الحركة الرياضية في فلسطين – اليوم الرياضي في المدارس الاهلية ( الدراسة الأخيرة )

دراسات (:::)
تميم منصور – فلسطين المحتلة (:::)
لم يكن في فلسطين حتى الحرب العالمية الثانية مدارس اهلية ثانوية كاملة غير الكلية العربية والمدرسة الرشيدية في القدس ، هذا باستثناء المدارس التبشيرية التي كانت قائمة في مدينة القدس ، وخلال الحرب العالمية الثانية ، وفي اعقابها اقيمت في فلسطين مدارس أهلية ثانوية ، وصار طلابها يتقدمون لامتحانات الشهادة الثانوية المعترف بها حكومياً ، ففي القدس اقيمت ” كلية الروضة ”  و ” كلية الأمة”  و” كلية النهضة ” و ” الكلية الابراهيمية ” .
وفي بير زيت أكملت مدرسة بير زيت صفوفها الثانوية ، كما أكملت كلية النجاح في نابلس صفوفها الثانوية ، وفي يافا أكملت كلية الثقافة والكلية الارثوذكسية صفوفهما الثانوية أيضاً ، وكان الاهتمام واضحاً في تلك الكليات التي بدأت في تعيين معلمين مختصين من داخل البلاد وخارجها للإشراف على النشاط الرياضي فيها .
وعلى سبيل المثال نذكر أن كلية الثقافة في يافا ، أحضرت من مصر المرشد المتخصص بالتربية الرياضية حسين حسني ، كما أحضرت كلية النجاح في نابلس معلمين متخصصين في الالعاب الرياضية من لبنان هما : ” منير نجا ” و ” عبد الودود رمضان ” الذي أعتبر من أبطال الرياضة في لبنان ، أهتم هؤلاء المدربون بتدريب طلابهم وصقل مواهبهم الرياضية ، مثلاً نجد أن ” منير نجا ” أدخل الى كلية النجاح لعبة القفز بالزانة ، التي لم تكن معروفة في فلسطين ، كما أدخل حسين حسني لعبة الطبق الطائر ، أو البساط الطائر في اليوم الرياضي الذي كانت تقيمه كلية الثقافة في يافا .
ونظراً لوجود هؤلاء المدربين ورغبة الكلية في اظهار اسمها وسمعتها من خلال نشاط طلابها ، صارت كل الكلية تنظم يوماً رياضياً خاصاً بها ، تدعو اليه أولياء أمور الطلاب والشخصيات الفلسطينية المختلفة ، وقناصل الدول العربية في فلسطين ، وكانت تقام في ذلك اليوم الرياضي مسابقات في الألعاب الرياضية المختلفة ، وتعرض كل فرق الكلية مجموعة من التمرينات السويدية ترافقها الحان وموسيقى خاصة ، كما كان يتم عرض أنواعاً من العاب القوى والأهرامات .
ومن ناحية أخرى فقد أخذت هذه الكليات تنظم دورة سنوية في لعبة كرة القدم ، تشارك بها فرق تمثل المدارس الثانوية في القدس ، من تبشيرية وأهلية ، اضافة الى الكلية العربية والرشيدية الحكوميتين ، وفضلاً عن ذلك كانت معظم المدارس التبشيرية ، منذ بداية الانتداب تنظم يوماً رياضياً خاصاً بها ، وكانت تلك المدارس تهتم بالتربية البدنية اهتماماً كبيراً يفوق المدارس الأخرى بهذه التربية .
الصحافة والاعلام الرياضي
ظهرت في فلسطين إبان الانتداب اربع صحف يومية ، جميعها كانت تصدر في مدينة يافا ، وهذه الصحف هي ” صحيفة فلسطين ” وصاحبها عيسى العيسي ، والتي كانت قد بدأت مشوارها في أواخر العهد التركي ، وصحيفة ” الجامعة الاسلامية ” أصدرها الشيخ سليمان التاجي الفاروقي ، وقد توقفت عن الصدور في عام 1936  و ” صحيفة الدفاع ” كان صاحبها ابراهيم الشنطي ، واعتبرت أوسع الصحف انتشاراً ، بدا صدورها عام 1934 و ” صحيفة الشعب ” وصاحبها كنعان أبو خضر ، وقد بدأت بالصدور عام 1945 ، هذا إضافة الى صحيفة ” الصراط المستقيم ” لصاحبها عبد الله القلقيلي ، وكانت مسائية ، وفي سنوات الاربعينات صدرت في القدس صحيفة ” الوحدة العربية ” وكان صاحبها توفيق الحسيني ، إضافة الى عدد من المجلات الاسبوعية والشهرية .
