دور المجازر والمذابح الصهيونية في تفريغ وتهويد فلسطين…!. قلم : نواف الزرو

فلسطين …
بقلم : نواف الزرو – الاردن ..
-لم يكن بالامكان تفريغ البلاد وغزوها بالمستعمرين اليهود لولا التواطؤ الاستعماري الغربي -البريطاني وسياسات التطهير العرقي الابادية.
-الاستراتيجية الصهيونية تبنت ذبح أكبر عدد من الفلسطينيين، وإرهاب وترويع الآخرين، وإجبارهم على الرحيل و اللجوء بغية تفريغ الأرض.
جرائم الحرب الصهيونية لم تترك مجالاً من مجالات الحياة الفلسطينية إلا وطالته، ولم تترك بيتاً فلسطينياً إلا وألحقت به الأذى.
*مجزرة الدوايمة – العصابات الصهيونية تحطم جماجم الأطفال وتذبح الشيوخ الذين كانوا يقرأون القرآن الكريم في مسجد القرية.
* كفر قاسم – ضباط الاحتلال يأمرون المواطنين من نساء واطفال وشيوخ بالوقوف صفاً واحداً ويصدرون اوامرهم للجنود بإطلاق النار عليهم:”احصدوهم ” .
*الجنرال موشيه ديان هدد الاهالي في حزيران 1953 قائلا:”سأحرث قلقيلية حرثاً”.
المشهد الفلسطيني الماثل اليوم، ان فلسطين العربية من بحرها الى نهرها، تحولت الى “ارض اسرائيل”، والى “دولة اسرائيل”، بينما تم تهجير وترحيل اهل البلاد الذين باتوا مشتتين موزعين على نحو اثنين وستين مخيما لللاجئين في المنطقة لعربية، ويوثق المؤرخون في هذا الصدد انه لم يكن بالامكان تفريغ البلاد وغزوها بالمستعمرين اليهود من انحاء العالم، لولا التواطؤ الاستعماري الغربي والبريطاني منه على وجه الحصر-آنذاك-، ولولا سياسات التطهير العرقي الابادية التي نفذت في فلسطين.
فحسب البروفيسور ايلان بابيه صاحب كتاب”التطهير العرقي في فلسطين”، فقد بيتت وشنت التنظيمات الارهابية الصهيونية حملات تطهير ابادية ضد الشعب الفلسطيني، بهدف تهجير اهلها وتفريغ البلاد لاحلال الغزاة اليهود فيها، ويؤكد”ارتكاب إسرائيل جرائم تطهيرعرقي في فلسطين عام 1948 وفقا لخطة مفصلة، وأنها تواصل ذلك حتى اليوم بطرق أخرى”، ويكشف النقاب عن “ان الصهيونية وضعت خطة مكتوبة للتطهير العرقي في فلسطين قبل النكبة بسنوات تم تطويرها مع الوقت إلى أن تبلورت نهائيا فيما يعرف بـ”الخطة د”.
وتجسد الخطة قرار الصهيونية بإقامة دولة يهودية بقوة السلاح وبتطهيرالبلاد من سكانها الأصليين، ويورد الكتاب رسالة كتبها دافيد بن غوريون لأبنه عام 1937 أكد فيها رؤيته ب”ضرورة طرد العرب من فلسطين عنوة، عندما تحين اللحظة المناسبة كالحرب مثلاً”.
وكما هو وارد موثق في عدد لا حصر له من الكتب والدراسات والوثائق والشهادات الحية، فقد أقدمت التنظيمات الإرهابية الصهيونية من أجل تحقيق هدف الاستيلاء على أرض فلسطين واقتلاع وترحيل أهلها عنها، على ارتكاب سلسلة مذابح جماعية ابادية بشعة، شملت النساء والأطفال والشيوخ والرجال، ذهب ضحيتها آلاف الفلسطينيين بين نساء وشيوخ واطفال وشباب، فقد كانت سياسة التنظيمات الارهابية الصهيونية ذبح أكبر عدد من الفلسطينيين الصامدين، وإرهاب وترويع الآخرين، وإجبارهم على الرحيل والهروب أو اللجوء بغية تفريغ الأرض، فكانت أخطر وأكبر المذابح التي نفذتها تلك التنظيمات خلال حرب 1948، والتي ما تزال تفاعلاتها وتداعياتها الإنسانية مستمرة حتى يومنا هذا.
