دراسات ….
بقلم : بكر السباتين …
مدخل
دعونا نرتحل جميعاً إلى عمق الذاكرة الفلسطينية، لنلتقي في ربوعها بإحدى دُرَرِ الساحل الفلسطيني، مدينة عكا التي أنجبت ملك الجليل ظاهر العمر والشهيد الكاتب غسان كنفاني.. هيا بنا نعيد بناء معالم هذه المدينة في ذاكرة الحنين، لنذوب في عشق مدينة نابضة بالحياة؛ للرد على سياسة الإلغاء التي تعتمدها مؤسسات الكيان الإسرائيلي في إطار مشروع التهويد الصهيوني الرامي إلى إلغاء الهوية الفلسطينية بكل تفاصيلها التراثية والمكانية والتاريخية، وبالتالي طمس الذاكرة الفلسطينية وعلاقتها بالمدن الفلسطينية..
ألا ينبغي علينا الرد على سياسة التهويد بإماطة اللثام عن أكاذيبها ليدوي صوت الحقيقة عالياً بملامحنا! وهل ثمة ما يغيظهم أكثر من إنعاش ذاكرتنا الوطنية التي لا تبور.. حتى نرسخ حق العودة في العقل الجمعي للجيل الفلسطيني الجديد، من خلال الحديث عن مدن فلسطين السليبة (حيفا.. عكا.. يافا.. غزة.. المجدل.. اللد.. الرملة.. القدس.. بيت لحم.. الخليل.. بئر السبع.. رام الله.. جنين.. البيرة.. الناصرة.. طبريا.. صفد.. هذا الحق المبذور في وجداننا كأنها حبات القمح، تطل برؤوسها مشرئبة إلى زهرة النور، بانتظار آلهة المطر (بعل) الكنعاني كي تمطر السماء قمحاً وتتحول الذاكرة إلى حقل تفور فيه الوعود بالتحرير.. ونتنسم من ربيعه عبق الأمكنة المنكهة برائحة من غادروها إلى المنافي أو ارتقوا شهداء في سبيلها منذ عام النكبة.
هذه مناسبة كي نحرج موقف الرواية الصهيونية أمام العقل الإنساني وضميره، حين تدعي بأنهم شعب متجانس العرق عاد إلى أرض الميعاد من متاهات المنفى الطويل، دون أن تبرر ما ارتكبه المحتل الصهيوني من ذنب بحق صاحب المكان الفلسطيني، وكيف مارس عليه الإرهاب والقتل والطرد إلى المنافي ليضيق الخناق على من صمد في أرضه!! وليخرب كل المظاهر التي تمت إليه بصلة، في محاولة منه لطمس المعالم الحضارية المدهشة وبالتالي الترسيخ لأكذوبة “فلسطين القاحلة والأرض اليباب التي لا شعب فيها ولا هوية” أكاذيب روجتها الدعاية الصهيونية على مستوى الإعلام والجامعات والمؤسسات الثقافية ومراكز البحث العلمي.. لا بل وأخذتهم العربدة لاستلاب الإرث الكنعاني وتجريد المكان من ملامحه العربية والإسلامية والمسيحية.
لقد أقيمت الفكرة الصهيونية على البعد القومي في زمن صراع القوميات بأوروبا، لكنها نفذت وفق الرؤية الدينية القائمة على التوراة والتلمود.. التي حولوها إلى شعارات أوهموا العالم من خلالها بأن يهود العالم إنما هم أمة متجانسة وشعب الله المختار، وأن فلسطين هي أرض الميعاد التي ستجمعهم من بعد شتات، وقد أنيط باليهود إعادة بناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى.. من هنا جاءت التبريرات التاريخية لاحتلال فلسطين.
