الرابط : سياسة واخبار (::::)
ابراهيم الشيخ – فلسطين المحتله (::::)
صعدت الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى من لهجتها ضد النظام السوري بعد اطلاق اتهامات ضده باستعمال الاسلحة الكيماوية، وتهدد الولايات المتحدة بتدخل عسكري في سوريا، وبدوره ينفي النظام السوري أي استعمال لهذه الاسلحة ويحذر الولايات المتحدة من اي تدخل عسكري ومجابهته في حال وقوعه.
بالرغم من تردد الولايات المتحدة من التدخل العسكري في سوريا على مدار العامين ونصف اي منذ بدء الازمة السورية الا ان هذه المرة الاولى التي تصل التهديدات بالتدخل الى هذا الحد من الجدية، وهذا الموقف تدعمه بعض الدول الاوروبية الفاعلة في الناتو مثل فرنسا والمانيا وبريطانيا، والسبب هو استعمال الاسلحة الكيماوية، ولكن يبدو ان القتل بالسلاح التقليدي لا يعتبر مشكلة ويبدو مسموحا، وهنا تظهر اهتمامات واشنطن التي لم تكترث بقتل الشعب السوري من قبل، وانما مهتمة هي بمسألة السلاح الكيماوي نفسه، وتأتي هذه المجزرة البشعة كفرصة ذهبية للتدخل في سوريا وتدمير الاسلحة الكيماوية التي تخاف منها واشنطن واسرائيل. العالم يحبس انفاسه بانتظار ما ستقرره الولايات المتحدة التي تسعى الى اجماع دولي في محاولة لقوننة الهجوم على سوريا لانه يصعب اصدار قرار في مجلس الامن، لان روسيا والصين ستعارضان اي قرار يصدر عن مجلس الامن يوصي بمهاجمة او معاقبة سوريا، وما يشجع امريكا على التحرك في سوريا هو موقف الدول العربية مثل قطر والسعودية والاردن الذي ترابط فيه قوات امريكية وطائرات اف -16 وتم ايضا نشر بطاريات باتريوت، ومن الدول التي تبارك التدخل في سوريا ايضا تركيا.
التدخل العسكري الغربي في سوريا لا يروق للكثير من شعوب الدول العربية، وحتى من جانب بعض المعارضين للنظام السوري لا يحبذون التدخل والغربي الذي لن يستطيع اسقاط النظام، وانما اضعاف سوريا كدولة من خلال تدمير ما تملك من اسلحة استراتيجية، وهذه الاسلحة على ما يبدو ستكون الهدف الرئيسي للهجوم على سوريا.
الاطراف التي تجنبت التدخل في سوريا تبدو مرغمة وبالاخص الولايات المتحدة التي وجدت نفسها مجبرة على التدخل، لان واشنطن تعتبر ان النظام السوري قد تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها باستخدامه الاسلحة الكيماوية، وبسبب المناشدات الدولية ودعم بعض الدول العربية وايضا المعارضة السورية التي ناشدت امريكا منذ بداية النزاع بالتدخل العسكري. ان الهجوم على سوريا لن يكون سهلا كما حدث في ليبيا التي لم يدعمها يقف الى جانبها اي طرف دولي، ولكن الوضع في سوريا يختلف، لان هناك لاعبين دوليين واقليميين كثر لهم اجندتهم ومصالحهم الخاصة، ولهذا فان الولايات المتحدة وحلفائها يدرسون ردود الفعل التي من الممكن ان تنشأ بعد اي هجوم عسكري ضد سوريا.
ستحاول روسيا التفاهم مع الولايات المتحدة بشأن سوريا وستعمل جاهدة من اجل اقناع واشنطن الاحجام عن ضرب سوريا، فروسيا التي تدعم النظام السوري وجدت نفسها في وضع حرج في حال مهاجمة سوريا، لانها لا تستطيع مجابهة الدول الغربية من اجل سوريا، وهذا ما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي قال إن روسيا لن تخوض حرباً مع أحد في حالة التدخل العسكري، واغلب الظن ان اقصى ما تستطبع موسكو فعله هو مد وتعويض النظام السوري عما سيخسره من ترسانته العسكرية.
الدول الغربية لا تسعى من اي ضربة اسقاط النظام السوري لان اسقاط النظام بشكل مفاجئ سيشكل حالة من الفوضى والفراغ، وبالتالي سيؤدي الى سيطرة قوى مختلفة على المشهد السوري وخاصة الجماعات الاسلامية المتطرفة كجبهة النصرة، وهذا لن يكون مسموحا به خوفا على امن اسرائيل والدول الغربية، ولهذا ستكون الضربات ان حصلت مدروسة لتدمير اي سلاح كيماوي يملكه النظام وتدمير اكبر عدد من الطائرات والصواريخ البعيدة المدى.
من غير المعروف كيف ستتصرف ايران حليف سوريا الاستراتيجي في حال حدوث اي هجوم، فالرد الايراني من الممكن ان يكتفي بالتفرج وبتصريحات الشجب لان ايران غير مستعدة للدخول في حرب من اجل سوريا، ومن الممكن أيضاً ان تتدخل ايران وتضرب القواعد الامريكية في الخليج أو مهاجمة اسرائيل بالصواريخ، وهذا ان حصل سيشكل الشرارة التي ستشعل منطقة الشرق الاوسط بأكملها، وستكون تداعيات مثل هذا السيناريو كارثية على جميع دول المنطقة، والسيناريو الثالث ان يتدخل حزب الله فقط ويضرب الكيان الصهيوني بالصواريخ مما يستدعي تدخل اسرائيل في هذه الحرب التي ستحرق الجميع بنيرانها. كل السيناريوهات محتملة، واحتمال ان لا تكون هناك حرب ايضا ممكن في حال توصلت الاطراف، وخاصة موسكو والولايات المتحدة الى صيغة توافقية لتجنب هذه الحرب المجنونة التي لا يعرف احد كيف ستنتهي ان هي بدأت.
ابراهيم الشيخ