فاقترفت التنظيمات والقوات الصهيونية قبل وفي أعقاب قيام”إسرائيل”، وعلى مدى سنوات الخمسينيات والستينيات وخلال سنوات انتفاضتي /87 و/2000 بشكل خاص سلسلة من المجازر والمذابح الدموية الجماعية وجرائم الحرب المختلفة ضد الفلسطينيين، وجرائم الحرب الصهيونية المقترفة ضد الفلسطينيين واسعة شاملة لم تترك مجالاً من مجالات الحياة الفلسطينية إلا وطالته، ولم تترك بيتاً فلسطينياً إلا وألحقت به الأذى، ولم تترك أسرة فلسطينية إلا وأوقعت بين أبنائها الشهداء أو الجرحى أو المعاقين أو الأسرى، فقد شملت جرائم الحرب الصهيونية ليس فقط الإنسان الفلسطيني، وإنما كذلك الأرض والبيئة والماء والهواء والمقدسات، ولم تعتق لا الشيخ ولا الطفل ولا المرأة ولا الشجر ولا الحجر، فضلاً عن أنها ألحقت دماراً هائلاً متراكماً بكافة مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية والرياضية والإدارية وغيرها.
وما بين ذلك الزمن قبل نحو اربعة وسبعين عاما، واليوم ونحن في نهاية العام/2022، ليس فقط لم يتوقف نهج المذابح والمجازر التي ارتقت الى مستوى”المحرقة”على مدار العقود والسنوات الماضية التي اعقبت النكبة، بل باتت هذه السياسة العمود الفقري للاستراتيجية الاسرائيلية ضد الشعب العربي الفلسطيني، الذي اصبح يواجه في كل يوم المزيد والمزيد من النكبات والمحارق التي لا حصر لها…!
نستحضر فيما يلي بعض ما كنا كتبناه ونشرناه لتدليك الذاكرة كي لا ننسى ما جرى، ومن اجل الاجيال والصغار، ونعرض لأبرز المذابح والمجازر الدموية الصهيونية ضد الفلسطينيين التي نفذتها تنظيمات ودولة الاحتلال، وذلك لا يعفينا من الإشارة التوكيدية على كمٍ كبيرٍ من المجازر الكبيرة و الصغيرة التي لم تتوقف قوات الاحتلال عن اقترافها ضد الفلسطينيين على مدار الزمن المشار إليه، تلك المجازر التي تشكل كل منها بدورها مجزرة كبيرة مروعة، وجريمة حرب بشعة، تشكل وثيقة إدانة وتجريم لقادة الدولة العصهيونية من سياسيين وعسكريين ومستعمرين مستوطنين في الضفة والقطاع، ونوثق ونقدم فيما يلي ملخصات لأكبر وأبشع وأخطر المذابح الدموية الصهيونية ضد الفلسطينيين خلال شهر اكتوبر-تشرين اول فقط.

* الدوايمة – ابشع المجازر
نعود الى البدايات الارهابية الصهيونية، فمن مسلسل المجازر الجماعية البشعة، كانت الدوايمة في قضاء الخليل من القرى الفلسطينية التي ارتكبت فيها المجازر التي هاجمتها ( كتيبة الكوماندوس 89 ) التابعة للواء الثامن الصهيوني بقيادة، موشية ديان والتي تألفت من جنود خدموا في عصابتي ( شتيرن ، والارغون ) التي حاولت دولة الاحتلال جادة طمس معالمها وتفاصيلها حيث صدرت الأوامر بدفن القتلى في قبور جماعية والتعتيم الإعلامي ، ومنع التحقيق في المجزرة .
