ما قبل الفصل الأخيرمن الازمة التركيـــة – بقلم : وليد رباح

كلمة رئيس التحرير ….
بقلم : وليد رباح ..
اذا اردنا ان نكون منصفين اكثر .. وان نزن الأمور بميزان العقل حول الازمة التركية والانقلاب الذي فشل .. علينا بنسيان الاحكام المسبقة التي زرعها في عقولنا كل من ينتمي الى وطن يعادي الوطن الاخر سواء من ناحية سياسية او عقائدية او اقتصادية او حقد بائن او غير بائن لاختلاف في الآراء والمعتقدات .. ولنضرب مثلا على ذلك ..
نحن نرى ان كل ما يأتي من سياسة في أمريكا معاد لنا كعرب .. بل واوسع كأمة إسلامية .. ولكننا اذا نظرنا الى الأمور في أمريكا فاننا نراها في كثير من سياساتها تعطي للمسلمين دورا في سياساتها وفق قوانينها .. ليس للمسلمين فقط وانما للاعراق الأخرى التي تقيم فيها  فاذا ما كان هنالك اخفاق في هذا الامر تحديدا فهو ليس من أمريكا .. ولكن من العرب والاعراق المقيمة انفسهم .. ومثل ثان على الأول : ان العرب والمسلمين عوضا عن المسيحيين العرب في أمريكا يتجاوزون الملايين السبعة.. وليس لهم في مركز القرار من موقع سوى في آخر الصفوف .. فليس منهم من هو في مجلس الكونغرس ولا في مجلس السيناتورز رغم انهم ناشطون اساسيون في ان يبدأوا خطواتهم الأولى نحو النجاح .. فعلى سبيل المثال ان العرب لا يهتمون لما يجري من انتخابات في أمريكا لعلمهم انهم قلة نسبة الى الملايين من الأمريكيين الذين ينتخبون .. مع ان هذا خطأ فادح .. اذ ربما رجح صوت واحد مرشحا على آخر .. وهكذا دواليك من امثلة ربما اعطتنا كلمة الحق التي ننشدها . عوضا عن ان أمريكا تعطيك الفرصة سواء كنت عربيا او مسلما او مسيحيا او حتى بوذيا ان تقدم ما عندك ان كنت ذا أهلية لكي تنتخب .
هذه مقدمة قصيرة لفهم ما يجري في تركيا رغم اختلاف في المبنى .. وقد سقناها لكي نفهم ان الاختلاف في السياسات والمعتقدات لا يجب ان تؤثر على مواقفنا من دول او مجموعات عرقية ربما كانت صائبة في مسيرتها ولا نرى فيها الا كل نقيصة . مع اننا لو انظرنا الى الواقع فاننانثمن الكثير ممن نعاديهم لأغراض في نفوسنا او معتقداتنا ..
وما جرى في تركيا في الأيام الأخيرة ينسحب على ما نقول .. اذ ان الكثير من العرب لا يقفون مع الاتراك او على الاصح الحكم التركي الحالي لاسباب ربما كانت في نظرهم وجيهه .. فمنهم من لا يريد ان يعود الماضي عندما حكم الاتراك وطنا عربيا مترامي الأطراف بالظلم والقهر .. ومنهم لايقفون معه لاسباب عقائدية .. فهم لا يريدون للاخوان المسلمين السيطرة على أجزاء قريبة من الوطن العربي وفي ذلك كل الخطر .. ومنهم من لا يقف معهم لانهم يؤيدون الثورة في سوريا هذا ان كان هنالك ثورة .. ومنهم يرون في النجاح التركي في القضاء على الانقلاب نبراسا لهم لكي يكرسوا التجربة في الوطن العربي ومثاله في مصر ..  وخلاصة القول ان الاختلاف مهما كان نوعه لا يغطي الشمس بغربال .. ولنبدأ بما هو الصواب .
لايخفى على احد ان النظام التركي الحالي قد قلب أمور تركيا من دولة فقيرة مدانة لكل بنوك هذا العالم الى دولة دائنة وأصبحت الرقم السادس عشر في الدول التي اصبح اقتصادها يقود سياستها .  وأنهت حكما عسكريا مستبدا كان يحكم تركيا بالحديد والنار لاجال طويلة .. وارست حكما ديمقراطيا رضي البعض بذلك او غضب .. ووقفت مع الكثيرين من دول العالم ممن احاق بهم الظلم .. وخاصة مع الشعب الفلسطيني في محنته ابان الاعتداء الإسرائيلي على غزة .. وقد يقول قائل ان تركيا اعادت العلاقات مع إسرائيل ولكننا نقول : ان سياسة الدول ليست سياسة فردية كما يعتقد من يقول ذلك .. انها سياسة تبنى على اساسيات ربما كان فيها النفع للدولة المتصالحة مع الاخر .. وليس هذا تبريرا لتركيا لكي تعيد علاقاتها مع إسرائيل .. ولكن لان الكثير من الدول العربية تقيم تلك العلاقات مع إسرائيل سرا .. وانهم يضحكون على ذقوننا ليقولوا لنا في ادبياتهم انهم يعادون إسرائيل .. وهذا ليس صحيحا البته .. فهم الذين يجذرون وجود إسرائيل اكثر واكثر .
ومن الغريب ان الحكم التركي الحالي لم يقم بادواته العسكرية القضاء على انقلاب ربما قاد الى مذابح يعلمها الله .. ولكن الشعب الذي رضي بالحاكم ان يسوسه .. هو الذي نزل الى الشوارع بالملايين لكي يوقف الانقلاب البشع .. مما يعني ان الشعب التركي راض عن الحكم الحالي .. وان الكثير ممن يصرخون خارج تركيا لا يساوون شيئا امام إرادة شعب رضي بحكم شعر فيه بالتنفس الديمقراطي اذا جازت التسمية بعد ان ظلت تركيا في دكتاتوريتها العسكرية سنوات طوالا غدت فيه في آخر صفوف التقدم من كافة نواحيه .
ان الفصل الأخير من السياسة التركية لم يكتب بعد .. ولم يتسن له ان يظهر الى الوجود .. فتركيا اكبر قوة عسكرية في الشرق الأوسط .. يقارب عدد جيشها المليون .. وتمتلك اكبر قوة جوية في الشرق الأوسط  في اسطول يقترب من الف طائرة منها ما هو مقاتل ومنها ما هو حوام إضافة الى منظومة صاروخية هائلة …. إضافة الى قواها البحرية التي تضم العديد من الغواصات والطرادات
والفرقاطات .. وهذه القوة العسكرية بنيت زمن الحكم الحالي .. ولم يستفق الشعب التركي في ليلة وضحاها ليرى ان الجيش التركي قد اصبح اقوى جيش في الشرق الأوسط .. بل ان كل ذلك قد بناه العرق والدموع والعمل الجاد والاقتصاد الذي نما بصورة كبيرة .. في حين ان العرب جميعا لا يمتلكون ( رغم ثرواتهم ) الهائلة واحد على عشره من الترسانة العسكرية التركية .
هذه بعض من كتايات تحكي الحقيقة .. فمن أراد ان ان يعترض .. سواء كان اعتراضه دينيا او عقائديا او سياسيا او لاي شيء آخر .. فان الشمس لا يمكن تغطيتها بغربال .. ولنا فيهم اسوة حسنة .