شيشة وحشيشة : قلم : وليد رباح – امريكا

خرابيش على الطرابيش – الجالية العربية
شيشة وحشيشة :
قلم : وليد رباح – امريكا
حياك الله يا وطن .. عندما نقول : تصبحون على وطن فهذا يعني ان لا وطن لكم .. ونحن ندعو لكم ان كنتم مشردين ان تقوموا من نومكم صباحا فتجدون وطنا بانتظاركم .. اي وطن .. حتى ولو كان في البقاع المجهولة من هذه الارض الواسعة .
الا ان الذي يحكي عن وطن .. لا يبكي عليه وهو يهرسه تحت وابل من المحذورات التي تلقي بابنائه الى الجحيم .. وقد جمعتني الصدفة في بلد عربي يوما في سنين فائتة تبلغ الثلاثين .. مع مجموعة من الناس فيهم صديق لي ..
كان هذا الصديق يجلس يوميا باب محله ويعمر شيشته بقطع الحشيش الندية .. ويبدأ بنفث الدخان الازرق الى عنان السماء .. ولم اكن اعلم في بداية علاقتنا ان هذه الافة تطوق عنقه .. وقد قلت له يوما ان ذلك ممنوع في القانون .. فضحك وقال : اي قانون .. قلت له قانون الارض وقانون السماء .. قال : لم ينزل ذلك في نص صريح يمنعني من الاتيان به .. واخيرا قلت له ان الحكومة يوما سوف تداهم محلك لكي تضبط قطع الحشيش التي ترص بها رفوف الدكان فيقودونك الى السجن فتخسر الدنيا والدين .. اضافة الى خسرانك لعائلتك .. فتظاهر الرجل بالانزعاج وقال : حسنا . سوف اقلع عن هذا الامر .. وارجو ان تزورني غدا في مثل هذا الوقت وسوف تجدني قد كسرت الشيشة واكتفيت فقط بتدخين السجاير .
ذهبت الى البيت وانا سعيد اذ انني استطعت انقاذ انسان من الغرق في خضم الدخان الارزق .. وعند الوقت المحدد في اليوم التالي .. وجدت الرجل يدخن الشيشة وبجانبة رجل يرتدي بدلة انيقة وربطة عنق جميلة .. ويسحب من الشيشة انفاسا متلاحقة على قارعة الطريق .. وصديقي يناوله الانبوب وكأنهما يتبادلات الانخاب .. وبعد ان سلمت عليهما قال صديقي .. سلم على رجائي افندي .. قلت .. ومن رجائي هذا .. قال : انه مدير مكتب مكافحة المخدرات في المحافظة .. وهو الذي يزودني باحتياجاتي منه .
ذهلت .. وتركتهما معا وقلت لنفسي : لو كان هذان الرجلان يمتلكان وطنا فعلا .. لما اقدما على ذبحه بهذه الصورة اضافة الى ذبح نفسيهما .. الشيشة والحشيشة هي زاد اولئك المجانين الذين يحاولون ان يزرعوا في قلوب الناس حب الموت المجاني .. وهكذا هو الوطن العربي .. فانت تجد الشرطي حارسا لمن يرشو رجال الدولة .. وتجد الضابط البوليسي يحمي المجرمين الذين يعيثون في البلاد فسادا في سبيل مصلحة خاصة .. تجد المجرم نظيفا والنظيف مجرما .. اللص شريفا والشريف لصا حتى يثبت العكس ..
رحمة الله على هذا الوطن .. لانه لا تجوز على الميت غير الرحمة .