فكما هي العادة صلى أهل القرية الجمعة في 29/10/1948، في مسجد القرية وما أن قاربت الصلاة على الانتهاء حتى سمع السكان أصوات الرصاص تنطلق من ثلاث جهات الشمال والجنوب والغرب وتركت الجهة الشرقية على ما يبدو لهروب أهل القرية.
وصف أحد أبناء القرية الهجوم فقال”أنه شاهد الدبابات الإسرائيلية قادمة من الجهة الغربية تتجه شمالا وشرقا إلى قرية القبيبة ومن جهة قرية بيت جبرين وتجمعت هذه المركبات في قرية القبيبة، وقبل الظهر أخذت هذه المركبات تنحدر شرقا باتجاه قرية الدوامية ، غير آبهة بالمقاومة الضعيفة من أبناء القرية”
ولم تكن مذبحة الدوامية منعزلة عن مخطط القتل والترحيل الذي نفذ ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، كان الهدف من المذبحة قتل من يمكن قتله وتخويف من نجا ليهرب حتى تخلو القرية من أهلها .
وقد نشرت صحيفة حدشوت العبرية تقريراً موسعاً حول المجزرة أشارت فيه إلى مراحل للمجزرة كما يلي:
المرحلة الأولى: قتل ما بين 80-100 شخص بينهم النساء والأطفال في الهجوم الأول على القرية، وقتل معظمهم في البيوت والشوارع .
المرحلة الثانية: ما حصل في الدوايمة كان من ابشع المجازر حيث قاموا باقتحام المسجد وتدنيسه بل وارتكبت فيه فظاعات ومذابح بحق من لاذ به طلبا للحماية والأمان ، قام المهاجمون بذبح الشيوخ الذين كانوا يقرأون القرآن الكريم .
يقول أبناء القرية عن مذبحة المسجد: في الساعة العاشرة والنصف تقريبا مرت مجنزرتان قرب مسجد الزاوية كان هناك ما بين 100 –150 من الأهالي معظمهم من كبار السن ذهبوا مبكرا لأداء صلاة الجمعة، وبينما هم يستعدون للصلاة ، سمعوا إطلاق نار ، وبدأ القسم المتبقي من المصلين بالخروج من المسجد بسرعة بينما لجأ إلية القسم المتبقي من المصلين على أساس أنه بيت الله ، ولكن الجنود دخلوا المسجد وقاموا بإطلاق النار على كل من كان فيه .”
وذكرت الصحفية يوئيلا هارشفي في صحيفة حدشوت:”ان عدد الضحايا بلغ 332، وأما المؤرخ بني موريس فقد ذكر أن ضحايا مذبحة الدوايمة عشرات أو ربما مئات من أبناء القرية، وقال أن العدد تراوح وفقاً لجيش الدفاع الإسرائيلي وهيئة الأمم والعرب بين 70-100 قتيل”.
والمؤكد أن عدد الضحايا قد فاق عدد ضحايا أي مجزرة ارتكبها الصهاينة خلال حرب 1948 ولا نبالغ إذا قلنا أن مجزرة الدوايمة أشد هولاً من مذابح دير ياسين، وأبو شوشة لا لعدد الضحايا فحسب بل لأنها نفذت بدم بارد.
* قبية –المجزرة والسفاح:
تقع قرية قبية على مسافة 22كم شمال شرق مدينة القدس، و4 كم غربي رام الله، وعلى بعد قرابة كيلو مترين من خط الهدنة، وكان عدد سكانها آنذاك حوالي 2000 نسمة، ومساحتها 16.504 دونمات لم يبق منها الآن سوى القليل، وقد تعرضت القرية للعدوان الإسرائيلي الوحشي ليلة 14- 15 /10/1953 ، حيث نفذته وحدات نظامية من جيش الاحتلال وفق خطة كانت معدة مسبقاً، واستخدمت فيه مختلف الأسلحة.
