تخليدا لذكراه : نضال زايد : ذلك المسخوط الذي احببته – بقلم : وليد رباح

الجالية العربية …
بقلم : وليد رباح – نيوجرسي …
كتبت هذه الاهزوجة عام 2002 عندما كان نضال زايد حيا .. وقبل ان يتوفاه الله ويدفن في ولاية تكساس .. ولمن لايعرفه .. فقلمه اذا ما قرأت سطرا منه يغمرك الضحك لاسبوع على الاقل حتى يكتب قلمه شيئا جديدا .. ولقد رأيت احياء لذكراه ان اعيد ما كتبته عنه : فاقرأوا اذا لم تعرفوه .)
لا اخفيكم انني اعشق ما يكتبه نضال زايد .. تماما مثلما عشقت الجاحظ في فورة شبابي .. فنضال له تعبيرات (مسخوطة) لا يجيدها غير المساخيط .. ينسال قلمه فيكتب بسهولة ويسر دون اعاقة .. واخمن ان يكون المقال الذي سوف يكتبه قد وجد في تلافيف مخه منذ الاف السنين .. ولا يخرج الا في وقته .. ولذا فانه لا يستغرق غير دقائق قليلة لكي يظهر الى الوجود .. ثم تشعر عند قراءته انك تأكل نوعا من ( الحلويات ) لا يجيد صناعتها غير من تمرس في المهنة .. رغم صغر حجمه وسنه قياسا الى خبرته .. هذا عن نضال فيما يكتب .. اما عنه في المظهر فيعتبر قشرة لا تنبىء عما يحتويه .. واظن يقينا ان نضال سوف لن يتوقف عن الكتابة حتى بعد موته .. فان زرت قبره يوما فلا تستبعد ان تستمع الى تلك الموسيقى الشجية التي تنبعث من تحت التراب مخترقة عقلك الذي يفكر فيه .
أما نضال كمخلوق فقد جاء عن طريق الخطأ .. ولقد تعددت الروايات في مسألة خلقه .. احداها تقول بان هلله خلق نضال كأجمل ما تعرفه العين .. فغار منه شيطان فقام باستبداله بولده عندما كان رضيعا .. واخرى تقول : ان نضالا ارتكب اثما عند ولادته فصرخ : اعيدوني من حيث جئت .. وقامت القابلة فعلا بعد ان بسملت وحوقلت ان تعيده الى بطه امه .. ولكن الام رفضت استقباله مرة اخرى .. وثالثة ( لا اصدقها ) تقول : ان نضالا صرخ بامه عند ولادته بان تعطيه قلما وورقة ليكتب مذكراته في بطنها فهرب الجميع من المنزل خوفا .. اما الرواية الرابعة التي هي اقرب الى العقل فتقول : ان فلاحا كان يزور ( مارسه) الذي زرعه بالذرة فقطف ( عرنوسا) فاذا به نضال .. وقيل ان نضال ولد باسنان حاده .. وقد استخدمته احدى شركات المقاولات فيما بعد لقطع حديد التسليح دون استخدام آلة القص التي لم تكن قد اخترعت بعد .. ولسان كان يمده فلتقط الاشياء على بعد امتار .. ويد طويلة تمتد الى جيوب المارة فتسرق منها الوثائق الصحافية بخفة ويسر .. اما سرقات البنوك الكبرى التي كانت تقع ابان شبابه فقد كان السبب المباشر فيها نضال .. اكثر من هذا قيل ان شرط الرجل العنكبوت الذي انتجه الامريكان كان مستوحى من قصة حياة المسخوط نضال زايد .
اما احدى الوايات التي يجافيها العقل فقد قالت .. ان نضالا تشاورت فيه الملائكة قبل خلقه فعقدوا اجتماعا ضافيا قرروا فيه ان يأخذ الطفل شكلا مميزا .. فعن الاسد اعجطوه الشجاعة .. وعن الغزال الجبن والهرب .. وعن الصقر اخذ عيناه .. وعن البومة اخذ استدارة الوجه .. وعن الثعبان نعومة الملمس .. وعن هتلر قساوة الملامح .. وعن حاتم الطائي الكرم .. وعن اشعب البخل وعن الحصان سرعة الجري والاقدام والهرب .. ثم رفعت الملائكة تقريرا بمطالبهم فاستجاب رب العزة لها ليجعله أية للناس جيعا .
وبما انني اؤومن بتناسخ الارواح .. فربما كانت الروح الت حشرت نفسها في جسد نضال قد جاءت من المريخ او احدى الكواكب مثلا .. او تبرع شيطان فلبيني كان سائحا في بلادنا الى قضاء وطره فجاء نضال الى هذه الدنيا يحمل ملامح الجاحظ او الشيطان لا فرق .. ثم اراد تعويضه عن خلقته فقام بغرس شجرة الاخلاق في جسده .. ولذا فان دماثة نضال وحبه للحياة تدفعنا الى تصديق تلك الرواية .
وفي يوارة اخرى .. ان شجرة شيطانية نبتت في القرية التي ولد نضال فيها كانت تطرح ثمرا على شكل ابليس وجدوا نضال يوما تحت جذعها يصلي مع الملائكة فتبناه شخ القرية وعلمه الكتابة والحساب ودروسا سرية اخرى .. وقيل فيما يقوله المهرجون ان هجرته الى امريكا كانت مقصودة من السفير لكي يعطي الامريكيين ( عينة ) محسنة عن شكل العربي الجميل .. ولذا فان تذكرة قدومه كانت تبرعا من القنصل مع مصاريف الجيب التي بلغت في حينها مصروف حرب على احدى الدول المستضعفة .
ولقد رافق نضال في حياته سوء الطالع له ولمن جاوره .. فمن يصاحبه يصاب بالعسر المادي اضافة الى عسر الهضم .. ومن يحبه يبتليه الله بكراهية الناس له .. ومن يكرهه يأتيه رزقه خببا .. اما المرض فهو حبيب نضال الذي لا يفارقه .. وكأنما هما مولودان معا وسويا كتوأمين .. وليس ادل على سوء طالعه ،، ان مصابيح الكهرباء التي تنير مكتبي قد احترقت كلها عند كتابتي هذه الكلمة .. فاضطررت لكتابتها عن الخامسة صباحا على ضوء المصباح القادم من الشارع العام ..
المسخوط نضال ابن زايد .. اعطنا شيئا من حبك للحياة كيما نحبها مثلك .. وامنن علينا ببعض ما عندك من دماثة الاخلاق وحسنها حتى نتجرع حبنا لانفسنا وللاخرين دون ان تناول المقبلات لابتلاعها ..
احبك يا نضال عند ما كنت حيا وفي موتك هذا ان مت .. وليتني كنت لك اخا جئنا الى هذه الدنيا من بطن واحد .. وتصبحون على شيطان اخرس ..