وكدأب المنتصر فقد أعادوا بناء روايتهم على هذا الأساس لكن اشتراك بعثات عالمية في التنقيب عن الآثار كان يثبت دائماً بأن كل الشواهد الأثرية القديمة على هذه الأرض كانت كنعانية؛ لذلك اجتهد المؤرخون الإسرائيليون الجدد في إعادة ترميم الرواية الصهيونية وسوغوها مع فكرة أن يكون الكنعانيون قد تخلوا عن وثنيتهم حيث كانوا يعبدون الآلهة (إيل وبعل وعناة ويم)؛ ليتحولوا بعد ذلك إلى الديانة اليهودية، ولأن ذلك سيتعارض مع النصوص التوراتية والتلمودية التي تتحدث عن التجانس العرقي اليهودي عبر التاريخ، كونهم شعب الله المختار، فقد غضوا الطرف عن ذلك مقتدين بما فعلوا مع يهود الخزر حينما استوعبتهم الفكرة الصهيونية.
وهذا مخالف تماماً للحقيقة التي تذهب إلى أن الكنعانيين هم عرب أقحاح أورثونا أرض فلسطين بما عليها من شواهد وآثار، وان لاحتلال الصهيوني اغتصب أرضاً كانت تعمها الخيرات، وكانت مدنها مزدهرة من كل النواحي، وشعبها متحضر.
في المحصلة تم احتلال فلسطين برمتها بعد مقاومة فلسطينية شرسة، واقترفت العصابات الصهيونية في ظل حكومة الانتداب البريطاني كل أنواع الجرائم بحق الفلسطينيين، وتم تهجير معظم الشعب الفلسطيني إلى المنافي، واستمرت نتائج النكبة في التداعي السلبي بفعل الهزائم المتعاقبة، وصولاً إلى تبني الكيان الإسرائيلي لقرار تهويد فلسطين. والذي أدخلنا مع العدو في صراع وجودي على المكان الموروث، والتاريخ المثبت والهوية بكل أبعادها الإنسانية والتراثية والدينية. وكان على الذاكرة الفلسطينية أن تتصدى لسياسة التهويد في إطار جبهة المواجهة الثقافية.. وفضح الممارسات الصهيونية التي تسعى إلى هدم المسجد الأقصى، ومنع الجمعيات الفلسطينية واللجان المحلية من ترميم بيوت الفلسطينيين التراثية المتهالكة، حيث انهار بعضها وخاصة ما جرى في عكا القديمة في فبراير عام 2014 حينما انهارت عمارة يمتلكها العرب ويعود تاريخ بنائها إلى ما قبل الثلاثة قرون، وتصدّعت نتيجة الحادثة البيوت التراثية المجاورة والمأهولة بالسكان العرب، وهذه العقارات خاضعة لسيطرة شركة “عميدار” الإسرائيلية للإسكان التي سيطرت عليها من خلال قانون “أملاك الغائبين” وتقوم بتأجير بعضها، وبالتالي فإن المواطنين الفلسطينيين لن يتمكّنوا من ترميم منازلهم إلا بموافقة الشركة التي تتعامل معهم بعنصرية، وعادةً ما ترفض مطالبهم، في محاولة للضغط عليهم وحملهم على الهجرة والرحيل عن أراضيه.
حدث هذا في عكا، رغم أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (يونيسكو)، قد أدرجت في عام 2001 البلدة القديمة في عكا، التي تحوي آثارا عثمانية وصليبية، ضمن قائمة التراث العالمي، لكنها إرادة الاحتلال التي تتجاوز كل القوانين الأممية..
وها هو طائر الفينيق الكنعاني سينفض جناحيه من رماد النكبة، ليأخذنا إلى حاضرة تلك المدينة الصابرة على ضيم الاحتلال.. حتى نطل من خلال عينيه الثاقبتين على تفاصيل مدينة ظل المؤرخون يطلقون عليها اسم “قاهرة الغزاة”.. فتتبدى معالمها العصية على تقلبات الزمن أمام عيوننا.