ففي الساعة السابعة والنصف من مساء يوم 14 تشرين أول سنة 53 تحركت قوة عسكرية صهيونية تقدر بحوالي 600 جندي نحو القرية وطوقتها وعزلتها عن سائر القرى العربية، حيث بدأ الهجوم بقصف مدفعي مركز وكثيف على القرية دون تمييز حتى وصول القوة الرئيسة إلى تخوم القرية، في حين توجهت قوات أخرى إلى القرى المجاورة مثل شقبا وبدرس ونعلين لمشاغلتها ومنع تحرك أية نجدة نحو قبية، كما زرعت الألغام على مختلف الطرق بحيث عزلت القرية تماماً، وقد دخلتها القوات الصهيونية وهي تطلق النيران في مختلف الجهات، وفيما كانت هذه القوات تقتل السكان كانت وحدات المهندسين العسكريين الإسرائيلية تضع شحنات متفجرة حول بعض منازل القرية وتفجرها على من فيها، فيما تولى المشاة قتل كل من يحاول الفرار من السكان، وقد تصدى لها السكان العزل بكل ما وقعت عليه أيديهم إلى جانب الحرس الوطني بقيادة النقيب محمود عبد العزيز، رغم قلة عددهم وأسلحتهم، وواصلوا مقاومتهم حتى نفذت ذخائرهم واستشهد معظمهم، وقامت قوات الغزو بمهاجمة السكان وقتلهم، وأخذت تنسف المنازل، واستمرت هذه الأعمال حتى الرابعة من صباح 15/10/1953، حيث انسحبت القوات المعتدية إلى نقاط انطلاقها.
وقد أسفر ذلك العدوان الصهيوني عن تدمير 56 منزلاً عربياً، ومسجد القرية ومدرستها وخزان المياه الذي يغذيها بالماء، كما استشهد 67 مواطناً من سكانها رجالاً وأطفالاً ونساء وسقط عدد من الجرحى، وكان أول الشهداء في القرية مصطفى محمد حسان، كما أبيدت عائلات كاملة منها عائلة عبد المنعم قادوس البالغ عدد أفرادها 12 شخصاً، واستشهد موسى أبو زيد وأربعة، أفراد أسرته، وزوجة محمود إبراهيم وأطفالها الثلاثة وأربعة من أطفال محمد المسلول وغيرهم .
وروى محمد المسلوت قصة المجزرة التي ارتكبها آنذاك ارييل شارون بحق قريته قبيه وعائلته عندما كان مسؤولاً عن الكتيبة 101 التي قامت بنسف بيوت في القرية على رؤوس عائلات كاملة معظم افرادها من النساء والأطفال، وتحدث محمد عبد الله صالح المسلوت من قرية قبيه الحدودية مع”الخط الأخضر-حدود 48-الذي قدم هو و46 عائلة فلسطينية دعوى قضائية ضد شارون لتقديمه إلى المحاكمة في بلجيكا بتهمة ارتكاب مجزرة في هذه القرية، وقال المسلوت الذي غطى الشيب رأسه، وعلامات الأسى تبدو على ملامح وجهه القمحي”هل أنسى .. وكيف أنسى بعد 48 سنة وزوجتي الحامل في شهرها التاسع وطفلي شعبان ( 5 سنوات ) وميسر ( 7 سنوات ) الذين سيبقون معي طالما أنا على قيد الحياة “، وأضاف”كان موسم الزيتون في قريتنا وبيننا وبين الحدود الإسرائيلية شريط شائك عندما دخل الجنود الإسرائيليون من الجهة الغربية للقرية مع بغال تحمل على ظهرها الألغام والذخيرة، وقد حدوها بالكاوتشوك حتى لا تسمع حركتها وجلبتها، وتابع”كانت الساعة السابعة مساء شاهدهم أحد حراس الزيتون فقاموا بقتله وأوثقوا رباط الحارس الثاني الذي أفلح بالهرب لكنهم تابعوه بزخات من الرصاص فأصابوه في ساقه وزحف باتجاه القرية لإعلامها بالاقتحام الإسرائيلي فصدقه البعض ولم يصدقه البعض وفر من وثق بكلامه إلى الجبال” .
وأكد المسلوت ” لقد هربت من البيت معتقداً بأن الجيش الإسرائيلي لن يقترب من النساء، صباحاً كانت معظم بيوت القرية منسوفة فوق رأس من بقي فيها وبأعجوبة كبيرة نجا القليل منهم”.
