اراء حرة (:::)
عدنان الروسان – الاردن (:::)
وحيدون في ذات زمن لا ندري متى بدأ و لا كيف ، ولا ندري متى سينتهي ولا أين ، غرباء في أوطاننا نرى كل الغرباء يسرحون فيها و يمرحون ، و نحن الوحيدون أصحاب الدار الغرباء لا نجد لنا موطئ قدم نقف عليه ولا فراش دفيء نأوي إليه في صقيع الزمن العربي الذي جاء إلينا ذات يوم هدية ما من وراها جزية نتيجة محادثات بين ماكمهون و آخرين و سايكس بيكو و آخرين و بين خلافات تطورت إلى ضرب ” بالشباري والقناوي والشواريخ ” بين شيوخ العشائر العربية التي تقاسمت فيما بعد تحت راية صاحبة الجلالة تقاسمت المراعي العربية و القيعان العربية و قطعان الأغنام العربية التي توزعت بين حدود رسمها فرنسي من عشائر الفرانكفونية و انجليزي من السكسون ، و راعوا فيها أن يكون هناك شيوخا أغنياء يموتون كل يوم ألف مرة من التخمة و شيوخ فقراء يعيشون الدهر كله يسرقون من هاهناك و من هنا كي يتشابهوا بالشيوخ الذين يموتون كل يوم ألف مرة من التخمة بينما الأغنام تموت منذ مائة عام كاملة من الجوع جيلا بعد جيل و ماتزال ” تثغي ” فرحا بالراعي الذي جاء هدية من السماء أو منة من نفسه لهذا القطيع أو ذاك .
وحيدون نستجدي عمرا كاملا كسرة خبز أو شربة ماء فلا نجدها إلا منة من الشيخ الحاكم الذي لم يترك ” ربابة ” إلا و أجبر النوري الذي يعزف عليها أن يعزف له لحن البقاء والخلود و لزوجته لحن المجد و الجمال و الورود و لأولاده الذين لا يشبهون أولادنا في شيء حتى قيل أنهم لا يأتون من تحت بل ربما من فوق ، و أنهم وهم صغارا يكون بحكمة الكبار و أنهم عباقرة ينهون مدارسهم قبل سنوات من أبنائنا و يتخرجون من الجامعة وهم مايزالون يرضعون الحليب ثم يصيرون شيوخا بينما شيوخنا يبقون أطفالا وهم في التسعين يصفقون للزعيم و يستجدونه ابتسامة أو رغيف خبز أو تربيتة على الظهر تشفع لهم عند عشائرهم و باقي العشائر المحيطة بعشائرهم.
وحيدون غرباء في أوطاننا ، و غرباء منبوذون إذا ما سافرنا إلى أقطار غير أقطارنا ، نذهب نبدي الندم للسفير الأمريكي و نقبل القدم و نذرف الدموع على حائط المبكى الأمريكي أمام السفارة الأمريكية علهم يمنون علينا بتأشيرة إلى واشنطن أو نيويورك ومن أخذ التأشيرة أقام سبع ليل ملاح مليئة بالغناء والأفراح فقد حصل على المجد كله تأشيرة إلى أمريكا راعية الحرية و ذابحة صدام حسين ليلة العيد و حارقة القرءان و قاتلة المسلمين و حارقة الأفغان المسلمين و إذا ما أردنا تأشيرة إلى أوروبا نحتاج إلى ” دستة ” أوراق كاملة و دعوات إضافة إلى دعوات إلى الله أن يهدي الله موظف السفارة فيقبل الطلب و ننتظر أسبوعين كاملين حتى يمن علينا فرنسي أو ايطالي أو ألماني بتأشيرة لزيارة روما أو برلين أو باريس ، بينما يأتي المواطن الأمريكي أو الأوروبي إلى مطاراتنا فيدفش الباب بقدمه بل ” بكندرته ” و يدخل دون استئذان و نرحب به و نهلي و يدخل فيعمل و يسوح و ينوح و يعبط حبيبته في كل شوارعنا و قد ” يعبط ” بناتنا أمام أعيننا فنبتسم و نضحك أو نتضاحك حتى لا يغضب السائح العظيم وكي لا يأخذ عنا انطباعا غير حضاري.
