بفاشيته … الكيان يؤسس لحتمية زواله

التصنيف : سياسة واخبار (:::)
د. فايز رشيد – فلسطين المحتلة (:::)
العدوان الصهيوني الأخير( 2014 ) على قطاع غزة هوحلقة من سلسلة متواصلة للحروب والاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين وعلى الأمة العربية منذ إنشاء دولة الكيان حتى هذه اللحظة . العدوانية هي إحدى متلازمات وجود إسرائيل وسماتها , كل الذي تغير : هو تطور أدوات ووسائل القتل والتدمير الصهيوني ,وتطور أساليب الكيان النازية . لم تختلف إسرائيل منذ بدايتها وحتى الآن, مثلا, في وجود متغيرات فيها تجنح نحو التعايش مع الآخر والسلام معه , بدليل أيضا : ما تعبر عنه الإحصائيات المتعددة التي تجري في الكيان :من أن التطور الأبرز: هو أن الشارع الإسرائيلي يتجه نحو المزيد من اليمين والتطرف . من زاوية ثانية , أدركت شعوب العالم في تجربتها المرة مع النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية : أن لا تعامل مع الظاهرتين إلا بالقضاء عليهما واجتثاثهما من الجذور. إسرائيل ليست استثناءا من القاعدة التي هي بمثابة القانون .الظروف المحيطة هي المختلفة , كذلك حجم تأييده من قبل حلفائه الاستراتيجيين. هذه مسألة خاضعة للتغيير ولن تكون ثابتة , كما أيضا موازين القوى هي أيضا قابلة للتعديل . ما مارسته إسرائيل من وحشية في المذابح التي ارتكبتها يؤكد أن  الكيان هو نسخة متطورة من الظاهرتين , بالتالي فإن مصيره لن يكون أفضل من مصيري أستاذيه .
لذا , فإن من يؤمن ويعتقد بحتمية زوال إسرائيل هو أيضا على حق بالرغم من اتهامه من الآخرين بأنه يبدو في نظرهم وكأنه في العصر الخشبي وإنه خارج إطار التاريخ والزمن،وإنه بعيد عن الواقعية والموضوعية.بالتأكيد فإن هؤلاء المتهِمين(بكسر الهاء) يعتقدون باستحالة إزالة هذه الدولة،بالتالي فهم يتفاوضون معها،ويوقعون اتفاقيات سلام مع قادتها،ويرون أن وجودها أصبح واقعاً مفروضاً, وأنها تملك من عناصر القوة ما لا يؤهل الفلسطينيين والعرب جميعاً من الحديث: حتى عن إمكانية إزالتها ,فهي مزنّرة بالسلاح النووي وأحدث ما تنتجه مصانعها ومصانع حليفتها الاستراتيجية:الولايات المتحدة وعموم الدول الغربية, من أسلحة .
بالمقابل،هناك المؤمنون والمعتقدون بحتمية زوالها،لأسباب كثيرة:دينية وقومية وطنية ويسارية أيضاً،ومن هؤلاء: المتابعون للداخل الإسرائيلي بكل تفاصيله, ونتيجة معرفتهم الدقيقة للتفاصيل يرون باستحالة التعايش مع هذه الدولة،فعدوانها الدائم والمستديم هو الذي يؤسس لبداية نهايتها،فهي ترفض كافة الحلول التي جرى تقديمها إليها:حل الدولتين, فالواقع يشي باستحالة هذا الحل،فطبيعة الحقائق التي تفرضها على واقع الضفة الغربية يجعل من الاستحالة بمكان أن يرى هذا الحل النور. حل الدولة الواحدة هو أيضاً مستحيل مثلما هو حل الدولة الثنائية القومية وحل”دولة لكل مواطنيها” الذي طرحه البعض،فإسرائيل تطمح إلى بناء دولتها اليهودية, والصهيونية ستظل صهيونية،والعقيدة التوارتية-التلمودية هي الخلفية التي أسست وما تزال للعنصرية الصهيونية،وللعدوان ولارتكاب المجازر،وللاستعلاء،وإبقاء حالة الحرب مفتوحة على الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين(الذين لا يرضخون للإملاء السياسي الأسرائيلي للتسوية أو الحل،الذي يتلخص في حكم ذاتي للفلسطينيين وإقامة سلام مع الدول العربية دون شروط من قبلها ليكون: (سلاماً مقابل سلام وليس سلاما في مقابل الأرض).هذه هي إسرائيل  باختصار شديد, ومن يعارض وجهة النظر هذه, فليكشف لنا عن حقائقه.
