خالدة جرار..أسيراتنا.. والكبرياء الفلسطيني – بقلم : فايز رشيد

فلسطين …
د. فايز رشيد – فلسطين المحتلة ..
مثل زهرة العباد تتجه دوما نحو الشمس . لا تخشى احتراقا مهما بلغت الحرارة. تدرك أن هويتها الفلسطينية مثل طائر الفينيق, تنبعث حتى من تحت الرماد, لتكون أفقا حالما في السماء الفلسطيتية الخالدة. تزرع الامل في أجيال قادمة. في الوقت الذي  تحرس فيه عصافير السنونو وهي تسقسق مغردة بالترانيم الفلسطينية. لم يكن نركسوس انانيا مثلما صوروا!, بل كان رمز عطاء مستديم,فمحل جسده نبتت زهرة النرجس. هذه, التي تملا جبال فلسطيننا لتجعل الربيع نديّا, متجددا  في كل فجر فلسطيني, ناثرة  عبقا سحريا  يمتد عميقا في الأزل.الفلسطينية مثل سيزيف, تحمل قضيتها ولكن بدلا من زحزتها إلى رأس جبل , تزرعها مقاوَمة في قلوب أعدائنا, لم تنتظر اولمر بلوتو كي يعيدها إلى الأرض, فارضها حقيقتها في كل أنواع الحياة.
تتهادى شجرة الزيتون الفلسطيني, وهي توقن ان الفلسطينية مهما بلغت من العمر,ستحتضن جذعها في عشق ازلي..لا يدرك الغازون معنانيه.. لتحميها من بربريتهم وحقدهم على الأشجار! والذين يحاولون اقتلاعها كما الجياد, يقتلونها! ذلك من أجل اختراع تاريخ جديد لهم ,ولأرضنا الفلسطينية العربية الكنعانية الأصيلة. غير مدركين لنهايتهم المحتومة. خالدة جرار الإنسانة, المناضلة, الأم ,الزوجة, الصديقة.. وقبل كل وصف: الفلسطينية الملتزمة بقضية شعبها.. هي كل المعاني السابقة مجتمعة, ومتجسدة في رمز فلسطيني , مثل كثيرات مضين, وأخريات يعشن… وكثيرات سيلحقن, ما دامت ارضنا محتلة من قبل المابعد فاشين الجدد.
خالدة جرار صلبة في الدفاع عن حقوق شعبها .لا تجامل في ما تعتبره حقا وعدلا ,تعبر عن آراءها بوضوح وبسلاسة وباسلوب جميل, مملوءة بالصدق والانتماء لقضيتها .عانت, وما تزال تعاني من موبقات الاحتلال وفظائعه في خارج السجن وبين جدرانه, كما كل شعبنا   ومثل كل أسيراتنا وأسرانا في المعتقلات المابعد نازية. كان هاجسها الوحيد بعد خروجها من السجن (وليس الإفراج عنها كما يدّعي العدو! فلماذا اعتقلها أصلا؟) الأسرى والاسيرات بشكل خاص. خرجت من السجن منقوصة الفرحة,لإدراكها أن الكثيرات من بناتنا ما زلن يعانين فظاعة أساليب الجلادين الصهاينة في السجون الصهيونية ,التي تتفوق في بشاعتها على سجون القرون الوسطى.
خالدة جرار لم تحمل سلاحا . مناضلة سياسية , تتخذ أيضا من بين مهامها ( كونها عضوا في المجلس التشريعي , ومحامية خريجة قانون) : الجوانب الحقوقية والنشاط في إطارالمنظات الحقوقية الفلسطينية, والدولية في الدفاع عن حقوق أبناء شعبها ,وملف الأسرى تحديدا في المحلس التشريعي , والوقوف في وجه الاحتلال المجرم وفظائعه ومذابحه وموبقاته. ومن الجدير بالذكر أن جيش الاحتلال أقدم منذ عام 2006م، على اعتقال أكثر من نصف نواب المجلس التشريعي لسطيني،ويقبع داخل معتقلات الاحتلال 6 نواب من المجلس التشريعي  بمن فيهم  القائد أحمد سعدات أمين عام الجبهة الشعبية  والمناضل مروان البرغوثي.
