اراء حرة (:::)
بقلم : تميم منصور – فلسطين المحتلة (:::)
بقدر ما حاول خالد مشعل رئيس الجناح السياسي لحركة حماس الدفاع عن زيارته الأخيرة لمملكة الضلال والتبعية ، مملكة آل سعود ، الا أن هذا الدفاع الواهي المتلعثم ، ضاعف من شبهات هذه الزيارة ، وزاد من وضوح وكشف اهدافها ، وأبرز أكثر كل ما حاولت وسائل اعلام حركة حماس والفضائيات السعودية اخفاءه,
هذه الزيارة ليست أكثر من خطوة او خطوات محسوبة نحو الوراء ، ونقطة سوداء جديدة فوق صفحات الجناح السياسي لحركة حماس ، كما انها أكدت بأن هذا الجناح مستمر في توريط حركة المقاومة هذه ، التي قدمت آلاف الضحايا ، لأنه يفتقد الى الثوابت الثورية الحقيقية الراسخة ، يرفض أن يتعلم من تاريخ الثورات التي غيرت وجه التاريخ ، الجناح السياسي لهذه الحركة كالرمال المتحركة ، تنتقل كل يوم من بلاط الى بلاط آخر ، في دمشق لم يتحمل صوت الصواريخ التي اطلقها التكفيريون ، لأنه كان يدعمهم ، فولى هارباً الى بلاط آخر ، بلاط يتصف بالرجعية والعمالة ، بلاط قطر ، تاركاً مرتزقتة في مخيم اليرموك يقاتلون مع أعداء الحضارة من السعودية والاردن والشيشان وقطعان الزعران القادمين من اوروبا وامريكا وغيرها .
ان حياة الترف والنعومة التي أسبغها حكام قطر على خالد مشعل وقيادته السياسية ، والى جانبهم عزمي بشارة والقرضاوي ، جعلهم جميعاً يفقدون ذاكرتهم الثورية في مناصرة الحق ومحاربة الباطل ، محاربة الرجعية وفسادها وقهرها وسجونها ، الوقوف الى جانب الشعوب المقهورة والتي تسعى الى تحررها ، كما افقدتهم طعم ورائحة شهداء الثورات الشعبية التي خلدها التاريخ ، مثل ثورة عمر المختار ، وقبلها ثورة عبد القادر الجزائري ، وحديثاً ثورة الشعب الفيتنامي ، والثورة الكوبية وثورة الضباط الأحرار في مصر ، وثورة اكتوبر المجيدة في روسيا وغيرها من الثورات .
ان ما يقوم به خالد مشعل من تحركات داخل عواصم انظمة الدول الرجعية والتابعة لمحور امريكا ، افقدت حركته بريقها ، وأكدت بأن طابعها السلفي المعادي للحضارة يطغى على طابعها الثوري التقدمي ، وأكدت أكثر بأنها ليست أكثر من محطة من محطات الثورات التقليدية الفلسطينية التي عرفها شعبنا عبر التاريخ الحديث ، مثل ثورة البراق ، وثورة واضراب عام 1936 والثورات الأخرى .
كما ان هذا الأسلوب الذي يطغى عليه طابع شد الأعناق الى أعلى بفعل الدولار ، ما هو الا امتداد اً لأسلوب حركة فتح وبقية الفصائل باستثناء الحزب الشيوعي والجبهة الشعبية وقد اعلنت حركة حماس عند قيامها بأنها جاءت لتخليص الشعب الفلسطيني من هذا الروتين الثوري البارد الفاشل ، لكنها اتخذته درباً من دروبها ، لم تتعظ هذه الحركة من الفصائل التي غرق قادتها بالأموال ، فقاموا بالانتقال من الثورة الى الدولة قبل الحصول على الاستقلال ، فخسروا الأثنين معاً ، خاصة بعد ان استبدلت البنادق بربطات العنق ، والكهوف والخنادق بالقصور والفنادق ، ان قيادة حماس تتصرف كأنها دولة ، ولم يعد يهمها موقف وآراء الشعب الفلسطيني .