من بين المؤمنين والمعتقدين بزوال إسرائيل،هناك أحزاب وقوى وطنية وقومية عربية كثيرة , كما أن  ما يدور في الداخل الإسرائيلي من تناقضات يؤكد أن هذه الدولة في طريقها إلى الفناء من داخلها. في كتاب أعددته منذ سنوات وكان بعنوان”ستون عاماً على النكبة” والذي هو استفتاء إجابة عن بضعة أسئلة موجهة إلى سياسيين شعبيين ومثقفين وزعماء أحزاب وحركات ومفكرين فلسطينيين وعرباً, عن الصراع العربي-الصهيوني، وكان من بين الأسئلة سؤال عن إمكانية الحلول مع إسرائيل ومصيرها في المنطقة ارتباطاً بالواقع الحالي؟ 95% من الإجابات أكدت : بأن مصير الكيان إلى زوال وليست من حلول أخرى معه.
وبالعودة إلى موضوع إزالة إسرائيل يمكن القول:اعتماداً على التاريخ فإن غزاة كثيرون احتلوا فلسطين والأرض العربية وتناوبوا على حكمها،ولكن مثلما كان زوال كل أولئك الغزاة حتمياً،فلن يكون المشروع الاستعماري الصهيوني بأفضل حالاً من كل أولئك الذين هُزموا وحملوا أمتعتهم وعصيّهم على كواهلهم ورحلوا.صحيح أن فروقات كبيرة توجد بين المشروع الاستعماري الصهيوني،وبين كل تلك المشاريع,  كوننا نواجه مشروعاً اقتلاعياً لأصحاب الأرض الأصليين،وإحلال المستوطنين محلهم. لكن عندما تنضج الظروف المواتية ستتم إزالة الدولة الصهيونية .
كثيرون من المعتقدين باستحالة الإزالة يتساءلون : وماذا سنفعل بما ينوف عن خمسة ملايين مستوطن وهؤلاء يعيشون على الأرض الفلسطينية،بالتالي فأين يمكنهم الذهاب؟وفي الإجابة نقول:أن عقوداً من اللجوء للفلسطينيين لن تزيل حقوقهم في العودة إلى بيوتهم وبياراتهم وأرضهم ومدنهم وقراهم, ومن حق هؤلاء العودة إليها،وليس المعتدى عليه هو المطالب( بفتح اللام) بالأجوبة وإعطاء الحلول للمعتدي،فالأخيرهو الكفيل والمفترض فيه أن يجد الحلول لقضاياه.الحل يكمن بعودة المستوطنين المهاجرين إلى دولهم التي يمتلكون مواطنتها وجوازات سفرها . هذا أيضا ما طرحته إحدى الإعلاميات الأمريكيات منذ سنوات , وجرى مباشرة اتهامها بالتهمة الجاهزة ” العداء للسامية ” وجرت إقالتها من عملها ! .
وفي الختام نذكّر:بأن أكثر المتشائمين لم يتوقعوا انهياراً للإمبراطورية البريطانية التي لم تكن الشمس تغيب عن ممتلكاتها ولا الإمبراطورية الرومانية،وغيرها من الإمبراطوريات،هذا الحال سينطبق على إسرائيل أيضاً  فصلفها وعنجهيتها لا تقوم بفعل سوبرمانياتها،بل بالقدر الذي تقوم فيه على: ضعفنا نحن،نعم نحن،والحقيقة الأكيدة بأن مآلها إلى زوال.