الفلسطينيون بين خيار السيادة وخيار الإعتراف !

سياسة واخبار (:::)
ناجي شراب – فلسطين المحتلة (:::)
تقوم المقاربة الفلسطينية عل الذهاب إلى الإمم المتحدة وتحميلها المسؤولية الدولية فى إنهاء الإحتلال، لذلك يقدمون خيار الإعتراف على خيار السيادة ، وقد يكون ذلك إدراكا منهم صعوبة إنهاء الإحتلال الإسرائيلى بالخيارات الفلسطينية ، وفى الوقت ذاته التمسك بخيار المفاوضات والسلام، وهو ما يعنى ضمان التأييد الدولى لخياراتهم الدولية التى تستند كلها على اهمية العودة لخيار المفاوضات ، وهنا قد يتم الربط بين خيار الإعتراف وخيار المفاوضات. والمعضلة هنا مركبة ، فالإعتراف على أهميته ودلالاته الرمزية والقانونية لا ينشأ دولة ، وهذا ما حصل بالنسبة لإعتراف اكثر من 126 دولة بإعلان الجزائر عام 1988، وبعد حصول فلسطين كدولة مراقب فى الأمم المتحدة ، وليس كاملة العضوية ، والسبب الرئيس فقدان عنصر السيادة ، بسسبب إستمرار إسرائيل لإحتلالها ألأراضى الفلسطينية المفترض ان تقوم عليها دولة فلسطينية فى إطار حدود معترف بها ، وهو ما ترفضه إسرائيل . فكما نعلم الدولة تقوم على أركان ثلاث الشعب والحكومة او السلطة وهما عنصران موجودان فى الحالة الفلسطينية ، وعنصر السيادة وهو غير قائم. ومن هنا الدولة لن تكتمل اركانها إلا بخيار إكتمال السيادة .ومن أهمية الربط بين الخيارات الفلسطينية بين الإعتراف وهو أمر ضرورى فى الحالة الفلسطينية، وخيار العضوية فى ألإمم المتحدة بما تعنيه من مسؤولية المنظمة الدولية فى تنفيذ قراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية وخصوصا قرار رقم 181 الذى أسس لخيار الدولتين ، والذى بموجبه قامت إسرائيل، وهذا القرار لا يسقط بالتقدم ، وخيار المفاوضات الذى يؤكد على الخيار الإستراتيجى الفلسطينى ولكنه خيار يحتاج إلى دعم دولى ، وضغط على إسرائيل للإلتزام بالمرجعيات التفاوضبة الدولية. وهذا الربط لا يكفى فى حد ذاته، فلا بد من بحث عن الخيارات الفاعلة الكفيلة بتحقيق السيادة الكاملة على ألأرض الفلسطينية بإنهاء الإحتلال الإسرائيلى ، وهذا لا يتحقق بدون جعل هذا الإحتلال مكلفا، وله ثمن كبير تشعر به إسرائيل. وهنا قد تبرز خيارات كثيرة أو حزمة من الخيارات، اهمها مراجعة كل الإتفاقات الموقعة مع إسرائيل وتحديدا التنسيق الأمنى ، والعلاقات الإقتصادية غير المتكافئة ، واإعادة النظر فى بنية السلطة وتحللها من كل القيود التى فرضتها إتفاقات أوسلو ، بتحولها لسلطة كفاحية ، وبتفعيل دور منظمة التحرير وكل مؤسساتها ، والعودة للمنظمة ليس فقط كمرجعية سياسية عليا ، ولكن كإطار للقرارات الملزمة . وفى هذا السياق العمل على توسيع خيار المقاومة المدنية السلمية ، وتفعيله على المستوى الدولى ، بمعنى التوازى فى نقل القضية على المستوى الرسمى ، بنفلها إلى المستوى غير الرسمى فى الدول الأوروبية وفى أمريكا من خلال تفعيل لدور مؤسسات المجتمع المدنى بكل اشكالها ، وتنوعاتها ، وبتفعيل دور الجاليات الفلسطينية والعربية وألإسلامية ، وجعل قضية السلام وإنهاء الإحتل قضية رأى عام ,هنا أهمية التركيز على قضية السلام بدلا من القضية الفلسطينية أو الصراع العربى الإسرائيلى الأساس . حتى يتفهم العالم أن إسرائيل هى السبب فىيما يحدث فى المنطقة من تهديدات للأمن ،والربط بين السلام العالمى وسلام الدول والسلام فى الشرق الأوسط بإنهاء الإحتلال وقيام الدولة الفلسطينية . وهذه الخيارت تحتاج إلى بيئة فلسطينية صلبة ،أساسها إنهاء الإنقسام السياسى الفلسطينى ، وإعادة بناء النظام السياسى الديموقراطى ، وبالتوافق حول مشروع وطنى فلسطينى يحكم الفترة الإنتقالية ، وهذا التدرج فى المشروع الوطنى الفلسطينى ، وحتى تتحقق هذه البيئة السياسية الصلبة مطلوب من كل الحركات والقوى الفلسطينية التقيد بالبعد الوطنى للقضية الفلسطينية ، والمصلحة الفلسطينية العليا.وعموما ليس امام السلطة الفلسطينية إلا المضى قدما فى طريق إكتمال العضوية فى الأمم المتحدة من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتغلب على الفيتو ألأمريكى ، وأن تخلق لوبى دولى ضاغط على الولايات المتحدة وإسرائيل لإجبار ألأخيرة على إنهاء إحتلالها ،والقبول بالدولة الفلسطينية ، وكما أشرت أعلاه وقبل كل ذلك إستكمال بناء المنظومة السياسية الفلسطينية على أسس من الشرعية السياسية الجديدة ، وفى إطار الكل الفلسطينى القادر على التعامل بسلطة وقرار واحد. وعلى السلطة انتكون لديها حلولا وأن  هذه الخيارات ستواجه إما بفرض مزيد من العقوبات والدفع بإنهيارها ، وهنا يملك الرئيس إعلان إنتهاء مرحلة السلطة الفلسطينية ، وإلغاء كل الإتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وعندها تتحمل إسرائيل والولايات المتحدة وكل الدول العربية وغيرها مسؤولياتها أمام هذا الخيار العنكبوت، وإما ان تواجه خيارا دوليا بتقديم مشروع قرار دولى امام مجلس ألأمن يطالب بوضع نهاية للأحتلال وقيام الدولة الفلسطينية ، إلا أن هذا المشروع سيتضمن إعترافا بإسرائيل كدولة يهودية . هذان الخياران اللذان على السلطة التعامل معهما بإجراءات وخطوات إستباقية قبل ان تجد نفسها فى دوامة قرار يدفع بها لتية سياسى لا يعرف اوله من نهايته، ولتعمل السلطة ان تكون المبادرة بيدها لا بيد غيرها.فليس مهما أن تكون لدينا الخيارات وهى متوفرة ومتنوعة فى الحالة الفلسطينية، ولكن القدرة على فعل الخيار، والقدرة على تحمل تداعياته، وفى النهاية الخيار بيئة سياسية شاملة داخلية وإقليمية ودولية , والقدرة على التحكم فى تفاعلات هذه البيئة قبل ان يتحول الخيار إلى كارثة.
دكتور ناجى صادق شراب
drnagish@gmail.com