واقتحمت الكتيبة 101 التي قادها حينذاك ارييل شارون، القرية الحدودية في 14 تشرين الأول 1953 في
“عملية انتقامية لتلقين قرية قبيه درساً ” بحجة أن الفدائيين الفلسطينيين قد تسللوا منها وقتلوا أحد حراس القرى الزراعية الإسرائيلية الحديثة الإنشاء في ذلك الوقت .
وعلى مدخل قرية قبيه من الجهة اليمنى أرض فسيحة تحيط بها شجيرات الصبر وتملأها الأعشاب البرية ويتجنب الأطفال اللعب فيها أو الاقتراب منها وهم يشيرون بأصابعهم ويرددون كلمات حفظوها عن ظهر قلب
“مقبرة أبو قادوس الجماعية، قتلهم شارون”.
واعتبر رئيس المجلس”أن المجازر الإرهابية كانت نهجاً إسرائيلياً لتشريد الناس من أرضهم ومن المنطقة بأكملها ، لقد رحل نصف سكان قريتنا إلى مدينة الزرقاء في الأردن بعد المجزرة ” .
وتصنف قرية قبية حسب اتفاقيات أوسلو الموقع في 13 أيلول 1993 بمنطقة ( سين وباء ) أي أنها تخضع لكامل السيطرة الأمنية الإسرائيلية .

* ديان يحرث قلقيلية
كان إحساس سكان قلقيلية قضاء طولكرم بالخطر الصهيوني مبكراً فقد أخذوا مع صدور قرار التقسيم في الاستعداد للدفاع عن قريتهم وجمعوا مبالغ كبيرة من المال واشتروا بها السلاح والذخيرة، وتعاون أهالي القرية على حماية أنفسهم وأرضهم وخاضوا معارك كثيرة .
لم تنقطع الاشتباكات بين عرب قلقيلية والقرى القريبة منها والعدو الصهيوني، رغم توقيع اتفاقيات الهدنة، ولم يكتم الصهاينة رغبتهم في تدمير القرية وهدد موشيه ديان في حزيران 1953 قائلاً:”سأحرث قلقيلية حرثاً” .
وعن تفاصيل المجزرة في قليقيلية جاء في الشهادات والوثائق انه في مساء 10/10/1956 تسللت إلى القرية مفرزة عسكرية إسرائيلية تقدر بكتيبة مشاة وكتيبة مدرعات تساندهما كتيبتا مدفعية ميدان ونحو عشر طائرات مقاتلة ، فقطعت الأسلاك الهاتفية ولغمت الطرق ، وفي الساعة العاشرة مساء اليوم نفسه هاجمت القرية من ثلاثة اتجاهات ، وتصدى لهم المدافعون عن القرية وأجبروهم على التراجع، وبعد نحو ساعة عاد المعتدون إلى الهجوم بكتيبة المشاة تحت حماية المدرعات بعد أن مهدوا للهجوم بنيران المدفعية الميدانية ، ورغم ذلك فشل الهجوم أيضاً .
شعر سكان القرية أن هدف العدوان هو مركز الشرطة فزادوا قوتهم فيه وحشدوا عدداً كبيراً من المجاهدين هناك ، ولكن المقاتلين تكبدوا خسائر كبيرة عندما عاودت المدفعية القصف واشتركت الطائرات في قصف القرية ومركز الشرطة بالقنابل وفي الوقت نفسه هاجم الصهاينة مرة ثالثة بقوة وتمكنوا من احتلال مركز الشرطة وتابعوا تقدمهم عبر شوارع القرية مطلقين النار على كل من يصادفونه ، واستشهدوا نحو سبعين مقاتلاً من سكان قلقيلية والقرى المجاورة الذين هبوا لنجدتهم .
وكانت وحدة من الجيش الأردني ترابط قرب المنطقة تحركت للمساعدة في التصدي للعدوان ولكنها اصطدمت بالألغام التي زرعها الصهاينة فدمرت لها مصفحة وسيارتان كبيرتان واشتبكت مع وحدات العدو وقصفت المدفعية الأردنية العدو وكبدته خسائر ، وانسحب العدو بعد أن دمر القرية وعاث فيها فساداً .

