افتتاحية صوت العروبة : شهادة خلو من الارهاب – بقلم : وليد رباح

كلمة رئيس التحرير
…الولايات المتحده الامريكية …
سمعناٍ(سابقا)بشهادة حسن السلوك .. إذ كانت المخابرات العربية تعرض على طالبها ان يكون ( متعاونا) قبل منحه الشهادة حتى ولو كان عالم ذرة .. وسمعنا (لاحقا) بشهادة الخلو من الأمراض المستعصية كالزهري والسرطان والرشح (والترشيح) .. ثم جاءنا الإيدز زائرا فاستخرجنا له شهادة تفيد الخلو منه .. وسمعنا عن شهادة الخلو من الأمراض السياسية مثل الانتماء الى حزب معين لا ترضى عنه السلطة .. وفرضت شركات الطيران على المضيفة ان تستخرج شهادة بخلوها من الزواج حتى تصبح عانسا ولا أدري لما يهدف إليه هذا الأمر .. ثم فرضت أمريكا أوامرها على الأمم المتحدة كي يستخرج العراق شهادة بخلوه من أسلحة الدمار الشامل قبل ان تدمره امريكا ..

وتطورت أمريكا نحو (الأحسن) كي تلحق بركب العالم الثالث فطلبت من زائرها ان يستخرج شهادة بخلوه من ( الكرامة) فتعرض للتبصيم والتحقيق .. ثم جاءت ماليزيا متقدمة على كل الدول (المتطورة) لتطلب من زوارها ان يستخرجوا شهادات تفيد خلوهم من الإرهاب
..
وبما أن السفاح (شارون) لا رحمه الله كان في نظر الإدارة الأمريكية ورئيسها (رجل سلام) فليس مطلوبا منه استخراج شهادة بخلوه من الإرهاب .. وليس مطلوبا من (الصهيوني ) ان يحضر مثل هذه الشهادة .. فالذيول عادة وظيفتها فقط ان تهش الذباب عن (أستها) .. فباستطاعة الصهيوني القاتل زيارة أي مكان في هذا العالم دون استخراج هذه الشهادة
..
ولما كان حكام اسرائيل لا يرتبكون المذابح بايديهم بل يأمرون جيشهم بان يرتكبها .. فان تهمة الارهاب لا تلصق بهم على اعتبار ان ( دم الفلسطيني) يوزع على القبائل.. وبعد كل ذلك .. تظل أمريكا ورئيسها هي (المدافعة والمنافحة) عن حقوق الإنسان في هذا الكون .. فتبكي على من (يقتلون) في العمليات الاستشهادية .. ولكنها تغمض عينيها عن كل ما يفعله الجيش الإسرائيلي لأنه (حق ) مشروع في الدفاع عن النفس ..
وأغلب الظن سيداتي وسادتي ان المستقبل سوف يحمل لنا ما يفيد بأن يحضر الرجل شهادة بخلوه أو بعده ( عن فراش الزوجية) لأنه سوف يفرخ إرهابيين وقتله .. وان تحضر المرأة شهادة بعدم معرفتها (بالطبخ) واعتمادها على ساندويتشات الهامبورجر والهوت دوج .. وأن يحضر الطفل الذي يرغب بدخول المدرسة شهادة تفيد بان جده كان مواليا للحكومة .. وان لا تستأجر عائلة بيتا إلا إذا أحضرت شهادة بخلو مطبخها من (سكاكين البلاستيك) لأنها تستخدم في عمليات خطف الطائرات .. وأن تحضر شهادة قبل دخولك (الحمام) بان لا تفرغ ما في جوفك إلا إذا كان زائدا عن الحاجة .. وأن تستخرج شهادة تفيد بان الشيك الذي تقبضه نتيجة عملك الأسبوعي قد صرفت نصفه على نوادي القمار .. والنصف الآخر في البار او الملهى الليلي
..
وبما أن ( العرب والمسلمون) وحدهم هم المعنيون بهذه الأمور .. فان (العالم المتحضر) الذي يطلب مثل تلك الشهادات لا يكلف نفسه ببحث ذلك فرديا .. وانما يكلف الحكومات العربية والاسلامية بربط ( اجهزة حاسوبها) باجهزة المخابرات الغربية .. وذلك لسرعة وصول المعلومات على الانترنت .. تماما مثلما يحدث في عمليات التسجيل والتبصيم للزائرين الى امريكا .. فقد اعفيت بلدان من تسجيل رعاياها لأن حاسوبها مربوط بالاجهزة الامنية الامريكية .. وتنسرب المعلومات الى تلك الاجهزة تلقائيا دون تمحيص لأنها مفحوصة اصلا ..

أيها السادة

شهادة الخلو من الارهاب ليست سيئة الى هذا الحد .. ففيها منافع يمكن ان نذكرها بايجاز.. فهي الطريق اولا الى تدفق المعونات الامريكية الى الدول التي تلتزم بذلك .. وهي المعول عليه في ان لا تحسب الدولة التي تلتزم به بعدم ادراجها في ( محور الشر ) .. وهي الطريق المسفلتة الى عدم تعرضها (لضربة وقائية ) وهي الطريق الى الهجرة للدولة الحلم وانعاش اقتصادها نتيجة رخص اليد العاملة .. مع كل ما يستتبع ذلك من رفاهية اقتصادية (للانسان العربي ) الذي لا يجد ما يأكله نتيجة سرقة قوته من قبل حكامه ..

أما الشهادة فانها تقول : تشهد الجهات المعنية في دولة ( طوبز ) ان فلان ابن فلانه خال من الارهاب تماما .. ونتيجة فحصه تبين انه لا يحمل هذا الفايروس القاتل .. واذا ما ظهر عليه هذا الداء مستقبلا فاننا ملتزمون بمعالجته .. اما في غوانتانامو .. او ابو زعبل .. او المزه .. او سجن الجويده .. او في الحاويات الحديدية في افغانستان .. أو سجن عسقلان أو في أي مكان آخر تراه الادارة الامريكية مناسبا .. وعلى ذلك نوقع ..

***

بعد مرور عقدين من الزمان على التزام دولة طوبز بهذا الامر .. تحولت كل السجون الى مستشفيات .. والمعتقلات الى مدارس .. والزنازين الى متاحف .. وكل شىء اصبح في دولة طوبز رخيصا حتى الانسان .. فان سعره قد انخفض الى سنت واحد .. على اعتبار ان الرصاصة تكلف حكومة طوبز اقل من سنت .. هذا مع الارباح طبعا .. ولا تكرهوا شيئا .. فلربما كان خيرا