حوار مع الشيخ طارق يوسف حول صلاة التراويح جماعة في المساجد – حاوره : وليد رباح

كتابات ومواد دينية …
هل صلاة الناس التراويح (القيام) جماعة في المساجد سنة أم بدعة؟!!!
لماذا قال سيدنا عمر عن التراويح التي ابتدعها… نعمت البدعة؟
لماذا لم يؤم سيدنا عمر الناس في التراويح بل لماذا حتى لم يصلها معهم؟
لماذا قال سادتنا علي والحسن والحسين أن الجماعة في صلاة التراويح بدعة؟
من هم أهل السنة ومن هم أهل البدعة؟
لماذا قال رسول الله “صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ أفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ في مَسْجِدِي هَذا إلاّ المَكْتُوبَةَ” رغم أن الصلاة في مسجد النبي تعدل في ثوابها ألف صلاة في غيره من المساجد؟
أدعو المسلمين إلى قيام الليل أو التراويح فرادى في بيوتهم آخر الليل قبل السحور.
أدعو المسلمين إلى التجمع في المساجد للإفطار وصلاة المغرب والعشاء جماعة والاستماع للمحاضرات الدينية والاستماع لقراءة القرآن.

ما قصة صلاة التراويح ومتى بدأت ولماذا سميت بهذا الاسم؟
في الواقع جمع سيدنا عمر بن الخطاب في آخر خلافته الناس على قارئ واحد”أبي بن كعب” ليصلي بهم الصلاة التي سميت التراويح لاحقا “لاستراحة المصلين بين كل ركعتين أو أربع” فعل ذلك سيدنا عمر عندما وجد الناس يصلون قيام الليل في رمضان فرادى, وبعض الناس يصلون بصلاتهم متابعة, وليس ائتماما جماعة دون نية للجماعة, فلما رآهم عمر كذلك قرر أن يجمعهم على قارئ واحد ليصلي بهم صلاة القيام جماعة, ثم مر بهم في يوم آخر ورآهم متجمعين بشكل أفرحه, فقال تعليقا: نعمت البدعة, والتي ينامون عنها أفضل منها أي قيام الليل بعد الاستيقاظ من النوم في السحور أفضل وهاهي ذا نص الرواية في البخاري ومسلم عن عبد الرحمَن بن عبد القاريء: أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر رضي الله عنه: نعم البدعة هذه، والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون. يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله.

لماذا سمى سيدنا عمر ما فعله بدعة؟ أو ليس كل بدعة ضلالة؟
ليس كذلك فسرت..  يقول العلماء: سماها بدعة بمعناها اللغوي , وهي السنة والطريقة لأنه أول من فعلها بدعوة الناس لصلاة القيام أو التراويح جماعة, والنبي يقول من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. لكن يطرأ هنا تساؤل: إذا كان سيدنا عمر هو أول من فعلها كسنة حسنة بدعوة الناس لصلاة القيام أو التراويح جماعة في المسجد فلماذا نقل في بعض الأحاديث في  البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي صلى التراويح لمدة ثلاث ليال ثم أوقفها خشية منه أن تفرض على الناس من الله فلا يطيقوها؟ ويطرأ تساؤل: إذا كان النبي يعلم منذ الإسراء والمعراج من مكة قبل أن يهاجر أن الصلوات الخمس المفروضة لن تزيد ولن تنقص, فلماذا خشي كما جاء في بعض الروايات في البخاري أن تفرض على الناس صلاة التراويح جماعة في المسجد؟

