المصطلاحات الغائبة والحاضرة في الأزمة الراهنة

التصنيف: سياسة واخبار (:::)
محمدعياش – فلسطين المحتلة (:::)
وردت في جغرافية سترابون كلمة ( إرمبي ) Arrmbi  للدلالة على العرب , ومعناها الدخول إلى الأرض أو السكن في حفر الأرض وكهوفها . هذا التعريف ليس الوحيد في البحث عن أصل الكلمة والجهد المبذول في هذا الصدد منذ زمن قديم والعودة به أي مصطلح ( العرب ) إلى إسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام . ومن ثم إلى القحطانيين والعدنانيين حتى لم يعد أحد من الباحثين التطرق له وبقي على حالته من الجدل العقيم حوله .

إن المهم بمكان تحديد الوطن العربي , لكي يتسنى لنا أن نحصر موضوعنا في هذه الرقعة الواسعة من العالم , والتي يتوقف عليها التطور والرفاهية لكل من القارة العجوز أوروبا , والولايات المتحدة الأمريكية التي عملت ما بوسعها لحماية الكيان الصهيوني وتنكرها المطلق لحقوق الشعب العربي الفلسطيني , بالرغم من قبوله الدخول في عملية السلام مستندا ً على قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة , ومع ذلك لم يستفد إلى هذه اللحظة من أي شيء ؛ على العكس تماما ً الأرض تقضم يوما ً بعد يوم وحقوقه يتم التغاضي عنها أيضا ً .

ففي الأزمة الراهنة التي تعاني منها بعض الدول العربية على خلفية ما يسمى ( الربيع العربي ) غابت عدة مصطلحات من التداول مثل , الأمة العربية , و الوطن العربي , …من المحيط إلى الخليج إضافة لمصطلح ( العروبة ) ؛ ليحل محلها مصطلحات غربية بهدف تقسيم هذا الجسد لكي يتمكنوا من التدخل في الشؤون الداخلية العربية وإذكاء نار الفتنة ما بين الأخوة العرب ؛ ومن هذه المصطلحات ( الشرق الأوسط ) أو دول المشرق والمغرب العربي ..

‘‘ الشرق الأوسط ’’ أكثر المصطلحات تداولا ً في العقلية الغربية , وعليه تتكئ الاستراتيجية الصهيو – أمريكية , والحديث أيضا ً عن الشرق الأوسط الصغير .. وحال الوطن العربي بنظر الغرب مهيأ لمثل هذه التسميات التي تدل على استمرار عملية التقسيم والتفتيت بين الدول العربية وإلغاء كثير من المسميات التي تتغنى بها الشعوب العربية وإحلال تسميات جديدة تكون بمثابة المعالم الجديدة التي ستفرض على الدول العربية فيما بعد .

حرب الخليج الثانية , أكدت مدى استعداد الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة , التدخل في أي لحظة تشعر بالخطر على مصالحها , وهذا لا يتم إلا بالسيطرة المطلقة على إرادة الحكام وجعله تابعين عن قصد وغير قصد للإرادة الغربية , مع الرعاية الكاملة لعملية ( السلام ) مع الكيان الصهيوني , والهدف النهائي للاستراتيجية تقضي بتمدد الكيان على الأراضي الممتدة بين الفرات والنيل وبالتالي على جميع العرب أن يقبلوا بهذا التقسيم . أما القضية الفلسطينية محور الصراع .. لا يوجد إلى هذه اللحظة أية نية لاستعادة أي جزء من الحقوق للشعب الفلسطيني ؛ على العكس تماما ً رفعت ( إسرائيل ) بوجه العرب شرطا ً لا يمكن للعرب ولا المسلمين أن يقبلوا به وهو الاعتراف بـ ( يهودية الدولة ) وهذا مصطلح حضر بقوة نتيجة الضعف والوهن العربي .

إن مصطلح ( العروبة ) بات طي النسيان , وذلك نتيجة لعدة عوامل منها ( الربيع العربي ) والانشغال بكثير من القضايا الخلافية التي لا يمكن حلها , وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي أعلن في عام 1991 :  “نهاية العروبة , ونصح اللذين يتغنون بهذا المصطلح أن يتبرأوا من العروبة وينقذوا رقبتهم “. والمنطقة العربية دائما ً خصبة لظهور المصطلحات فبعد التحذير من كيري , ظهرت ما يسمى , الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) الإرهابية والتي تدعمها واشنطن بقوة وآخر فصول الدعم ما تم كشفه في عين العرب ( كوباني ) عند ألقت الطائرات الأمريكية أسلحة وعتاد للإرهابيين ..

إن ما يدفعنا إلى ذكره من حقائق هو الضمير العربي الحي , الذي قل وجوده لدى كثيرا ً من الكتاب والعلماء والمتفلسفين السياسيين , ففي ظل الضعف العربي الراهن , والنشاط الغربي المحموم للأسف سنضطر لكتابة مصطلحات قادمة في كتاباتنا مثل ما أجبرنا سابقا ً على مفهوم ( الشرق الأوسط ) سنجد أنفسنا نكتب وبكل إرادة وتصميم ( الدولة اليهودية ) و ( الدولة الكردية ) ( الحوثية ) ( الداعشية ) وكل ذلك يستند على معالم قد رسمت له في المطبخ الغربي , إلى أن يأذن الله ببعث القوة من جديد في الأمة لتستعيد هيبتها وكرامتها لتنسف كل الكيانات الدخيلة والتشكيلات الهلامية التي لا أصل لها ولا جذور , وقيام الدولة العربية من المحيط إلى الخليج .. فالغرب لا يرى فينا إلا ( الصحراء والجمل ) وسكان الكهوف فهل نستطيع تغيير هذه الصورة الذهنية عند الغرب ؟

Ayash322@hotmail.com