراب – فلسطين المحتلة (::)
عندما إندلعت ثورات التحولات الكبرى التى شهدتها عدد من العواصم العربية الكبرى وقادها شباب هذه الدول، والتى اطاحت بنظم حكم لم يتخيل سقوطها، ثار اكثر من تساؤل عن ثورة الشباب الفلسطينى ، وقيامه بوضع حد للإنقسام الذى اضر بالقضية الفلسطينية وحولها لمجرد حادثة بسيطة فى السياسات العربية والدولية، ودوره فى إستعادة الهيبة للقضية الفلسطينية ، وثورته على الإحتلال الإسرائيلى ، وسياساته التهودية والإستيطانية ، وسياساته فى نزع البعد الإسلامى عن القدس والأقصى. ووقتها قيل الكثير عن سلبية هذا الشباب، وإنغماسه فى تدبر امور حياته اليومية ، والبحث وطرق أبواب المستقبل خارج أرضه. كل التحليلات التى قيلت ثبت فشلها وعدم صدقيتها ،لسبب واحد وهو عدم الإلمام بمكونات الشخصية الفلسطينية اولا، وثانيا بخصوصية سمات الشريحة الشبابية. هذا الشباب  فاجا العالم ، وفاجا الكل بهبته  العفوية والتلقائية ليقود اول ثورة له وهى الثورة فى وجه الإحتلال وسياساته فى القدس ، وكانت رسالته واضحه إلا الأقصى. وهذا لا يعنى انه لا يدرك ان أمامه ثورة أخرى وهى ثورة الإنقسام، ولكن أولويات ودوافع ألأولى قد تقود للثورة الثانية حتما.والثورتين متلازمتان،لأنه بدون ان ننهى الإنقسام يصعب تحقيق أهداف الثورة ألأولى. اولا لماذا الشباب؟ ولماذا هم من يقودون؟ الشباب هم القوة المحركة والدافعة للتغيير، والقادرة على تغيير الوضع القائم، وهم الذين يملكون ادوات التغيير،والرفض لكل أشكال الإحتلال ، وهم من يدفعون ثمنا حياتهم، وهنا أتوقف قليلا حياة الشاب قد تفوق فى قيمتها وأهميتها وفعاليتها حياة الكبار والمسنيين حتى من منظور العمر، ومن هنا حياة الشباب تعنى الكثير, فمافهيم البناء والإعمار والتنمية وتجدد الحياة أدواتها الشباب، من هنا أهمية المحافظة على حياة هؤلاء الشباب.وفى هذه المقالة أريد ان اتحدث عن الإحتلال وعلاقته بالشباب على وجه الخصوص، الإحتلال يتنافى ومستقبل الشباب فى الحياة ، الشباب يحتاج إلى الأرض ليعمرها ويبنيها ويورثها لمن بعده وهم جيل ألأطفال فى هذه المرحلة ، ولذلك ليس مستغربا ان يكون الضحايا من ألأطفال والشباب والشابات وهى ظاهرة فريدة فى هذه الهبة، هم يدافعون عن حياتهم ومستقبلهم.من حق هذا الشباب ان يبنى وان يعمر، وأن يتواصل مع شباب العالم عبر وسائل التواصل الإجتماعى يشاركهم ثقافة واحده بعيده عن العنف والكراهية والحقد والثأر ،لأن الشباب الذى يسعى للبناء والتعمير، ويريد ان يعيش سنيين عمره ، لا يمكن ان يلجأ للعنف والقتل . والسؤال  الإعتراضى هنا اليس هؤلاء الشباب الذين تتكون منهم الجيوش التى تقتل وتدمر، اليسو هم من يشكلون الجماعات المتطرفة والمتشددة فى كل مكان. والإجابة بالتأكيد نعم. لكن يبقى السؤال لماذا ذهبت هذه الشريحة لتتبنى ثقافة غير ثقافتها ، وفكرا غير فكرها، بالتأكيد هناك أسباب لكل حالة ، ولكن فى حالتنا الفلسطينية الشباب اول مرة يلجاون للسكين ، ليس حبا فى السكين ، ولكن للتعبير عن الظلم الواقع عليهم بسبب سياسات الإحتلال وهدم المنازل، وقتل وإعدام الأطفال والفتيات، هؤلاء الشباب وتعرف إسرائيل جيدا هم شبا مبدعون، متعلمون، منتجون، يتطلعون للرقى فى سلم التعليم، لكنهم يرون ألإحتلال يزحف على أراضيهم ومنازلهم يبتلع مقومات الحياة الشحيحة امامهم.