ما هو تعريف البدعة في الشرع وفي اللغة؟
البدعة في الشرع: هي ما أحدث في الدين وباسم الدين ولم يرد فيه نص من الله ورسوله أو ورد شيئ بنقيضه أو إضافة عمل إلى الدين أو ترك شي من الدين واستبداله بعمل آخر .والبدعة في اللغة: من أنشأ شيئا على غير مثال سابق وليس في الدين ما ينقضه, والنصوص العامة تدعمه فيكون بمعنى السنة الحسنة وقد جاء في تفسيرالقرطبي “وكل من أنشأ ما لم يسبق إليه قيل له مبدع، ومنه أصحاب البدع. وسميت البدعة بدعة لأن قائلها ابتدعها من غير فعل أو مقال إمام، وفي البخاري (ونعمت البدعة هذه) يعني قيام رمضان. وفي القرطبي أيضا يقول: كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يجوز أن يكون لها أصل في الشرع أولا، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وخص رسوله عليه فهي في حيز المدح, وإن لم يكن مثاله موجودا كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف، فهذا فعله من الأفعال المحمودة، وإن لم يكن الفاعل قد سبق إليه. ويعضد هذا قول عمر رضي الله عنه: نعمت البدعة هذه، لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح، وهي وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد صلاها إلا أنه تركها ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس عليها، فمحافظة عمر رضي الله عنه عليها، وجمع الناس لها، وندبهم إليها، بدعة لكنها بدعة محمودة ممدوحة. وإن كانت في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار، قال معناه الخطابي وغيره. قلت: وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: (وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم، وقد بين هذا بقول: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء). وهذا إشارة إلى ما ابتدع من قبيح وحسن، وهو أصل هذا الباب”.انتهى كلام القرطبي وقال الطبري سمي المبتدع في الدين مبتدعاً لإحداثه فيه ما لم يسبق إليه غيره. قال ابن تيمية في “منهاج السنة”: إنما سمّاه بدعة لأنَّ ما فُعل ابتداءً بدعة في اللغة، وليس ذلك بدعةً شرعية، فإن البدعة الشرعية التي هي ضلالة ما فُعل بغير دليل شرعي كاستحباب ما لم يُحبه الله، وإيجاب ما لم يوجبه الله، وتحريم ما لم يحرمه الله”. والسؤال الطبعي هنا: ما فعله سيدناعمر إما أن يكون بدعة بالمعنى الشرعي أو اللغوي. فإن كان بالمعنى الأول الشرعي:- فهي ضلالة كما ورد عن رسول الله كل بدعة ضلالة وكل ضلالة مصيرها إلى النار . وعليه يجب أن لا يصلي الناس قيام الليل أو التراويح جماعة بحال من الأحوال حتى لا يتورطوا في ضلالة وهم يأملون الثواب. أو بالمعنى الثاني اللغوي:- فيكون سيدنا عمر أول من أنشأها وابتدأها جماعة في رمضان وعلى غير مثال سابق لم يعرفه رسول الله -وإن كان سيدنا عمر قد اعتبرها بدعة أو سنة حسنة- وبالتالي هذا يسقط الادعاء أن النبي صلاها بالناس لمدة ثلاث ليال عندما خشي أن يفرضها الله على الناس فيعجزوا عن المواظبة عليها فقرر إيقافها. وهنا يرد تساؤل: إن كان ما فعله سيدنا عمر بجمع الناس على صلاة القيام أو التراويح في المسجد ليصلوها جماعة سنة حسنة فلماذا لم يصلها معهم -كما جاء في رواية البخاري ومسلم- بل أنه أمر أبي بن كعب أن يؤم الناس وانصرف ثم مر عليهم في ليلة أخرى وهم مجتمعون فعلق بقوله نعمت البدعة؟!!. ولماذا لم يؤم الناس بنفسه وهو أمير المؤمنين على ما جرت به العادة أم أنه لم يكن متمكنا من القرآن ليقرأ بالناس قراءة طويلة؟! ولماذا قال كما جاء في الحديث في البخاري بأن صلاة الناس آخر الليل في بيوتهم بعد استيقاظهم من النوم أفضل، حيث قال” والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون. يريد آخر الليل وكان الناس يقومون أوله ؟!
وأنا أطرح على السادة العلماء والعقلاء من الناس هذه التساؤلات ليناقشوها في حيادية بعيدا عن الأهواء والتعصب المقيت ابتغاء رضوان الله:-
إذا كان النبي قد خشي أن تفرض صلاة التراويح جماعة في المسجد, فلماذا لم يصلها رسول الله آخر سنة في حياته قبل موته لا سيما بعد أن راجعه جبريل القرآن مرتين في آخر رمضان وبعد أن ثبتت الشرائع وكملت الفرائض وبعد أن أمن أن تفرض عليهم وقبل أن يمرض رسول الله مرضه الأخير بعد عودته من حجة الوداع؟ وإذا كان النبي قد خشي أن تفرض صلاة التراويح جماعة في المسجد, فلماذا لم يوص الصحابة بأن يفعلوها بعد موته بعد أن يطمئن إلى عدم فرض شرائع جديدة بعد رحيله صلى الله عليه وآله وسلم لا سيما أنه أوصى بالنساء وملك اليمين وغيرهما والله قد أمر بالوصية والنبي أمر بها أيضا؟!. ويرد تساؤل آخر: لماذا سيدنا أبو بكر لم يلتفت إلى دعوة الناس إلى التراويح جماعة في رمضانين حضرهما أثناء خلافته وقبل موته وبعد أن أمن أن تفرض التراويح جماعة بعد رحيل النبي؟! وهل كانت عدم دعوته للناس لصلاة التراويح جماعة في المسجد موافقا للسنة أم مخالفا لها أم كان غفلة منه أو نسيانا في زحمة الأعمال وقد ورد حديث الترمذي الصحيح عنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُرَغّبُ في قيَامِ رَمَضانَ مِنْ غَيْرِ أنْ يَأْمُرَهُمْ بِعزِيمةٍ ويقول: “مَنْ قامَ رَمَضانَ إيماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لهُ ما تَقدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” فَتُوِفّيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم والأمْرُ علَى ذلِكَ ثُمّ كانَ الأمرُ كَذَلِكَ في خِلافَةِ أبي بَكْرٍ وصَدْراً مِنْ خِلافَةِ عُمَر علَى ذلِكَ. (قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس) في رواية الكشميهني ” والأمر ” (على ذلك) أي على ترك الجماعة في التراويح.ولأحمد من رواية ابن أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث ” ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام ”  فطبقا للحديث السابق يتضح أن سيدنا عمر في أول خلافته لم يدع الناس لصلاة التراويح جماعة في المسجد فهل كان سكوته عن دعوتهم لصلاة التراويح في صدر خلافته موافقا للسنة أم مخالفا لها أم غفلة منه؟!! وهل كان فعل عمر بدعوته الناس لصلاة التراويح جماعة جاء بعد نظر ودراسة متأنية أم كان رد فعل عفوي عندما دخل المسجد في ليلة رمضانية, ورأى الناس يصلون في المسجد, ويشوش بعضهم على بعض, فأمر بجمعهم على قارئ واحد ويصلون جماعة بدلا من أن يصلوا أوزاعا متفرقين؟
وأتساءل: هل يملك أحد في العبادة التوقيفية أي التي حددها الله ورسوله دون النظر إلى علتها أن يضيف إليها سواء في هيئتها كفردية أو جماعية أو عددها ركعاتها, حيث كان النبي يصلي منفردا طيلة العام ثمانية ركعات كما ورد عن السيدة عائشة في البخاري, فكيف ثبت عن عمر أنه أمرهم أن يصلوها عشرين ركعة جماعة ثم زادوها في بعض الأزمان إلى 36 ثم إلى تسع وأربعين بالشفع والوتر؟!! فأين السنة؟ وأين البدعة؟ سواء في الفردية أو الجماعية أوعدد الركعات؟!

