قراءة متجددة: المياه اخطر من الكاتيوشا في الحسابات الصهيونية…! بقلم : نواف الزرو

دراسات …. فلسطين …
بقلم : نواف الزرو – الاردن …
نعود مرة اخرى لنفتح ملف المياه في حسابات الامن القومي الصهيوني وفي حروب القرن والمستقبل، والنزعة الصهيونية للسيطرة على مصادر المياه في المنطقة العربية، وفي هذا السياق ووفق تقرير للصحافية الاسرائيلية عميرة هآس في صحيفة هآرتس ( 24-5-2016م)تحت عنوان”عن أكبر جريمة في تاريخ العالم” فان “إسرائيل تسيطر على 85% من مخزونات المياه في الضفة الغربية” مشيرة الى ان الفرد الفلسطيني يستهلك في اليوم ثلاثة وعشرين لترا من الماء فقط، بينما يستهلك المستوطن الإسرائيلي على الأقل، مائة وثمانين لترا، تبيع إسرائيل المياه للفلسطينيين، وهي المياه المسروقة منهم”، كما تبيع المياه المسروقة من الاردن للاردن.
وحسب تقرير نشر في صحيفتي هآرتس ويديعوت احرونوت( 2012/1/ 20) ونشره الكاتب توفيق ابو شومر، فأن البرلمان الفرنسي أوفد مبعوثا ليتقصى الحقائق في الضفة الغربية ، وكان الوفد برئاسة رئيس لجنة الخارجية( جين كالفاني ) وكان وزيرا للزراعة في حكومة فرانسو ميتران، وقام عضو البرلمان الفرنسي بعمل دراسة غير مسبوقة خلصت إلى أن إسرائيل تستخدم سلاح المياه لتعزيز نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، كما فعلت جنوب إفريقيا، فهي تجبر الفلسطينيين على البحث عن مياه الينابيع غير الصحية، وتستأثر بمخزون المياه الجوفية، حتى أنه قال “إن إسرائيل ترى أن مياه الضفة الغربية أشد خطرا عليها من صواريخ الكاتيوشا”.
واستنادا الى سلسلة طويلة من المقالات والدراسات ف”ان المياه في الحسابات الاسرائيلية يقف عليها مستقبل اسرائيل”، وبمراجعة نصوص صفقة القرن التي ما تزال مضامينها عمليا تحت التنفيذ في القدس والضفة، فقد لوحظ انها لم تتعاط مع ملف المياه في الضفة الغربية إلا بعبارات قليلة جدا ومبهمة ولا يستطيع المرء ان ان يستخلص منها شيئا مفيدا، فالاهداف الحقيقية في ملف المياه بقيت مضمرة في تفاصيل الصفقة، غير ان الخرائط الجغرافية التي تعطي الاحتلال الصهيوني كافة المواقع الاستراتيجية والخصبة في الضفة الغربية للكيان، تبين لنا أن كل مصادر المياه في الضفة ستبقى تحت السيطرة الاسرائيلية الكاملة، وحيث ان الصفقة وضعت وصيغت بالكامل على المقاسات الصهيونية، فانها بالتالي تمنح الكيان السيطرة المطلقة ايضا على مصادر المياه وتحرم الفلسطينيين من جهة اخرى من حقهم الطبيعي في مصادر مياههم.
وفي هذا السياق مهم ان نستحضر الخرائط والمخططات ونلقي الضوء على الاطماع الصهيونية الكامنة في موضوع المياه والاراضي، إذ تعتبرالمياه في الاستراتيجيات الصهيونية أهم عنصر من عناصر الامن القومي الاسرائيلي، الى جانب التفوق العسكري الاستراتيجي، والشواهد على ذلك لا حصر لها واسعة تمتد من فلسطين الى الجولان الى الجنوب اللبناني الى نهر الاردن، وبعيدا الى تركيا والنيل.
فبالنسبة لهم فان المياه معركة يتوقف على نتيجتها مصير”اسرائيل”…؟!، والمياه في صميم حلم ” أرض إسرائيل الكاملة “، ومنذ قرن ونصف من الزمن – المياه ركيزة استرتيجية في السياسات الصهيونية.
والأطماع الإسرائيلية في المياه تذهب بعيدا لتتجاوز حدود فلسطين الى النيل وباتت تتدخل حتى في بناء السدود في بعض دول حوض النيل وخاصة في اثيوبيا لمحاصرة مصر والضغط عليها في المواجهة التاريخية معها.
وفلسطينيا ايضا، بالنسبة للاحتلال فان المياه سلاح آخر لمحاصرة الفلسطينيين وتحطيم أهم عامل من عوامل بقائهم وصمودهم في الارض لإجبارهم على الهجرة من أراضهم.
بل ان حروب المستقبل ستكون بالاساس حروب على مصادر المياه، وفي هذا الجوهر كشف العالم الجيولوجي المصري الدكتور رشدي سعيد النقاب عن “أن الحرب القادمة ضد مصر ستكون حرب المياه”، مضيفا:” أن حصة مصر الكبيرة من مياه النيل لم تعد مضمونة، مما يعرض مصر للدخول في حرب مياه في المرحلة القادمة، خاصة بعد سعي بعض الدول لتعديل اتفاقية تقاسم مياه النيل الموقعة منذ عام 1929، ووجود الأطماع الصهيونية في مياه نهر النيل من خلال بعض الدول المطلة على النهر.- الحقيقة الدولية –– مصطفى عمارة 9.6.2009″، وفي ذلك انذار لما هو آت على صعيد حروب المياه وتداعياتها الجيواستراتيجية على الوضع العربي..
وحينما يعرب عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية الدكتور سعيد البدري عن اعتقاده:” ان القرن الحادي والعشرين هو قرن حرب المياه” معززا:”ما زالت الأطماع الإسرائيلية تغازل بعض دول حوض النيل للحصول على نقطة مياه من نهر النيل في ظل الهيمنة الأمريكية السائدة على العالم” فان في ذلك تعزيزا موثقا لما ذهل اليه العالم سعيد..!..
ولذلك فان الحديث عن حروب المياه المستقبلية في المنطقة هو حديث استراتيجي بالع الخطورة والجدية، يتوجب على العرب ان يولوه الاهمية والاهتمام المطلوبين، فالمشاريع والمخططات والاطماع الاسرائيلية في المياه العربية منفلتة ليس لها حدود او ضوابط، ونستحضر في ذلك ما كان بن غوريونهم قاله منذ عام 1956 اذ اكد:” ان اليهود انما يخوضون ضد العرب معركة مياه يتوقف على نتيجتها مصير اسرائيل”…..
ولذلك ليس عبثا ن يأتي الرئيس ترامب التوراتي ليمنح”اسرائيل” في صفقته أمنا مائيا استراتيجيا مفتوحا على حساب الفلسطينيين والعرب، ما يستدعي كما هو واضح حالة استنفار عربي استراتيجي ان جد الجد لدى بعض العرب الذين ما يزال فيهم نبض عروبي حقيقي….!

Nzaro22@hotmail.com