*كفر قاسم – احصدوهم…!
في إطار استعداداتها للعدوان الثلاثي على مصر اتخذت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءات تشديد وقمع ومحاصرة شاملة للسكان العرب في المناطق المحتلة 1948، بحجة ضمان الأمن الداخلي خلال العدوان على مصر، وفي ليلة 28/10/1956 تم ضم فرقة من حرس الحدود إلى فرقة من الجيش الإسرائيلي، ووضعت القوة تحت إمرة المقدم يششكار شدمي ، وفي صبيحة 29/10/1956 أبلغ قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال العميد” تصفي تسور” كل الضباط العاملين تحت إمرته بالسياسة التي ستتبع ضد السكان العرب، وشدد تسور على أن ضمان العمليات العسكرية التي ستنفذ في الجنوب(الهجوم على قطاع غزة وسناء) يتطلب المحافظة على الهدوء التام في المناطق العربية ، وطلب منه المقدم شدمي أن يلجأ إلى فرض حظر التجول في القرى العربية في المنطقة – أي قرى المثلث – وتم إعطاء هذا التصريح، وفعلاً تم إعلان حظر التجول في كل القرى العربية: كفر قاسم ، كفر بره جلجولية ، الطيرة الطيبة قلنسوه ، بير السكة ، ابطن، وصدر الأمر العسكري الذي تم إعلانه على السكان العرب وهذا نصه:”لن يسمح لأي من السكان بمغادرة بيته خلال ساعات منع التجول .. من يترك بيته نطلق عليه النار، ولن يعتقل أحد”، وأعلن المقدم شدمي:
“أن حظر التجول سيكون حازماً، وسيحافظ على تنفيذ هذه الأوامر بيد قوية ليس من خلال الاعتقالات، وإنما بإطلاق النار”، وعندما سأل الرائد إبراهام هيلنكي قائده شدمي عن مصير المواطن العائد من عمله خارج القرية دون علم هذه بفرض أمر منع التجول، اجابة المقدم شدمي:”لا أريد عواطف .. الله يرحمه “.
وهكذا قام الرائد هيلنكي مزودا بالأوامر والتعليمات بعقد اجتماع في مقر قيادته حضره كل الضباط المنضوين تحت إمرته، ونقل لهم هذه الأوامر، وأجاب على تساؤلاتهم بصراحة ومن ضمن ما قاله لهم:
“يجب قتل كل من يتواجد خارج البيت بإطلاق النار عليه، ولن يكون هناك معتقلون، وإذا حدث في الليل وسقط بعض القتلى فهذا سيخفف من أعباء فرض منع التجول في الليالي القادمة ” .
وبعد ذلك جرى توزيع فرق من الجنود على قرى المثلث وتوجهت قوة بقيادة الملازم غبرائيل دهان إلى قرية كفر قاسم ، حيث قام بتوزيع جنوده إلى أربع مجموعات اتخذت مواقعها على مداخل القرية وفي داخلها، وفي الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم 29/10/1956 وقبل نصف ساعة من بدء فرض حظر التحول حسب ما أعلن ، استدعى رقيب من حرس الحدود مختار قرية كفر قاسم وديع أحمد صرصور وأبلغه بأمر منع التجول ، وعندما أخبره المختار أن هناك حوالي 400 مواطن من أهالي القرية لا زالوا في أماكن عملهم خارج القرية وفي أراضيهم ، وأنه لا يمكن تبليغهم بأمر منع التجول في فترة نصف ساعة ، وعده الرقيب بالسماح بمرور العمال العائدين إلى القرية وأن الأمر سيكون على مسؤوليته ومسؤولية الحكومة .
