تركيا تنتخب والسعودية تبايع

 
التصنيف : سياسة واخبار (:::)

نبيل الهتاري – اليمن (:::)

بالتزامن مع اختيار الشعب التركي لممثليه عبر صناديق الاقتراع وسط أجواء ديمقراطية تامة، نجد الوضع مختلفاً في المملكة العربية السعودية عما هو عليه في تركيا، فالشعب السعودي وكافة الأعيان والامراء بدلاً من التوجه لصناديق الاقتراع لاختيار ممثلي مجالس محليه على الأقل، إذا بهم يتوافدون للقصر الملكي بالرياض لمبايعة الأمير مقرن آل سعود ولياً لولي العهد.

إن انتخابات البلديات في تركيا كان بمثابة استفتاء شعبي عن حزب العدالة والتنمية حيث كانت التكهنات  ترجح تراجعه بنسبة كبيره، فإذا به يفاجئ الجميع بالتقدم الكبير الذي حققه، وأثبتت نتائج الانتخابات ازدياد شعبية الحزب رغم ما واجهه من عمليات تشويه من قبل أحزاب المعارضة والجماعات المتطرفة في تركيا.

وبعد انتهاء الانتخابات التركية واخيار الشعب لممثليه، يشعر الناس سواءً من أنصار الحزب الحاكم أو انصار المعارضة بالراحة والرضا، لأنهم واثقون أن الانتخابات جرت بطريقة ديمقراطية سليمة، فالأهم عندهم هو أن تنتصر الديمقراطية كما يقول كلاً من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان  والسيد مصطفى صاري غل  المرشح المعارض عن مدينة اسطنبول.
يعود بنا الحال للمشهد السعودي وعملية أداء البيعة  ونتساءل بهدوء يا ترى ما هو حال الشعب السعودي عند مشاهدتهم للشعب التركي وهو يتوجه لصناديق الاقتراع بينما هم يتوجهون لأداء البيعة ، وكذلك إني لأتساءل كيف هو شعور الشعب السعودي عندما يتوجه لأداء اليمين بالسمع والطاعة لولي ولي العهد بينما المرشحين الفائزين عن بلديات تركيا في ذات الوقت يقسمون اليمين أمام الشعب بتحقيق ما وعدوا به ومواصلة مشوارهم الحضاري في النهوض بتركيا والحفاظ على تقدمها في كل المجالات.

والغريب أيضاً هو توصيف عضو مجلس الشورى الأمير خالد المشاري لعملية اختيار الامير مقرن آل سعود ولياً لولي العهد انها بمثابة رسالة واضحة للمراهنين على أمن المملكة واستقرارها وإثبات جرئ على وجود تداول حقيقي للسلطة في المملكة.

قد يكون الشعب التركي اليوم محسوداً ليس من السعوديين فحسب بل من غالبية شعوب منطقة الشرق الأوسط على الاقل لكونه قادراً على تقرير مصيره عبر انتخابات ديمقراطية حره لا عبر من يريدهم هذا الحزب أو ذاك.

إن التنافس الشديد بين حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري المعارض في العاصمة أنقره أجبر المعارضة على الطعن في الانتخابات، وقَبِل العدالة والتنمية بذلك رغم تأكدهم من عدم حصول أي أخطاء في عملية الفرز، لكن كما يقولون فلتنتصر الديمقراطية. وهنا أتساءل هل يخطر على بال السعوديين مثلاً الطعن بالمرسوم الملكي في اختيار الأمير مقرن ولياً لولي العهد خصوصاً وأنها سابقة في تاريخ المملكة.
وأخيراً، كوني أقيم حالياً في تركيا فقد يتوجب علي شرح شعور الجالية العربية  للمواطن العربي حول الأجواء التنافسية الديمقراطية التي عاشتها تركيا على مدى اليومين الماضيين. إني لأجزم أن جميع أبناء الجالية العربية عاشوا لحظات اختلط فيها الفرح أحياناً وهم يتابعون انتخابات حرة تجري من حولهم، والحزن الشديد أنهم لم يذوقوا طعم الحرية والديمقراطية هذا أبداً في بلدانهم.

كاتب وباحث يمني