هل يشترط في صلاة الجماعة نية الإمام أم تكفي نية المأموم وحده؟
نية الإمام ضرورية . وعليه فعندما يأتي في البخاري أن النبي كان يصلي في مكانه الذي اتخذه في حجيرة  خاصة في جانب المسجد لقيام الليل كل يوم فجاء بعض الناس فصلوا بصلاته متابعة له في الحركات دون أن يصلي النبي بهم جماعة, وهم يظنون أن النبي لا يعرف أنهم يصلون بصلاته فهل تعد هذه الصلاة جماعة أم لا؟! باليقين ليست جماعة وها هو ذا نص الحديثين في البخاري ومسلم-  عن زيد بن ثابت:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ حجرة، قال: حسبت أنه قال من حصير، في رمضان، فصلى فيها ليالي، فصلى بصلاته ناس من أصحابه، فلما علم بهم جعل يقعد، فخرج إليهم فقال: (قد عرفت الذي رأيت من صنيعكم، فصلوا أيها الناس في بيوتكم، فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة). [أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته)  وعن عروة: أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة، عجز المسجد عن أهله، حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: (أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم، فتعجزوا عنها).
وأنا أسأل إخواني العلماء والعقلاء من الناس : عندما رأى النبي ما فعله الناس من الصلاة بصلاته مع ظنهم أن رسول الله لا يشعر بهم, فخرج رسول الله من حجرته الخاصة _حسب نص الحديث_ فقال لهم أيها الناس: صلوا في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة(أي صلاة الفرض) وكان في رمضان. أليس هذا أمرا من رسول الله بصلاة القيام أو التروايح في البيت يا عباد الله؟!!. ‏وفي سنن الدارمي عن زيد بن ثابت ‏ “أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال: ‏ ‏عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الجماعة” أي الفرض في المسجد يكون جماعة وأما السنن ففي البيت منفردا . فكيف إذن يعد خلاف أمر النبي سنة ومستحب؟!! لذا سماها عمر بدعة وإن كان قد اعتبرها حسنة. وأتساءل : ألستم ترون أن رسول الله ما ترك خيرا إلا ودعا إليه, وما ترك شرا إلا ونهى عنه قبل موته, وقد اكتمل الدين بموته صلى الله عليه وسلم. فكيف تكون التراويح جماعة في المسجد خيرا ولم يدع إليها رسول الله, فلو كانت خيرا لدعا إليها أو أوصى بها على الأقل قبل موته كي تصلى جماعة في المساجد بل العكس هو الذي حدث!! فقد أمر المسلمين بصلاتها في بيوتهم وصرفهم من المسجد.. أليس هذا نهيا ضمنيا؟ ويرد تساؤل آخر: ألم يقل رسول الله ” تركت فيكم ما إن تمسكتم به فلن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي” أي خاصتي وأتقى أهل بيتي وأعلمهم. رواه أحمد والترمذي والطبراني ومعناه في صحيح مسلم حيث قال رسول الله: ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب اللَّه، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب اللَّه واستمسكوا به> فحث على كتاب اللَّه ورغب فيه. ثم قال: وأهل بيتي وقد اعترف الحافظ ابن كثير في تفسيره بصحة الحديث في القديم ونصر الدين الألباني في كتابه الأحاديث الصحيحة. وقد نقل الشوكاني في كتابه نيل الأوطار عن عترة النبي أي أئمة آل بيته أن الجماعة في صلاة التراويح بدعة وقالوا التجميع فيها بدعة. فإذا ثبت أن عترة رسول الله وأئمة آل بيته يعدون الجماعة في صلاة التراويح بدعة, والنبي قد ثبت عنه الأمر بالتمسك بالقرآن وعلماء أهل بيته لنأمن من الضلالة… أليس في عدم الاعتداد بقولهم ضلالا إن لم يكن الضلال بعينه؟!!

