عشقتها من خلال الشاشة ..لكني عندما رأيتها شخصيا ضربت نفسي بالحذاء – بقلم : وليد رباح

سخرية كالبكاء ..

عشقتها من خلال الشاشة ..لكنني عندما رأيتها شخصيا ضربت نفسي بالحذاء – بقلم : وليد رباح

قوم اذا ضرب النعال وجوههم …صاح النعال بأي حق اضرب!!!

بيت الشعر هذا لا أغرف قائله …و لكني عشقته منذ ريعان الشباب فطبقته على نفسي ذات يوم …ظللت الطلم وجهى بحذائي حتى استجار الحذاء و ارغمني على التوقف لخرق احدثته فيه نتيجة للطلم و الضرب على خدودي و رأسي…لاْنني ( كما اعتقدت) ارتكبت خطأ بحق نفسي .. في لحظة سكون بعد اللطم و الضرب اخرج الحذاء لسانه لي لكي يقول لي ما ذنبي انا عندما لطمتني بوجهك….

و تبدأ الحكاية ذات اليوم …يوم كان النقد عزيزا فألجاء الى سرقة طحين امي و بيعه بابخس الاثمان توطئه للحصول غلى تذكرة سنمائية تغذي روحي بتلك الحسناء التي كنت اراها على الشاشة مثل وردة متفتحة ..و كثيرا ما داعبت ( البنية) احلامي فاستتر خلف القمر في ليالي الشوق لاْبثها شوقي و حرماني ..و كثيرا ما ايضا ….برزت (فتاتي ) من خلال القمر لكي تقول لي اني اعشقك …فأطيير هياما و ارسم وجه حبيبتي على كل شئ امامي …حتى رغيف العيش الذي كنت التهم منه قطعا من بعد جوع كنت أرى فيه وجه الحبيبه ….فأتلطف في قضم اطرافه و ابقى غلى الوسط لاْن فيه وجهها المتدفق بالنور و النيران معا..

كنت اكتب لها شعرا غير أني فاشل في اللغة العربيه … و احاول رسم صورتها على دفاتري المدرسية رغم ان مدرس الرسم كان يعطيني ( كعكة حمراء ) بعد كل درس لفنون الرسم…و في مرة حاولت اقامة تمثال لها من الثلج فخرجت ملامحه ( كما قال الاصدقاء) مثل دراكولا مصاص الدماء … لكني كنت اراه دفقا من الحب و اعطا و رومانسية .و ظللت اصلي اذلك التمثال في كل يوم حتى ذاب الثلج و بدأت ملامح حبيبتي في الاختفاء و لم يبق منها الا عيناها التي استبدلتها بحبة جوز فارغة….

ضبتني امي يوما و انا اقبل صورتها بالابيض و الاسود ….نظرت الى الصورة بشئ من القرف قائلة ….فيها بعض من الجمال ….متى تريد ان اخطبها لك ….قلت لها بعد ان ضحكت انها فنانة عظيمة ….قالت لي بعد طول تحديق في وجهي ….و اخيرا ظهر في بيتنا من يرغب بالزواج من راقصة..و غادرت مسرعة..

بعد مرور سنوات عشر …خقت حدة حبي لفتاتي …و يوما بعد يوم …كانت ملامح وجهها تختفي من ذاكرتي …الى ان اصبحت شيئا من الماضي ….و نظرت حولي فاذا بي متزوج من فتاة اخرى …و اولادي يملاْون البيت بالصخب و الصراخ …و تحولت فتاتي التي تزوجتها الى امراة ناضجة فلا تاتي الى فراشها بقربي الا بعد ان تضمخ ملابسها رائحة البصل و الثوم بعد عملها في المطبخ ساعات طويلة بعد نوم الصغار..

و في غضون السنوات التي مرت اصبحت شيئأ في المجتمع …فاتيح لي مقابلة المشاهير في هذا العالم …فكم من وزير او رئيس او فنان وضعته تحت المجهر لكي أسأله ما يعجز عن الاجابة عليه ….الى ان كان يوم…..و ياله من يوم …

رأيتها عن بعد فخفق قلبي بعنف ….و اعيدت الى ذاكرتي ليالي الشتاء الباردة عندما كنت انظر الى السحب المتجه الى الغرب فأقول للغيمة سلمي لي على حبي ….فتجيبني الغيمة بالندف الخفيف ثم تمطر السماء ميازيبا فاتدثر بمعطفي و ايمم و جهي شطر البيت ….

ارتعش جسدي و كأنما غطست في بركة مملوءة بالثلج في ليالي الشتاء البارد..و رغم يقيني اني كنت ابلها في وقت من الاوقات الا انني لم استطيع المقاومة ….فظل جسدي يرتعش مثل عصفور مبلل ….و اخيرا قالت من يفترض انها كانت حبيبتي :ما بك … هل اصابك البرد في ليالي الصيف ….قلت نعم….قالت:لا تنسى ان تغطي نفسك جيدا اثناء الليل….

كانت حبيبتي القديمة خال وجهها من المساحيق الا ما ندر ….روج خفيف حول الشفتين ….و بعض من المكياج على خدودها و حول رقبتها ….و عندما خلعت نظارتها كانت عيناها اشبه بالتماثيل الشمعية …و في لحظة خاطفة ….تحولت حبيبتي في عيني الى ديناصور من العصور القديمة ….جسد ملتف كنت اراه على الشاشة قد اصبح مكتزا باللحم و الشحم….نظرة ساحرة في الزمن القديم كأنما اصبحت صقرا يريد الانقضاض على فريسته …حديث كان كأنما صوت البلابل قد غدا كضرب الاحذية…

كان حديثي معها مقتضبا …..خرجت بعدها لاْتصل بزوجتي هاتفيا لاقول لها عن بعد…..انت اجمل انسانة في الوجود يا حبيبتي ….و في ركن من قاعة المؤتمر الذي كنا فيه انزويت جانبا في مكان لا يراني فيه احد…و طبقت بيت الشعر الذي قرأتموه في بداية هذه الكلمة.