آراء حرة ….
بقلم : إدوارد فيلبس جرجس – نيويورك
سألني أحدهم وربما قد أكون سألت نفسي من قبل مراراً وتكراراً قبل أن أُسأل ، ما الفرق بين هنا وبلادكم ، لم أكن أجيب على نفسي حتى لا أدخل في مناقشات قد تحتدم وتتخاصم نفسي مع نفسي وقد يصل الأمر إلى القطيعة فأعيش مشتتاً بين أنا هنا ونفسي هناك ، وجدتها فرصة أن أُجيب السائل ، وسألته بدوري أي فرق تقصد ، الفروق كثيرة ولا مجال للمقارنة ، لكن قد تكون بسؤالك فتحت الساحة أمامي للمقارنة في مجال العدالة وكيفية نطقها وكيفية تطبيقها ، العدل صفة من صفات الله والحق صفة من صفات المولى ، والمفروض أن تكون العدالة والحق في الأرض صورة مصغرة من عدل الله وحق المولى ، وهنا ندخل في مفترق الطرق ، العدالة والحق هنا والعدالة والحق هناك ، مدى شموخ القانون وتطبيقه هنا ، ومدى شموخ القانون وتطبيقه هناك ، القانون هنا يمكن تجسيده إلى إله أرضي ، حُكمه العدل والحق على الجميع دون تدخل لأي عوامل أخرى خاصة السياسة ، السياسة حُرم عليها اجتياز أي عتبة للمحاكم فتأتي الأحكام من عب القانون ومواده وأحكامه فقط ولا نغفل الضمير الحر للقائم على تنفيذ القانون . القانون هناك له صفة المط كقطعة من المطاط تستجيب لأي شد من طرفيها ، القائم على تنفيذ القانون يتأرجح مع هذه المطاطية حسب الأحوال وحسب السياسة وقد يكون حسب الطقس !!!!! ، وقد يكون اللعب المطاطي مع السياسة يحظى بالنصيب الأكبر من المرونة بين الشد والتقلص ، تسييس القانون أو قنونة السياسة ، المهم أن تأتي الأحكام مرضية للسلطة وتحمل من الردع ما يثير العجب والتعجب وكأن مقولة ” أضرب المربوط يخاف السايب ” هو المانشيت الكبير الذي وضع فوق ميزان العدل الذي ترك توازنه وطوال الوقت ترتفع كفة وتنخفض كفة كما قلت حسب الأحوال حتى الجوية منها !!!. لن أتحدث عن الحكم بسنتين وغرامة مالية على نقيب الصحفيين الذي هو رمزلحرية التعبير والرأي والمفروض أن تكون له حصانة تفوق حصانة عضو النواب الذي لا يُسمع له صوت سوى في الأعياد والمناسبات الرسمية !!، سأترك هذا الحكم لمن يستطيع أن يصور هذه المهزلة بما تستحق ولنذهب إلى قرار الرئيس الذي أفرج عن مجموعة من الشباب تزيد عن 80 شاباً ، عندما تأملت الأحكام التي وُقِعت عليهم اعتراني الذهول بالفعل ، أحكام تتراواح بين 15 إلى 25 عاماً تُقضى بين جدران الزنزانة بتهمة لا هي جريمة ولا هي دموية ، مجرد التظاهر أو التجمهر ، حاولت أن أحصل على المادة التي تنص على هذه العقوبة مقابل هذه التهمة فلم أجد ما يشفي غليلي لكن قيل لي لن تجد ما يريحك فهو حكم مُسيس صدر من ضمير مُسيس ، القائم على تطبيق القانون ضرب المنصة بمطرقته ونطق بالحكم : حكمت المحكمة السياسية ب 25 عاماً على هذا الشاب حتى إذا خرج في كهولته من السجن ، لن يسمح له ظهره المنحني بالتظاهر ، نظرت إلى سائلي وقلت له هذا أحد البنود فقط يبين الفرق بين هنا وهناك . أشكرك سيدي الرئيس على عفوك عن هؤلاء الشباب الذين لو مضت الأحكام كما وقعتها المحكمة عليهم لخرجوا إلى عالم الجريمة وننتظر منك المزيد ولا عزاء في الأحكام المسيسة .