بعد كل ما أوضحتم هل يمكن أن تسمي صلاة تجمع المسلمين بشكل جميل بدعة؟ أليس نهيا عن الصلاة والله يقول أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى؟
أولا:  مطالبة الناس بالتوقف عن الجماعة في المسجد في صلاة التراويح ليس نهيا عن الصلاة بل نهيا عن صلاتها جماعة في المسجد, وليس فرادى في البيت كما أمرهم رسول الله. وأنا أدعو الناس إلى صلاتها في البيت وأقول  صلاة قيام الليل أو التراويح مستحبة وسنة مؤكدة طيلة العام وهي أشد استحبابا في رمضان لقول رسول الله ” مَنْ قامَ رَمَضانَ إيماناً واحْتِسَاباً غُفِرَ لهُ ما تَقدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ” فأنا أحذر من الجماعة في صلاة القيام أو التراويح أما صلاتها في البيوت فرادى آخر الليل فهو مستحب وأنا أؤكد عليه, وسيدناعمر نفسه أشار إلى هذا المعنى حين قال: والتي تنامون عنها أفضل من التي تقومون.والنبي نفسه نهى عن الصلاة في أوقات معينة مثل عند شروق الشمس وعند غروبها, فإذا أعد شخص نهي رسول الله عن الصلاة في هذه الأوقات نهيا عن الصلاة يكون سابا لرسول الله والعياذ بالله. فضلا عن نهيه (ص) عن الصيام يوم العيد, ومن صام فقد فعلا حراما فهل هذا نهي عن الصوم!!!

