سياسة واخبار ….
بقلم : ابراهيم ابو عتيلة – الاردن ..
منذ ان تم توقيع اتفاقية ” أوسلو ” الأولى في أيلول / سبتمبر 1993 والتي تنازل فيها القائمون على ” منظمة التحرير الفلسطينية ” حينذاك رسمياً عن 78 % من أراضي فلسطين التاريخية واعترافهم ب ” اسرائيل ” وحقها في الوجود ، وصولاً إلى تفاقية ” أوسلو ” الثانية الموقعة عام 1995 والتي قضت بتقسيم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام لكل منها ترتيبات وسلطات أمنية وإدارية مختلفة ، مع وجود نية لدى الكيان الصهيوني بعدم الاعتراف بأي حق فلسطيني على الأرض الفلسطينية ، فتلك الأرض في نظر الصهاينة هي ملكية خالصة لبني صهيون غير قابلة للتصرف أو المشاركة ، وإن كان من اعتراف بشيء من قبل الصهاينة ، فهو لا يتجاوز الاعتراف بإدارة سلطة الحكم الذاتي للسكان دون أي سيادة على الأرض ، فمع توقيع اتفاقية أوسلو الثانية يتضح المعنى بشكل جلي وواضح ، فمناطق ( أ ) التي تمثل 18% من مساحة الضفة الغرية وتضم كافة المراكز السكانية الرئيسية وتخضع لسيطرة فلسطينية أمنياً وإدارياً كاملة – نظرياً – حيث أثبتت الأحداث أن لا سيادة لسلطة الحكم الذاتي – للسلطة الفلسطينية – على تلك المنطقة حيث يخترقها الصهاينة في كل وقت يفتشون ويعتقلون ويدمرون ولا من رادع ، أما مناطق ( ب ) والتي تبلغ مساحتها 21 % من مساحة الضفة الغربية وتشكل القرى والبلدات الملاصقة للمدن وتخضع لسيطرة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية وهذا لا يعطي السلطة الحق بممارسة مهامها بالشكل الطبيعي في تلك المناطق فوضعها الأمني والإداري من وجهة نظر فلسطينية أسوء بكثير من مناطق ( أ ) ، فيما تشكل مناطق ( ج ) 61 % من مساحة الضفة الغريية وهي المناطق الوحيدة المتلاصقة وغير المتقطعة في الضفة الغربية، وتقع تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة أمنياً وإدارياً ، ولقد اصببحت هذه المنطقة مرتعاً لقطعان الصهاينة يفعلون فيها ما يريدون علاوة على تفشي السرطان الاستيطاني فيها وتضخم المستعمرات بشكل جلي وواضح ، فمنذ توقيع إتفاقية أوسلو تضاعف عدد المستوطنات والمستوطنين خمسة أضعاف مما كانوا عليه قبل عام 1993 ، مستغلين بذلك الاتفاقية والمفاوضات العبثية المراثونيية والتي لم تتجاوز كونها ملهاة للمفاوضين الفلسطينيين وللسلطة الفلسطينية .
ومع تقادم الاحتلال ظهر جلياً تناقضاً قانونياً في مناطق الضفة الغربية المختلفة في ظل التعامل بقوانين مختلفة – إسرائيلية وفلسطينية – تختلف من منطقة لأخرى ، فإن كانت سلطة الحكم الذاتي ” السلطة الفلسطينية ” تستطيع – إلى حد ما – تطبيق بعض القوانين الإدارية في مناطق ( أ ) إلا انها لا تستطيع شيئاً في بقية المناطق علماً بأن الكيان الصهيوني يتعامل مع مناطق – ( ب ) و ( ج ) – كمناطق خاضعة لسيطرته ، فمناطق ( ب ) بمثابة منطقة حدودية يهتم الصهاينة بها لأغراضهم ولخدمتهم ، وأما مناطق ( ج ) فكأنها تابعة بالكامل للكيان الصهيوني.
ومع تزايد أعداد المستعمرات الصهيونية وتزايد سكانها والذي أصبح عددهم قرابة نصف مليون مستوطن، علاوة على ما يزيد عن رع مليون مستوطن آخر يعيشون في القدس ، ومع تزايد نفوذ هؤلاء المستعمرين في مراكز صنع القرار الصهيوني ، فقد قالت وزيرة العدل الإسرئيلية ايليت شاكيد في – قبل يومين – بإنها تسعى لسن قانون “ينص على تطبيق القوانين الإسرائيلية على المستطنات والمستوطنين في الضفة الغربية” ومن أجل ذلك فقد قامت بتشكيل طاقم مع وزارة الحرب الصهيونية لبحث سبل تطبيق القوانين بعد تحويلها إلى أوامر من قبل الحاكم العسكري ، ولقد جاءت أقوال الوزيرة الصهيونية خلال “مؤتمر المنتدى القضائي لصالح أرض إسرائيل” والذي عقد مساء يوم (الأحد) .
أما على الجانب الفلسطيني فقد جاء في بيان ” لوزارة الخارجية الفلسطينية ” أن “الحكومة الإسرائيلية ” تهدف منذ زمن بعيد إلى تهيئة المناخ لفرض حقائق جديدة على الأرض، كان آخرها الدعوات العلنية التي أطلقتها وزيرة العدل في حكومة نتنياهو (ايليت شاكيد) ، كخطوة لضم الضفة الغربية لإسرائيل” وترى الخارجية الفلسطينية في دعوات شاكيد، “بالونات اختبار للمجتمع الدولي لمعرفة ردود أفعاله تجاه القرار الإسرائيلي”، مطالبة المجتمع الدولي بـ”التعامل بمنتهى الجدية مع مخاطر تلك الدعوات” فالواقع هنا يؤكد بأن تنفيذ دعوات شاكيد فيما لو تم ، يعني بالضرورة ضم الضفة الغربية للكيان الصهيوني .
ولعله من المستغرب بأن يتم طرح مشروع القانون في ظل إجماع ” إسرائيلي” متصاعد حول أهمية دور السلطة الفلسطينية في الحفاظ على أمن المستوطنين حيث يؤكد غالبية الصهاينة إن إسرائيل “ليس بإمكانها ضمان أمنها دون تعاون السلطة الأمني” والتي قامت بإحباط عشرات العمليات التي خططت لاستهداف المستوطنين والجنود” خلال الأشهر ستة الأخيرة .