لا بد من صنعا وإن طال السفر؟؟ – بقلم : طلال قديح

منوعات ….
طلال قديح – كاتب فلسطيني مقيم في السعودية …
مع ما يعيشه عالمنا العربي، اليوم، من تداعيات وانتكاسات ومناوشات ومؤامرات وحوادث هنا وهناك تكاد تصبح أمرا مألوفا، عليها ننام ونصحو حتى تعودناها ولم تعد تحرك فينا ساكنا، فتبلدت المشاعر وتجمدت العواطف، وضعفت النخوة وماتت الهمة .مع هذا كله، فإن الأنظار تتجه إلى اليمن ، مهد العرب الذي ظل عبر التاريخ منطلقهم نحو الشرق والغرب والشمال والجنوب حتى  امتد العالم العربي على مساحة شاسعة واسعة من المحيط الأطلسي حتى الخليج العربي.
إذن، فكل القبائل العربية هي يمانية أصلا وانتماء، وهذا مصدر اعتزاز وفخر لها جميعا .
ونحن في ظل ما يعصف باليمن السعيد من مشكلات، أضرت بالبلاد والعباد وأنهكت الاقتصاد، حتى  تجاوزت الأمور حد القدرة على الاحتمال، لا يمكننا إلا أن ندعو الله تعالى أن يحفظ اليمن وأهله من كل سوء وأن يجنبه مكائد الكائدين وحقد الحاقدين، ليظل حصنا منيعا وقلعة شامخة تتكسر على صخرها كل المؤامرات ، ويندحرعنها الغزاة الطامعون.
إن لليمن كما لنا، الثقة الكبيرة في قدرة أبنائه المخلصين – كما كانوا دوما عبر التاريخ- على القفز على كل المعوقات وتجاوز العقبات وتخطي الصعوبات، لينطلقوا في مسيرة مظفرة للبناء والإعمارفيعيدوا اليمن سعيدا بجهد أبنائه، ويرمموا حضارة عريقة شامخة.
العالم كله يشهد لليمنيين أنهم قادرون على التكيف في الوسط الذي يعيشون فيه، بل على الإبداع والسعي دوما للوصول إلى القمة في كل الميادين..لا أحد ينكر دورهم المميز في شرق آسيا إذ حققوا أعلى المناصب في السياسة والتجارة حتى ليشار إلى كثير منهم بالبنان، وتتردد أسماؤهم على كل لسان، نماذج عالية يعتد بها في كل زمان ومكان.
فقد كان منهم تجار كبار، ملكوا المليارات، وشكلوا رقما صعبا في البلاد التي عاشوا فيها، عرفوا بإخلاصهم وتنافسهم الشريف لتحقيق الفائدة المرجوة والربح الحلال الموافق للقوانين حيث يعيشون.
ومع هذا كله لم ينسو أبدا يمنهم وطن الآباء والأجداد ومهوى أفئدة الأبناء والأحفاد..لذا كانت قولتهم المشهورة: ” لا بد من صنعا وإن طال السفر”، فالجسد هنا في الغربة والقلب معلق هناك، وهذا ما يؤصل صدق الانتماء ، ويعزز مواصلة الشوق والحنين للعودة لربوعه الغالية.
مثل قديم لكنه يظل وثيقة أصيلة ضاربة في أعماق التاريخ، تدل على شدة تعلق اليمني بوطنه، وإخلاصه له ، وتجسد تصميمه على الوصول إلى غايته وتحقيق طموحه حتى نهايته.
يدرك أن طريقه ليس سهلا بل هو مليء بالصعاب والتحديات، لكنها مع صلابة الإرادة وقوة التصميم تبتعد عن طريقه ليصل غايته المنشودة.
مثل قديم وهو نتاج قصة تحكي حنين اليمني إلى وطنه..بدرك أن الطريق طويل والسفرمحفوف بالأخطار والمشاق، لكن ذلك كله لا يخمد جذوة الشوق للأهل  والوطن والديار..ومع التصميم وقوة الإرادة تتحقق الأماني والآمال ويصلح الحال.
وهنا نذكر ما قاله أبو القاسم الشابي في قصيدته ذائعة الصيت:
إذا الشعب يوما أراد الحياة  فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي  ولا بد للقيد أن ينكسر
ومن لم يعانقه شوق الحياة  تبخر في جوها واندثر
وهكذا فإن اليمن سيتجاوز الأزمة الراهنة، وسيتخطى كل  الحواجز مهما بلغت،وسينتصر ويعود سعيدا بإذن الله ثم بهمة أبنائه الغر الميامين.. “ولا بد من صنعا وإن طال السفر”.. ولا شيء يعدل الوطن.. اللهم حقق الأمل، وابعد اليأس والملل.. اللهم ..آمين.
•    كاتب ومفكر عربي
•    12/8/2016م