كان الصحفي ذو الضمير  جدعون ليفي قد كتب في صحيفة هآرتس, مقالة  له تحت عنوان ” خالدة جرار، سياسية شابة” تحدث فيها عن غياب القانون في دولة الاحتلال الإسرائيلي، والمهازل التي تدور في المحاكم العسكرية في الضفة الغربية، وعن صمت (اليسار) االصهيوني والمنظمات النسوية والإعلام االصهيوني  عن اعتقال المناضلة  خالدة جرار، وجاء في مقالة  ليفي:” قضية، بعدها لا يستطيع أي شخص أن يدعي أي من الإدعاءات الخمسة التالية، أولها، أن إسرائيل هي دولة قانون، , وثانيها أن شرطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة ليست ديكتاتورية عسكرية، وثالثها، أنه لا يوجد في إسرائيل اعتقالات سياسية، رابعهما أن للمحاكم العسكرية في المناطق المحتلة أي علاقة بالقانون أو القضاء، وخامسها، إن إسرائيل هي دولة ديموقراطية”.
وتابع ليفي في مقالته:” أحياناً تكفي قضية واحدة لإثبات ما قلت ، عضو البرلمان الفلسطيني خالدة جرار في الاعتقال أكثر من شهرين ولم ينطق أحد بكلمة واحدة، في البداية, أرادت إسرائيل إبعادها لأريحا لنصف عام، خالدة جرار رفضت القرار، الجيش تراجع عن قراره، ومن باب الانتقام اعتقلت إدارياً لستة شهور، الجيش ذهل من هول التضامن الدولي معها بسبب الاعتقال بدون محكمة”.وعن محكمة المناضلة جرار تابع ليفي:” في النهاية قرروا محاكمتها، لائحة الاتهام تشمل اثني عشر بنداً، اتهامات باطلة، اختلقوا لائحة اتهام، هكذا تتصرف مؤسسة تسمى نفسها مؤسسة قضائية، القضاة، المدعون العامون، قرارات قضائية، كلهم يلعبون لعبة وكأنهم يأخذون أدوارهم على محمل الجد، والنتيجة أمامنا”.
الفلسطينية كما الفلسطيني  عندما يمتشق المقاومة سلاحا ….لا يهمها ..ولا يهمه الاستشهاد ولا السجن , ولا الاعتقال ولا الإغتيال … فمعاناته الشخصية هي جزء من معاناة شعبه على مدى قرن زمني, وبذل الروح يكون جميلا.. وتكون الحياة رخيصة في سبيل الوطن . وطننا جميل.. حافظ شعبنا عليه …مثلما الآن … وسنظل متمسكين به ومحافظين عليه . نثق بتحريرة إن عاجلا أو آجلا. هم العابرون مثل أي غزاة قبلهم … سيرحلون … ونحن سنبقى …. وهم الخاسؤون.  من الاستحالة بمكان مهما اخترعوا  من أساطير وأضاليل أن يقفوا أمام  حقائق قضيتنا ,لن يغطوا الشمس  بغربالهم.
خالدة جرار.. أيتها الأبية والعصية عليهم ..ستظلين شامخة مثل كل امرأة  فلسطينية مناضلة, أيا كان شكل مقاومتها للاحتلال.. من خلالك ..لأسيراتنا نقول: حتي في المعتقلات أنتن أكثر حرية من الغاصبين. شعبنا في كل مواقعه مع صمودكن, ولعلني أستعير جملة المبدع الطاهر وطار في روايته المعنونة بـ العشق والموت في الزمن الحراشي: ” ما يبقى في الوادي غير حجاره” .. تحن سنبقى في ودياننا وعلى شاطئنا المتوسطي الجميل .. بين حقولنا وقمحتا وزيتوننا ووردنا .هم الطارؤون  على خبات رمل فلسطيننا من النهر إلى البحر… سينصرفون مكرهين ليس من أرضنا فحسب, وإنما من أفقنا..ز من الجغرافيا والتاريخ أيضا. .. فنحن  الخالدون كالأزل.
أرأيتم كيف يكون شكل الكبرياء الفلسطيتي العربي الكنعاني الأصيل في كل مظاهره؟ . خالدة جرار ..أهلا بك أيها الجميلة إلى الحرية الأوسع من جدران السجن…مرحبا بك أيتها الصديقة. ولا شك  بأن  خلف كل امرأة عظيمة يقف رجل.. وفي حالتك يقف الحبيب الصديق غسان.. زوجك…أهنؤه ايضا ,كما صباياكما  الجميلات , حيث كنّ.