دراسات ….
بقلم : د. ناجي شراب – فلسطين المحتلة …
الملف ألأكثر تعقيدا الذى يواجه إدارة الرئيس بايدن كيفية حل هذا الملف، وأى السيناريوهات الأكثر واقعية وقبولا؟ هذا الملف أقرب لعقدة غوردون التي تحتاج إلى إستئصالها من جذورها حتى تنفك العقد ألأخرى. ومن هنا التركيز على هذه العقده. فالمشلكة تتعدى القدرات النووية الإيرانية بل ترتبط أيضا بعقد أخرى كثيره تتعلق بالدور ألإيرانى الإقليمى وتدخلها في أكثر من دولة عربيه، وبرؤيتها لمجالها الأمني ومناطق النفوذ والتي تتضارب مع مصالح وأمن دول المنطقة ، وبعقدة الصواريخ البالستية التى تشكل تهديدا حتى للمصالح ألأمريكية ذاتها وألأوروبية، وبالسياسة الإسرائيلية التي ترى في إمتلاك إيران للقوة النووية قرار حرب لن تقتصر عليهما ،بل قد تكون لها أبعادا إقليمية ودولية. ومما زاد ألأمور تعقيدا وأضاف عقدا جديده موقف الإدارة الأمريكية السابقة إدارة الرئيس ترامب بإنسحابها من الاتفاق النووي وفرض ما عرف بالعقوبات القصوى والتي لم تثنى إيران عن المضي في تطوير قدراتها النووية. في هذا السياق تتصدر العقدة النووية إهتمامات إدارة الرئيس بايدن التي تجد نفسها أمام معضلات وخيارات صعبه :أولا صعوبة العودة للإتفاق بصورته ألأصلية ، وثانيا صعوبة الإستمرار في نهج العقوبات القصوى وإستبدالها بنهج الدبلوماسية القصوى، وثالثا بصعوبة التصعيد العسكرى الذى قد يصل لخيار الحرب والتي تتجنبها إدارة بايدن التي تؤمن بالخيار الدبلوماسي. ورابعا مصالح الدول الحليفة كالسعودية وألإمارات والتى تشكل أحد مرتكزات السياسة ألأمريكية في المنطقة . من هنا تتعدد الخيارات والتوجهات والإجتهادات التي تطرح لفك عقدة غوردون. يبدو إبتداء ان إستراتيجية بايدن تقوم على فرضية إذا تم تسوية العقدة النووية فهذا سيسهل ويعمل على تفكيك كل العقد ألأخرى. والسؤال كيف يمكن فك هذه العقدة وبأى سيف؟ سيف القوة أو سيف الدبلوماسية؟تتفاوت آراء المحللين والخبراء لكنها كلها تتفق على سيناريو العودة بشروط جديده. تريتا بارسى أستاذ في جامعة جورج واشنطن يقول إننى على ثقة أن إدارة بايدن سوف تنضم ثانية للصفقة ألتى إنسحب منها ترامب.ويستند في رأيه لعودة نفس المستشارين الكبار في إدارة بايدن والذين لعبوا دورا في إتمام الاتفاق في إدارة أوباما هم اليوم من يلعبون نفس الدور مثل وزير الخارجية بلينكن ومستشار الأمن القومى سوليفان ومبعوث الولايات المتحده لإيران روبرت مالى.ويضيف أن السبب الرئيس في العودة لهذا السيناريو أنه يقع في سياق الإستراتيجية الأمريكية العليا التي تتبنى تقليص الوجود العسكرى ألأمريكى في المنطقة والتركيز أكثر على الدبلوماسية. وان إيران ورغم سياسة العقوبات القصوى التي مارستها إدارة ترامب لم تتراجع بل إستمرت في أنشطتها النووية ، وأن رفع العقوبات سيدفعها للعودة والإلتزام بالإتفاق. وان العودة للعقوبات سيضع أمريكا أمام خيارين الدبلوماسية والحرب,ويبقى السؤال الملح كيف وبأى آليه سيتم ألإنغماس من جديد في الاتفاق؟كينيث بولاك الخبير الأمريكي يؤكد أن تتفاوض أفضل ، لكن الإنغماس في عملية تفاوضية يحتاج لوقت طويل.ورغم كل العقوبات التي فرضت على إيران فإنها سترحب بالعودة للإتفاق في صورته ألأصيلة . ويشير على أن هذه الفرصة ليست كبيره بل قصيره وقد تكون عابره حيث أن الولايات المتحده إذا لم تلتزم بشروط ألإتفاق فإن هذه الفرصة ستغلق وإلى ألأبد. وكما صرح وزير الخارجية الأمريكية إيران تقترب من إمتلاك مكونات القوة النووية. وأمام بايدن إستراتيجيتان إستراتيجية قريبه ملحه وإستراتيجية بعيده. والإستراتيجيتان متكاملتان لا يمكن الفصل بينهما.