الصراع داخل مجلس ألأمن !

سياسة واخبار (:::)
د. ناجي شراب – فلسطين المحتلة (:::)
ساحة المعركة الحقيقية بين الفلسطينيين والإسرائيليين هى ساحات وباحات الأمم المتحدة  وفى ساحات كل دول العالم الحر. وهى المعركة التى تعرف إسرائيل مسبقا انها الخاسرة ،لأنها لا تملك مسوغات الدفاع عن نفسها ، وتدرك ان هذه المعركة معركة الشرعية الدولية هى القوة الحقيقية التى يملكها الفلسطينيون، ولذلك سعت وتسعى لإجهاضها وتفريغها من مضامينها ، والمفارقة أن الفلسطينيين أو بعضا منهم قد ساهم فى ذلك من خلال إنتهاج سياسات إستفادت منها إسرائيل لتظهر الفلسطينيين فى ثوب الإرهاب كالعمليات داخل إسرائيل، واليوم بدأ الفلسطينيون يدركون قيمة هذه المعركة ، وقرروا تفعيلها بدءا من داخل مؤسسات الأمم المتحدة ، او من داخل برلمانات العديد من الدول التى تبنت قرارات بالإعتراف بالدولة الفلسطينية ، وحتى لو كانت هذه الإعترافات رمزية لكنها تعنى أحقية الفلسطينيين فى قيام دولتهم، وفى الإعتراف بان إسرائيل سلطة إحتلال وعليها أن تنهى هذا الإحتلال. ومن ناحية أخرى الأمم المتحدة وما تصدره من قرارات تؤكد على نفس الحق، وتؤكدأيضا أن إسرائيل سلطة إحتلال وعليها أن تنهى إحتلالها للآراضى الفلسطينية والسماح لهم  اى للشعب الفلسطينى بتقرير مصيره السياسى فى قيام دولتهم ، ونظام حكمهم الديموقراطى المدنى وهى قرارت سبق أن إتخذتها ألأمم المتحدة  ، وفى يقينى أن هذه هى المرحلة  هى ألأساس فى صراع طويل ، قد تختلف آدواته فى حال قيام الدولة ، وهذا ما تعارضه إسرائيل وتدرك خطورته لذلك لا تريد للدولة الفلسطينية أن تقوم ، وتريد تسوية نهائية لا تقوم على حل سياسى بل على حل سكانى لا يستند على مفهوم الحقوق السياسية بل على أساس خدمات إنسانية تقدم للشعب الفلسطينى ، ومن خلال توطينهم حيث ما يوجدوا. ولعل أهم ما يميز هذه المعركة أن إسرائيل بمفردها لا تقوى على مواجتها ، ولذلك تفضل المواجهة العسكرية على أرض فلسطين ذاتها ، وهنا يأتى الدور ألذى تقوم به الولايات المتحدة ،لتتحول المواجهة بين فلسطين والعرب والولايات المتحدة ، وهو ما يستوجب إدراك أهمية تغيير قواعد اللعبة الدولية ، ومراجعة الإستراتيجية الفلسطينينة التى تنتزع من إسرائيل والولايات المتحدة كل المبررات والذرائع ، وبناء إستراتيجية فلسطينية عربية شاملة مدعومة بموقف الدول الإسلامية والصديقة ،ولعل مجلس ألأمن وبدوره المحورى فى حماية السلام والأمن الدوليين ، ومن بيده السلطة التنفيذية لوضح حد ونهاية لأطول إحتلال إسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية ، ومعاملة إسرائيل كأى دولة يمكن أن يفرض عليها ميثاق الأمم المتحدة ، و الساحة ألأكثر تحديدا التى ستشهد صراعا على الشرعية الدولية .