أمريكا وإيران ونظرية التصلب التفاوضى – بقلم د . ناجي صادق شراب

سياسة واخبار ….
بقلم : د . ناجي شراب – فلسطين المحتلة …
المفاوضات القاسم المشترك بين الولايات المتحده وإيران. لكن التساؤلات أي مفاوضات؟وماذا يريد كل طرف منها؟ وهل ستقتصر المفاوضات على أمريكا وإيران فقط؟ وما هو دور الدول الأخرى ؟ تساؤلات وتحديات كثيره تنتظر أي عملية تفاوضيه جديده، ولن تكون مجرد لقاء بالعودة للإتفاق النووي السابق وترفع العقوبات ويغلق الملف. هذه مجرد أضغاث أحلام سياسيه.ولنبدأ بالموقف الأمريكي وهو الفاعل الرئيس والذي بيده مفتاح الملف بكامله. إدارة الرئيس ترمب لم تنفى الحاجة للتفاوض ، لكنها كانت اكثر وضوحا وقوة في التعامل مع الملف بدءا بالإنسحاب منه في مايو 2018، وما تبع ذلك من ممارسة أقصى العقوبات بهدف عودة إيران لطاولة التفاوض كما تريد ، وكما صرح ترمب انه في حال فوزه فستعود هذه المفاوضات خلال أسابيع قليله وسيتم عقد إتفاق جديد يشمل ملفات أخرى كملف الصواريخ البالستيه. وما يهم هنا أن إدارة ترمب فرضت واقعا سياسيا على إدارة بايدن، فلا يمكن تجاهل هذه العقوبات ، ولا تجاهل تأثيرها. ولن يختلف الموقف الأمريكي في عموميته في التعامل مع هذا الملف الذى يحظى بأولوية قصوى في المرحلة القادمه.الرئيس المنتخب بايدن وقبل فوزه اعلن أكثر من مره بالعمل على العودة للإتفاق ولكن بشروط جديده. ولعل أهم تصريحاته رفضه أن تتحول إيران إلى دولة نووية ، وأن ذلك سيشكل تهديدا للأمن القومى ألأمريكى والنظام العالمى.وطالب بتمديد القيود على إنتاجها للمواد الإنشطارية ودورها ألإقليمى في المنطقة.ومشاركة الدول العربية وخصوصا الإمارات والسعودية في أي مفاوضات جديده.وإذا عادت إيران إلى الإمتثال الصارم للإتفاق النووي فإن الولايات ستنضم إلى ألإتفاق كنقطة إنطلاق لمتابعة المفاوضات. وأضاف ان أي إتفاق ينبغي أن يشتمل على موضوعات جديده كالقدرات الصاروخية لإيران ودورها ونفوذها في المنطقة . ومما يلفت الإنتباه تصريحاته أن الولايات المتحده لديها خيار فرض إعادة العقوبات “سناب باك”إذا لزم ألأمر وإيران تعرف ذلك.الجديد في إدارة بايدن أنها أكثر مرونة سياسية في التعامل من إدارة ترمب ، وقد تبادر بتقديم مبادرات جزئيه وستكون أكثر تنسيقا مع حلفائها التقليديين وأطراف الاتفاق.
