حدث معي في مناسبة عزاء ..مفارقة عجيبة تثير الانتباه !!!!! بقلم : بكر السباتين

منوعات ….
بقلم : بكر السباتين  ….
في إحدى مناسبات العزاء.. وقبل دخولنا الصيوان ورغم ألم الأسنان الذي استهلك كل تركيزي، وقعت عيني على سيارة كان صاحبها منهمكاً على توزيع كتب من القطع المتوسط؛ ظننت لوهلة بأنها من تلك الأدعية التي توزع عن أرواح الأموات وتكون عادة بعدة أحجام، ولازدحامها في هوامش مكتبتي صرت لا أتحمس لأخذ نسخ منها فربما يستنفع بنها غيري.
ولمعرفتي بهذا الرجل.. فقد غشيته وصافحته بحرارة دون انتباه لما بين يديه، ثم استدرت إلى حيث يجلس أهل العزاء، وفي النهاية استقر بي الحال وصاحبي للجلوس جانباً وتجاذبنا أطراف الحديث بهدوء في مناسبة افتقدنا فيها رجلاً يحبه الناس..
أثناء ذلك كانت أضراسي الملتهبة تشتت كل انتباهي من هول ما باغتني من ألم شديد، وعلى غير عادتي آثرت الصمت المطبق، لذلك فاتني مشهد كيف نزل موزع الكتب من السيارة مقبلاً إلينا، ومن بعيد نادى على صاحبي الجالس بالجوار..كأنه يماحكني دون أن أعر الأمر انتباهاً.. وقام بإهدائه نسخة من كتابه كأنه يقول “هذا الذي يستحق هذا الكتاب وليس ذاك الكاتب (وهو يستحق فعلا)”
لكن الذي أثار انتباهي هو حينما اسنوقفه بعض الرجال من الكبار وزناً وسناً, والمحسوبين على عشيرة المتوفى، كانوا يجلسون آخر الصف على محاذاتي… حيث عاتبوه بشدة على تجاهله لي كوني كوني ناقداً جادًا، فتحول انتباهي إليهم وقد ألجمني ألم الأضراس بعض الشيء لكنني دهشت به بهمس لهم مغتاظاً: ” هذا الكاتب تجاهل كتابي أثناء مصافحته لي عبر النافذة”.
فأشفقت عليه في سري كونه وإن اختلفنا يظل مثار محبتي وهو رجل يجمع بين الاجتهاد وخفة الظل، فكيف بي أتجاهل هدية كاتب اجتهد بغض النظر إن كان منتجهه من أمهات الكتب أو مجرد ثرثرة لا مكان لها في دائرة اهتمامي، فأنا احترم الكلمة فما بالك وهي في هذا المقام ستعيدنا إلى الذاكرة الفلسطينية المنتهكة بالأكاذيب من كل جانب!.
إذن هذا الكتاب لم يكن مجرد أدعية تتكرر في مثل هذه المناسبات!؟ فلو كنت أعلم بأنها كتاب لقمت رغم الألم الذي كان يعض انتباهي لدرجة الهذيان وطلبت نسختي لمجرد أنها كلمة تعب عليها صاحبها.أما كتب الأدعية فهي تملأ المكتبة عندي وجوارير المكتب فغيري أولى بها ويكفي الميت منا الدعاء..
وحالما عدت إلى البيت قررت أن أقدم عن الكتاب نبذة تشجيعية بعد تصفح قليل من النسخة المهداة لصاحبي.. ربما شدني عنوان الكتاب كونه يتحدث عن الذاكرة الفلسطينية، أما محتواه فلذلك وقفة أخرى أقلب من خلالها المحتوى للحديث عما فيه من قيم وثغرات.. هذا إن كان لدي الوقت الكافي..