الحريري و ثيران العرب – بقلم : عدنان الروسان

أراء حرة …
بقلم : عدنان الروسان – الاردن ..
كان العرب ، المواطنون الضعفاء أمثالنا من العرب حينما يسافرون من وطنهم إلى أي بلد عربي آخر يقرؤون نصف القرءان في كل رحلة و كل أدعية السفر كي يمن الله عليهم بمرور آمن في مطار البلد العربي الشقيق الذي يقصدونه و حتى لا يحجز جواز سفرهم أو يعتقلوا أو يهانوا أمام باقي كل المسافرين و على رؤوس الأشهاد في المطار ، لا يهم لماذا لأن سلطات الدولة العربية من جمارك و أمن و مخابرات و استخبارات و غيرها من أجهزة تكتظ بها مطارات العالم العربي ليس هناك من يحاسبها و لو اعتقلت نصف القادمين أو المغادرين بأي حجة كانت و لو بحجة ظروف تجلب الشبهة .
هذا كان أيام زمان ..
أما اليوم فإن رؤساء الدول العربية و وزرائها و رؤساء حكوماتها باتوا يقرؤون القرءان كله حينما يذهبون لزيارة بلد عربي شقيق ، فالله يعلم هل يصلون أم لا يصلون ، و إن وصلوا هل تبقى هواتفهم النقالة معهم أم تصادر في المطار ، و إن دخلوا آمنين هل يملكون من أمرهم شيئا ، و هل يستطيعون المغادرة وقتما يشاءون أم سيسجنون أو يكونون تحت الإقامة الجبرية ، ما حدث للحريري في السعودية شيء يجعل الحليم حيرانا ، و وضع الحريري أفضل من وضع رئيس اليمن هادي عبد ربه منصور المسكين الذي يكاد يكون شاهد زور أكثر منه رئيسا لدولة و مع هذا فهو سائح بالإقامة الجبرية في السعودية أيضا .
مقابلة الرئيس الحريري التي أراد بها هو أو أراد بها سجانوه أن يثبتوا أنه حر طليق  مالك لإرادته كانت فاشلة تماما في تحقيق أهدافها ، كانت أقرب إلى المسلسلات العربية منها إلى مقابلة تم إعدادها على يدي جهاز مخابرات يعرف ما يريد و بنفس الوقت لم تكن مقابلة بريئة لا يد لجهاز مخابرات بها ، الرئيس كان أقرب إلى البكاء ، كان مخنوقا ، مليئا بخيبة الأمل و الإحباط حتى الإنبعاج ، و نجح في أن يملأ قلوب المشاهدين شفقة على حاله ، بغض النظر اتفقت معه أم اختلفت فأنت أمام لوحة مرسومة سريالية في الجزيرة العربية و كأن لورنس العرب ما يزال موجودا و اللورد مكماهون ما يزال حيا يزق ، و مجمل الصورة يمثل الغدر العربي كما رسمه ابن خلدون في مقدمته.
من المفترض أن نشمت بالرؤساء و الزعماء حينما ” يدقون ببعضهم البعض و نقول فخار يكسر بعضه ” و لكننا نجد أنفسنا متضايقين مشمئزين من النظام الرسمي العربي ، أي من الزعماء العرب الذين أظهروا أنهم في غالبهم أنذال حتى مع بعضهم البعض ، صدام حسين زعيم عربي يعدم و صبيحة عيد الأضحى و يقهقه جورج بوش الابن و توني بلير و أريل شارون ، بينما يلوذ الحكام العرب بالصمت كالنساء تحتل فرنسا و ايطاليا ليبيا و يخوزوقون القذافي و كان المقصود بالخازوق الأمة العربية كلها و يهتف الزعماء العرب مرحى مرحى ،  يحتجز الحريري و يجبر على الاستقالة و أشياء أخرى و لا من سمع و لا مين دري ، و يسجن رئيس منتخب على يدي جلاد مراهق سياسي ليس في ثلاجته إلا الماء رغم أنه من عائلة غنية ، و مخترع لجهاز معالجة السرطان بالكفتة ،  و يبقى الحكام العرب جالسين يلاحقون أخر قطرة ويسكي في كأس الذل و المهانة العربي.
حتى عصابات المافيا الإيطالية في صقلية و نابولي لا تقبل هذا الهوان ، حينما كانت الحكومة تعتقل كاموريستا او مافيوزو كانت الكوبولا ، و هي مؤتمر القمة للمافيا الموازي لجامعة الدول العربية في النظام الرسمي العربي و تتخذ إجراءات تأديبية ضد من يمس بالسوء أفرادها ، أتذكرون خطف رئيس وزراء ايطاليا الدو مورو ، لقد كان انتقاما من الألوية الحمراء لاعتقال رفاقهم في السجون الإيطالية ، الألوية الحمراء و المافيا و الكامورا لديهم ماء وجه يحافظون عليه و لا يقبلون أن يهانوا باعتقال رؤسائهم ، أما في النظام الرسمي العربي فباقي الثيران تأكل العشب و تجعر بينما الذئب يفترس الثور الأبيض ، ثم يأتي الدور على الثور الأحمر و يبقى الثور الأسود يأكل العشب و يجعر ، ثم حينما يأتي الدور على الثور الأسود الكبير ، يتنهد و هو يجتر أخر وجبة برسيم أكلها حراما و هضمها حراما و يجترها حراما و هو يتمتم ” ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض  ” .
الصومال ، اليمن ، ليبيا ، سوريا ، مصر ، السودان ، لبنان ، فلسطين ، انظروا كم ثورا أكل حتى الآن و ما تزال باقي الثيران تهز أذنابها و تنتظر الدور و ترمب يكمل قهقهة جورج بوش الأب ، و ماي تكمل قهقهة توني بلير ، بينما نحن منشغلون بتلحين أخر أغنية عن قطر ، علم قطر و قولوا لقطر و كأن قطر هي صاحبة وعد بلفور ، أو قطر هي من تدك اليمن ، أو من يبيع فلسطين بصفقة القرن ، أو كأن قطر هي من يريد إشعال الحرب فيما تبقى من البيادر العربية .
هذا زمان الشقلبة على رأي العين أبو عواد