ودور مجلس ألأمن فى إلتعامل مع الصراع العربى الإسرائيلى والقضية الفلسطينية ليس جديدا وهو صاحب القرار المشهور رقم 242الذى لا يجيز ضم أراض الغير بالقوة العسكرية، بل أصدر العديد من القرارات والبيانات المؤيده للحقوق الفلسطينية ، ولكن كل القرارت التى أصدرها المجلس بقيت دون القدرة على التنفيذ بسبب الفيتو الأمريكى ، وبسبب أن كل مشاريع القرارات التى تعرض على مجلس الأمن بشأن القضية لا تخضع للفصل السادس والسابع من الميثاق والذى بموجبه يمكن أن يقوم المجلس بدوره الحقيقيى فى وقف العدوان ، ومساندة الدول والشعوب فى تقريرمصيرها، والسبب ثانية هو الفيتو ألأمريكى. وهذه المره وبعد أن فقد الفلسطينيون أى أمل فى مفاوضات يمكن أن تنهى الإحتلال الإسرائيلى ، وبرعاية أمريكية إستمرت لأكثر من خمسة عشر عاما إستغلتها إسرائيل للتوسع الإستيطانى حتى تقتل أى إمكانية لقيام الدولة الفلسطينية ، لم يبقى أمام الفلسطينيين إلا الذهاب إلى مجلس الأمن ومطالبته بالقيام بدوره، وهم يدركون أن الفيتو ألأمريكى قد ينتظر اى مشروع قرار يدين إسرائيل، ومع ذلك الشرعية الدولية لا تقف عند حدود اى فيتو ، وإلا معنى ذلك إلغاء اى دور لمجلس الأمن ،وهنا ينبغى أن نميز بين دور المجلس والذى تعبر عنه إرادة أعضائه، وبين الفيتو الذى تلجأ  إليه إحدى الدول الخمس والذى يعبر عن إرادة ومصالح هذه الدولة ، وهو ما قد يتسبب لها بأضرار فى مصالحها وخصوصا الولايات المتحدة التى لها مصالح متعددة فى المنطقة . والمهم أن نشير إلى التوقيت فى الذهاب إلى مجلس الأمن وهو توقيت مناسب، لأنه يشكل مرحلة تحولات وتهديدات عالمية بسبب التمدد الذى تشكله حركة داعش وغيرها ، والتحالف الدولى الذى شكل لمواجهة هذا الخطر، هنا لا بد من التأكيد على ان المفتاح لإستقرار المنطقة والعالم هو بحل القضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية الذى لن يتم إلا بقرار ملزم من مجلس الأمن . وقد يتسبب هذا الموقف الفلسطينيى بإثارة غضب امريكى لتخوف من المساس بمصالحها فى المنطقة وصورتها المتهاكلة أصلا ، وبالتحالف الذى أقامته من دول المنطقة ، وقد يتسبب فى خلافات مع إسرائيل وخصوصا فى وقت تذهب فيه إسرائيل لإنتخابات مبكرة ، وفى هذا السياق تأتى محاولات الولايات المتحدة ومن خلال موقف اوربى بالإلتفاف حول المشروع العربى الصريح بإنهاء الإحتلال الإسرائيلى خلال فترة زمنية محدوده ، وكما نعلم أن مشاريع القرارات المقدمة لمجلس الأمن تخضع فى النهاية لمحاولات توفيق وحلول وسط حتى يمكن أن يلقى التاييد، ويفوت الفرصة على لجؤ إحدى الدول الدائمة لحق الفيتو مما يعنى سقوط القرار. وهنا التوازن والحذر فى الصياغات العامة التى قد تلجأ لها الدول مما قد يفقد المشروع ألأصلى مضمونه بإنهاء الإحتلال.وليكن معلوما أن فشل مجلس ألأمن لا يعنى نهاية للمعركة الدولية التى من الإتساع والشمول مما تعجز معه أمريكا وإسرائيل لوقفها ،وهنا يمكن الذهاب للجمعية العامة والطلب منها بتحويل فلسطين دولة كاملة تحت الإحتلال، وبتفعيل دور الدولة الفلسطينية فى العديد من المنظمات الدولية والتى لا تملك أمريكا فيها الفيتو.وبوضع فلسطين تحت الوصاية الدولية وتحميل المجتمع الدولى مسؤولياته، لكن هذه المعركة تحتاج إلى مقومات كثيرة ، وعناصر قوة هى موضوع مقالتنا القادمة .
دكتور ناجى صادق شراب
drnagish@gmail.com