من هنا يمكن تسليط الأضواء على ” الدلالات ” والتبعات التي سبقت زيارة مشعل للسعودية واعقبتها ، نذكر من هذه المعاني والدلالات :
أولاً : لو لم تكن واشنطن وهي قبلة حكام السعودية السياسية معنية وراضية عن زيارة مشعل للرياض ، لما تمت هذه الزيارة لأن هدف واشنطن دائماً دعم اسرائيل ،وهي تأمل بأنها تستطيع ترويض وكسر شوكة آخر فصائل المقاومة ، الذي كال الصاع صاعين لإسرائيل ، والذي لا زال يؤمن بأن لا تحرير بدون مقاومة ، فكسر شوكة هذا الفصيل يعني وضع حد لبقية فصائل المقاومة في قطاع غزة وهذا يعني الالتفاف على حركة الجهاد الاسلامي ، فأمريكا تعتبر السعودية واسرائيل ، أكثر القوى التي تدعم سياستها في الشرق الأوسط ، واذا نجحت السعودية بترويض حركة حماس فأن هذا يعني نوم الاسرائيليين في عسل الهدوء والاستقرار .
ثانياً : هذه الزيارة تزيد من تأكيد ما نشرته وسائل اعلام كثيرة ، عن اجراء مفاوضات سرية بين حركة حماس واسرائيل بواسطة سعودية امريكية ، تتحدث عن تبادل اسرى ، اقامة ميناء بحري للتخفيف من عبء الحصار الذي يعاني منه ما يقارب المليوني فلسطيني يعيشون اطول حصار واقسى حصار ربما عرفته البشرية في العصر الحديث ، بعد حصار ليينغراد من طرف النازيين و بعد حصار برلين الذي امتد ستة اشهر فقط . كما أن الحديث يدور حول وقف لإطلاق النار طويل الأمد .
ثالثاً : هذه الزيارة ومباركة واشنطن واسرائيل لها تعني بالمفهوم السياسي ، الشد على ايدي القتلة السعوديين بالاستمرار بأعمالهم الاجرامية ضد الشعب اليمني ، لأن كل ما تريده اسرائيل وواشنطن ان تمتد نيران هذه الحرب الى داخل السعودية ، كي تقفان امام عالم عربي يحترق ويأكل بعضه بعضاً .
رابعاً : الزيارة تعني استمرار حركة حماس في دعمها للمحور السعودي الامريكي الاردني الاسرائيلي المصري القطري ، المعادي لإيران ، رغم توقيع الأخيرة على الاتفاق الخاص بقدراتها النووية ، مع دول خمسة + واحد ، كما أن هذه الزيارة تعني دعم السعودية واسرائيل في موقفهما من الاتفاق المذكور ، وهما الدولتان الوحيدتان في العالم اللتان ترفضانه ، السؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا تصر حركة حماس على زج نفسها في مثل هذه التكتلات المشبوهة ، جميعها داعمة لإسرائيل ، وداعمة للرجعية العربية ، وللجماعات التكفيرية ، ان مثل هذا الموقف لا يمكن ان يفكر أو يخطط بإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ، ولا يمكن أن يجرؤ على دعم المقاومة سياسياً أو عسكرياً ، كما تفعل سوريا أو ايران .
أهداف هذا الحلف الذي يصر مشعل على الاذدناب به ، هي محاربة قوى التحرر العربية ، القومية والتعددية ، ودعم القوى السلفية والرجعية .
خامساً : جاءت هذه الزيارة كي تزيل ما تبقى من حواجز وخلافات بين النظام القطري والنظام السعودي ، واذا تحدث مشعل باسم قطر فأن هذا يعني بأنه يدعم سياستها في تغذية القوى التكفيرية ، ويؤيد انفتاحها وعلاقاتها المشبوهة مع اسرائيل ، كما ان هذه الزيارة هي محاولة مشعل الإيقاع بين السيسي والنظام الضلالي في الرياض ، فقد استغل مشعل حالة عدم الاستقرار في مصر ، وارتباطها بالمحور السعودي الامريكي لدعمها سياسياً ومادياً ، مقابل بقاء ابواب تسولها مفتوحة على أن تشارك في حرب ابادة الشعب اليمني ، ومقابل تجاهل ما يحدث في سوريا والعراق من أعمال تدميرية مدعومة من السعودية .
لقد شوه خالد مشعل من خلال سياسته المزاجية الفاشلة كل انجازات المقاومة ، كما شوه أوسلو كل انجازات الثورة الفلسطينية عندا استبدل المقاومة بجدوال من المواعيد واللقاءات والمفاوضات التي لا جدوى منها .