هل أنت لا تريد تجمع المسلمين في المساجد في رمضان؟
سيدي الكريم أنا أدعو المسلمين رجالا ونساء لصلاة العشاء جماعة في المساجد لأنها صلاة مكتوبة ومفروضة. وأدعوهم إلى سماع المحاضرات الدينية وهم مجتمعون بشكل جميل, والاستماع إلى القرآن من القراء ذوي الأصوات التي تخشى الله, وتوجيه الأسئلة للعلماء لقوله صلى الله عليه وآله وسلم” وَمَنْ سَلَكَ طَريقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً، سَهّلَ الله لَهُ طَرِيقاً إِلَى الْجَنّةِ، وَمَا قَعَدَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ يَتْلُونَ كِتَابَ الله، وَيتدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إلاّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السّكِينَةُ، وَغَشِيتْهُمْ الرّحْمَةُ، وَحَفّتْهُمْ المَلاَئِكَةُ، وذكرهم الله فيمن عنده” فإذن أنا مع تجمعهم ودراستهم للقرآن والدين في المساجد أما الجماعة في التراويح فلا وألف لا, وإلا نكون قد علمنا رسول الله ما فاته ونسيه وغفل عنه إذ لم يوص بها أن تصلى في المساجد والعياذ بالله, رغم أننا صعاليك بجواره صلى الله عليه وآله وسلم ولسنا أتقى وأخشى لله منه. وهناك حل أو اقتراح لمن يريد أن يصلي جماعة, فعليه أن يقضي ما فاته من صلوات قضاء, كأن يصلي الناس كل يوم بعد صلاتهم للعشاء قضاء صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء 17 ركعة قضاء لما تركوه إهمالا من صلوات فرض, لأن فرض الصلاة الذي يتركه المسلم يظل دينا في عنقه عليه أن يقضيه ما استطاع إلى ذلك سبيلا كما هو رأي الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وقبلهم علماء آل بيت رسول الله. وهذا يحدث في بعض المساجد في أنحاء متفرقة من العالم الإسلامي.

ما الدافع وراء إذاعتك بأن التراويح بدعة أليس هذا فتنة للناس؟
سيدي العزيز قال رسول الله ” إِنّ الدّينَ -وفي رواية أخرى- الإسلام بَدَأَ غَرِيباً وَيَرْجِعُ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَتِي” وفي رواية لأحمد والطبراني (طوبى للغرباء قالوا من هم يا رسول الله قال صلى الله عليه وآله وسلم :أناس صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم)فليس الغرض الفتنة وعمل قلاقل, وإنما محاولة إعادة الناس إلى سنة رسول الله الحقيقية, وتذكرتهم بما ينفعهم حتى لا يفاجئوا يوم القيامة بأن صلاتهم للتراويح جماعة في المساجد صارت هباء منثورا, والله يقول عن أناس قدموا أعمالا إيجابية وربانية في ظاهرها, وكانوا ينتظرون عليها الثواب يوم القيامة فقال الله “وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا” ويقول رسول الله “كم من قائم حظه من صلاته التعب والنصب” أخرجه النسائي من حديث أبي هريرة وفي رواية “رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر” فأنا إشفاقا على إخواني المسلمين.. أدعوهم إلى أن يصلوا القيام أو ما سمي التراويح فرادى في البيت كما أمرهم رسول الله “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا” وأبلغهم هذا حتى لو كان نقيض هواهم وتقاليدهم وعمل آبائهم الأولين, ولو أدى ذلك لثورتهم وسخطهم على وإساءة الظن بي.
أليس مخالفتك لأهل السنة في صلاة التراويح جماعة وغيرها تضعك في دائرة الشبهات؟
قبل أن تصفني بالمخالفة لأهل السنة لا بد أن نعرف من هم أهل السنة ومن هم أهل البدعة؟ اقرأ كيف أجاب الإمام علي بن أبي طالب من سأله عن هذا في كتاب كنز العمال للمتقي الهندي (فعن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه قال: كان علي يخطب فقام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين! أخبرني من أهل الجماعة؟ ومن أهل الفرقة؟ ومن أهل السنة؟ ومن أهل البدعة؟ فقال: ويحك! أما إذ سألتني فافهم عني، ولا عليك أن لا تسأل عنها أحدا بعدي، فأما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا، وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله، فأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ومن اتبعهم وإن كثروا، وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله لهم ورسوله وإن قلوا وإن قلوا، وأما أهل البدعة فالمخالفون لأمر الله ولكتابه ورسوله، العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا، وقد مضى منهم الفوج الأول وبقيت أفواج، وعلى الله قصمها واستئصالها عن جدبة الأرض).  إذن سيدي أنا من أهل السنة وإن خالفني الناس بأهوائهم وتقاليدهم حيث أدعوهم إلى ما أمرهم به رسول الله لصلاة القيام أو التراويح في بيوتهم.