عكا عبر العصور
عكا هي من أقدم وأهم مدن فلسطين التاريخية، تقع شمال فلسطين على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
تأسست المدينة في الألف الثالثة ق.م على يد الكنعانيين (الجرشانين)، الذين جعلوا منها مركزاً تجارياً ودعوها باسم (عكو) أي الرمل الحار. أصبحت بعد ذلك جزءا من دولة الفينيقيين، ثم احتلها العديد من الغزاة كالإغريق والرومان والفرس والفرنجة الصليبيون. ثم دخل العرب المسلمون عكا سنة 636 م / 16.
ثم احتلها الصليبيون في عام 1104 وكانت عكا مرسى مهم في هذه المنطقة. وأصبحت الميناء الرئيسي والحصن المنيع لهم، وقسمت إلى أحياء، حيث تركزت كل جالية منهم بحيّ خاص بها، مثل بيزا، جنوه، البندقية، فرسان الهيكل، والاسبتاليين. وقد انتهى عهدها الذهبي بسقوطها سنة 1291م، على يد المماليك.
ثم انتهى حكم المماليك وانضوت فلسطين وكل بلاد الشام تحت حكم الدولة العثمانية الذي دام قرابة الأربعة قرون.
وترك العثمانيون أثراً كبيراً في ازدهار مدينة عكا، حيث ازدادت أهمية الميناء على أيامهم، وانشأوا المدارس والمساجد والكنائس والحمامات والأسواق والسرايا وغيرها من الأبنية الحكومية والخاصة.
وفي سياق الحكم العثماني احتل ظاهر العمر الزيداني المدينة عام 1744 م وفي عام 1750 م أصبح حاكم عكا مقابل مبلغ من المال يرسله ظاهر العمر لوالي صيدا. عندها انقلبت عكا من قرية منسية إلى مدينة مركزية ومهمة، خاصة بعد تحصينها عام 1750 – 1751 م بسور وأبراج. طول السور كان 500 م في الشمال و300 م في الشرق، وصل علوه إلى ثمانية أمتار تقريباً، وسمكه كان حوالي متراً واحداً، ولم يكن هناك نفق أمامها أو قناة عميقة، ومثل هذا السور استطاع أن يصد هجمات البدو الذين لم يكن لديهم مدافع.
كان في سور ظاهر العمر بوابتان قويتان: بوابة السراي (تحمل اسم قصره المجاور) في شمال غرب السور وبوابة السباع (نسبة إلى صورة السباع المحفورة في حجر فوق هذه البوابة) في الجنوب الشرقي من سور المدينة.
وفي الزاوية الشمالية الغربية من المدينة، وفوق أنقاض القلعة الصليبية بنى ظاهر العمر قصره المحصن ووضع فيه عدداً من المدافع القديمة، وحفر قناة صغيراً من حوله، وبنى مسجد الرمل في مركز المدينة، وأقام سوقاً كبيراً (السوق الأبيض) الذي رممه سليمان باشا فيما بعد.
ثم انتهى حكم ظاهر العمر على يد أحمد باشا الجزار الذي تميز حكمه بسيطرته على القوى المحلية في فلسطين وجبل لبنان وتحديه للعثمانيين بإدخال ولاية دمشق ضمن دائرة نفوذه واستكمال بناء عكا وسورها القوي.
وأفشل حملة نابليون بصموده داخل أسوار عكا عام 1799وساعده في ذلك انتشار مرض الطاعون بين الجنود الفرنسيين.
وفي 4 فبراير 1918 احتلها البريطانيون ومارسوا على أهلها صنوف القتل والاستعباد كدأبهم مع المدن والقرى الفلسطينية الأخرى.
وكان لأهالي عكا دَورٌ في كلّ الانتفاضات والمُظاهرات والمؤتمرات والثورات الفلسطينية ضدّ الإنكليز واليهود. وبعد انسحاب القوات البريطانية واشتعال الحرب، دافع أهل عكا عن مدينتهم حتى امتدّ القتال من دارٍ إلى دارٍ ومن شارعٍ إلى شارعٍ، إلى أن سقطت بأيدي المُنظّمات الصّهيونية المُسلّحة وذلك بفضل ما تملكه من أحدث آلات الحرب من المُصفحات والمدافع والزوارق الحربية. وأدّى الاحتلال إلى تشريد بعض أهالي عكا.
