منوعات …..
بقلم : جيمس زغبي – واشنطن ….
بدت المنافسة على الرئاسة الأميركية خلال العام الجاري مذهلة في بعض الأوقات ومخيفة في أوقات أخرى. وانخرط كلا الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» في صراعات شبه وجودية. وفي محاولة لإلقاء نظرة فاحصة على ديناميات العمل في هذه المنافسة، استضفت الأسبوع الماضي «ألان ليتشمان»، أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية، في برنامجي الأسبوعي «وجهة نظر» على قناة «جامعة نيويورك». وكعادته، يكون «ليتشمان» ضيفاً مميزاً، وهو مؤلف كتاب «مفاتيح البيت الأبيض»، الذي يشرح طريقته الخاصة في توقع الفائزين في الانتخابات الرئاسية.
واستضافة «ليتشمان» ضرورية في موسم الانتخابات الرئاسية الأميركية كل أربعة أعوام، وقد حرصت على دعوته إلى برنامجي خلال الفترة التي تسبق الانتخابات منذ عام 1996. وبينما تبدو منافسة العام الجاري مثل «سباق جامح» على طول الطريق المؤدي إلى الانتخابات في نوفمبر، فقد كنت متحمساً لسماع تحليله.
وعادة ما يبدأ «ليتشمان» مناقشته بنصيحة «عدم الاكتراث باستطلاعات الرأي، وتجاهل آراء المثقفين». وبدلاً من النظر إلى أرقام استطلاعات الرأي التي تسلط الضوء على الرأي العام في مرحلة من الوقت، أو الاستماع إلى المثقفين، الذين تعتمد تكهناتهم بشكل كبير على التخمينات، وضع «ليتشمان» طريقة للتوقع، تعتمد على تحليل الاتجاهات الكلية للاقتصاد والمجتمع. وقد طور نموذجه في عام 1981، استناداً إلى تحليل منافسات رئاسية ترجع إلى عام 1860، واستخدمها في توقع نتائج جميع السباقات منذ عام 1984 بشكل سليم. ووضع 13 مؤشراً تحدد معالم المشهد السياسي، ويسميها «13 مفتاحاً».
ويرى «ليتشمان» أنه إذا كان الحزب السياسي الموجود حالياً في البيت الأبيض يمكنه الحصول على ثمانية مفاتيح، فمن الممكن أن يطمئن للفوز في الانتخابات التالية. وأما الإمساك بأقل من 8 مفاتيح فيعني أن الوضع السياسي مهتز جداً للحزب الموجود في السلطة، وأن الانتصار مستحيل.
والمفاتيح الـ13 هي:
(1) لحزب الرئيس الحالي مقاعد في مجلس النواب الأميركي بعد انتخابات التجديد النصفي الأخيرة أكثر مما كان لديه في انتخابات التجديد النصفي السابقة. (2) ليست لدى الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس منافسة حقيقية على الترشيح الرئاسي. (3) مرشح الحزب الحاكم هو الرئيس الموجود. (4) لا يوجد طرف ثالث حقيقي يهدد الحزب الموجود في البيت الأبيض. (5) الوضع الاقتصادي على المدى القصير لا يواجه ركوداً. (6) على المدى الطويل، يتحسن النمو المتوقع لدخل الفرد. (7) الإدارة الموجودة أجرت تغييرات سياسية كبيرة خلال الأعوام الأربعة الماضية. (8) ليس هناك اضطراب اجتماعي كبير. (9) الإدارة الموجودة غير متورطة في فضيحة كبرى. (10) لم تحدث إخفاقات كبرى على الصعيد العسكري أو السياسات الخارجية خلال الأعوام الأربعة الماضية. (11) حدث نجاح كبير على الصعيد العسكري أو السياسة الخارجية أثناء الأعوام الأربعة الماضية. (12) المرشح الرئاسي للحزب الموجود في البيت الأبيض ذو شخصية كارزمية أو هو بطل قومي. (13) المنافس ليس صاحب شخصية كارزمية وليس بطلاً قومياً.
وبينما يحلل «ليتشمان» كلاً من هذه المفاتيح، يتوصل إلى أنه في هذه المرحلة، يمكن لـ«الديمقراطيين» الحصول بسهولة على سبعة مفاتيح. وهي: (4) إذا وجد تحدٍّ خطير من حزب ثالث، فإنه سيكون من اليمين. و(5) لا يظهر الوضع الاقتصادي ركوداً على المدى القصير. (6) على مستوى الاقتصاد الكلي، سيرتفع دخل الفرد على المدى الطويل (على رغم أنه قد ظل ثابتاً لنحو 80 في المئة من السكان). (8) على رغم صعود حركتي «حزب الشاي» و«حياة السود مهمة»، فليس هناك اضطراب اجتماعي كذلك الذي شهدناه أثناء الكساد الكبير، أو مع حركات الحقوق المدنية أو مناهضي حرب فيتنام. (9) لم يتورط الرئيس في أية فضائح كبرى مثل «ووترجيت» أو غيرها (وعلى رغم أن هيلاري كلينتون لا تزال تواجه قضية البريد الإلكتروني، إلا أن «ليتشمان» يتصور أنه من المستبعد أن تدينها وزارة العدل). (10) لم تعان الإدارة من أي هزيمة كبرى على صعيد السياسة الخارجية. (12) لا يمكن اعتبار أي من المرشحين الجمهوريين صاحب شخصية كارزمية أو بطلاً قومياً.
وبالنسبة لـ«ليتشمان»، ترتكز الانتخابات المقبلة على مفتاحين هما (2) و(11). وقبل عام مضى، كان من المفترض أن هيلاري كلينتون يمكن أن تفوز بسهولة بترشيح الحزب «الديمقراطي»، ولكن منافسها «بيرني ساندرز» جعل المنافسة حقيقية، ويبدو مؤهلاً للبقاء في السباق وحتى الوصول إلى مؤتمر الحزب. وحسب «ليتشمان»، فإذا لم تحسم كلينتون الترشيح سريعاً، وتفوز بثلثي الأصوات، فمن الممكن أن يخسر الديمقراطيون هذا المفتاح. وأما بالنسبة للمفتاح رقم (11)، ففي حين تزعم الإدارة الحالية أن الاتفاق البيئي مع الصين، وإنجاز مفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادئ، والاتفاق النووي مع إيران، والانفتاح على كوبا، كلها انتصارات، إلا أن هذه النجاحات كانت مثيرة للجدل، ولم تحصل على متابعة حقيقية من الرأي العام الأميركي، وبدرجة ما غلبت عليها أزمات ليبيا واستمرار سفك الدماء في سوريا وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وصعود «داعش\