كيف يمكن أن تقول أن كل المسلمين في العالم والسعودية والكعبة والمسجد النبوي مخطئون في صلاتهم جماعة التراويح؟
سيدي يعرف الرجال بالحق, ولا يعرف الحق بالرجال, والحق يعرف بأدلته وبراهينه وليس بكثرة عدد الأصوات, والنظام البنكي في السعودية ربوي وليس إسلاميا فهل هذا يجعل الربا حلالا؟!, وتوارث الحكم فيها ليس إسلاميا فهل هذا يجعله نظاما إسلاميا لكون بلد الحرمين تفعله؟!, والمسجد النبوي القديم بدون التوسعة ممتلئة حوائطه وسقوفه بالزخرفة والكتابة, فهل هذا يجعله شرعيا؟!, ونظام الكفيل المذل وفيه من العبودية ما فيه يجعله إسلاميا؟!, إذن العبرة بالدليل من القرآن والسنة وليس من أفعال الناس هنا أو هناك تؤخذ أحكام الدين.
هل رأي عائلة رسول الله وعلماء بيته ملزم في شأن الجماعة في التراويح أنها بدعة ؟
أولا أنا لا أتكلم عن أي شخص من أهل بيت رسول الله , إنما أعني علماء وأئمة آل بيت رسول الله كالإمام علي والحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ,والقرآن يقول “إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا” ويقول ” قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى” ورسول الله يقول ” يا أيها الناس إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي” وأحاديث كثيرة في الثناء عليهم. فالأخذ بالقرآن وبتفسير علماء وأئمة أهل بيت رسول الله يجعلنا آمنين من الضلالة. وإذا قلت إن التراويح جماعة سنة مستحبة, فإنني أكون متهما هؤلاء عترة رسول الله وعلماء أهل بيته علي بن أبي طالب والحسن والحسين بأنهم لم يفهموا الفارق بين السنة والبدعة والعياذ الله وهم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

إذن لماذا لم يمنع علي ابن أبي طالب في زمن خلافته صلاة الجماعة في التراويح إذا كانت بدعة؟
لقد وردت روايات أنه حاول منعها لكن ثار الناس وقالوا: ينهى عن الصلاة وينهى عن سنة عمر.. فسكت, نظرا لأن الإمام عليا كان مشتبكا مع مناوئيه الذين قاتلوه سواء في حرب الجمل أو النهروان أو صفين. وحسبه أنه قال للناس: ما هي سنة رسول الله في القيام فرادى في البيت ولم يتبعوها, والإمام لن يسوق الناس بالكرباج ليعملوا بسنة رسول الله, ولا توجد رواية واحدة صحيحة تقول إن الإمام عليا وأهل بيته صلوها مع الناس في المساجد, بل عبد الله بن عمر بن الخطاب وسيدنا عمر نفسه مبتدعها كان لا يصلي مع الناس التراويح جماعة في المسجد .

أليس النبي قد أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين وأن التراويح كان من سنة عمر وهو خليفة راشد؟
أولا : حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين حديث ضعيف لأسباب كثيرة أولا هذا الحديث تفرد به في دنيا المسلمين العرباض بن سارية حيث يقول :قام فينا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ذات يوم ، فوعظنا موعظة بليغة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون . فقيل : يا رسول الله ، وعظتنا موعظة مودع فاعهد إلينا بعهد . فقال : عليكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا ، وسترون من بعدي اختلافا شديدا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم والامورالمحدثات ، فإن كل بدعة ضلالة” فإذا كان رسول الله خطب في الصحابة فلماذا لم ينقل هذا الحديث إلا العرباض الذي لا يعرف عنه إلا القليل وليس من كبار الصحابة ولم يرو له البخاري ومسلم حديثا واحدا. وقد شكك في صحة هذا الحديث ابن القطان كما جاء في مصابيح السنة. وليس هناك راو من رواة هذا الحديث عن العرباض إلا فيه جرح أو جهالة. ثم إن الحديث إن صح جدلا يأمر باتباع سنة رسول الله وهو أمر ص بصلاة القيام في البيت ولم يوص بصلاتها جماعة في المساجد بعد موته. ثم إن أبا بكر المفترض أنه من الراشدين وسنته تركها جماعة فهل نتبع سنة النبي وأبي بكر أم سنة عمر,  وسنة عمر في البداية كان ترك الجماعة في التراويح فهل نتبع سنته في بداية خلافته أم في آخر عهده, وإن كان الأصل لا سنة إلا سنة المصطفى رسول الله والله يقول” فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر”.

