في ذكرى أربعينه : صديق عمري ،  صبحي مخلوف : بقلم : سعد الله بركات

 

آراء حرة …

في ذكرى أربعينه : صديق عمري ،  صبحي مخلوف : تنكّب رسالتي التربية والعدالة

بقلم الإعلامي سعد الله بركات

لم يكد العام 2022 ، يقفل أيامه ، حتى آلمنا بوجع رحيل و فراق صديق العمر أبي باسل  ، وجع أعادني لأواخر عام 2006 ، حين رحلت أختي آخر العنقود ، ليس تشابه الأسى لزمن الأعياد ، بل  بفقد أخوين ،  وهوالذي وقف معنا في محنتها ، موقفا  أخويّا، مديد الأثر .

لم يكن القاضي – المحامي صبحي مخلوف ، صديقا صدوقا فقط ، وإنما  كان أخا كريما ، بمشاعره وتعامله وتواصله ، يأخذك إلى ودّ عميق عميق.

قبل 57 عاما ونيف ،جمعتنا  دار المعلمين بحمص ، وعلى مدى أربع  سنوات ،  طلبة علم تربوي تأهيلي ، لمهنة ورسالة ،  كنّا نزيد عن ألف  طالب من كل أنحاء سورية ، قرى ومشارب ، وكان على أحدنا أن يصطفي صداقاته ،بشيء من حيرة محمولة على خيارات واسعة ، قاسمها طموح وحماس ، وكدح وانتماء مجتمعي  وإن بتباين فكري  بالأساس .

أربع سنوات حافلة ، عشناها  في بيئة تربوية متقدمة ، لكن من بين من يجذبك بابتسامته ،  محمولة على تواضع وحسن خلق ، كان صبحي مخلوف ابن بلدة المشرفة ، الصددي أصلا  وانتماء  وتواصلا لمّا ينقطع ، في أفراح وأتراح أو تزاور  ذوي قربى  .

عندما استوضحته ، قبل شهور،  عن تاريخ التحاقه بالقضاء ، لذكره من بين روّاد صدد كأول قاض ، لمست سروره  ، محمولا على فخر كرّسهما في تعليقه الأخوي الودود ، في صفحة رعية صدد حين نشرت مقالي  (صدد والحفر ، روّاد وأوائل: علم وعطاء ج 2  آواخر آذار 2022)..

ابتسامة صبحي المحبّبة ، للناس والحياة ،  لها من اسمه نصيب ،جمعت  في ظلالها عديدين من غير بلدة ومشرب ، حتى حين تفرقت سبل العمل والأمكنة  ، حملت لهفة للقاء أو اطمئنان  ، وصارت لحمة، سداها وشائج لم تنقطع …..لكن في رحاب عيد  و ميلاد ، خطفها القدر على عجل ، لترافق محبيّه راسخة في المخيال، حتى نلتقي في ديار الحق التي سبقنا إليها ، ومن قبله ،،،فرحان.. ونديم ،،، ولانعلم بأي أرض نكون ؟.

في آخر تواصل ، لم يشأ أبو باسل ، أن يزيد قلقي ، حتى داهمنا بعد أيّام نبأ رحيله الموجع ،  وبلا وداع كما عديدين من أحبّة ،  ما حرّك لواعج

ومواجع من فراق وغربة ، تراها تتلاحق   بزفرات ، من قلب مكسور ، وقلم  حبّذا لو يجفّ سواده ، ، فلا يعود لرثاءات كاوية ، فلا هي تواسيني ،ولا الدمع يغسل أحزاني ، ولسان حالي قولة شاعر:

((أُكَفْكِفُ الدَّمعَ عن عَيني، وبين دمي    نارٌ، يُؤَجِّجُها حُزني ويَتَّقِدُ))

خريف ١٩٦٩ باشرنا التعليم معا في دمشق ، قبل أن تجمعنا جامعتها كل باختصاص ، قادته دراسة الحقوق ، إلى مهنة ورسالة  توازي الرسالة التربويّة  سموّا وأهميّة ، لابل قد تفوقها ، جهدا و فطنة وقيما ، فولج مجال العدل والقضاء ١٩٨٠ ،  بعد عودته إلى حمص،  فما غادرها – رغم النائبة  – إلى أن توّسد ترابها ،  أحبّ ،،العديّة ،، ومنها ومن محتدّه الصددي ، انتقى شريكة الدرب  ،،ملكة ،، فاضلة تنافسه ودّا ، وقيما ، ترجمتها عائلة رائعة من علم وخلق .

لقد حمل الوزنتين ( التربية والعدالة ) ، فما تاجر بهما ،بل تمثّلهما فكرا ومسلكا ، وأعطاهما ما استطاع من جهد ، ففاز بودّ عارفيه …

في مهامه القضائية ، تدرّج القاضي صبحي مخلوف ، حتى رئاسة محكمة بداية مدنية ، قبل انتقاله للمحاماة عام 1990، وفي كلا المجالين عرف بسمعة عطرة قضاء بالعدل ، ومحاميا عن الحقّ ، وفي مكتبه تدرّج عديدون فسلكوا دربهم بجدارة ، ناثرين صدى طيبا من وفاء ونجاح .

إلى إبتسامة أبي باسل ، نفتقد ودّه وقيمه ،غيريّته وشهامته ، نفتقد صديق عمر وإخوّة ، ولعلّ مناقبه خير عزاء ،لأسرته الكريمة ومحبّيه وكلّ عارفيه

صديق عمري  سلاما ، لروحك ، لذكراك النقيّة ، وأنت تلقى وجه ربّك عفيف النفس ،نظيف الكفّ ، وقدّر الله وماشاء فعل..