على طريقة : من يتزوج امي فهو عمي : لماذا يؤله الانسان العربي حاكمــــــــه – بقلم : وليد رباح

كلمة رئيس التحرير
بقلم : وليد رباح …
ملحوظة : لا تشمل هذه الدراسة او الكلمة شعبا عربيا بذاته .. وانما تشمل كل شعب عربي (الا قليلا) مذ وجد على وجه البسيطة ,  بدءا من شواطىء محيطه الى حفة خليجه .. وكأنما قرأوا جميعا على ( شيخ) قبيلة  واحد .. ذلك الشيخ الذي اتخذ من حاكمه الها فتبعه القوم يسبحون ما وصف به حاكمه بكرا وأصيلا .. فاذا شذ احدهم عن نغمة الشيخ صاح الشيخ انه خارج عن الجماعة فاقتلوه .. ثم تسجل الجريمة ضد مجهول ..
****
المجهول والمعلوم في اللغة لهما طنة ورنين .. فان كان الفعل مجهولا القي في الزبالة .. وان كان معلوما فبنو يعرب يصفقون ويهللون ويرقصون .. وليس هذا بيت القصيد .. فالبيت يهدم على رأس سكانه ان كان المعلوم رئيسا او ملكا او حاكما او صاحب عظمة او سفيرا او قنصلا او شيخا قبليا قد تعرض للنقد او لم يتعرض حتى وان كان النقد مجهولا .. فكل من ذكرنا يعتبره ضده .. وكم من ناقد وجد على قارعة الطريق يوما وقد ساح دمه حتى وصل الى ( الترعة) القريبة من مكان مقتله .. ثم تأتي الشرطة ( فارعة دارعة) للتحقيق فاذا القضية تسجل ضد مجهول .. وهكذا يصبح المجهول والمعلوم صنوان .. فبامكان كل محكمة عليا ان تحكم على مجرم بالبراءة ان كان القاتل قد تحزب للمعلوم .. ( وبالمشبرح) للرئيس او ما ذكرناه سابقا .. وهكذا تسير الامور في عالم عربي ربما وصفناه بالغابة ..

ونبدأ بالكتاب ( ممن يقال لهم مبدعون) ثم ننحو نحو الشعب بكامله .. ثم نأتي الى ( البين بين) فالكاتب ان لم يكن معارضا حقيقة وليس تصنعا .. من يتزوج امه فهو عمه .. ولا يهمه ان كان الرئيس جاء على دبابة او سابحا في بحر او نهر ليسا عميقين كي يظل حيا .. وعندما يهم الكاتب بالكتابة عنه يستحضر في ذهنه كل كلمات ( الهجص ) العربية .. فمن سيادة الى جناب الى عظمة الى مخلص الى افندم الى جلالة الى فخامة الى العظيم الى الرحيم الى القائد الى هبة الله للشعب الى غير ذلك .. ثم يتطرق الى اسماء الله الحسنى لكي يضفيها على رئيسه .. ولولا خشية الله ونقد المهتمين الابعدين لوضعه مكان الله في حكمه .. وهكذا تدور الدائرة الى من يقفون على قمة المناصب من وزراء ورجال جيش ومرشحون لوظائف الدولة الكبرى .. ثم يتسرب الى الصغرى فيصفهم جميعا بعامود الخيمة التي في الحقيقة سوف تنهار على رؤوس اصحابها .

ونلحق بالشعب الذي يهلل لرئيسه ثانيا .. فهو يهتف مع الهاتفين ولا يدري لماذا يهتف .. فقد علمته امه منذ ولادته ان يكون ذيلا وليس رأسا .. فهو يسير في المظاهرات التأييدية ولا يعرف احيانا اسم الرئيس او هويته .. اذ ربما كان جاسوسا على شعبه .. او رجل اعمال نهب الشعب بكامله .. او يحمل النجوم على كتفيه مثل المطر .. وتأكيدا تحضرني نكتة قالوها في الثلاثينات من القرن الماضي في فلسطين .. اذ كانت هنالك مظاهرة ضد الانكليز يقول فيها المتظاهرون ( فليسقط وعد بلفور) وقابلتهم ثلة من المتظاهرين ايضا لا يدرون ما الاوائل يهتفون .. والتقطوا خطأ بعض الكلمات لبعد المسافة فاصبحت المظاهرة الثانية تهتف (فليسقط واحد من فوق ) فاصبحت كلمة فوق على وزن بلفور .. وهكذا تشردنا في بقاع الارض . ومن زمن سيىء الذكر بلفور ووعده للصهاينة ان يحتلوا ارض فلسطين .. نذهب الى مصر .. فقد كان هنالك اديب مصري عربي ذاع صيته حتى بلغ الافاق .. ويبدو انه كان مدرسا في مدرسة ثانوية .. فقد وجه سؤالا الى طالب من طلبته فقال له : قل : ينهق الارنب .. فقال الطالب .. عفوا يا باستاذ .. الارنب لا ينهق .. بل يصوصو .. فقال الاديب ولا اذكر اسمه : بل قل ينهق الارنب .. وزارة التربية والتعليم عايزة كده .
اما ان فهم بعض الشعب الحقيقة .. واعني حقيقة الحاكم بحكم تنوره قليلا .. فان السجون ( ما شاء الله ) مفتوحة قد تستوعب الشعب بكامله اذا ما اراد الرئيس ان يلقي القبض على الشعب ويزجه في افران السجون التي تأكل الانسان المعارض دون ان يدري أحد .. ولا يوثق وثاقه احد . دون ان تكون هنالك نفس مطمئنه.

ومن ثم نأتي الى المهاجر الذي ترك بلاده قسرا واستوطن بلاد الله الواسعة .. ولقد وصفناه بالبين بين في مقدمة هذه الكلمة .. فهو ان لم يخرج في مظاهرات عارمة لتأييد الرئيس او الوزير او حتى الفراش في بلده .. يعتبر خارجا على القانون .. وتلتقطه مخابرات بلده عند اول زيارة له .. ففي المطارات رجال كفء من المخابرات والمباحث والشرطة يوجهون التهمة جزافا ولا يدري أحد ما المصير .. لذا فانك تراهم من كافة اقطار العرب وقد رفعوا اليافطات حبا بالحاكم .. وفي قرارة انفسهم يلعنون اليوم الذي ولد فيه ..
ولقد حضرت مرة احدى المظاهرات في امريكا لفئة من الشعب تصرخ بتأييد حاكمها .. ولقد سألت احد المتظاهرين عن الرئيس هل هو عسكري ام مدني ام تاجر ام افرزه الشعب فقال : أنا اعرف اسم الرئيس فقط .. ولا يهمني ماذا يفعل .. قلت .. على بركة الله .. اصرخ حتى ( تنفتق)

نخلص الى نتيجة واحدة لا ثاني لها ونعتبره سؤالا لذوي العقول : هل الشعب العربي بكامله مصاب بانفصام الشخصية .. مما يسمونه علميا ( شيزوفرينيا) .. يشتم رئيسه او حاكمه سرا ويمجده علنا ؟؟ فقد جبت الارض وذهبت الى خمسة واربعين بلدا في هذا العالم بمهمات لا اكاد أذكرها .. ولم اجد شعبا يهتف لرئيسه او لحكامه او لاولياء امور حكامه كما يهتف الشعب العربي لؤلئك .. قد ينطبق علينا كشعب عربي هذا التوصيف .. ولكني بعد دراستي لبعض الجنون الذي يصيب الانسان .. اقر واعترف .. ان الشعوب العربية كلها مصابة بالكساح العقلي .. ولله في خلقه شئون.