مستقبل الطاقة في لبنان في ورشة عمل بعنوان “حكومة قطاع النفط والغاز “

التصنيف : دراسات (:::)
بعيداً عن المرض الهولندي والتجاذبات!!
بقلم : بكر السباتين * (:::)
______________________________________
تلقيت دعوة رسمية من قبل المركز اللبناني للدراسات السياسية (LCPS) وإدارة البترول اللبنانية (LPA)، بالتعاون مع مركز البحوث للتنمية الدولية (IDRC)، لحضور ورشة عمل بعنوان “حكومة قطاع النفط والغاز ” التي نظمها المركز في بيروت لمدة يومين حضرها مسئولون حكوميون وخبراء وعلماء، وأعضاء من المجتمع المدني، بتاريخ 19-20 تموز عام 2014 في فندق جفينور روتانا، بيروت، لبنان.
ورغم تعذر حضوري لأسباب قاهرة إلا أنني تابعت المجريات من خلال المراسلات عبر بريدي الإلكتروني حيث زودني أخيراً المركز اللبناني للدراسات مشكوراً بتفاصيل ومجريات الحدث في تقرير مفصل باللغة الإنجليزية.
وقد جاءت هذه الورشة لمناقشة التحديات و جلب الفرص المناسبة في إطار التحضيرات التنموية والفنية لمرحلة ما قبل الاكتشاف المحتمل لاحتياطيات النفط والغاز في لبنان. ووهدفت ورشة العمل البخث في مسارين بالغي الأهمية: أولهما عرض ومناقشة المسودات الأولى من ست ورقات سياسة، وذلك  بتكليف الخبراء والعلماء لإعدادها، والتي سلطت الضوء على ما يلي:
التحديات والفرص المتاحة في مجالات الهياكل المؤسسية، احتياجات الطاقة المحلية، خيارات تصدير الغاز، الآثار الاقتصادية الكلية للعائدات، وإدارة الإيرادات والسمات الجيولوجية لحوض المشرق العربي.
وثانيهما تحديد التحديات الإضافية التي تتولى دراسة تقنيات معالجتها من قبل الباحثين في ((LCPS)) وLPA)) من خلال الدراسات الفنية.

استهلت الورشة كم درجت العادة بمقدمات لكل من السيد سامي عطا الله، المدير التنفيذي ل(LCPS)))، السيد ناصر حطيط، رئيس مجلس الإدارة ورئيس قسم الهندسة التقنية من LPA))، والسيدة رولا الرفاعي، أخصائي أول في برنامج مركز بحوث التنمية الدولية، حيث تم تقسيم ورشة العمل إلى سبع جلسات على النحو التالي:
الدورة الأولى: قدم الدكتور (رينود يندرز)، أستاذ العلوم السياسية في كلية (كينغز) في لندن وزميل أبحاث(LCPS)) ) ، ورقته بعنوان غنائم النفط؟ ركزت على تقييم وتخفيف مخاطر الفساد في قطاع البترول الناشئة في لبنان. وذلك من خلال وضع إطار مؤسسي يضمن الشفافية الإدارية في قطاع النفط والغاز. وتهدف الورقة إلى تقييم مخاطر الفساد، وتحديد التدابير المؤسسية والتنظيمية وأدوات السياسات التي وضعت حتى الآن ومتانتها، فضلا عن إثراء هذه الجلسة بالنقاش من قبل السيد فاروق قاسم، رئيس Petroteam AS)) . حيث أدارها السيد محمد العليم، المدير الشريك في العليم وشركاه وعضو مجلس (LCPS).