وحيدون غرباء في أوطاننا ، النفط ليس لنا و الفوسفات ليست لنا و لا الذهب ولا الحديد ولا البوتاس ولا شيء لنا ، أرضنا ليست لنا ، يأتي الأمريكيون بطائراتهم و سياراتهم و دباباتهم و نسائهم و رجالهم ، يأتي الأوروبية حتى الكوريون واليابانيون يأتون و يحتلون و يعيثون في كل ما يريدون فسادا أو إصلاحا ، ثم لا يكفينا هذا كله ، فيأتي بعض منا ، يأتينا باسم و بسيم و سعد وسعيد و عمرو و زيد و سمر و سمير و سهل و صعب ، يأتينا من غامض علم الله من رجانا أن نحمله على أكتافنا إلى عمان مثلا كي يؤدب الذئاب الغادرة و يوقف اللصوص الذين ينهبون الوطن “فطمنا و حملناه على ظهورنا و مشينا به إلى عمان كما مشى غيرنا بغيره إلى عواصم أخرى من عواصم الخريف العربي الطويل ” ثم حينما وصل غافلنا و ضربنا ” شلوطا ” على اقفيتنا و صار نديما لمن كان يريد أن يقتص منهم و أن يؤدبهم ، ووضع يديه في جيوبنا كلها و فتشنا حتى أدهشنا ثم علا و استعلى وكاد أن يقول أنا ربكم الأعلى دون أن يقدر مجلس العشيرة المكون من وجوه القطيع أن يقول شيئا أو أن يفعل شيئا فالمجلس مبسوط لأن له حصة في الشعير أكثر من باقي القطيع و لأنه غير ملزم بأن يثغي كلما رن صوت الربابة طربا و مرحا لمن لا غنى له عن ذلك.
نحن وحيدون و غرباء في بلادنا و مضاربنا ، منذ مائة عام ننتظر أن نعيش يومان مثل ” الخلق والناس ” و لكن كلما ظننا أننا قريبون تبين لنا أننا بعيدون و بعيدون جدا ، فهانحن اليوم يذبح بعضنا بعضا ، و يتوعد بعضنا بعضا و يهدد بعضنا بعضا ، هاهي طائرات شيوخ العشائر العربية تجول في السماء تضري بعضها بعضا بقوة و بأس و الربابة تعزف كل الحان المجد للأبطال الذين يذبحون بعضهم بعضا ، بينما لم نرى طائرة واحدة لشيخ واحد من شيوخ العشائر العربية تطير و لو من بعيد على الحدود مع كيبوتسات أولاد الحرام اليهود الذين أتوا مع الرعيل الأول من شيوخ العشائر العربية بناء على توصية من السكسون و الفرانكون و ما يزالون يمارسون الفاحشة في المسجد الأقصى و يقضون حاجاتهم في باحات قبة الصخرة المشرفة و ما تزال الربابة تعزف حتى اليوم الحان الخلود والمجد لشيوخ العشائر العربية العظيمة .
وحيدون وغرباء ، لا يستطيع أولادنا أن يتنعموا بعشر ما يتنعم به أولاد الذوات من قطعان المستوطنين الذي يحكمون الشيوخ والشيوخ يحكموننا ، نتدفأ في قرير الشتاء على صوت الربابة و نأكل إذا ما جعنا على الحان ” الربابة ” ذاتها و ننام قريري العين كل ليلة بعد أن نسمع الحان ” الربابة ” التي تعودنا عليها من أقصى المحيط إلى أقصى الخليج .
وحيدون و غرباء في أوطاننا ، و شيوخنا يتنافخون عظمة علينا بينما هم وحيدون و غرباء و ربما أكثر من ذلك بكثير حينما يكونون مع عظماء الغرب اليهودي ، ثم هاهم اليوم يؤلبوننا كي نذبح بعضنا بعضا تحت رايات التطرف والإرهاب و للحديث بقية إذا لم تعزف الربابة لحن الرجوع الأخير ..
adnanrusan@yahoo.com