الخطر ثلاثي … وليس ثنائيا!؟

التصنيف : سياسة واخبار (:::)
د. فايز رشيد – فلسطين المحتلة (:::)
للأسف , أقوال متعددة لمسؤولين دوليين : من الأمم المتحدة , ودول كثيرة في العالم ,كما مقالات كثيرة  عربية وأجنبية , ساوت بين داعش ومرض الإيبولا في ثنائية جدلية ! لكن أحدا لم يتطرق إلى خطر الصهيونية وتمثيلها السياسي : دولة الكيان ,كأكبر وأبرز الأخطار لا على الفلسطينيين والعرب فحسب , وإنما  على الإنسانية جمعاء , بدليل : أن الصهيونية جرى اعتبارها  وفقا لقرار الأمم المتحدة رقم 3379 , الصادر في 10 نوفمبر عام  1975 ” عنصرية , وشكلا من أشكال التمييز العنصري” . معروفة هي الضغوطات الأمريكية على دول العالم لإلغاء هذا القرار في بداية ظهور عالم القطب الواحد ! , رغم إلغائه , فإن العديد من القرارات في ذات السياق أصدرتها منظمات دولية عديدة , ولم تلغ قراراتها , منها على سبيل المثال لا الحصر : إعلان المكسيك عام 1975 . قرار مجلس رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية , الذي انعقد في كمبالا عام 1975 . الإعلان السياسي لوزراء خارجية الدول  غير المنحازة الذي انعقد في بيرو عام 1975 . كل هذه المؤسسات والهيئات , كانت أيضا وما تزال تصدر قرارات تأييد للقضية الفلسطينية .
على صعيد آخر :  أصدرت وزارة الخارجية في دولة الكيان , مؤخرا , بالتعاون والتشاور مع البعثة  الإسرائيلية التابعة لها في الأمم الأمم المتحدة , تقريرا نشرته صحيفة ” يديعوت أحرونوت ”  وجاء فيه : ” أن العالم لا يكترث بالقضية الفلسطينية ,  فاهتمامات الحلبة الدولية في الأمم المتحدة , ليست المسألة الفلسطينية , إذ تتركز الإهتمامات في مسألة مكافحة داعش  ووباء الإيبولا والحرب في أوكرانيا ” . نهاية التقرير تخلص إلى نتيجة وتقول : ” إن فرص الرئيس الفلسطيني لتمرير مبادرة السلطة لوضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطين , باتت ضئيلة جدا .إن الفلسطينيين في ضائقة ” .
معروف أن الفاشي ليبرمان صرّح مرارا في ذات السياق وادّعى دوما  : ” بأن العالم لا يهتم بالقضية الفلسطينية  فهي ليست على جدول أعماله ” . ايضا , أصدر وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون مؤخرا , قرارا يقضي ” بمنع العمال الفلسطيينيين من استخدام الحافلات الإسرائيلية أثناء تنقلهم في إسرائيل ” . كما أوضح الفاشي يعلون : أن ذلك جاء بناء على توصيات المسوطنين . من جهته :أبرم نتنياهو صفقة  مع أشد غلاة المستوطنين المتطرفين في حكومته وتقضي : بإطلاق سراح أيديهم في الاستيطان , مقابل تأييده سياسيا واستقرار ” ائتلافه الحكومي ”  . لذلك  وافق نتنياهو على خطة جديدة لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية  في القدس والضفة الغربية , وتوسيع الطرق المؤدية إلى المستوطنات . قوات الاحتلال الصهيوني قتلت العديدين من الفلسطينيين (تركتهم ينزفون حتى الموت ولم يسمح لسيارات الإسعاف بنقلهم إلى المستشفيات ! ) كالشهيد معتز حجازي في القدس , وشهداء في الضفة الغربية أثناء الأحداث الحالية الجارية , والتي أطلق عليها ” انتفاضة القدس ” , والتي تهيىء  في إرهاصاتها لانتفاضة فلسطينية عامة وشاملة .