الدورة الثانية: قدمت الدكتورة ليلى داغر، أستاذ مساعد في الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت، ورقتها بعنوان ما هو الطلب المحلي للطاقة في لبنان. حيث ركزت داغر على موضوع استهلاك لبنان المحلي من الطاقة ومحاولة تحديد تقديري لطلب لبنان المحلي المحتمل على الغاز الطبيعي (NG) خلال العقد والنصف المقبل عن طريق فحص النمو المحتمل في الطلب NG)) في أربعة قطاعات: الطاقة / الطاقة السكنية والتجارية والنقل والبتروكيماويات.
تناقش الورقة التي قدمتها ( داغر) أيضا مزايا التحول إلى ((NG ))في جميع هذه القطاعات مبدية مزايا ( ( ((NG ))من حيث أنه:أرخص تكلفة، أكثر كفاءة، أطول أمداً، وأكثر ملاءمة للبيئة من أنواع الوقود الأحفوري الأخرى. أدار هذه الدورة الدكتور بسام فتوح، مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة وزميل أبحاث (LCPS)، حين ناقش السيد جوزيف الأسد، مستشار الطاقة في وزارة الطاقة والمياه، ورقة داغز وأثراها بالتعليقات .

الدورة الثالثة: قدم الدكتور بسام فتوح، مدير معهد أكسفورد لدراسات الطاقة وزميل أبحاث((LCPS)) ورقته بعنوان “خيارات لتجارة الغاز في لبنان”، بالاشتراك مع (لورا ش كاتري)، زميل باحث في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة. وقد تطرق في ورقته إلى مناقشة الخيارات المحتملة في لبنان لتصدير الغاز واستيراده للمضي قدماً. وتبحث الورقة في مزايا استيراد الغاز الطبيعي خلال بقية هذا العقد من أجل إعداد وتحويل الاقتصاد اللبناني نحو الطاقة التي ينتجها الغاز قبل بدء الإنتاج المحلي. إضافة إلى معالجة مختلف خيارات التصدير في لبنان. وقد أدار الجلسة السيد وليد نصر، عضو مجلس الإدارة ورئيس قسم التخطيط الاستراتيجي من (LPA )حين ناقش الورقة وأثراها بالتعليقات، الدكتور وليد خدوري، مستشار في هيئة المسح الاقتصادي للشرق الأوسط.

الدورة الرابعة: قدم الدكتور عطا الياس، أستاذ الجيولوجيا في الجامعة الأميركية في بيروت ورقته بعنوان “ما هو حجم حوض النفط والغاز شرق المتوسط؟” الياس ناقش في ورقته الخصائص الجيولوجية والموارد المحتملة للحوض الشامي بشكل عام والمناطق البحرية اللبنانية على وجه الخصوص. وأبرز أيضا التحديات في تقدير حجم الاحتياطيات النفطية في  بيئة المياه العميقة والتكوينات الجيولوجية المعقدة للحوض. وأدار الجلسة الدكتور طلال حسون، المحاضر في قسم الهندسة الكيميائية في الجامعة الأميركية في بيروت وناقش الورقة السيد وسام تشيبات، عضو مجلس الإدارة ورئيس قسم الجيوفيزياء والجيولوجيا من (LPA )الذي أثرة الورقة بالتعقيبات الفنية وخاض في تفاصيلها.

الدورة الخامسة: قدم الدكتور جاد شعبان، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت وزميل أبحاث ((LCPS))، ورقته بعنوان “الآثار الاقتصادية الكلية من عائدات النفط وعائدات الغاز في لبنان والمرض الهولندي*، وتعديلات السياسة المثلى”، بالاشتراك مع جنا حرب، باحثة في (LCPS). وتثير والرقة المخاوف بشأن تحقيق حلقة المرض الهولندي في الاقتصاد اللبناني بعد تطوير احتياطيات النفط والغاز المحتملة التي اكتشفت قبالة سواحل لبنان. الكتاب بحث الآثار المحتملة لطفرة الموارد على الاقتصاد في ضوء الأداء الاقتصادي والسياسة المالية للنظام في لبنان خلال العقود الأخيرة. وقد أدار الجلسة السيد شادي كرم، مستشار رئيس الوزراء، رئاسة مجلس الوزراء، في حين تمت مناقشة ورقة الدكتور عديل مالك، أستاذ الاقتصاد في جامعة أكسفورد.

