2015:مشروع سلام أم مشروع تسوية ؟

سياسة واخبار (:::)
قلم : ناجي شراب – فلسطين المحتلة (:::)
لقد إنتهى العام 2014 بفشل الجهود العربية والفلسطينية فى تمرير مشروع قرار أمام مجلس ألأمن يطالب بوضع حد لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي خلال فترة زمنية لا تزيد عن ثلاثة سنوات، حتى فى مرحلته ألأولى بالحصول على تسعة أصوات ، وبدأ العام 2015 بعملية شارلى إيبدو الفرنسية والتى راح ضحيتها 12 من العاملين فى هذه الجريدة والتى أساءت لشخص الرسول الكريم برسومات مسيئة لا هدف منها إلا زيادة الفجوة المتنامية والمتسعة بين لعالم الإسلامى والعالم الغربى ، تحت ذريعة حرية الرأى . الفشل فى الحالة ألأولى لا يعنى توقف المحاولة من جديد أمام مجلس ألأمن لندخل فى دائرة الفيتو ألأمريكى اللولبى ضد أى مشروع قرار يقترب من إسرائيل، وفى الحالة الثانية لن تثنى عملية شارلي إيبدو من المضى قدما من قبل الجريدة فى الإساءة لمن يشكل بالنسبة لكافة المسلمين ضميرهم وكرامتهم الإنسانية والدينية  الرسول الكريم. وفى الحالتين قد تقف القضية الفلسطينية حلقة مشتركة ، ليس من منظور علاقة الصراع العربى الإسرائيلى والذى أخشى أن يتحول لصراع دينى يتجاوز الحدود الإقليمية إلى الحدود العالمية مما يجعلنا على أعتاب حرب عالمية جديدة بالفعل بدأت مع دولة داعش الإسلامية وتشكيل التحالف الدولى ضدها ، القضية الفلسطينية ليست لها علاقة باى شكل من أشكال الإرهاب ، وهذا ألإرهاب ليس قاصرا على المنطقة بل تمارسه دولا غير إسلامية وخصوصا إسرائيل التى تمارس سياسات عقابية جماعية ضد الشعب الفلسطينى . المبرر والوقود الذى يوظف هو القضية الفلسطينية ، وبدأ إدراك يتزايد لدى الولايات المتحدة وأوروبا بان لا بد من وضع حد لهذا الصراع ، ونزع أى مبرران القضية الفلسطينية تقف وراء هذه الهجمات التى يقوم بها بعضا من المسلمين كأفراد، وأنه بدون حل هذا الصراع فتداعياته ستتمدد لتشكل تهديدا لكل أمن الدول ، والدول الكبرى منها . لم يعد العالم يحتمل إستمرار هذا الإحتلال الإسرائيلى لشعب إعترفت له ألأمم المتحدة بحقه بتقرير مصيره، وحقه فى قيام دولته، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ، لكن التعنت الإسرائيلى ،وإدراكها أنها بعيدا عن أى عقاب دولى رسمى من خلال مجلس الأمن بسبب الفيتو ألأمريكى ، لم  يعد أيضا محتملا من قبل العديد من الدول الأوروبية وخصوصا الأوروبية ألأقرب لهذا الصراع. وتدرك الولايات المتحدة أيضا أنه لا يمكنها أن تستمر باللجؤ للفيتو لحماية إسرائيل، وان هذا الفيتو بدأ مردوده يعود عليها بالسلب ، وبنتائج مضرة بمصالحها فى المنطقة ، وقد يعرضها لمزيد من العمليات ألإرهابية ، واحداث سبتمبر ليست ببعيدة عن الذهن ألأمريكى ، وهذا يعنى ايضا أن الإحتلال الإسرائيلى للآراضى الفلسطينية وعدم قيام الدولة الفلسطينية كأساس لأى حل لن تدفع إسرائيل ثمنه لوحدها ، بل ان هذا الإحتلال بات يشكل ثمنا علي الولايات المتحدة.وبالمقابل هناك إدراك متزايد فى هذه الدول أن الفلسطينيين لم يعودوا يحتملوا إستمرار الإحتلال الإسرائيلى ، وأنهم مصممون على إنهائه بكل الطرق والوسائل المتاحة لديهم ، وهذا الإدراك يقف وراء إلإصرار الفلسطينيى هذه المرة بالذهاب إلى مجلس الأمن مرة تلو الأخرى ، والذهاب للإنضمام للمعاهدات والمنظمات الدولية وأبرزها المحكمة الجنائية الدولية ، وفى هذه الساحة من المواجهة القانونية والشرعية لا مجال للفيتو ألأمريكى ، وهى ساحة تعنى توسيع دائرة المواجهة ، والضغط على إسرائيل، وفرض مزيدا من العزلة الدولية عليها التى قد تصل فى مرحلة متقدمة لفرض عقوبات ليها ، وقد تدخل المنطقة كلها لمواجهة أقرب إلى المواجهة العالمية التى قد لا تقوى ليها الولايات المتحدة وأوروبا.والبديل لكل هذه التوقعات هو فى التفكير الجدى فى بلورة مشروع سلام عام وشامل أساسه المبادرة العربية ، ويكون أوسع واشمل من المشروع العربى الفلسطينى ، ويأخذ فى إعتباره متطلبات إسرائيل الأمنية ، ومن ناحية أخرى مشروع قرار تحت بند مشروع سلام تقدمه المجموعة الأوروبية بمشاركة عربية قد يشكل مخرجا لفشل المشروع العربى ، ومخرجا لعدم إستخدام ألولايات المتحدة للفيتو, وينتزع من إسرائيل اى مبرر للرفض، وقد يشكل هذا المشروع بداية لمفاوضات جديدة على أساس مرجعية هذا المشروع، و يتجاوز الدور الأمريكى ، قد يكون فى إطار وسياق مؤتمر دولى للإشراف على هذه المفاوضات. ويبقى التساؤل عن مضمون هذا المشروع وآبعاده ، ؟ وما مدى القدرة على الرفض فلسطينيا . ؟هذا ما ينبغى التحرك فى سياقه ، وألإستعداد له مع هذا العام الذى قد يكون عام التسوية السياسية للقضية الفلسطينية ، وبداية قيام الدولة الفلسطينية خلال ثلاث سنوات ، لكن من خلال التفاوض وليس مجلس الأمن.
دكتور ناجى صادق شراب
drnagish@gmail.com