التصنيف : سياسة واخبار (:::)
شوقيه عروق منصور- فلسطين المحتلة (:::)
في كل مرة تعلن فيها حكومة نتنياهو عن قرارها بتوسيع رقعة الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة ، نرى ان ردود الفعل من قبل كافة القوى والجهات المعنية لم تتغير ، هذه الردود لم تخرج عن دائرة الاحتجاج الهلامي البارد والرفض من باب رفع العتب ، اكثر الاصوات ارتفاعاً تأتي من اطراف فلسطينية التي لا تمتلك سوى لغة التهديد اما بانتفاضة ثالثة او التوجه الى المؤسسات الدولية المختلفة .
أما الأنظمة العربية فكل يوم يمضي يؤكد بأن فلسطين وقضيتها وحتى المقدسات فيها لم تعد من أولويات اهتمامها ، لأن أمريكا جعلت هذه الدول تكفر بهذا المسار واستبدلته بخلق خطراً وهمياً أسمه ايران وسوريا والمقاومة ، واتبعته بخطر جديد اسمه ” داعش” كي يكون سيفاً مسلطاً على رقاب قادة هذه الأنظمة للمطالبة بحمايتهم من هذه الأخطار ، كما أن غالبية هذه الأنظمة اصبحت تؤمن بأن المفاوضات بين حكومات الاحتلال والسلطة في رام الله تحت سقف ورعاية امريكا هي الطريقة المثلى لحل الصراع رغم فشل هذه المفاوضات وامتدادها على مدى عشرين سنة ، لم تجد هذه الانظمة افضل من خيار عقد اجتماع للجامعة العربية الأسبوع القادم احتجاجاً على الممارسات الاسرائيلية في القدس وتضييق الخناق على المصلين في الحرم القدسي الشريف ، وقد اعلن بأنه سوف يكون على رأس جدول هذا الاجتماع اعادة بحث وتقييم مشروع السلام العربي الذي قدمه ملك السعودية سنة 2000 ورفضته امريكا واسرائيل ، هذا المشروع البالي الذي اصابه الصدأ واعتقدنا انه دفن ها هم يعدونه ويجترونه من جديد ، الا اذا كانت هناك نوايا لمسخه وتقزيمه أكثر مما هو ممسوخ .
الطرف الثاني الذي يلوح أحياناً بأعلام احتجاجية بيضاء وبأيدي مغطاة بقفازات مخملية على توسيع رقعة الاستيطان ، هذا الطرف هو مجموعة الدول الاوروبية البالغ عددها 28 دولة ، لقد اقتربت هذه الدول باحتجاجها الأخير رغم لزاجته من خطوط تعتبر من وجهة نظرها واقعة في خانة التشدد ، لكن احتجاجها حتى الآن مبهماً وسطحياً لأنه لا يمس ولا يؤثر على أية زاوية من زوايا صلب الاحتلال، غالبية هذه الدول حتى الآن لم تعترف بالدولة الفلسطينية ولم تتبادل السفراء معها ، حتى السويد التي اعترفت اخيراً بدولة فلسطين ترفض هذا التبادل ، ولا نعرف ماهية كلمة الاعتراف .
هناك حديث عن مخطط اوروبي جديد هدفه الضغط على سلطات الاحتلال لوقف ممارساتها القمعية وممارساتها في توسيع الاستيطان ، ولا نعرف حتى الآن مدى جدية هذا المخطط ، لأن هذه الدول سبق وحاولت فرض نوعاً من العقوبات على المستوطنات الاسرائيلية داخل الاراضي المحتلة ، وقد تجسدت هذه العقوبات بمقاطعة المنتوجات الزراعية والصناعية لهذه المستوطنات ، الا انه حتى الآن لا يمكن اعتبار هذه العقوبات رادعة ، فالمستوطنات على حالها وتوسيع الاستيطان في قمة توسعه ، ولو كانت هذه الدول جادة في سياستها ضد ممارسات الاحتلال لاختارت عقوبات اكثر تشدداً الكل يعرفها .
كيف يمكن لهذه الدول محاربة الممارسات الاسرائيلية القمعية والاستيطانية وهي نفسها من يقوم بدعم هذا الاحتلال من خلال تزويد اسرائيل بالأسلحة التي تحمي هذا الاحتلال وتحافظ على استمرارية ، فلولا الاحتلال لما كان هناك قمع او استيطان ، وقد اكدت صحيفة هآرتس هذه الحقيقة من خلال مقال نشرته يوم 25/8/2014 ذكرت في هذا المقال المصادر التي تستورد اسرائيل الكثير من اسلحتها منها ، هذا عدا عن الاسلحة المتطورة التي تحصل عليها من الولايات المتحدة ، هذا المقال يفند ادعاءات عدد من الدول الاوروبية عن قيامها التوقف عن تزويد اسرائيل بالأسلحة بسبب عدوانها الأخير على غزة ، خاصة بريطانيا وايطاليا واسبانيا .