ليس مهما مناقشة تقرير أصدرته خارجية الكيان ,لكن خفوتا (فتورا) كبيرا ونوعا ما : انطفاءا لوهج مثلته القضية الفلسطينية دائما على الصعيد الدولي , تم حدوثه .  هذ في ظل التركيز على خطر داعش,والإيبولا وعدم ذكر الكيان الصهيوني , إن في جرائمه ومذابحه وتنكيله المستمر بالفلسطينيين , أو في مصادرته للأرض الفلسطينية والاستمرار في توسيع الاستيطان , وباتفاق رسمي مع نتنياهو وعن طريق صفقة معلنة , أو في عنصريته المتزايدة , التي تفوق بها على حليفه السابق : نظام الفصل العنصري الجنوب أفريقي , بدليل : قرار يعلون الأخير ! . رغم كل ذلك , لم يتطرق الإعلام  إلى العنصرية الصهيونية ! . نتساءل : لو أن دولة أخرى في العالم أصدرت مثل هذا القرار العنصري الصهيوني فماذا ستكون ردود الفعل عالميا ؟ , بالتأكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد . رغم كل هذه الموبقات العنصرية الصهيونية  التي يجري إصدارها وممارستها في القرن الواحد والعشرين , ورغم اعتداء  الواحد والخمسين يوما على القطاع , لم يتطرق أحد إلى عنصرية الكيان وخطره على السلم العالمي  وعلى الإنسانية جمعاء!؟ .
مؤخرا ,قام المستوطنون بجرائم جديدة , منها, دهس اثنين من الفلسطينيين , والاعتداء على أهالي الضفة الغربية والمزارعين , وحرق أشجار الزيتون وغير ذلك من الجرائم . إضافة إلى اقتحامات المستوطنين المتتالية للأقصى بما في ذلك : اقتحام نائب رئيس الكنيس الفاشي موشيه فيغلين , واعتزام الكنيست هذا الشهر التصويت على مشروع قرار يتم بموجبه : اقتسام الاقصى زمانيا ومكانيا بين المسلمين واليهود , على شاكلة ما حدث في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل . هذا على طريق تهويد القدس والأقصى وهدمة من أجل إقامة هيكلهم المزعوم في مكانه.
التمييز في إسرائيل ضد العرب يطال:حقوق المواطنة،الحقوق السياسية،التعليم،البناء والسكن،سلب الأراضي العربية ومصادرتها بكافة الوسائل والسبل،توزيع الموارد وميزانيات مجالس القرى والبلديات،الحقوق الدينية وغيرها،وغيرها.من الملاحظ:أن القوانين العنصرية والممارسات التمييزية ضد العرب تتناسب بشكل طردي مع مضي السنوات على إنشاء الكيان الصهيوني،هذه هي الحقيقة الأولى.أما الحقيقة الثانية التي هي ليست بعيدة عن الأولى فهي:التناسب الطردي بين العمر الزمني للكيان وسيطرة الاتجاهات الأكثر تطرفاً على الحكم فيه بكل ما يعنيه ذلك من تداعيات:العدوانية،المجازر ضد الآخرين،الفوقية والاستعلاء،اعتماد الأسس والمبادئ التوراتية الصهيونية في التأسيس للعنصرية من خلال : تشريع القوانين. رغم كل ذلك , لا يتحدثون عن خطر الكيان ويقتصر الحديث على خطري : داعش وايبولا !؟.
هذا غيض من فيض عنصرية إسرائيل وجزء من حقيقتها،الكيان الذي تصنع منه الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً:واحة للديموقراطية في  صحراء الدكتاتورية العربية. يبقى القول:أن الكيان هو أخطر من الظاهرتين المعنيتين , فلماذا يجري تجاهله !؟ . برغم أن الدولة الصهيونية ارتكبت وما تزال , المذابح الجماعية, وتجاوزت العنصرية الى مرحلة ما بعدها , والعنصرية في دولة الكيان هي في أشد حالاتها ظهورا .
*   *   *