فلسطين (:::)
عدنان الروسان – الاردن (:::)
في العشرين من العمر ربما أقل قليلا أو أكثر قليلا ، فتاة فلسطينية ، عربية ، مسلمة تقف دون أن يرف لها جفن و حولها عشرات من الجنود المدججين بالسلاح ، عشرات مدربين لقتال الدول العربية وتأديب إيران ، عشرات يلتفون حول صبية في العشرين من العمر ، يقولون أنها تحمل سكينا ، ربما كانت و ربما لم تكن تحمل سكينا ، و بدم بارد ، دون تردد أو تلكؤ ، انطلقت زخات من الرصاص من على بعد أمتار فترنح جسد إسراء عايد الطاهر كأنه لا يريد السقوط و ارتمى في أحضان أرض فلسطين الطاهرة التي تلقفتها بين ذراعيها ، هذه الابنة البارة التي يساوي حذائها رأس أمين جامعة الدول العربية وكل سيسي فيها .
نظرت إلى الجنود الإسرائيليين يتصارخون ، و يأخذون وضع القتال و كأنهم مقابل جيش من الأعداء و يشهرون أسلحتهم الرشاشة نحو الصبية الفلسطينية ، و تتراقص أوصالهم خوفا ، فاليهودي يبقى يهوديا ، يبقى ذلك الشيلوك الذي لا يعيش إلا على الدماء ، دماء المسلمين والمسيحيين ، لا يقدر اليهودي إلا أن يكون فامبيرا ، مصاص دماء منذ قصة تاجر البندقية شيلوك الذي كان ينتظر لكي يتلذذ بدم انطونيو الإيطالي و حتى إسراء عايد التي اطلق عليها الرصاص و هي عزلاء من كل شيء إلا من اسمها و عروبتها و اسلامها الذي بات يخيف الدنيا كما يبدو ، ثم حتى بعد أن أطلق جنود الإحتلال النار عليها صعدت روح إسراء إلى الله تشق عنان السماء فهي بالقرب من الصخرة المشرفة حيث صعد محمد صلى الله عليه و سلم إلى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى ، فصار الطريق سالكا لكل شهيد أو شهيدة و صار الصعود أهون من السقوط ، فنظرية نيوتن للجاذبية تصلح لكل شيء إلا لأرواح الشهداء العظام الذي يضيئون مشاعل النصر كل يوم نحو النصر الأكيد ، نحو الحل التاريخي النهائي للمسألة اليهودية ، الحل الذي لم يستكمله أحد ، سيستكمله الفلسطينيون العرب المسلمون الذين لن يقبلوا بأقل من أن يريحوا و يستريحوا ،لم تكن الشهادة قد كتبت بعد لإسراء فعانقت الروح سدرة المنتهى و عادت الى الجسد المسجى على الأرض ، لأن اسراء تريد أن تكون حاضرة لجولة أخرى من القتال والذود عن فلسطين.
إسراء ،سقط الجسد و ارتفعت الروح إلى بارئها و عادت ، و لم تصرخ أو تنادي على أحد من الزعماء العرب ، فهي تعلم في قرارة نفسها أنك قد أسمعت لو ناديت حيا و لكن لا حياة لمن تنادي ، بقيت واقفة صامتة ، صامدة تنظر في عيون عسكر الاحتلال ، بقايا المحرقة النازية المزعومة فتصطك أرجلهم من الخوف و تنفجر حناجرهم من الصياح و يتقافزون كالقردة ، ثم لا يتمالكون أنفسهم فيضغطون على الزناد خوفا و هلعا وتضيء شمعة فلسطينية جديدة على أرض فلسطين لتضيء السموات كلها والأرض و هي تشكو إلى الله نذالة اليهود و نذالتنا على حد سواء.
مليارات الدولارات والدنانير والدراهم و الريالات أنفقناها على تسليح جيشونا ، مليارات الساعات من الخطب الرنانة ، والزعامات الكاذبة ، والإتفاقات المزيفة مع إسرائيل ، مليارات سرقها أدعياء الليبرالية و الديجيتالية و الوطنية الكاذبة ، بياعي الأوهام ، و تجار الخصخصة واللصلصة في العالم العربي و لم يتمكنوا من سرقة لحظة نصر واحدة على إسرائيل إلا في برامج المارشات العسكرية و تمجيد الآلهة العربي من اللات والعزى إلى هبل و أخر هبل وصل إلى أرض الفراعنة ليعلن أنه قابل الله مرتين و رأى الرسول مرات و مرات ثم ابتسم ، ثم أغرق غزة بالماء المالح ، ثم ابتسم مرة أخرى قبل أن يعلن عن اكتشاف علاج كل الأمراض بجهاز اكتشفه ذات ليلة و يصنع من أمراض الناس كفتة ، هبل يحلم بالكفتة قبل أن يصير هبلا.
صمدت تلك الفتاة الفلسطينية كما تصمد كل أشجار الزيتون الفلسطيني ، لم تكن تبحث عن تسويق وكالة إعلان أو دخان أو مشروب ، و لم تكن ترجو لقاء الرئيس الخالد العظيم الذي ذهب ليفجر قنبلة في الأمم المتحدة فانفجرت فيه و رجع كما ذهب بخفي حنين ، ولم تكن تبحث عن عضوية في منظمة التحرير التي لم تعد تحرر إلا الشيكات و الصكوك و البيانات ، ولا تبحث عن وظيفة في إحدى شركات ابن الرئيس العظيم تشي غيفارا عباس ميرزا ، لقد كانت تبحث عن درس في العزة والكرامة لتلقنه من ينقصهم ذلك فوجدته و أدت دورها .
إسراء أنت عظيمة ، لقد رفعت اسم المجد عاليا ، و جعلت عنوان فلسطين العظيمة نصرا مؤكدا ، و جعلتينا نكتشف كم نحن ذكورا ولكننا لسنا رجالا و بين الرجولة والذكورة كما بين صلاح الدين و الذين هم بلا دين ، لن تضيع فلسطين و فيها نساء مثل إسراء ، و لن ينتصر قوم فيهم مثل أولئك اليهود المرعوبين الخائفين ، و من لا يصدق فليشاهد مقطع الفيديو على اليوتيوب و يرى كم كانت إسراء عظيمة و كم كان اليهود أنذالا ، أم نذالة الجامعة العربية فلا تحتاج إلى مقاطع فيديو لمعرفتها و التحقق منها.