آفاق تفكك الحزب الجمهوري – بقلم : جيمس زغبي

منوعات ….
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن ….
انطوى الأسبوع الماضي على حالة من الجنون السياسي، وبدا مضطرباً، وبطرق شتى مشؤوم بالنسبة للحزب «الجمهوري»، بدرجة ربما تجعلنا نشهد تمزقاً قاتلاً داخله. وقد بدأ الأسبوع بمراوغة دونالد ترامب الكارثية إزاء تقديم إدانة صريحة لأخوية «كو كلوكس كلان»، العنصرية التي تنتهج العنف، وانتهى بإعلان عناصر من «مؤسسة الحزب الجمهوري» الحرب على ترامب، وبينهما يوم «الثلاثاء الكبير»، الذي فاز فيه رجل الأعمال المثير للجدل بمنافسات تمهيدية في سبع ولايات أخرى. وفي يوم الأربعاء، شن أيضاً مرشح الحزب «الجمهوري» في الانتخابات الرئاسية عام 2012 «ميت رومني»، هجوماً شرساً على ترامب، معلناً أنه لابد من الحيلولة دون فوزه بترشيح الحزب. وفي يوم الخميس شارك المرشحون «الجمهوريون» الأربعة بـ«ديترويت» فيما يمكن وصفه بـ«أقبح وأقذر وأحقر» مناظرة رئاسية في التاريخ الحديث، والتي يمكن وصفها في بعض الأوقات أيضاً بأنها «الأكثر سخافة».
ولا يوجد أدنى شك في أن ما حدث كان بمثابة جرس إنذار لـ«مؤسسة الحزب»، ولاسيما أن المرشح المتقدم ليس محافظاً. وفي الحقيقة، وقد اتخذ مواقف أثناء حملته لا تنتهك فحسب النهج المحافظ، ولكن كثيراً منها أيضاً يجافي المنطق والعقل أصلاً، مثل بناء سور وإجبار المكسيك على دفع مقابله، وفرض تعرفة جمركية بنسبة 35 في المئة على الواردات الصينية، هذا من بين مقترحات شاذة أخرى كثيرة. والأفظع من ذلك، أن ترامب شخص غني ولكنه «سوقي الذوق والعادات» ويمثل إحراجاً بسبب أسلوب حياته وقيمه ولهجته التي تجرح مشاعر النخبة «الجمهورية»، وهو ما يجعلها في حالة من الرعب بسبب حقيقة أنها لا ترى طريقاً آخر واضحاً للمضي قدماً بالحملة.
وفي البداية تسامحت قيادة «الجمهوريين» مع ترامب، وخاصة أن أسلوبه «الفج» أثار الحشود، وجذب بصورة خاصة الناخبين البيض من الطبقة العاملة الذين يشعرون بانعدام الأمان السياسي أو الاقتصادي. ولم تُقرع أي أجراس إنذار لأن «المؤسسة الجمهورية» كانت قد شاهدت مثل هذه المسرحية المثيرة في الانتخابات السابقة مع أشخاص مثل «سارة بالين» و«مايكل باتشمان» و«هيرمان كين» وسائر شخصيات «حزب الشاي». وربما أدرك «الجمهوريون» أن بمقدورهم خوض هذه اللعبة من جديد. فهم في البداية يشعلون حماسة الطبقة العاملة من البيض ممن يهتمون لحزمة من القضايا، مثل الإجهاض والقيم المسيحية، والخوف من «الآخر» كالسود والمسلمين والمهاجرين غير الشرعيين، لكي يستفيدوا من هذه الطاقة في مساعدة المرشحين الذين تدعمهم «المؤسسة» على الفوز.
وقد أخبرني أحد المخططين الاستراتيجيين «الجمهوريين» في السابق بأنه خشي مواجهة ترامب لأنه لم يرغب في أن يخسر الناخبين الذين أدخلهم رجل الأعمال المثير للجدل في أحضان الحزب. وكذلك أعرب الأسبوع الجاري وزير التعليم الأسبق «ويليام بنيت» عن رأي مماثل تماماً قائلاً: «لطالما حاولنا جذب الطبقة العاملة من البيض إلى الحزب، وها هي الآن تنضم إليه بأعداد ضخمة بسبب ترامب، فهل نبعدهم؟ لا أستطيع فهم ذلك، فكثير من الناس يراهنون على متسابقهم المتصدر». والمشكلة بالطبع هي أن حملة ترامب اكتسبت زخماً كبيراً، وقائدها لديه «غرور متضخم» بدرجة لا يمكن تطويعها، وربما يفوز بالترشيح صراحة.
ومصدر الرعب الثاني في «مؤسسة الحزب الجمهوري» هو أنه ليس ثمة بديل آخر. وكان كثيرون يأملون أن يلمع نجم «جيب بوش»، ولكنه لم يفعل. وآخرون راهنوا بأموالهم على «كريس كريستي»، بيد أن حملته الانتخابية لم تخفق فحسب، ولكن احتقاره لمنافسيه فاق بكثير ولاءه لـ«المؤسسة»، إلى درجة أنه بعد انسحابه من السباق أيّد ترامب. وأما أولئك الذين أيدوا «ماركو روبيو» فقد نظروا بازدراء إلى تقليله من أهمية ترامب، وهو ما قوض صورته كمرشح جاد. وبالنسبة لـ«جون كاسيك»، المنافس الأكثر جدية بين «الجمهوريين»، فقد أغضب الجناح المحافظ بسبب مواقفه غير المتشددة من قضايا الهجرة والرعاية الصحية وغيرها. ولم يتبق سوى «تيد كروز»، الذي تبغضه قيادة الحزب بقدر بغضها لـترامب، لأن «كروز» يغرد خارج سرب «المؤسسة».
وفي غياب بديل واضح في الميدان، آلت مهمة الهجوم على ترامب إلى «ميت رومني». ولم يقتصر الأمر على شن المرشح الرئاسي «الجمهوري» السابق هجوماً حاداً على المرشح المتصدر في الوقت الراهن، ولكنه أيضاً وضع سيناريو يأمل من خلاله أن يحول دون حصول ترامب على بطاقة الترشيح. وأشار «رومني» إلى أنه إذا ظل جميع المرشحين المتبقين في السباق، واستمروا في حشد المندوبين، فمن الممكن أن يذهب «الجمهوريون» إلى «مؤتمرهم العام» بأكثر من مرشح وليس لديهم ما يكفي من مندوبين للحصول على الترشيح من الجولة الأولى. وفي هذه الحالة من الممكن أن يظهر مرشحون جدد (ومن بينهم رومني ذاته). ومع وجود أكثر من جولة، يمكن أن يحصل مرشح غير ترامب على الأغلبية اللازمة. ولكن هذا السيناريو يبدو بعيد المنال