في شهر أيار 1948 سيطرت المنظمات اليهودية على مدينة عكا بعد عدة معارك ومجازر قامت بها في المدينة وقراها لترويع السكان العرب وإجبارهم على الرحيل. وبعد النكبة، سيطرت دائرة أراضي إسرائيل على 85% من منازلها (1125منزلا) وتديرها اليوم شركتان حكومتان (شركة تطوير عكا وعميدار). يشار إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تتوقف عن تضييق الخناق على عكا العربية واضطرار سكانها إلى الرحيل من خلال إنذار السكان العرب ومنعهم من ترميم بيوتهم التي باتت معظمها تعاني من التصدعات، بل والانهيار.
ولقد عملت السلطات الإسرائيلية بعد النكبة، على تنفيذ مخططاتها، من خلال خطة أطلقت عليها تطوير عكا، ولكن هذه الخطة بالمفهوم الحقيقي هي تهجير للسكان الفلسطينيين، وتفريغ المدينة وتهويدها وطمس معالمها وتشويه تاريخها، حيث أحيطت المدينة القديمة، بالبنايات الكبيرة والعمارات الضخمة، بهدف التغطية على مدينة عكا الأصلية. كما أن مدينة عكا، ما زالت مستهدفة بالدرجة الأولى من خلال الهجمات العنصرية، لأنها مدينة حضارية وتاريخية، وتشهد على عروبة هذه البلاد، كما أن محاولات التهويد، لم تتوقف ولو لحظة، إلا أن صمود فلسطينيي عكا، وتمسكهم بمدينتهم، وبتاريخها، أفشلت وستفشل كل مخططات التهويد، وبقيت البلدة القديمة، وهي مدينة عكا الأصلية، عربية مائة بالمائة، بتاريخها ووجهها ومعالمها التاريخية. كما أن سكان عكا، داخل البلدة القديمة، حافظوا على مساجدهم وكنائسهم.
*معالم عكا قبل النكبة والتي مسحها الاحتلال..
مدينة عكا الحالية تنقسم إلى قسمين: المدينة الجديدة والبلدة القديمة. وقد شُيّدت المدينة الجديدة بمساكنها العامة وأحيائها التجارية ومنطقتها الصناعية لتستقبل المهاجرين اليهود الجدد. وتقع جميع هذه الأبنية خارج البلدة القديمة محافظة بذلك على طابعها وأصالتها.
البلدة القديمة محط الأنظار في عكا. فهي ما زالت تحافظ على الكثير من مظاهر الفترات الثلاث الأخيرة من تاريخها ألا وهي الفترة الصليبية والعربية والتركية.
وكانت مدينة عكا قبل النكبة عام 1948، تُقسم إلى المناطق الآتية: الشط الغربي، عز الدين، الطالع الأول، الطالع الثاني، الطالع الاعوج، شارع فبركة الكبريت، منطقة جنينة البلدي، شارع بيروت، شارع الرشادية، الفجر، وشارع صفد ، بالإضافة إلى البلدة القديمة والتي تشمل على 23 حارة، وهي: حارات “المبلطة”، الرمل، الدبسي، اليهود، الشيخ عبد الله، النمرود، دْراع الواوي، الخرابة، المعاليق، المجادلة، القلعة، البصة، الشيخ غانم، الشراشحة، الفاخورة، سبيل القديس، ساحة الكراكون، الخمامير، ساحة عبود، ساحة اللومان، شارع الجزار، وشارع صلاح الدين. ولم يبقى بعد النكبة، من هذه الأسماء سوى شارع صلاح الدين.
أما بعد النكبة، أقدمت البلدية على تغيير معظم الأسامي العربية في الأحياء والمناطق في عكا، وتم إنشاء مناطق جديدة أخرى.
