القصة …..
بقلم هناء عبيد
الأخبار في الجريدة لم ترق لها، الأزهار المنشورة معظمها داكنة اللون، تتمدد على الأضرحة، الأحداث لا تتغير، حروب هنا وهناك، الأسعار في غلاء مستمر، الأمراض تتفشى كورونا، جدري القرود، انفلونزا البندورة، وغيرها، الأسماء المضحكة جعلت من الأمراض القاتلة مصدر نكتة للبعض، فجدري القرود أطلق عليه جدري السعادين، وانفلونزا البندورة شملت أسماء أخرى لخضروات متعددة، صفحة الأشعار في الصحيفة احتوت ألغازًا وغموضًا وكل المفردات عدى الشعر، صفحة الموديلات امتلأت بالبناطيل الممزقة والقمصان المبقعة.
عند الظهيرة صحت على صوت ابنها القادم من الجامعة
أين الغداء يا أمي؟
فتحت عينيها بتكاسل، الجريدة ملقاة على الأرض، الشمس تسربت عبر كوة المطبخ، شهقت، سارعت إلى المطبخ، أعدت الطعام، تناول الجميع وجبة الغداء، انتشروا في غرفهم، بقيت وحيدة على المائدة تنظر إلى الأطباق وبقايا الطعام.
أسدل الليل ستارته، بعض النجوم تسربت لتداعب فكرها.
سرها هدية أبنائها لها في عيد ميلادها؛ ذهبت برفقتهم في ظهيرة اليوم التالي لمشاهدة أحد الأفلام الحديثة، أرادت أن تستعيد ثلاثين عامًا من عمرها، الأصوات تضرب جدران المسرح، الألوان تتبادل الأدوار، الأحمر، الأخضر، الأصفر، لم تكن الألوان غريبة عليها، كل ما في الأمر أنها أدارت البوصلة قليلًا، ليتراءى لها المطبخ بألوانه المتعددة، حيث الطماطم والخيار والبقدونس والموز، ابتسمت، غطت في نوم عميق. صحت على صوت أبنائها:
انتهى الفيلم يا أمي.
سألتهم:
هل تزوج البطل البطلة؟! ضحكوا عاليًا.
في العام التالي كانت هديتها؛ تذكرة.. ووساده