هذا والتصريحات الصادره من قادة إيران توضح إلى أين ستذهب إيران:الرئيس حسن روحانى وفى أكثر من تصريح يؤكد على إستعداد إيران للعودة للإتفاق خلال ساعه إذا عادت أمريكا للإتفاق.وتصريحات خامنئى في حال رفع العقوبات سنعود للإتفاق.وموقف البرلمان ألإيرانى إذا لم ترفع العقوبات ستعلق إيران كل أنشطة الأمم المتحده.فى حين المتشددين في إيران يعارضون أي عوده للإتفاق.وإيران كما أشرنا أستأنفت الأنشطة النووية ورفعت من نسبة التخصيب,وهذا يعنى أن إيران ترحب بالعودة للإتفاق دون الحاجة للتفاوض ودون وضع شروط جديده،ولا تقبل بدور أي اطراف جديده وتوسعة الاتفاق.ولعل تصريحات خامنئى هي الأهم ليس لأنه صانع القرار بل لأنه كان ألأكثر معارضة للإتفاق وإنتقادا مما يعنى عدم المساس للعوده للإتفاق حتى مع إدارة بايدن.وكل ما تريده إيران إنقاذ إقتصادها المنهار بسبب العقوبات التي قد مست شرعية ومصداقية الحكم الملالى. ويريد خامنئى التخفيف عن ملايين الإيرانيين الذين تضرروا من العقوبات، فعينه على النظام.وكما صرح وزير النفط الإيراني أمام البرلمان أن إيران ستنتج 2،3 مليون برميل بمجرد رفع العقوبات.وهذا من 500 الف إلى 600 الف إنتاجها الحالي مما يعنى قفزة كبيره للدخل الإيراني.ماذا يفهم من هذه التصريحات؟ان عودة إيران للمفاوضات ليست قريبه ويمكن أن تكون أكثر تشددا مع فرض أمريكا لشروط جديده .إيران تريد أولا رفع العقوبات والعودة للإتفاق.وقد صمدت أمام عقوبات ترامب لمدة ثلاث سنوات دون الإستجابة, ويبقى عامل الانتخابات الرئاسية الإيرانية ومن سيأتى التيار المعتدل ام التيار المتشدد, وأن وصول احد المتشددين وإزاحة كل من روحانى وظريف سيشكل معضلة كبيره أمام إدارة بايدن وفريقه. وخلاصة القول أن أمريكا أمام إستراتيجتان قريبه وبعيده، وليس سهلا التحول من ألأولى إلى الثانية ، الحاجة السريعة للعوده للإتفاق وتخفيف العقوبات وهذا يمثل عقدة غوردان وإستصالها مما قد يفتح الباب للتفاوض حول القضايا ألأخرى مثل الصواريخ البالستيه والنفوذ الإيراني الإقليمى وطمأنة دول المنطقة من الخطر النووي الإيراني.ومما يؤكد خيار التفاوض وتبنى إستراتيجية الدبلوماسية القصوى بدلا من العقوبات القصوى ما يراه فريق عمل بايدن، فمستشار الأمن القومى سوليفان بأن العودة للإتفاق من المتطلبات الملحة. والتعاون بشأن القضايا الملحة يأتى في مرحلة لا حقه, ووزير الخارجية بلينكن يرى العودة كنقطة إنطلاق من جديد.والسؤال كيف العودة هل بالإتفاق الأصلى أم بمراعاة ما لحق من تغيرات عيى الاتفاق وعلى تحولات القوة في المنطقة والدور االإيرانى ألإقليمى.بلينكن يطالب إيران بالتوقف عن كل إنتهاكاتها وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى.ووقف كل أنشطتها النووية والعودة قبل التفكير في رفع العقوبات والتفاوض.وقيام وكالة الطاقة النووية بدورها بالكامل. ويرى مالى أن أقصى الضغط أدى لزيادة ترسانة إيران من اليورانيوم،من 2,5 طن إلى 102 طنا. وأخيرا السؤال أيهما يسبق رفع العقوبات الاقتصادية أم تراجع إيران عن كل ما قامت به؟ ويبدو المشهد الأخير العودة للإتفاق مقابل التزامات إيرانيه وتعقبها مفاوضات لا حقه، البحث عن إستراتيجية حفظ ماء الوجه للطرفين.ولا يبدو أن بايدن يحمل سيف الأسكندر.
*******
drnagishurrab@gmail.com