هل صلاة الناس في المسجد أفضل أم في البيت؟
سيدي الفريضة في المسجد أفضل لا شك لكن النفل كالتراويح في البيت أفضل, واسمع هذا الحديث الذي رواه أبو داود قال رسول الله “صَلاَةُ المَرْءِ في بَيْتِهِ أفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ في مَسْجِدِي هَذا إلاّ المَكْتُوبَةَ” والصلاة في مسجد رسول الله تعدل ألف صلاة في غيره من الثواب, فحينما أدعو الناس لصلاة التراويح في بيوتهم فإنني أدعوهم إلى ثواب مضاعف على صلاتهم في مسجد رسول الله في المدينة بل وأكثر  ألف مرة من ثواب صلاتهم في المساجد العادية. والسبب في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها انفراد مؤديها ـ  في جوف الليل في بيته ـ بربه عزّ وعلا يشكو إليه بثه وحزنه، ويناجيه بدعائه بحاجاته حتى يأتي على آخرها ملحّاً عليه، متوسلاً بسعة رحمته إليه، راجياً لاجئاً، راهباً راغباً، منيباً تائباً، معترفاً لائذاً عائذاً، لا يجد ملجأً من الله تعالى إلاّ إليه، ولا منجى منه إلا به. لهذا ترك الله السنن حرة من قيد الجماعة ليتزودوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، كل فرد على قدر طاقته. أما ربطها بالجماعة فيحدُّ من هذا النفع، ويقلل من جدواه.

لكن البعض يقول إن صلاته –جماعة- التراويح في المسجد تشجعه على الصلاة ولو تركها للبيت فربما تكاسل ولم يصلها؟
سيدي الكريم.. القيام أو التراويح ليست فرضا , والإنسان على ما اعتاد عليه, ولو أن المؤمن بدأ يستحضر قول رسول الله في ثواب قيام الليل في البيت والانفراد مع ربه في الليل البهيم سيعتاد على قيام الليل في بيته ليس في رمضان فقط ولكن طيلة العام, كما كان النبي وبعض أصحابه يفعلون .. اقرأ قول الله تعالى : (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار) وبالتالي لا يقضي المسلم المؤمن وقته في تدخين الشيشة على القهاوي, ولعب الورق والطاولة والغيبة والنميمة, ولا تقضي السيدات والفتيان والفتيات الوقت طيلة الليل في البيت في مشاهدة الأفلام والمسلسلات على الفضائيات المختلفة حتى ليخيل للداخل عليهم أن يقول لهم ولهن -من إصغائهم للمسلسل وخشوعهم أمام التلفاز- أن يقول لهم استقيموا يرحمكم الله!!!

يقول البعض إن صلاة الليل يستحب فيها التطويل وهم لا يحفظون كثيرا من القرآن ماذا يفعلون؟
يمكن أن يحمل المصحف في يده ويقرأ لا بأس بذلك في صلاة النفل , والعبرة ليس بالطول, وإنما بالفهم والتفكر في المعاني, فلعل صلاة قصيرة أفضل آلاف المرات من صلاة طويلة لا تغير من سلوك الإنسان إلى الأفضل, والنبي وصف الخوارج بأنهم كفار, بالرغم من أنه قد وصف صلاتهم بالطول, وأن المسلم العادي يحتقر صلاته إذا ما قاسها إلى صلاتهم الطويلة.

أخيرا ..البعض يقول أنك تدعو إلى الشيعة من خلال مواقفك الفقهية؟
من فضلك استمع لخطب الجمعة الموجودة على اليوتيوب لترى حجم الانتقاد الذي أوجهه للشيعة ومواقفهم. فليس كل من أحب أهل بيت النبي واتبعهم شيعيا وينبغي أن نكون كأهل سنة أغلب الناس اتباعا للنبي وأهل بيته الأكرمين وإلا صار ادعاؤنا حبهم هراء لا شك فيه.