تهب الرياح من كل اتجاه : هكذا افكر انا

اراء حرة …
إدوارد فيلبس جرجس- نيويورك ….
سأبدأ من النهاية ، الموكب العسكري المهيب الذي يتقدمه الرئيس لتشييع أحد أبناء مصر إلى مثواه الأخير ، العالم ” النوبلي ” الدكتور أحمد زويل ، كنت أشاهد الموكب ومن الغرابة أن يجتمع بداخلي الحزن والفخر في آن واحد ، الحزن الشديد على رحيل قامة علمية وإنسانية كبيرة ، والفخر بأن مصر لا تنسى أولادها الذين رفعوا اسمها في العالم كله ، الحزن وليس الاعتراض فأن مشسيئة الله هي النافذة على جميع البشر ، الفخر لأن هذا الإنسان الذي ذكر في حديث له بأنه نشأ في أسرة أغلب من الغلب ذاته ، فقير لم يعطه الفقر فرصة للتمتع بطفولته ، لكن هذا الغلب وهذا الفقر لم يثنياه عن الوصول إلى درجة علمية استحقت أن يكرمه العالم عليها بمنحه جائزة نوبل للعلوم واستحق أن تكرمه بلده في حياته وفي رحيله ، وكما يقولون الشيء بالشيء يذكر يأخذني تفوق هذا العالم إلى اعتراض أحد القضاة على تعيين الفقراء في السلك القضائي وقوله بأنه لا يصح أن يكون ابن ” الزبال ” قاضياً وأقول له الفقر أبداً لم يحنِ عزيمة الرجال ولم يقف يوماً أمام وصولهم إلى أعلى الدرجات وكم من العلماء الذين أفادوا البشرية جمعاء با ختراعاتهم رضعوا الفقر في طفولتهم حتى الثمالة , وقد يكون الحزن الذي تولد في داخلي البعض منه يأتى من فكرة تقلقني أن القامات في أي مجال تختفي عن عالمنا وأن هذه القامات لن تعوض للأسف ، يبدو أن مقولة ” مصر ولادة ” أصبحت خرافة من الخرافات والقامة التي تختفي لا تلد مصر غيرها وكأن عقم المواهب أصابها ، في جميع المجالات من النادر أن نجد الآن من يعوض القامات التي رحلت إلا فيما ندر وحتى الندرة التي تنجح لا تكون بمحاذاة الرؤوس التي رحلت ، حقيقة لا إنكار فيها وإلا فليكن ” شعبولا ” في محاذاة قامات الطرب التي رحلت ، نعم أذكره كمثال محزن لجميع القامات في جميع المجالات التي رحلت ولم تلد مصر الولادة غيرها . أفتخر ونفتخر بك ونترحم عليك أيها ” النوبلي ” دكتور زويل ، أما هؤلاء الذين يهاجمونك بعد رحليك ويطلقون الأكاذيب والأوهام والخرافات أو هذا المدعي الذي كفرك ، أقول لهم ” ما يهزك ريح يا جبل ” ، لا كلماتكم ستنال منه ولا تكفيرك سيغلق عليه باب الجنة ، فقط إننا نستفيد من أمثالكم ونضعكم أمام أولادنا وأحفادنا كمثال للافتقار إلى الأخلاق والإنسانية والعلم والوطنية ليتعلموا أنه في هذا الزمن المعركة ليست فقط مع إبليس لكن أيضاً مع بشر ولدوا والقبح يملأ قلوبهم وأعينهم ، لا يحبون الجمال في أي شيء حتى العلم والعلماء ويستنكرونه مع أن الله جميل . بقت نقطة ساقها الموقف أن البعض من هؤلاء عاب على الدكتور زويل بأنه يحمل الجنسية الأمريكية ، فقط أقول لهم أروني أنتم يامن لم تحملوا أي جنسية أخرى ماذا فعلتم من أجل الوطن سوى ثرثرة المقاهي والجلوس في أماكنكم في انتظار من يطعمكم ، من حملوا جنسيات أخرى أبداً لم ينسوا أوطانهم مهما اغتربوا عنه ولا يتوانون عن تقديم العون له والدكتور زويل كان واحداً منهم ، وداعاً أيها ” النوبلي ” أسترح فلقد قدمت للعالم وللوطن ما يكفي لأن يفتخر بك الجميع .
edwardgirges@yahoo.com