موقف الخارجية الإسرائيلية من الدراما العربية.. بقلم : بكر السباتين

سياسة واخبار ….
بقلم : بكر السباتين – الاردن – فلسطين …
تبدأ الحكاية من حيث جاء في “جيروزالم بوست” الإسرائيلية بأن وزارة الخارجية الإسرائيلية أصدرت، الأحد، بياناً انتقدت فيه المسلسل المصري الذي يحمل اسم “نهاية العالم”، والذي يتحدث عن زوال دولة الاحتلال الإسرائيلي في المستقبل على يد دولة عربية مجهولة. ويقوم ببطولته الممثل يوسف الشريف، وهو من إنتاج شركة “Synergy”، والتي تتمتع بعلاقات قوية مع السلطات المصرية. وأبدت الخارجية الإسرائيلية غضبها الشديد من محتوى الحلقة الأولى منه -وقد حضرتها بالكامل- حيث وصفته بأنه “مؤسف وغير مقبول على الإطلاق، خاصة بين دولتين أبرمتا اتفاقية سلام منذ 41 عاماً.
وكانت الحلقة التي قسمت ظهر البعير قد أظهرت أطفالاً في عام 2120، يتلقون دروسا بخصوص “الحرب لتحرير القدس”.
ويقول المدرس ضمن الحلقة:
“عندما حان الوقت للدول العربية للقضاء على عدوها اللدود، اندلعت الحرب والتي سميت حرب تحرير القدس”.
ويضيف المدرس أن الحرب انتهت سريعاً، وقد أدت إلى دمار “إسرائيل” قبل مرور 100 عام على تأسيسها.
وأوضح عمرو سمير عاطف، مؤلف مسلسل النهاية، وفي حديثه لقناة BBC بأن فكرته تقوم على الخيال العلمي، “ومن الطبيعي أن يفترض بعض الأحداث، ومن قبل صُنعت أعمال درامية وتخيلت زوال العالم بأكمله”.
وأضاف عاطف،: “إسرائيل تنتج بشكل متواصل أعمالا فنية تهاجم العرب والفلسطينيين وتصورهم كإرهابيين”، متسائلا “لماذا يصادرون حقنا في العمل الإبداعي الحر؟”
إن موقف الخارجية الإسرائيلية بالنسبة إلى الأعراف الدبلوماسية هو تدخل سافر ومهين في شؤون مصر وهو تحريض على انتهاك حرية الرأي، التي أسيء إليها على صعيد عربي من خلال التراكض المحموم نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، فقدمت الدول العربية المطبعة، لهذا الكائن اللقيط هدايا تطبيعية مجانية مثل المسلسل الكويتي”أم هارون” الذي تم تصويره في دولة الإمارات. بحيث يصور العلاقات بين المسلمين والمسيحيين والجالية اليهودية في الكويت في الأربعينيات، والمظالم والتمييز الذي كان يعانيه المجتمع اليهودي خلال ذروة الحركة الصهيونية والنكبة، تليها العنصرية والتمييز المنهجي الذي واجهوه في فلسطين المحتلة بعد طردهم من وطنهم دون إظهار لتداعيات النكبة التي حلت بفلسطين.. فيما يظهر المسلسل تعاطفاً غامراً لليهود من خلال التعايش الطبيعي مع فكرة وجودهم في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وكأن الأمر مسلم به. ثم يأتي المسلسل السعودي “إخراج ٧” الذي تبثه قناة MBC السعودية وخاصة ما جاء في الحلقة الثالثة منه، في المشهد الذي اغضب المتابعين، حيث يقول “الشمراني” للفنان السعودي” ناصر القصبي” ساخراً من الشعب الفلسطيني بلهجته المحلية المكسرة:
“العدو هو الذي لا يقدّر وقفتك معاه،ويسبّك ليل نهار أكثر من الإسرائيليين”.
وأضاف الشمراني في المشهد بكل استخفاف وصفاقة:
“كل تضحياتنا لأجل فلسطين، دخلنا حروب لأجل فلسطين، قطعنا النفط لأجل فلسطين، وعندما أصبح عندهم سلطة ندفع تكاليفهم ورواتبهم وإحنا أحق بالفلوس، وما يصدقون أن يلاقوا فرصة حتى يهاجمون السعودية”.
حديث القصبي لم يُعجب الشمراني فقال له الأخير: “ظنك نوقف معهم “أي الفلسطينيين، مكملاً بلهجته السعودية:
”وهم لاعنين أبو خامسنا”،
ليرد القصبي عليه:
“نحن نقف مع الحق والمبدأ والضمائر”.
بعد أن تحدث عن أن هناك فلسطينيين يبنون الجدار العازل وبعضهم باع أرضه مقابل فلسطينيين قاوموا الاحتلال .. والقصبي بذلك يضع السم في الدسم متناسياً موقف السعودية التاريخي من القضية الفلسطينية والمخالف للضمير الذي يتحدث عنه.
