آراء حرة ….
قلم : عدنان الروسان – الاردن
رزقت بحفيد جديد بعد خروجي من السجن ببضعة ايام فاحترت ماذا اقدم له هدية فأنا لا أستطيع أن أسجل باسمه فيلا في ميامي بييتش في فلوريدا او عمارة في مانهاتن فلم أتمكن من الحصول على مقعد في محفل اللصوص حيث تقسم الأرزاق ليلا على السادة و السيدات الذوات المحترمين الذين خدموا الوطن و ما يزالون يتداوروا على هذه الخدمة الباهظة الثمن كما لم و لن استطيع أن أقدم له محفظة ملايين تساعده في مستقبله في اليو بي اس او HSBC ، و بالتأكيد لن أقدم له ايضا سيارة مرسيدس بنصف مليون دينار فأنا مجرد مواطن أردني
احترت حيرة حيرتني … تخبيص في النص حيرة حيرتني ، ممكن ذلك و لكننا في زمن يصبح الحلم فيه حيران و لا نعرف كيف نعبر فيه عن مشاعرنا ، فبينما طبقة اللصوص و الفاسدين الكبار الذين اوصلونا الى اثنين و ستين مليارا من الديون و ثلاثة مليارات من عجز الموازنة و الى اربعين قرشا كيلو الخبز و ستة عشر دينارا كيلوا اللحم البلدي المحرم على الأردنيين ، و اثنين وتسعون قرشا لتر البنزين السادة و ليرة وسبعة عشر قرشا البنزين ابو السوبر و هكذا دواليك و ما نزال ندبك على الأغاني و الأهازيج الوطنية و نسائنا يزغردن و المطبات تزداد و الحفر تتعمق و السجون تكتظ …
أخيرا و بعد صلاة استخارة قررت أن أقدم هدية ثمينة لحفيدي تليق بقدومه الى الوطن في لحظة تاريخية فريدة ، ، اشتريت له ميدالية فضية مع ( سنسال ) ليضعها في رقبته و نقشت له عليها رسالة ترحيب ليتذكرها حينما يكبر ، كتبت له …
واحفيداه حينما تكبر و تقرأ ما كتبت لك قد لا أكون بينكم فسنة الحياة أن تدور عجلة الكون فتطوي بعضنا و تنجب بعضنا الآخر ، و لكنني أحببت أن أكتب لك كلمات من جدك حتى تتعرف في الوقت المناسب على تاريخك و مستقبلك و تستفيد من عبر و دروس الماضي الذي لم تكن حاضرا فيه ، ستقرأ في كتب التاريخ أنك حينما ولدت كان رئيس الوزراء بشر الخصاونة يعمل بجهد على أيام الأردنيين الجميلة التي لم تأت بعد ، أظنك تعيش تلك الأيام فلا بد أنها وصلت بعد هذه السنين الطوال ، و قبل ان تلدك أمك بأيام كان جدك في السجن ، لا تفزع يا بني ، فجدك لم يسرق خزينة الدولة و لم يساهم في تفريغ خزينة الضمان التي ربما لم تعد قادرة على دفع رواتب العمال و الموظفين في زمنك و لم يعين أمك و أخوالك و خالاتك في مناصب رواتبها فلكية على حساب فقراء الأردنيين ببساطة لأن جدك لم يحاول الحصول على مقعد بين الديناصورات التي تتوالد و هي ميتة ..