الجلسة الخامسة: الدكتور جاد شعبان، أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت و(LCPS) زميل أبحاث، قدم ورقته بعنوان الآثار الاقتصادية الكلية من عائدات النفط وعائدات الغاز في لبنان: مرض الهولندية وتعديلات السياسة المثلى، بالاشتراك مع جنا حرب، باحث في (LCPS). تثير ورقة المخاوف بشأن تحقيق حلقة المرض الهولندي في الاقتصاد اللبناني بعد تطوير احتياطيات النفط والغاز المحتملة اكتشفت قبالة سواحل لبنان. الكتاب بحث الآثار المحتملة لطفرة الموارد على الاقتصاد في ضوء الأداء الاقتصادي والسياسة المالية النظام في لبنان في العقود الأخيرة. وقد أدار الجلسة السيد شادي كرم، مستشار رئيس الوزراء، رئاسة مجلس الوزراء، في حين تمت مناقشة ورقة الدكتور عديل مالك، أستاذ الاقتصاد في جامعة أكسفورد.

الدورة السادسة: حيث قدم الدكتور بسام فتوح ورقته الثانية بعنوان “إدارة إيرادات النفط والغاز في حالة لبنان” وشارك في كتابتها لافان مهاديفا)، زميل باحث في معهد أكسفورد لدراسات الطاقة. وتبرز الورقة بعض الخصائص الرئيسية للاقتصاد اللبناني حيث ناقشت الطرق المختلفة التي يمكن أن تدار عبرها عائدات النفط والغاز المتوقعة من خلال الإشارة إلى الممارسات الدولية الناجحة في هذا السياق. ويرى المؤلفان أن ظروف الاقتصاد اللبناني الكلي والإعداد المؤسسي الحالي محفوفة بنقاط الضعف التي تحتاج إلى إصلاح جدي. وبعد ذلك يمكن تحديد عدد من الخيارات الممكنة لإدارة إيرادات البلاد بحيث لا تقتصر على سداد الدين العام، مما يجعل التحويلات النقدية المباشرة، والاستثمار في البنية التحتية مجدية. وأشرف على هذه الدورة الدكتور منير راشد، مستشار وزير المالية، وزارة المالية، بينما تمت مناقشتها بفاعلية من قبل السيدة سارة بو عتمة، من إدارة البترول ومستشارة الضرائب في وزارة المالية.

الجلسة السابعة: اختتمت ورشة العمل بمناقشة القضايا الهامة اللازمة لتطوير قطاع النفط والغاز في لبنان شارك فيها كل من السيد سامي عطا الله، السيد فاروق قاسم، والدكتور عديل مالك، والدكتور بسام فتوح، والسيد ناصر حطيط، والدكتور كمال حمدان، العضو المنتدب لمعهد الاستشارات والبحوث حيث خلص النقاش إلى ضرورة الجاهزية اللبنانية التنموية لعملية استخراج النفط والغاز الموعودة. وذلك من خلال الحاجة إلى الحوار المستمر بين الحكومة والمواطنين، ومطابقة المهارات اللازمة لسوق العمل اللبناني، وتحسين قطاع التعليم المهني والتقني، وتحسين البنية التحتية، وفهم الاقتصاد السياسي للقطاع، وغيرها. حيث أبرز الخبراء أيضا الموضوعات الرئيسية إلى مزيد من الدراسة مثل إنشاء صندوق للثروة السيادية، والاستثمارات في البنية التحتية العامة، والتحويلات النقدية المباشرة والعمالة والتعليم في المحتوى المحلي، ودور البرلمان وعملية التشاور، والمخاطر التي تهدد البيئة، واستخدام الأراضي.
وفي سياق هذه الخلاصة كمراقب للشأن اللبناني أتوقع من القائمين عل مثل هذه الورش التباحث بفاعلية في تعزيز الإحساس العام بقيمة هذه الثروة من أجل التظافر لحل العقبات السياسية المحتملة التي لها جذور على أرض الواقع اللبناني بعيداً عن المحاصصة الفئوية والطائفية في إطار تنمية شاملة ذات محرك مركزي يقود البلاد إلى ازدهار متوازن.
اللبنانيون يمتلكون طاقة بشرية ذات كفاءة عالية؛ قادرة على تجنيب المجتمع اللبناني من انتشار المرض الهولندي الذي قد يصيب الشعوب المترفة بالترهل والكسل ما يؤدي إلى تباطؤ في التنمية وضياع الثروة دون حساب ، ومن ثم تهيئة البيئة المناسبة لتفشي ظاهرة الفساد. وفي لبنان لتركيبته الفسيفسائية القائمة على الطائفية في إطار التقاسم السلطوي فإن الفساد قد يعزز ظهور مافيا مركبة طائفياً من شأنها السيطرة على مقدرات البلاد والدفع بلبنان إلى مصائر غير محسوبة. من أجل ذلك لا بد من تحريك فكرة مستقبل لبنان الاقتصادي في عقول الساسة اللبنانيين لنبذ كل أسباب الخلاف من أجل تنمية حقيقية مستدامة تقوم على التشاركية والكفاءة  تهيئة لمستقبل الطاقة في لبنان. أقلها !! حل أزمة الرئاسة في لبنان.. وتحييد هذا البلد عن الصراعات الإقليمية لخلق بيئة مناسبة للاستثمار واستصدار حزم من القوانين المنظمة للتنمية بدلاً من هدر وقت البرلمان في تجاذبات جهوية.. وتشجيع إنشاء الصناديق السيادية لحشد الرساميل المحلية في إطار اكتتاب للأسهم على نطاق جماهيري واسع درءاً لتمركزها في يد قلة لبنانية قد تتحكم بمصير لبنان.

