منوعات ….
بقلم : عبد القادر رالة – الجزائر ….
كنت في صغري ارافق أمي الى الجنائز ، أو الأعراس ، إلى الأقارب ، أو الطبيب ، فأجلس بين النسوة الباكيات ، المتذمرات و الشاكيات ، أستمع اليهن يتبادلن الشكاوي ، وندب حظهن الأسود في الحياة ، ومن الأزواج ، والسكن ، والملابس والحلي ، ولا واحدة امتنت وشكرت الله أو زوجها ! والمدهش انهن سواء كأنهن يعشن في بيت واحد ، أو زوجات رجل واحد ، ورغم تباين أحوالهن واختلاف الاحياء التي يسكننها !
واجتزت الطفولة الى الشباب سريعا ،رغم ان المدة طويلة ، عشرون سنة ، ثم تزوجت ، وحينما تزوجت عاينت شكوى المرأة بنفسي ، إذ ألفيت زوجتي تشتكي بسبب أو أخر ، جدي أو تافه وهي لا تختلف عن الأخريات من خالاتي أو الجارات ، رغم انها ابنة هذا العصر ويفصلها عن زمن عماتي وقريباتي عشرون سنة أو اكثر! ربما اتفهم شكاوي أمي من ابي لقلة المال وضيق الحال ، لكن زوجتي فإني مستور والحمد لله !
وزوجة رئيس البلدية ، اهم شخصية في مدينتنا الصغيرة دائما تشتكي من الزوج ، والبنات اللواتي لم يتزوجن!
وزوجة خالي الفقير تشتكي من بختها ، إذ أنها كانت في بيت والدها ـ الفقير أصلا ـ تأكل كذا وكذا من طيبات الارزاق ، وهي الآن تكاد تموت من الجوع هي وابنتها الصغيرة . وايضا هي زوجة عمي المرفه ذو المال ، ومحل الملابس الكبير فهي دائما تشتكي ، فهي تأكل وتلبس لكن ليس مثل الأخريات ، كزوجة المقاول أو الطبيب ، وعمي لا يأخذها معه للتسوق أو الاستجمام!
زوجة الإمام ، وهي جارة لنا ، فلما تزور أمي بين الحين والأخر ، تشتكي من قسمتها ، فلا هي تلبس جيدا ، ولا تأكل ما تشتهي ، والبيت ضيق ….وأجرة زوجها قليلة!
أما المعلمة المتعلمة زوجة المعلم ، فهي أكثر النساء الشاكيات ، فمن زوجها المنشغل دائما بالكراريس والدروس الخصوصية ، دائما بعيد عنها رغم انهما يسكنان معا ….
عبدالقادر رالة/الجزائر