آلآن! بقلم د . عثمان مكانسي ..

مواد دينية …
د.عثمان قدري مكانسي …
الآنُ كما في الصحاح: من الأوان ،وهو الحِين ظرف الزمان وجمعه الآونة، مثل زمان وأزمنة.وجذره (أيِنَ)الهمزة والياء والنون .
في كتاب الله تعالى نجد كلمة( آلآن) مرتين في سورة يونس فقط ،
1-في الآية 51 إذ يقول الله تعالى ( أثُمَّ إذا ما وقع آمنتم به، آلآن وقد كنتم به تستعجلون) جاءت بعد استعجال المجرمين عذاب الله “قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتاً أو نهاراً ماذا يستعجلُ منه المجرمون”.فهذا توبيخ وتسفيه لآرائهم في استعجالهم العذاب؛ فالجليل ينبههم إلى النهاية المخيفة: إن أتاكم العذاب فما نفعكم فيه، ولا ينفعكم الإيمان حينئذ. “ماذا يستعجل منه المجرمون” استفهام معناه التهويل والتعظيم؛ ما أعظم ما يستعجلون به! كما يقال لمن يطلب أم أمرا يستوخم عاقبته: ماذا تجني على نفسك! أثم إذا ما وقع آمنتم به ؛آلآن وقد كنتم به تستعجلون.
فإذا وقع العذابُ بهم خافوا وأصابهم الهلعُ، فأعلنوا الإيمان بالله ورسوله” ولن يُفيدهم الإيمان إذ ذاك ،أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن” فتقول الملائكة مستهزئين بهم:آلآن آمنتم به؟ “.
ويزداد توبيخ الملائكة لهم إذ يُمِدون لهم من العذاب مدّاً،(ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون) ويحٌ لهم من عذاب خالد لا ينقطع جزاء وفاقاً.
2-وفي الآية 91 إذ يقول الله تعالى في الآية التي سبقتها( وجاوزنا ببني إسرائيل البحر)فصاروا في البر المقابل حيث يراهم فرعونُ وجنودُه،(فأتبعهم فرعون وجنوده) . معنى تَبِعه دون همزةِ القطع: لحقه وأدركه، وأتبَعَ بهمزة القطع،يعني المتابعة ، أدرك أم لم يدرك – كما نقل القرطبي عن الأصمعي- وقال بعضهم تبع وأتبع بمعنى واحد،أمّا اتّبَع بتشديد التاء فمتابعة الأثر.
“حتى إذا أدركه الغرق” فناله ووَصَله. “قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل” والإيمان لا ينفع حينئذ؛ والتوبة مقبولة قبل رؤية البأس، وأما بعدها وبعد المخالطة فلا تقبل.
تقدم فرعونُ بفرَسِه ،ولحق به جنودُه، فلما صار آخرُهم في البحر، وهَمَّ أولهم أن يخرج انطبق عليهم البحر، وألجم فرعونَ الغرقُ ،(قال: آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل). وروى الترمذي عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لما أغرق الله فرعون قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل يا محمد؛ فلو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسُّه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة). وحالُ البحر: “الطين الأسود الذي يكون في أرضه” قاله أهلُ اللغة. “وأنا من المسلمين” الموحدين المستسلمين بالانقياد والطاعة.آمن وهو يلفظ أنفاسه.
هنا قيل له: (آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين)، ولعل الله تعالى هو من قالك(آلآن)أو بعض الملائكة. ويعجبني من قال:هو مِن قولِ فرعون ، قالها في نفسه يوبخها نادماً على ما كان من عصيانه وجبروته الكاذب. بلسانه أو بقلبه أو بكليهما ، ولن ينفعه الندم.
فألقاه الله ببدنه على الشاطئ “فاليوم ننجيك ببدنك” فألقاه على نجوة من الأرض. وذلك أن بني إسرائيل لم يصدقوا أن فرعون غرق، وقالوا: هو أعظم شأنا من ذلك، فألقاه الله على مكان مرتفع من البحر حتى شاهدوه فكان عبرة على مرِّ الدهر وكرِّ العصور”لتكون لمن خلفك آية”