ويبلغ عدد سكان عكا 46 ألفاً، منهم 17 ألف فلسطيني، يشكلون 35 % من نسبة السكان، وهذه النسبة في ارتفاع، وهو ما يقلق حكومة الاحتلال الإسرائيلي؛ ولمواجهة النمو الديمغرافي لعرب عكا، أقدمت “إسرائيل” على استجلاب المستوطنين العنصريين من مستوطنات قطاع غزة، للاستيطان في عكا، والذين بدأوا يثيرون ممارسات استفزازية، ضد سكان عكا، ليعيشوا مرحلة تصدٍ دائم لهؤلاء المستوطنين العنصريين وممارساتهم.
تراجعت عكا من مكانتها كمركز إقليمي عربي. حيث تعاني المدارس فيها من ضائقة مادية صعبة، ويشكو العرب من تمييز صارخ في ميزانيات التعليم، مما دعا أولياء الأمور إلى تسجيل أولادهم في المدارس اليهودية.
*معالم البلدة القديمة
1- الأسوار
وهي اسوار بناها القائد ظاهر العمر عام 1750 – 1751 م. يبلغ طول السور كان 500 م في الشمال و300 م في الشرق، وصل علوه إلى ثمانية أمتار تقريباً، وسمكه كان حوالي متراً واحداً، ولم يكن هناك نفق أمامها أو قناة عميقة، ومثل هذا السور استطاع أن يصد هجمات البدو الذين لم يكن لديهم مدافع. كان في السور بوابتان قويتان: بوابة السراي (تحمل اسم قصره المجاور) في شمال غرب السور وبوابة السباع (نسبة إلى صورة السباع المحفورة في حجر فوق هذه البوابة) في الجنوب الشرقي من سور المدينة.
2- خان العمدان
ويقع قرب مدخل الميناء، تم بناؤه في القرن التاسع عشر على يد أحمد باشا الجزار، وقد جلبت عمدانه من خرائب قيسارية وعتليت، ويطلق عليه اسم (خان الجزار). ويقع فوق مدخله الشمالي برج ساعة بني سنة 1906 تخليدًا لذكرى السلطان عبد الحميد الثاني. كما أن في الطرف الشرقي من المدينة وبالقرب من برج السلطان – وهو أحد الأبراج الباقية من عهد الصليبيين – يوجد (خان الافرنج)، وكان يستعمل مركزًا للتجار الأوروبيين.
3- القلعة
وكانت تُعرف أيضا بـ سجن عكا، ترتفع فوق البناية المجاورة لها. لقد أتم بناءها أحمد باشا الجزار، وقامت على أسسس صليبية. اُستعملت زمن الانتداب البريطاني كسجن مركزي، وكانت تتم فيه أحكام الإعدام، حيث اُعدام فيها 3 من الشباب الفلسطينيين المقاومين للاستعمار البريطاني والهجرة اليهودية إلى فلسطين، وهم: محمد جمجوم، فؤاد حجازي، عطا الزير. وقد اُستغلت القلعة فيما بعد، كمستشفى للأمراض العقلية لعدة سنوات.
4- حمام الباشا، أحد أشهر معالم عكا العثمانية.
6- مسجد الميناء
ويسمى أيضاً جامع البحر، اقيم على يد سليمان سنة 1806 في نفس موقع مسجد سنان باشا القديم (سنان باشا هو مهندس تركي بنى عدة مساجد على اسمه في مدن الشرق). وتشير التقديرات إلى أن تم بناء المسجد في أواخر القرن السادس عشر. وهو أول دار عبادة للمسلمين في عكا. تم ذكره في كتابات العهد العثماني باسم “مسجد سنان باشا”.