حسب ما ورد في المقال المذكور فأن بريطانيا تقف في مقدمة الدول الاوروبية التي تزود اسرائيل بأنواع مختلفة من الاسلحة ، اضافة الى تقديمها الخبرة التقنية للجيش الاسرائيلي ، من بين الاسلحة التي تقدمها قطع غيار هامة خاصة بالطائرات بدون طيار من نوع ” هرمس ” كما تقوم بتزويد مصانع الدبابات من نوع مركباه بالمحركات الخاصة لدفع وتحريك هذه الدبابات ، كما تزودها بأنواع خاصة من الجنازير التي تقاوم الالغام الارضية ، وقد اكدت صحيفة “الغارديان” هذه المعلومات كما ان بريطانيا تزود اسرائيل بمحركات خاصة بالقوارب الحربية السريعة ، اما اسبانيا فقد اعترفت بانها تمد آلة الحرب الاسرائيلية بأنواع من المدافع ذاتية الحركة ، كما تزودها بأجهزة الكترونية خاصة بالرؤية الليلية ، اضافة الى اجهزة مراقبة متطورة .
اما تشيكياً فهي الأخرى لم تتأخر بتزويد آلة الحرب الاسرائيلية بالأسلحة المتطورة ، من هذه الاسلحة منظومة صواريخ تكتيكية ” توشكا” وقد استخدمت هذه الصواريخ اثناء العدوان الاخير على لبنان عام 2006 ، كما ورد اسم ايطاليا ايضا في المقال المذكور فهذه الدولة تقوم هي الاخرى بدعم آلة اسرائيل الحربية ، من بين الاسلحة التي تقدمها ايطاليا قطع غيار خاصة بطائرات التدريب ، وانواع مميزة من الذخيرة ، اضافة الى تزويد سلاح الجو الاسرائيلي بثلاثين طائرة لتدريب الطيارين من نوع ام 346 .
اما عن تزويد المانيا لإسرائيل بالأسلحة فحدث ولا حرج ، لأن زعيمتها ” ماركل ” افرغت كل عقدها ونفاقها للحركة الصهيونية لعل الاخيرة تغفر لها ولشعبها عن المذابح التي ارتكبها النازيون ضد اليهود ، ولا يهم ماركل ضد من ستوجه هذه الاسلحة ، هم اطفال غزة او اطفال القدس او الخليل ، او مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وغيرها ، لم تجد هذه الشمطاء طريقة تطلب من خلالها الغفران سوى بدعم اسرائيل بآلات القتل والدمار ، والوقوف الى جانب اسرائيل في كل عدوان تقوم به ضد الفلسطينيين او غيرها .
من الاسلحة المتطورة التي حصلت عليها اسرائيل من المانيا ست غواصات من نوع دولفين وهي احدث الغواصات في العالم ، هذا بالإضافة الى صفقات من الاسلحة ترفض الدولتان الاعلان عنها ، اما اوكرانيا فقد مدت آلة الحرب الاسرائيلية بكميات كبيرة من الاسلحة من بينها منظومة صواريخ من نوع ” اس أي 16 ” ومنظومات اخرى من صواريخ ” ستريلا” من نوع ” ساي 7 ” وصواريخ من نوع ” بي ام 21 ” اما بلغاريا فقد زودت اسرائيل خاصة من المدفعية الموجهة ذاتية الحركة من نوع ” بي130 ” .
بفضل هذا المشهد السياسي العربي الذي ينتظر نزول الرحمة عليه من اوروبا المسؤولة عن نكبة هذه الامة ، تذكرت قصة فكاهية حكاها احد الحجاج بعد عودته من الديار الحجازية قال : سألني شرطي سعودي بعد ان تعرف على هويتي المركبة من مجموعة انتماءات عن القدس واحوالها ، فأخبرته بأن الصلاة في حرمها خاضعة لمزاج وارادة اجهزة الامن الاسرائيلية ، تسنح لمن تشاء وتغلق الابواب بوجه من تشاء .
وانتفض كالعصفور ورفع طاقيته عن رأسه قم اعادها وقال : هذه …كيف تيجي هل الملك عبد الله يدري ؟؟؟؟ ونحن نسأل هل اصحاب الجلالة والفخامة والسمو يدرون بأن فلسطين محتلة .