الفلسطينيون والرئيس الأمريكي القادم – بقلم : محمد عياش

اراء حرة …..
محمدعياش – فلسطين المحتلة …
ينظر الفلسطينيون للانتخابات الأمريكية بعين اليأس من التغيير في السلوك الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية , وعلى الجانب الآخر , الصهيوني يكون الأمر مختلفا ً , فكل المناظرات التي تجري في السر والعلن تكون إرضاء ً وتسابقا ً حول الدعم المطلق , وبعث الرسائل والتطمينات لجماعة الضغط اليهودية المتواجدة على الأرض الأمريكية ( أيباك ) والتي تراقب بدقة ما يجري من مناظرات بين المرشحين وعينها على إسرائيل  .

بوصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية , وحتى استلام مهامه كرئيس . دخل العالم عموما ً والفلسطينيون خصوصا ً بدراسة وقياس السلوك الذي يمكن أن يكون عليه الرئيس الفائز , والتصريحات التي تخص الكيان الصهيوني , وبالتالي قياس ما إذا كان لدى الرئيس المنتخب ( بقعة ضوء ) في السياسة الأمريكية العوراء .. والتي اتسمت بتجاهلها المطلق للحقوق الشرعية للشعب العربي الفلسطيني .

اعتقادنا في ترامب ( مرشحا وفائزا ً ) من زوايا متعددة ، قد لا تعط صورة كاملة عن سياسته الخارجية بعد فوزه ، تجاه العرب ،  لذا  حصرناها بالقضية الفلسطينية ،  التي لم يجر التعامل معها بما يناسبها كالسابق ، لظهور قضايا مركزية ( ذاتية ) تنافسها ، أو  تتقدم عليها في النظرة المحلية الضيقة ، بعد أن أصبح  لكل قطر( قضيته) ، ويبحث عن وجهة نظر ترامب فيها ، وكيف تتعامل بلاده معها في عهده ، وهل يمني النفس بتحقيق ما لم يتحقق في سابق الرؤساء الأمريكيين ؟

ورغم ذلك لا يمكن أن يغيب هذا السؤال الأكثر إلحاحا ً: كيف سيتعامل الرئيس المنتخب مع قضية ، كانت تسمى في يوم ما عند العرب  ( مركزية ) ؟ وهل يحقق ما  وعد به في حملته الانتخابية ، سواء بالنسبة لهذا الموضوع أو غيره ، أم للانتخابات ضروراتها غير الملزمة ، وللرئاسة أحكامها  الواقعية  ؟

لقد أعطى أوباما العرب والفلسطينيين في بداية ولايته الأولى  وعدا ً  بتحقيق السلام بين الفلسطينيين  وإسرائيل  في خطابه الشهير في جامعة القاهرة ، لكن انتهت  ( الولايتين ) ولم يتحقق شيئا ً مما وعد به  ، ولم يتحقق الحلم الموعود بإقامة  الدولة الفلسطينية!!!  فهل سيختلف ترامب , ويفتح بابا ً للتفاؤل أغلقه أوباما , أم سيكون له شأن آخر أقسى وأمر , وهذا ما يتوقعه الجمهور الفلسطيني .

إن  ما  صرح به ( نفتالي بينيت ) وزير التعليم الاسرائيلي ورئيس حزب ( البيت اليهودي ) ، لم يترك  فسحة للأمل يعلقها ( أصحاب القضية ) بالقادم الجديد ، وقد أعطى  صورة سوداوية  عنه بقوله بعد فوز ترامب ( إن فكرة الدولة الفلسطينية قد انتهت بعد انتخاب ترامب , وعلى الفلسطينيين البحث عن أماكن للإقامة في الدول العربية المجاورة أو الرحيل لأوروبا , ويرى أن فوز ترامب يشكل فرصة لإسرائيل للتخلي فورا ً عن فكرة إقامة دولة فلسطين في ضوء تردي الأوضاع عند العرب وانشغالهم بمقارعة الإرهاب .

إن  ما صرح به  (بينيت ) والطروحات الجديدة القديمة باعتماد القدس عاصمة للدولة اليهودية ، ونقل السفارة الأمريكية  إلى القدس يجعل إقامة الدولة الفلسطينية حلما ً لا يرد في اليقظة ولا في المنام ، ويواجه صعوبات كبيرة في زمن ترامب  ، ولن تجد من يعد بها في المستقبل ، سواء  من باب المجاملة أو تطييب الخواطر أو كحق طبيعي كفلتهُ القوانين والاتفاقيات والمفاوضات … وعندها ستكون قد دخلت طي النسيان .

تلك مؤشرات قد توحي للمراقب بتصور عن ( إسرائيل ) ،  وكيف تفكر  … فهل  تكتفي من أمريكا في ولاية ترامب فقط بالدعم العسكري والاقتصادي والسياسي  بلا حدود وتعد ( أمن إسرائيل  ) امتدادا ً لأمنها الاستراتيجي ، وهذا ما ترجمته في سلوك مساند للسياسة العدوانية والتوسعية على كل المستويات السياسية والعسكرية في المراحل السابقة .. أم تعمل على أن تجعل أمريكا   منها القيادة الإقليمية للمنطقة من خلال تنسيق وتوافق وتحالف جديد ورؤية مشتركة لما يجري  من أحداث  في المنطقة تكون فيها لاعبا ً علنيا ً ، وليس مخططا ً  من وراء الكواليس ..؟

الكل يُجهد النفس بالتفكير والتوقع , والكل غارق بالخيال , حول السلوك الذي يكون عليه ترامب , وحتى دراسة المئة يوم من الحكم تبدو طويلة , لذا على الجميع النظر على الاستراتيجية الأمريكية المحكومة بالحديد والنار من جماعة الضغط الصهيوني التي سُتلجم الرئيس وتمضي به نحو الرؤية الصهيونية الثابتة والمؤسسة على الحرب بلا هوادة على كل الحركات التحررية في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي ستكون كالعادة الخاسر الأكبر من الرهان على الرئيس الأمريكي الجديد .