7- مسجد الجزار والسوق الأبيض
يقع في مدخل المدينة من الجهة الشمالية، وعند وصولنا إلى الجامع نشاهد عند مدخله (سبيل ماء) رممه سليمان باشا، وكان قد أقامه أحمد باشا الجزار. نصعد عددًا من الدرجات، ثم ندخل المسجد الذي يحتوي على ساحة واسعة بعضها مبلط، كما تحتوي الساحة على أشجار السرو والنخيل العتيق. وفي مركز الساحة نشاهد بناء له قبة خضراء ( الموضأة)، وبالقرب منه بئر ماء ومزولة من الجهة الغربية، حيث دفن فيها أحمد باشا الجزار، وبجانبه خليفته سليمان باشا الذي مات سنة 1819م. لقد أتم أحمد باشا الجزار بناء المسجد سنة 1782م، أما الغرف الصغيرة الموجودة في داخل المسجد فقد كان يسكنها طلاب العلم أيام كانت في جامع الجزار مدرسة إسلامية، أما حجارة المسجد فقد جُلبَتْ من خرائب قيسارية وعتليت، وقد تم ترميم المسجد حديثًا. يعتبر مسجد الجزار أعظم مسجد في شمال فلسطين على الإطلاق بسبب حجمه والفن المعماري الإسلامي الذي يبرز معالمه.
8- مسجد الزيتونة
ويقع المسجد جنوب الزاوية الشاذلية، ويرتبط اسم المسجد مع أشجار الزيتون التي كانت تنمو في ساحته.
9- كنيسة ودير الفرنسيسكان (اللاتين)
تقع هذه الكنيسة في وسط السوق الشعبي تمتاز بمنارتها الشاهقة (برج الأجراس) وبجمالها ولونها البني، شيدت في عهد فخر الدين المعني في أوائل القرن السابع عشر، وبمحاذاة الكنيسة أنشأ رهبان الفرنسيسكان ديراً لهم. ودير الفرنسيسكان هذا يشرف على إدارة مدرسة تيراسنطة الثانوية (الأراضي المقدسة)
10- كنيسة القديس يوحنا
تقع هذه الكنيسة على سور المدينة شرقي برج الفنار شيدت عام 1737م على يد تجار فرنسيين وقد بنيت هذه الكنيسة وفق الطراز المعماري القوطي
11- كنيسة القديس جوارجيوس
وهي كنيسة يونانية أرثوذكسية، وهي تعود إلى فترة الصليبيين ومبنية على أثار كنيسة بيزنطية، وقد غلفت جدران الكنيسة من الداخل بالخشب المحفور.
12- محطة قطارات عكا
في عكا محطة مركزية للباصات، والتي فيها مسارات لحافلات المدينة ولمدن ووجهات أخرى إلى جميع أنحاء البلاد. وهي أيضا تخدم المدينة من خلال محطة سكة حديد عكا.
13- ميناء عكا، أحد أهم موانئ فلسطين التاريخية، تم ذكره لأول مرة بعد الغزو المصري لفلسطين عام 525 ق.م.
14- مدرسة تراسنطة
15- حديقة البهائيين
*النشاط الثقافي الفلسطيني في عكا بعد الاحتلال كانت عكا مركزا مهما للإشعاع الفكري والثقافي في فلسطين التاريخية طيلة فترة الانتداب البريطاني وقبلها في العهد العثماني، والذي تدهور بشكل كبير بعد النكبة عام 1948، وتهجير معظم سكانها. إلا أن سكانها يحاولون إعادة الروح إلى هذه المدينة، بفضل المهرجانات والمناسبات الثقافية التي تشهدها المدينة بازدياد مؤخراً، كمهرجان “لغتي هويتي” لدعم اللغة العربية في المدينة، ومهرجان “مسرحيد” للأداء المسرحي، اليوم الوطني للثقافة الفلسطينية بعكا.
هذه محاضرة عكا مدموغة بالحنين فمن ينسى جذوره لا تستقبل هامتها السماء.. ذاكرتنا مسمدة بالحنين إلى الديار السليبة، والصهاينة كما قال درويش” عابرون”
—————————
* ألقيت في ندوة بعنوان مدن فلسطين السليبة ذاكرة لا تبور- دارة آل أبو بكر للثقافة والعلوم.. عمان