جدك سجن لأنه كان يقول بعض الحقيقة … بعض الحقيقة فقط و ليس كلها ، قول الحقيقة كاملة على زماننا كان ضربا من الجنون ، فقول الحقيقة يعني أنك تنشر أخبارا كاذبة و تسيء الى سمعة الدولة و تقلل من هيبة الدولة و تحرض الفقراء على الأغنياء و تغتال شخصية اللصوص و تقدح و تذم هيئات رسمية و كل ذلك يعاقب عليه القانون بأغلظ العقوبات فكان جدك يحاذر لأنه كان حريصا على تفادي تيار محفل الشر العظيم ، غير ان جدك قال بعض الحقيقة فسجن و وضعت القيود في يديه و قدميه و سيق الى المحكمة مع أخرين زمرا و لولا أن أناسا أشراف من ابناء وطننا العظيم الذي تعيش فيه وقفوا مع جدك و محامون افتح كتب التاريخ و ستقرأ اسماءهم و شيوخا ممن لم يتلونوا و نوابا ممن لم يتلوثوا و أصدقاء ممن كانوا على العهد لا تسألني يابني عن اسمائهم فقد بهم أو بأحفادهم لكن اقرأ اسماءهم في اسفار الأردن العظيم ، اسفار شرفاء الأردن و ستتعرف على احفادهم فالتقيهم و صادقهم و لا تصادق ابناء الأفاعي و أحفاد اعضاء محفل الشر و لو وعدوك بالجنة .
و كتبت له ، أي لحفيدي على الرقاقة الفضية ايضا ، هذا الوطن غال علينا فاجعله أمانة في عنقك و لا تقل ( حط راسك بين الروس و قول يا قطاع الروس ) فذلك مثل انبطاحي ، تافه لا يصلح لك ، كن كما كان أجدادك كلهم كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اكلها في كل حين باذن ربها فالدنيا قصيرة يا جدي و لا تساوي عند الله شربة ماء ، كن جادا و مجتهدا و ارفع رأسك عاليا فأنت من اصول كلها طيبة اينما نظرت و ليس هناك ما يعيرك به أحد و اذا لم تكن أيام الأردنيين الجميلة لم تصل بعد عندكم فاصبر و اسأل الرئيس الموجود لاأدري قد يكون سمير الثالث او زيد الرابع او فايز الثاني او عبد الرؤوف او عبد السلام الخامس أو فيصل السادس عشر اسأله عن ايام الأردنيين الجميلة متى هو الموعد الجديد المضروب لأيام الأردنيين الجميلة إن لم تكن قد وصلت بعد ..
واذا قالوا لك انها لم تصل بعد فعلا فعلق هذه الرقاقة في عنق حفيدك يا جدي ، فيرونه بعيدا و نراه قريبا ، هناك بين اصبعين من أصابع الرحمن ، اياك يا جدي أن تيأس ، و اذا سجنت فابحث عن سرير جك في السجن و ستجد روحي هناك ترفرف حولك و قد تجد أحفاد أبناء حراك بني حسن او الحراك الموحد أو ابناء معان الفقراء او ابناء الكرك أو اربد او ساحة العين ، وا حرقلباه على ساحة العين أو المعارضين الوطنيين من كل طرف من أطراف هذا الوطن الجميل و لا تعتب على بعض عشيرتيك ان لم يقفوا معك فحينما يقف الله معك فانه ينادي في السموات يا ملائكتي لانني احببت فلانا فاحبوه فتحبك الملائكة و ينادي جبريل في الناس ان الله أحب فلانا فأحبوه فتتنزل محبتك في قلوب الناس ، إضغ لجدك فقد جرب و هو يصدقك القول يا بني لا تبتأس فالسجن لأجل الوطن و لأجل راية لا إله الا الله منحة من الله و كرم …
هذه الرسالة لأبنائي و أحفادي كلهم و قد تكون لإبراهيم او كريم او ريان او كرم او حسن أو علي او جمال أو يحي أو هشام أو معاذ أو اي اسم اخر لأي حفيد أردني ولد حديثا فكلهم احفادنا ، أكبادنا تمشي على الأرض …
يا جدي … هم يريدون و نحن نريد و الله يفعل مايريد …
و عاجلا أو أجلا سنلتقي هناك يوم ينادي الملك الديان … أين ملوك الأرض .. أنا الملك
و ستضج الخليقة كلها .. الملك لله الواحد القهار ,,
تحياتي يا جدي … وكن كاباءك و أجدادك نظيفا شريفا يارعاك الله ..
[email protected]