ويتساءل المواطن العربي الشريف، عن أية تضحيات يتحدث هذا الفنان الذي بان على حقيقته، وكل شهيد سعودي ارتقى في سبيل فلسطين مجير للقومية العربية وهو بريئ من تاريخ آل سعود المشبوه بحق فلسطين.. علماً بأن معظم الأموال الداعمة للقضية الفلسطينية كانت تجبى من الرواد الفلسطينيين المقيمين في السعودية ممن ساهموا ببناء البنية التحتية للمملكة.
وفي سياق الرد على تهمة بيع بعض الفلسطينيين لأراضيهم للوكالة اليهودية، أذكر الفنان ناصر القصبي بوثيقة “فالصو” التي كتبت بخط يد الملك عبدالعزيز آل سعود، وختمت بخاتمه وكانت موجهة للسير پرسوى كوكس، وهو ضابط وإدارى ودبلوماسى بريطانى، تضمنت الوثيقة موافقة للملك عبدالعزيز على التخلى عن فلسطين لليهود مقابل حماية عرشه، ونشرها الكاتب عبد المجيد حمدان، فى الجزء الثانى من كتابه “إطلالة على القضية الفلسطينية” الصادر عن “المركز الفلسطينى لقضايا السلام والديمقراطية”، كما نشرها كذلك فى صحيفة الشعب.. وهي من الوثائق المفرج عنها من الأرشيف البريطاني. والتاريخ يعيدنا إلى دور الملك عبد العزيز آل سعود في إيقافه لثورة عام ١٩٣٦ من خلال الهدنة التي اتفق عليها بنية موافقة حكومة الانتداب البريطاني على مطالب الفلسطينيين وكانت النتيجة أن أخمدت الثورة.. وهيئت الظروف لتنمية قدرات العصابات الصهيونية كي تنموا بدعم بريطاني لتحتل بعد ذلك فلسطين عام ١٩٤٨.. أمًا أكذوبة بيع بعض الفلسطينيين لأراضيهم فهذا مردود على المروجين للدعاية الصهيونية ومنهم القصبي، وهو كواضع السم في الدسم لأن الذين تصرفوا بالأرض لصالح الوكالة اليهودية، هم بعض العائلات العربية من غير الفلسطينيين التي كانت تمتلك سهل مرج بن عامر وهذا مثبت بالوثائق ويمكن الرجوع إليها بواسطة محرك البحث جوجل.. والفلسطينيون طردوا من أرضهم بالحديد والنار، وتؤكد ذلك المجازر الصهيونية الكثيرة التي اقترفت بحقهم عام النكبة، ومنها حي العجمي في يافا واللد والرملة والقدس ودير ياسين وحيفا التي أشار إليها الشهيد غسان كنفاني في روايته التي ترجمت إلى ثلاثين لغة عالمية “عائد إلى حيفا” بالإضافة إلى الكثير من القرى المدمرة ومن ذلك تفريغ قرية الدوايمة التي انتمي إليها من أهلها بعد اقتراف العصابات الصهيونية لمذبحة الدوايمة الشهيرة في التاسع والعشرين من أكتوبر عام ١٩٤٨.وقد قضى جدي الشهيد إسماعيل السباتين فيها نحبه.. واللافت أن ولي العهد السعودي بن سلمان اليوم يعيد مسيرة جده عبد العزيز، فيذهب إلى دعم صفقة القرن ويتنازل عن القدس رغم تراجعه التكتيكي عن ذلك في القمة العربية الطارئة بمكة المكرمة التي عقدت في مايو ٢٠١٩، ويفتح الباب على مصراعيه للمحتل الإسرائيلي كي يتغلغل في العمق العربي من خلال مشروع نيوم، لا بل ويوجه ذبابه الإلكتروني لمهاجمة الفلسطينيين بغية تشويه الشخصية الفلسطينية وفق متطلبات صفقة القرن وذلك لضمان وصوله لعرش المملكة الموعود..
ولكن مقابل هذا الكم من النفايات الدرامية التطبيعية، ينير الفضاء العربي المسلسل السوري “حارس القدس” الذي يبث من قناة الميادين ليمثل الرد القوي على المسلسلات الخليجية المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي..
ومسلسل حارس القدس، من تأليف حسن يوسف وإخراج باسل الخطيب وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي.
ويرصد العمل السيرة الذاتية للمطران هيلاريون كبوجي المولود في حلب عام 1922 والذي أصبح مطراناً لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965 ولعب دوراً كبيراً في خدمة القضية الفلسطينية حتى اعتقلته قوات الاحتلال الصهيوني عام 1974 بتهمة “تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية” ليبعد بعدها إلى روما ويقضي ما تبقى من حياته فيها دون أن يتخلى عن دوره الوطني والديني المقاوم للاحتلال والداعم للقضية الفلسطينية ولوطنه سورية في نضالها ضد الاحتلال وعملائه حتى وفاته عام 2017 عن عمر 94 عاما. وهنا تتوقف الأقلام وللحديث بقية.
٢٨ أبريل ٢٠٢٠.