الرابط : فلسطين (:::)
بقلم : عدنان الروسان – الاردن (:::)
عدنان الروسان ، احد المناضلين الاردنيين الذين قدموا لفلسطين وما زالت اقلامهم تنزف حبا لفلسطين .. ففلسطين هي كل هذا العالم عندما يتعلق الامر بالحق والنضال .. يكتب هذا الاسبوع هذه الافتتاحية لصوت العروبة .. بعد ان سقط جميع حكام العرب في مستنقع اللصوصية .
***
في العشرين من العمر ربما أقل قليلا أو أكثر قليلا ، فتاة فلسطينية ، عربية ، تقف دون أن يرف لها جفن و حولها عشرات من الجنود المدججين بالسلاح ، عشرات مدربين لقتال الدول العربية وتأديب إيران ، عشرات يلتفون حول صبية في العشرين من العمر ، يقولون أنها تحمل سكينا ، ربما كانت و ربما لم تكن تحمل سكينا ، و بدم بارد ، دون تردد أو تلكؤ ، انطلقت زخات من الرصاص من على بعد أمتار فترنح جسد إسراء عايد الطاهر كأنه لا يريد السقوط و ارتمى في أحضان أرض فلسطين الطاهرة التي تلقفتها بين ذراعيها ، هذه الابنة البارة التي يساوي حذاءها رأس أمين جامعة الدول العربية وكل زعيم عربي فيها .
نظرت إلى الجنود الإسرائيليين يتصارخون ، و يأخذون وضع القتال و كأنهم مقابل جيش من الأعداء و يشهرون أسلحتهم الرشاشة نحو الصبية الفلسطينية ، و تتراقص أوصالهم خوفا ،، فالصهيوني يبقى ذلك الشيلوك الذي لا يعيش إلا على الدماء ، ، لا يقدر الصهيوني إلا أن يكون فامبيرا ، مصاص دماء منذ قصة تاجر البندقية شيلوك الذي كان ينتظر لكي يتلذذ بدم انطونيو الإيطالي ونحن لا نتحدث هنا عن اليهود .. ففي الكثير منهم وخاصة فئة ( ناطوري كارتا ) وفئات غيرها ..التي ترى في اسرائيل محتلة للارض ويريدون العيش في ظل دولة فلسطينية , و حتى إسراء عايد التي اطلق عليها الرصاص و هي عزلاء من كل شيء إلا من اسمها و عروبتها الذي بات يخيف الدنيا كما يبدو ، ثم حتى بعد أن أطلق جنود الإحتلال النار عليها صعدت روح إسراء إلى الله تشق عنان السماء فهي بالقرب من الصخرة المشرفة حيث صعد محمد صلى الله عليه و سلم إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ، فصار الطريق سالكا لكل شهيد أو شهيدة و صار الصعود أهون من السقوط ، فنظرية نيوتن للجاذبية تصلح لكل شيء إلا لأرواح الشهداء العظام الذي يضيئون مشاعل النصر كل يوم نحو النصر الأكيد ، الحل الذي لم يستكمله أحد ، سيستكمله الفلسطينيون الذين لن يقبلوا بأقل من أن يريحوا و يستريحوا ،لم تكن الشهادة قد كتبت بعد لإسراء فعانقت الروح سدرة المنتهى و عادت الى الجسد المسجى على الأرض ، لأن اسراء تريد أن تكون حاضرة لجولة أخرى من القتال والذود عن فلسطين.
إسراء ،سقط الجسد و ارتفعت الروح إلى بارئها و عادت ، و لم تصرخ أو تنادي على أحد من الزعماء العرب ، فهي تعلم في قرارة نفسها أنك قد أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادي ، بقيت واقفة صامتة ، صامدة تنظر في عيون عسكر الاحتلال ، فتصطك أرجلهم من الخوف و تنفجر حناجرهم من الصياح و يتقافزون كالقردة ، ثم لا يتمالكون أنفسهم فيضغطون على الزناد خوفا و هلعا وتضيء شمعة فلسطينية جديدة على أرض فلسطين لتضيء السموات كلها والأرض و هي تشكو إلى الله نذالة الصهاينة و نذالتنا على حد سواء.
مليارات الدولارات والدنانير والدراهم و الريالات أنفقناها على تسليح جيشونا ، مليارات الساعات من الخطب الرنانة ، والزعامات الكاذبة ، والإتفاقات المزيفة مع إسرائيل ، مليارات سرقها أدعياء الليبرالية و الديجيتالية و الوطنية الكاذبة ، بياعي الأوهام ، و تجار الخصخصة واللصلصة في العالم العربي و لم يتمكنوا من سرقة لحظة نصر واحدة على إسرائيل إلا في برامج المارشات العسكرية و تمجيد الآلهة العربي من اللات والعزى إلى هبل
صمدت تلك الفتاة الفلسطينية كما تصمد كل أشجار الزيتون الفلسطيني ، لم تكن تبحث عن تسويق وكالة إعلان أو دخان أو مشروب ، و لم تكن ترجو لقاء الرئيس الخالد العظيم الذي ذهب ليفجر قنبلة في الأمم المتحدة فانفجرت فيه و رجع كما ذهب بخفي حنين ، ولم تكن تبحث عن عضوية في منظمة التحرير التي لم تعد تحرر إلا الشيكات و الصكوك و البيانات ، ولا تبحث عن وظيفة في إحدى شركات ابن الرئيس العظيم تشي غيفارا عباس ميرزا ، لقد كانت تبحث عن درس في العزة والكرامة لتلقنه من ينقصهم ذلك فوجدته و أدت دورها .
إسراء أنت عظيمة ، لقد رفعت اسم المجد عاليا ، و جعلت عنوان فلسطين العظيمة نصرا مؤكدا ، و جعلتينا نكتشف كم نحن ذكورا ولكننا لسنا رجالا و بين الرجولة والذكورة كما بين صلاح الدين و الذين هم بلا دين ، لن تضيع فلسطين و فيها نساء مثل إسراء ، و لن ينتصر قوم فيهم مثل أولئك المرعوبين الخائفين ، و من لا يصدق فليشاهد مقطع الفيديو على اليوتيوب و يرى كم كانت إسراء عظيمة و كم كان اعداؤها أنذالا ، أما نذالة الجامعة العربية فلا تحتاج إلى مقاطع فيديو لمعرفتها و التحقق منها.
هذه اسراء .. رأينا ان ننتقيها من بين شهداء الوطن الفلسطيني الذين صعدت ارواحهم الى السماء .. انهم النور الذي يهدينا الى طريق حقوقنا الانسانية الادمية .. ذلك انها امرأة .. ولكنها بالف رجل .. رحم الله الشهداء .