كانت هذه الصحف تهتم بالحركة الرياضية وتنشر الأخبار الرياضية المختلفة ، وقد خصصت للأخبار الرياضية أعمدة خاصة بها يومية وأسبوعية ، وكان المحرر الرياضي في صحيفة ” فلسطين ” جميل الطاهر ، إضافة الى سكرتير التحرير ابراهيم سكجها ، وفي جريدة الدفاع تولى تحرير الصفحة الرياضية خير الدين أبو الجبين ، وفي صحيفة الوحدة المقدسية كان المحرر الرياضي ” كيفون كشيشيان ” كما تولى تحرر الاخبار الرياضية في صحيفة الشعب ” محمد التاقة ” .
اما بالنسبة لإذاعة فلسطين التي بدأت نبث برامجها في العام 1935 فقد خصصت حلقة أسبوعية لأخبار الرياضة ، قدمها ابراهيم سليم نسيبه ، كانت تبث مساء كل يوم جمعة ومدتها 20 دقيقة ، أما محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية التي كان مقرها فلسطين ، كانت تبث برامج خاصة بالرياضة بالمناسبات ، ومن بين المباريات الدولية التي بثتها هذه المحطة مباراة في الملاكمة دارت بين أديب الدسوقي بطل فلسطين في الملاكمة ، وعرفة السيد بطل مصر في هذه اللعبة ، وقد أقيمت هذه المباراة في صالة السينما الحمراء في يافا وفاز فيها الدسوقي .
مميزات النوادي والفرق الرياضية
الميزة الأولى :  للفرق الرياضية ، أن غالبية الاداريين فيها وغالبية اللاعبين كانوا ينحدرون من الطبقة البرجوازية الفلسطينية التي تواجدت في المدن ، كما أن غالبية النوادي الرياضية كان مقرها المدن الكبيرة وبعض المدن الصغيرة .
الميزة الثانية :  النوادي والفرق الرياضية كانت تابعة في غالبيتها لأطر يغلب عليها الطابع الطائفي الاسلامي والمسيحي باستثناء بعض النوادي التي اقيمت ضمن أطر قومية ، وغالبيتها كانت متخصصة بألعاب القوى ، مثل نادي اتحاد العمال في حيفا ، نادي غزة الرياضي .
الميزة الثالثة :  غالبية هذه النوادي والفرق التابعة لها ، لم تتبع لأحزاب وحركات سياسية ، لكن هذا لا يعني أن اعضاءها وجمهورها لم يشاركوا في المظاهرات والاضرابات والاحتجاجات ضد ممارسات سلطات الانتداب القمعية ، أو ضد الوكالة اليهودية .
عانت هذه النوادي من انعدام توفير الميزانيات الكافية لها كي تمارس نشاطها باستمرارية ، فقد كانت تعتمد في ميزانياتها على التبرعات والتمويل الخاص ، ولا نعرف ما هو دور البلديات في دعم هذه النوادي ، كما ان سلطات الانتداب امتنعت عن تقديم أي دعم للاتحاد الرياضي في فلسطين .
الهجرة اليهودية والرياضة
استغل اليهود الاندية الرياضة في الظاهر ، لكنها استغلت للأمور العسكرية في الخفاء ، خاصة أندية ” البوعيل ” واندية ” المكابي ” ففي العام 1933 انطلقت التظاهرات في فلسطين احتجاجاً على تدفق الهجرة اليهودية الى فلسطين ، تخللتها أعمل عنف بين العرب واليهود ، وكان رد فعل اليهود على هذه المواجهات ، إقامة مهرجانات رياضية شارك بها الشباب اليهودي وأطلق عليها اسم ” المكابيات ” على غرار الاولمبياد العالمية .
اقيمت هذه ” المكابيات ” لأول مرة في العام 1935 ، تمكنوا من خلالها ادخال عشرين الف شاب يهودي الى فلسطين ، دون تصاريح هجرة للاشتراك في هذه المهرجانات ، أو بحجة مشاهدتها ، وقد انضم غالبية هؤلاء الشباب الى عصابات الهاجاناه ، أصبحت هذه ” المكابيات ” تقام كل أربع سنوات ، ويتسلل من خلالها الشباب اليهود الى فلسطين ، اضافة الى المدربين الذي كانوا يرافقون هؤلاء الشباب.
يقول يطل الملاكمة الفلسطيني المعروف ” أديب الدسوقي ” في مذكراته ان هذه الاساليب الاسرائيلية الشيطانية استعملتها بريطانيا لخدمة مصالحها ، فقد كونت بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية فرقاً رياضية باسم ” الوندرز ” في فروع الملاكمة وكرة القدم ، وقامت هذه الفرق بزيارة عدداً كبيراً من دول العالم ، وأجرت مباريات حصلت من خلالها على الدعم والمال ، وقد اتبعت اسرائيل هذا الاسلوب لتمرير مؤامرتها ضد الشعب الفلسطيني ، بهذا مسوا بقدسية الرياضة وبقيمها الاخلاقية ..
” انتهى ”