ومن حقهم ان يدافعوا عن حياتهم وكرامتهم. الشباب الفلسطينى قدم نماذج نجاح كثيره فى العديد من المجالات العلمية والعملية والعمل، وحتى فى داخل إسرائيل هناك نماذج كثيرة ناجحة لنفس الشباب. الشباب الفلسطينى منذ ان يولد ويفتح عينية على الإحتلال، وصور الجيش الإسرائيلى ، وصور الإعتقال، والتدمير، ولإنتهاك للقدس والأقصى ، الم يتساءل الكثيرون كم عمر هؤلاء الشباب؟ عمر هؤلاء الشباب الذين يقودون هبة عجز الكبار عن قيادتها تتراواح أعمارهم ما بين الخامسة عشر والخامسة والعشرين، ومقارنة بعمر الإحتلال الذى يقارب نصف القرن،ان عمر الإحتلال ضعف عمر هؤلاء الشباب، وهنا تظهر خطورة هذا الإحتلال  ،فهؤلاء الشباب عاشوا الإحتلال بعمرهم ، وعاشوه مضاعفا بعمر أسرهم. وهو ما يعنى التداعيات والآثار السلبية المدمرة التى يحملها هؤلاء الشياب عن الإحتلال.فأى مستقبل ينتظرهم والإحتلال هو الذى صاغ حياتهم ، وقيمهم وسلوكهم.ولذا الإحتلال هو المسؤول المباشر عن هذه الهبة ، ولماذا حمل الشاب السكين بدلا من القلم.رسالة الشباب ما زالت القلم والكتاب. لا يعقل لشاب يذهب للجامعة ويتلقى أعلى درجات العلم والتخصصات الدقيقة حتى يتحول من شاب منتج مبدع ومساهم فى بناء الحضارة ألإنسانية لأن يجد نفسة فى مواجهة العنف والقتل . هذا الشباب لم يتدرب على سلاح، ولم ينخرط فى جماعات متشددة متطرفة ، بل جاء من الجامعات ومقاعد العلم، ولا يعقل لأب وأم وأم ترسل إبنها للجامعة تنتظر إستشهاده. نحن اباء وأمهات حريصون على حياة أبنائهم، لا نريد لهم أن يقتلوا، نريد ان نري الحياة فيهم. لكن اعود واقول سنوات الإحتلال الثقيلة ، وتجاهل العالم لهؤلاء الشباب، وبدلا من التفكير المباشر فى تفسير ما يجرى ، والربط بين السكين والعنف والقتل والإرهاب، فالصورة لها جانب آخر، وهو ألإحتلال. وفى هذا السياق على إسرائيل قبل ان تذهب بعيدا فى سياسة القوة والإفراط فى إستخدامها ، ان تدرك ان السبب الرئيس هو الإحتلال،الذى حان ان ينتهى ، ليمنح هؤلاء الشباب حياة مدنية آمنه هادئه ، وان تتاح لهم الفرصة فى بناء نظام سياسى ديموقراطى مدنى ، يهيأ او يعيد أسس التعايش المشترك ، والسلام الذى لا بديل عنه، فالبديل لذلك مزيد من القتل والعنف والكراهية والحقد،هل يعقل ان نتخيل شعبان يمكن أن يعيشا للأبد فى صراع دموى. على المجتمع الدولى ان يتجه نحو الإحتلال ، وعلى المجتمع ألإسرائيلى ان يدرك ان لا يعقل ان يبقى الشعب الفلسطينى تحت الإحتلال يعانى من الذل والإهانة اليومية ، وان السبب الرئيس فى حكومته المتشددة ، كما من حق إسرائيل ان يكون لها دولة ، من حق الفلسطينيين ان تكون لهم دولة ، لكن المهم فى ماهية هذه الدولة وفى شكل العلاقة بينهما فى المستقبل، وعلينا ان نفكر خارج الصندوق ، وبعيدا عن التعصب ألأيدولوجى البغيض، ان نفكر فى الحلول الإبداعية التى تحقق ألأمن المتبادل والتعايش المشترك على نفس الأرض هذا هو البديل للقتل والعنف.
دكتور ناجى صادق شراب
drnagish@gmail.com