اما الموقف الإيراني وهى الطرف الرئيس الثانى ، فلا شك هي في موقف اكثر ضعفا بسبب العقوبات المفروضة، ومعالم الضعف كثيره إقتصاديا ومجتعيا وفى قوة العملة إلإيرانية وإنهيارها وتراجع القدرات ألإحتياطية لديها. وهى تدرك ذلك ، ولذك لا تريد أن تذهب للتفاوض وتبدو ضعيفة، ولذلك تتبنى إستراتيجية مزدوجه إسراتيجية الصبر والتي مارستها مع إدارة ترمب.ويبدو ذلك في اكثر من تصريح لقيادتها أبرزها تصريح جواد ظريف وزير الخارجية أن إيران على إستعداد للعودة للتفاوض بمجرد أن ترفع عنها العقوبات، وأنه لا حاجة للتفاوض من جديد بمجرد رفع العقوبات.وستعود إيران لإلتزاماتها بموجب الاتفاق الموقع. اما الرئيس روحانى فقد اكد ان الموقف يتوقف على إلإدارة ألأمريكية الجديده بالعودة وإحترام القواعد ، وان التحول الآن في الإنتقال من إدارة تهدد إلى إدارة الفرصة ، وهنا إيران تلقى بكل كرة التفاوض على الإدارة ألأمريكية الجديده.من إنسحب يعود بالإلتزام المكتوب.إيران رفضت دعوة الرئيس ترمب بالعودة للتفاوض ـ وأعتبرت ذلك إستسلاما وتنازلا كاملا,بل ذهبت ما هو أبعد من ذلك بإستئناف ألأنشطة النووية ، والتوسع في برنامج الصواريخ البالستيه ، وزادت من نفوذها وتواجدها في أكثر من دولة عربيه. ولكنها في الوقت ذاته لم تذهب بعيدا في ردود فعلها في أعقاب إغتيال قائد الحرس الثوى السليمانى وأخيرا العالم النووي محسن خيرى زاده والتزمت سياسات الإنتظار والصبر الإستراتيجى وعدم الذهاب للمواجهة الشاملة لأنها تدرك مسبقا ستكون خيارا مدمرا , وهذا ما دفع بعض المحللين والخبراء بترجيح إمكانية العودة للتفاوض مع الإدارة ألأمريكية الجديده.وما يؤكد هذا الموقف تصريحات بايدن بالعودة إلى الإتفاق النووي وعدم غلق ألأبواب.ولا شك ان ما يدعم موقف إيران وتبنى إستراتيجية التصلب التفاوضى إعتقادها ان بيدها أوراقا كثيره أكثر من ذي قبل، فداخليا زيادة درجة التوافق والتنسيق بين أجهزة الدولة الحاكمه كالحرس الثورى والجهاز الدبلوماسي .ونجاحها في التعامل مع العقوبات ألأمريكية التي فشلت في الوصول إلى صفر إنتاج نفطيا. وشبكة العلاقات الإستراتيجية التي نجحت في خلقها مع الصين ومعاهدة التحالف الإستراتيجى لخمسة وعشرين عاما والعلاقات مع روسيا، وعلاقاتها بالعديد من الدول الجارة لها مما فتح أمامها لخلق جبهة معاديه لأمريكا.وقوة تأثيرها في التحكم بعدد من الجماعات المتشدده والتي يمكن أن تقوم بدور الوكاله في أي حرب كحزب الله وحماس والجهاد وفى العراق .وتسعى إيران لخلق منطقة تجميد للتعامل بالدولار.ولعل ما يدعم الموقف الإيراني والمراهنة عليه أنه في الفترة من 2002إلى 2015 كانت الصين وروسيا داعمين لكل القرارات التي تبنتها الولايات المتحده لفرض عقوبات وقيود على أنشطة إيران النووية ، اما اليوم فالتأييد ومعارضة مواقف الولايات المتحده واضح وخصوصا في القرارات الأخيرة في مجلس الأمن بالإستمرار في فرض العقوبات على إيران وتجديدها.اضف إلى ذلك قناعة إيران أن الولايات المتحده لم تعد لها نفس السمو العالمى والتحكم في القرار العالمى، وان ملامح التراجع واضحه في النموذج ألأمريكى الليبرالى, وتعتمد على قوة اللوبى لها في أمريكا وقوة النخب من الأمريكيين من أصل إيرانى. ويبقى الموقف الأوروبى الداعم للتفاوض وممارسة دور المسهل والملين للمفاوضات بتقديم حوافز مشجعه، والموقف الإسرائيلي الذى يلوح دائما بالخيار العسكرى وسيكون لها دور مباشر في أي مفاوضات قادمه. ومواقف السعودية والإمارات وسيكون لها دور مباشر وفاعل من دور المراقب إلى دور الحاضر القوى في أي إتفاق جديد. وأخيرا تشكل المفاوضات المخرج الوحيد لكل من أمريكا وإيران بإستبعاد خيار الحرب والمواجهة .وإستراتيجية حفظ الماء لوجه لكل منهما.
***
[email protected]