منوعات ….
بقلم : بكر السباتين – الاردن ….
“غرور مبدعة مهجورة”
النص الفني المعقد من السهل كتابته؛ لأنه يُكتب وأنت تنظر فقط إلى نفسك، فلا تخرج من غيبوبة التأمل إلا ببعض رموزك المبهمة التي تحتاج إلى عدة مفسرين ليصلوا إلى المعنى.
لكن تبسيط النص ليكون سهلاً ممتنعاً فهو التحدي والاختبار الحقيقي، لأنك بذلك تكون صاحب غواية جاذبة من خلال الصور الفنية التي توضح الرؤية فلا تزيدها تعتيماً.. فتشارك من خلال ذلك القراء ليتفاعلوا مع رؤيتك في الفضاء المفتوح، وهنا يكمن سر أن كثيراً من الكتاب يندثرون وهم يدورون حول أنفسهم، متوهمين أنهم يمتلكون سر الإبداع.
إحدى هؤلاء ناقشتني عبر البريد الخاص وخلصت في رأيها إلى أن سبب نفور القراء من نصوصها يعود إلى أنها حالة خاصة في الأدب لا تبارى(!!!!!)، فجاملتها قائلا: هذا صحيح بالنسبة لك، إذن لا تطلبي رأي أحد من النقاد فهم بالقياس إليك صغار ولا يمتلكون تلابيب اللغة كما هو الحال معك!!! هذا ما دمت تصرين على أنك مالكة لأسرار الإبداع وتحسنين الإبحار في اللغة كالسندباد. فصدقت المسكينة نفسها ومضت.
***
الصواريخ التي أطلقت من سيناء إلى إيلات ما هي إلا شموع فرح تضيء قلوبنا بالأمل في التحرير من نير الاحتلال، وعسى توقظ الخونة من رعونتهم قبل أن تأخذهم الخيبة إلى مزبلة
***
أقولها للملقي وقد كشر عن أنيابه في وجه المواطن الفقير:
هل رفع الأسعار هو الحل في نظرك!؟ على من صنعوا الأزمة أن يتحملوا وزرها.. أقصد الفاسدين الذين نهبوا البلد.. كلنا نعرفهم! وللعلم فإن تفاقم الأزمة مرهون بتصاعد المواقف من النتائج! هذه معادلة خاب من لا يفهمها..
***
“عشتار تحتسي القهوة في المقهى” رواية قيد التأليف
روايتي الجديدة تتحدث عن فنان يدعى ماهر زين ، كان يُعِدُّ رسالة ماجستير في الفن التشكيلي بإحدى الجامعات الإيطالية، وهذه الجامعة كانت حينذاك تشرف على مشروع تطبيقي له علاقة بالأساطير الكنعانية شرق المتوسط. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الجزيرة المتوسطية يرتبط تاريخها القديم بفلسطين.. وفي سياق رسالته كان ماهر زين يقوم بعمل بحث عن فن النحت عند الكنعانيين، من هنا جاء اهتمامه بالرسومات والمنحوتات التقريبية التي وصلتنا من أعماق التاريخ عن آلهة الحب والخصب عشتار. ومنذ انشغاله برسم إحدى هذه الصور وشخصية عشتار تستحوذ على مشاعره، لا بل وتغشاه في المنام. وذات يوم بينما كان يقضي إجازته في جبل اللويبدة بعمان فوجئ بإحدى الفتيات التي تشبه عشتار تماماً وفق ما جاء في المخطوطات التراثية، تمر من أمامه مع صديقة لها تنافسها في البهاء، وكان حينها منشغلاً بتدخين الأرجيلة.
ومع الأيام استطاع أن يتعرف عليهما، فشبيهة عشتار كانت قادمة من مدينة عكا المحتلة، أما صديقتها فكانت قادمة من مدينة الخليل وهما تدرسان هندسة العمارة في إحدى الجامعات الخاصة، والطريف أن الفنان ماهر زين يقع في غرامهما، وتأخذنا الصراعات في مستوياتها الداخلية والخارجية إلى منطقة التناقضات الفكرية والطبقية والوطنية من خلال صراع الفتاتين على حبيب القلب، ذلك الفنان الذي يتسع قلبه لكل حوريات الشعر، وقد قتلته الحيرة ما بين حبيبته العكية، التي تشبه بجمالها وعبق شخصيتها، عشتار الأسطورية القادمة من غابات الصنوبر في الكرمل، أو الفتاة الواقعية المطعمة بسنابل الحياة التي تغطي ربى الخليل.. وقد تخلل أجواء الرواية أحداث تصاعدت فيها الأزمات السياسية والاجتماعية.
ويتجلى المكان في هذه الرواية ما بين جزيرة كريت وعمان وعكا والخليل.. أما الزمان فهو العام 2016 إضافة للزمن المتشظي القائم على ذاكرة النكبة… وما زالت الأحداث تتوال باتجاه خاتمة أتمنى لها التوفيق.
***
تجالس أحد الأغنياء من أصحاب السلطة والجاه، وتسأله عن حاله من باب المجاملة، وأنت تكرر عبارة “ما شاء الله” حتى لا يتهمك بالحسد، فيجيب وهو يضرب أخماساً في أسداس :”والله الحال زفت يا صيقي ” ولتغيير الموضوع تسأله عن تجارته التي انتشرت أخبار نجاحاتها بين الأصدقاء فيرد بأسى وكأنه فقد عزيزاً:
“واقف حالها! أخوك (إدّمر)”.
وعن أولاده:” مغلبينو”
وماذا عن أم الأولاد من قبيل السؤال عن حال الأصدقاء ومجاملتهم:
” ما تذكرني بقرفها”.
ثم تسأل الخادم الذي يعمل لديه حتى تخرج صاحبنا من موقفه المليء بالتذمر والمشع بالطاقة السلبية، فيجيبك الخادم عن كل سؤال، والابتسامة لا تفارق محياه، واضعاًً راحة يده على صدره النابض بالحياة:
“الحمد لله أحسن من غيري”
ثم يقبل يده مكملاً:
” هينا بنشتغل وعلى الله التوفيق”
والأولاد:” عايشين زي الأمراء”
والزوجة:
” ملكة البيت أم خليل”.
هذا هو الفرق بين التفاؤل مع الرضى، والتذمر مع اليأس. أتركوا المتذمرين حتى لا يحبطونكم وابحثوا عن الأمل ولو في قلب عصفور يطير.
***