*المرض الهولندي (Dutch Disease)
اسم لـ حالة من الكسل والتراخي الوظيفي أصابت الشعب الهولندي في النصف الأول من القرن الماضي 1900 – 1950، بعد اكتشاف النفط في بحر الشمال، حيث هجع للترف والراحة واستلطف الإنفاق الاستهلاكي ألبذخي، فكان ان دفع ضريبة هذه الحالة ولكن بعد أن أفاق على حقيقة نضوب الآبار التي استنزفها باستهلاكه غير المنتج فذهبت تسميتها في التاريخ الاقتصادي بالمرض الهولندي. «المرض الهولندي» تعبير دخل قاموس المصطلحات على الصعيد العالمي منذ أكثر من 30 عاما . أول من نشر المصطلح كان مجلة «الإيكونومست» البريطانية التي طالعت به القراء في أحد أعدادها الصادرة عام 1977.

* تعريف صناديق الثروة السيادية:
صناديق الثروة السيادية هي صناديق مكلفة بإدارة الثروات والاحتياطات المالية للحكومات.
وذلك من خلال:
مستثمري أموال النفط مثل البنوك المركزية التي تستثمر في الأصول الأجنبية، للمساعدة في تحقيق الاستقرار لعملاتها مقابل تقلبات ميزان المدفوعات. وهي تميل للبحث عن الاستقرار، وليس تضخيم العوائد، وبالتالي فإنها تحتفظ بالاحتياطات على شكل نقد وقروض حكومية طويلة الأمد، وصناديق التحوط، ,والأسهم الخاصة.كذلك مؤسسات الاستثمار الحكومية وهي صناديق استثمار أصغر وأكثر استهدافاً تستثمر بشكل مباشر في أصول الشركات المحلية والأجنبية، متجنبة منهج المحافظ الاستثمارية الذي تتبعه صناديق الثروة السيادية.  أيضاً الأثرياء الذين يضعون مبالغ ضخمة من ثرواتهم في الخارج، وغالباً ما يستخدمون الوسطاء في لندن وسويسرا. إضافة إلى الشركات التي تمولها وتسيطر عليها الدولة التي تستثمر في الخارج، ,الشركات الخاصة التي تستخدم الأرباح المحتجزة، والزيادات الرأسمالية لتمويل الاستثمارات في الخارج.
وتهدف هذه الصناديق إلى تحقيق عائدات أكبر وتوزيع عادل للثروات نسبياً.
*(LPA ): إدارة البترول اللبنانية
*  (LCPS):   المركز اللبناني للدراسات السياسية
* (IDRC): مركز البحوث للتنمية الدولية

_____________________________________________
*فلسطيني من(الأردن)
رابط المؤلف:
http://www.bakeralsabatean.com/cms/component/option,com_frontpage/Itemid,1/