وفي الساعة الخامسة ، وهو موعد عودة العمال والمزارعين العرب إلى القرية بدأت المذبحة، حيث كانوا يعودون أفراداً وجماعات على الدراجات أو عربات الخيول أو في السيارات، وكان الجنود يستقبلونهم على مداخل القرية، ثم يأمرونهم بالوقوف والترحيل، ثم يسألونهم:”من أية قرية أنتم ؟” وبعد الإجابة “من كفر قاسم”، كان الضابط يأمرونهم بالوقوف صفاً واحداً ويصدر لجنوده أمراً بإطلاق النار عليهم بقوله:
“احصدوهم” .
وكان الرائد دهان يشترك مع جنوده في إطلاق النار على العائدين إلى القرية، وكان الجنود يعدها يكدسون الجثث ( وبعض الجرحى ) على قارعة الطريق، وخلال ساعة واحدة قامت هذه الفرقة من حرس الحدود يقتل حوالي خمسين عربياً من أبناء القرية منهم: 31 من الشباب والرجال، و9 نساء بين شابات ومسنات ، و7 أولاد وبنات .

*مجزرة بيت ريما
وربما تكون المجزرة الدموية التي اقترفها قوات الاحتلال في بلدة بيت ريما، من أبشع المجازر التي نفذت ضد الفلسطينيين خلال انتفاضة الأقصى / 2000، فقد قالت مصادر فلسطينية أن أكثر من عشرة فلسطينيين استشهدوا برصاص قوات الاحتلال في بلدة بيت ريما، ووصفت المصادر الفلسطينية ما جرى في البلدة بأنه مذبحة، وكانت القوات الإسرائيلية قد اقتحمت البلدة فجر 24/10/2001 ومنعت الدخول إليها أو الخروج منها، كما وضعت المصادر الفلسطينية ما جرى بأنه مذبحة مماثلة لمذبحة دير ياسين التي ارتكبتها قوات الهاغاناه الصهيونية عام 1948 .
وكان رئيس بلدية بيت ريما عبد الكريم جاسر قال إن خمس عشرة دبابة طوقت قرية بيت ريما التي يبلغ عدد سكانها أربعة آلاف نسمة، وقالت المصادر إن قوات الاحتلال قصفت حاجزاً للأمن الوطني يقع على مدخل القرية ، مما أدى إلى وقوع العديد من الشهداء والجرحى في صفوف قوات الأمن الوطني والمواطنين العزل.
وذكرت المصادر أن قوات الاحتلال نفذت مجزرة حقيقية ومحددة ضد قرية بيت ريما طالت العشرات من المواطنين ما بين شهيد وجريح ومعتقل، وقالت:أن قوات الاحتلال فرضت منع التجول المشدد على القرية وشنت حملة عسكرية واسعة ضد أبنائها العزل ، كما قامت قوات الاحتلال باختطاف جثث الشهداء والمصابين إلى جهة مجهولة بعد أن تركتهم ينزفون لساعات طويلة دون تقديم العلاج اللازم لهم .
إلى ذلك ، أفادت تقارير ومصادر طبية وشهود عيان،أن قوات الاحتلال المدعمة بالدبابات والمدرعات منعت سيارات الإسعاف والأطقم الطبية والصليب الأحمر من الدخول إلى البلدة لإخلاء الشهداء والمصابين الذين استمر نزيفهم لا سيما أن معظم الإصابات بالرصاص الثقيل، وأفاد عبد الكريم الريماوي رئيس بلدية بيت ريما أن العديد من جثث الشهداء والجرحى انتشرت بين أشجار الزيتون ، منوهاً إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت العديد من المواطنين وأحرقت بعض المنازل وسيطرت على أخرى .
المجازر في غزة
يضاف الى ذلكط المجازر التي اقترفها الاحتلال ضد اهل غزرة خلال خمسة حروب متتالية شنها عليها على مدى السنوات القليلة الماضية.
وهكذا نقف في ختام هذه المراجعة لابرز جرائم الاحتلال، التي اقترفت خلال اكتوبر-شهر تشرين اول على مدى العقود الماضية، أمام مشهد فلسطيني مثخن بالجرائم والمجازر الدموية الصهيونية التي تواصلت على مدى سنوات الاحتلال دون توقف، متجاوزة كافة المواثيق والقوانين والخطوط الحمراء الدولية.