فضاءات عربية ….
بقلم : رشاد أبوشاور – الاردن ….
إلى القائد جمال عبد الناصر بمناسبة 23يوليو /تموز
السلام على روحك، وبعد:
اليوم يفتقدك ملايين فقراء ومقهورو العرب، بين المحيط والخليج، وبخاصة من عاشوا أيام معاركك التي قدتها، وانتصرت في بعضها: إسقاط الملكية وفسادها، وطرد الإجليز الذين كانوا يحكمون مصر بواسطة قوتهم العسكرية، وسفيرهم المتحكم بالقرارات، والنهوض بالصناعة، والزراعة، وإنصاف فلاحي مصر بالإصلاح الزراعي، ومجانية التعليم، وتسليح الجيش المصري من الاتحاد السوفييتي بعد أن أغلق الغرب الاستعماري أبوابه في وجهك، وبخاصة أميركا، وبناء السد العالي – اليوم تعرف مصر مدى أهمية السد العالي استراتيجيا في زمن تحكم أثيوبيا بماء النيل مدعومة من الكيان الصهيوني و..أمريكا- ودعمك ثورة اليمن، وثورة العراق، وبروز مصر قائدة في أفريقيا التي كان قادتها الثوريون يرون في القاهرة مرجعية لهم، ويقفون مع كل قضايا العرب، وفي مقدمتها قضية فلسطين التي كانت قضية العرب في زمنك، واليوم ها هم قادة أفريقيا يرحبون بالكيان الصهيوني عضوا مراقبا في الاتحاد الأفريقي، رغم وجود ثماني دول عربية عريقة في القارة الأفريقية، بعضها مطبّع..فكيف يعترض!!
ولا ننسى يا أباخالد انتصار مصر على العدوان الثلاثي عام 1956 وانسحاب جيوش بريطانيا، وفرنسا، والكيان الصهيوني، التي اقتحمت حدود مصر، وبخاصة سيناء، وواجهت المقاومة الشعبية العظيمة في بورسعيد، فرحلت وهي تجر أذيال الخزي والعار والانكسار رغم قوتها الهائلة، وبعد هزيمتهم أفل حضور الإمبراطوريتين الهرمتين: بريطانيا، وفرنسا..وافتضح أمر الكيان الصهيوني، الذي كان يقوده بن غوريون ..كتابع وأداة عدوان ليس إلاّ!
اليوم يا أباخالد يعبث الصغار بمقدرات الأمة وبمصيرها، ويتسابقون إلى الجثو عند أقدام الكيان الصهيوني لنيل الرضى، والاستقواء به، والتقرّب من حكّام أميركا لتبارك استبدادهم وفسادهم وتبذيرهم،وتحمي كراسيهم، ويُنظّرون لتبعيتهم بأن قرارهم ( سيادي)،وما هم بأسياد، وما كانوا يوما، ويبيحون لأنفسهم ( خيانة) القدس، وبيع فلسطين علنا، والتخلّي عن الانتماء للأمة، بل ويمنحون جنسيات ( دويلات) يتحكمون بها لألوف الصهاينة، ويفتحون أبواب ( عواصمهم) للخواجات..وما خفي أعظم، وما هو آت اشد بلاءً!
وحتى لا أثقل عليك، وأحزنك بأخبار العرب، فإنني أُعلمك بان شعب فلسطين يقاوم، وكانت آخر وقائعه المجيدة في شهر أيّار على امتداد 11يوما في معركة حملت اسم (سيف القدس)، وقد هبّ شعب فلسطين في كل فلسطين من اللد مرورا
بالقدس..وحتى رفح في قطاع غزة، وهطلت صواريخ غزّة على تل أبيب نجدة للشيخ جرّاح، وباب العامود، وكل فلسطين، ونهض الفلسطينيون في العالم شرقا وغربا بتظاهرات ومسيرات حاشدة انحاز لها ألوف الشرفاء الذين ملّوا من سفالة العدوانية الصهيونية، والانحياز الأمريكي، وأعجبوا بشجاعة الفلسطينيين وببسالتهم…
وأخبرك بأن سورية حررت الكثير من أرضها ببطولات جيشها وقيادتها وصبر شعبها، وثباتها في وجه العدوانية التركية، والأمريكية، وتدفق مئات ألوف الإرهابيين الممولين بمليارات دولارات النفط والغاز، وأنها تمضي لتحرير ما تبقّى من أرضها من احتلال تركيا، وأمريكيا، والإرهابيين المرتزقة في إدلب، وشمال شرق سورية حيث آبار النفط والغاز وحقول القمح.
أمّا اليمن الذي حرّكت جيش مصر العظيم لإنقاذ ثورته عام 1962 وقدمت مصر التضحيات أرواحا ومالاً لإخراجه من الظلمات إلى النور، فها هو يقاتل من تآمروا على ثورته، ويصمد للعام السادس، وهو على طريق إلحاق الهزيمة بتحالف التآمر المسلّح أمريكيا…
يا أباخالد: شعب لبنان يقاوم ويتصدى للتآمر عليه، ومحاولات تجويعه، هو الذي كنس الاحتلال بمقاومته البطلة عام2000وانتصر عليه عام 2006 …
آفتنا يا أباخالد : الصغار الذين يسرقون أدوارا ليست لهم، في غيبة الكبار، وهم عملوا على تدمير ليبيا، ويتحالفون مع كل اعداء الأمة، ورغم الحزن والقهر
والغضب، يمكنني القول: رغم كل شيء نحن بخير ما دمنا نقاوم، وهذا ما تريده منّا، ولنا، فما أُخذ بالقوة يا سيدي وقائدي، لا يسترد بغير القوة.
السلام لروحك، والمجد لأيّام العز التي عشناها معك، أمّا مصير الأمة فلا يقرره جيل، فهذه معركة أجيال، وفلسطين حرب وجود لا حرب حدود، وأنت بدأت وحققت الكثير، وهزمت في حزيران67 ..وأعدت بناء جيش مصر العظيم، وخلفك من عبر بجيش مصر المظفّر إلى سيناء..ثم عبر إلى الحضن الأمريكي، وأدار ظهره للأمة العربية، وتخلّى عن دور مصر..ومن هناك بدأت مرحلة الهبوط، والتفكك، والضعف، والتفريط، وكامب ديفد وأوسلو ووادي عربة.