الجالية العربية
بقلم : وليد رباح
رغم ان الكثيرين منا يعتبرون انفسهم بأنهم وصلوا الى مرحلة متقدمة من الفهم والنضج، الا اننا وللاسف، لم نتعود بعد احترام رأي الاخرين.
فما زلنا حتى الان نعتبر ان من يخالفنا في الرأي عميل وجاسوس ولص.
ومن لم يوافقنا على ما نفعل خارج عن ارادة الامة ويجب تصفيته، ومن الغريب ان دمنا يفور بسرعة فنلقي بالتهم جزافا على هؤلاء الناس الذين لهم عقولهم الخاصة ورأيهم الخاص ووجهات نظرهم الخاصة. والذين لو فكرنا قليلا لاجزنا مخالفتهم لنا على اعتبار ان العقول والمبادىء تتفاوت بين شخص وآخر.
فاذا كنا مثلا مع ، فإن الذين ضده جواسيس وقتلة، واذا كنا مع فهد بن عبد العزيز او سلطان مسقط او الى آخره… فإن الذين ضدهم عملاء اما لامريكا او للصين او لكوبا او حتى جزر القمر.
واذا كنا ضد تصرفات بعض الفلسطينيين فنحن حرامية. واذا كنا معهم فنحن اغبياء في السياسة، ان كنا مع المصريين فنحن عملاء.. وان كنا ضدهم فنحن عملاء لا ادري لمن..
ان كنا مع الملك فلان او ضده فنحن عنصريين، وان كنا مع الاسد فنحن ارانب. وان كنا ضده ايضا فنحن ايضا ارانب .
وسواء كنا مع الشيخ شخبوط بن لخبوط رحمه الله او ضده، فنحن نتبع تلك الجهة او هذه…
وخلاصة القول، اننا في حيرة من الامر، ولا تكفي البعض تهمة واحدة لمن يخالفهم في الرأي، بل يفصلون له اثوابا، تارة ضيقة واخرى فضفاضة.
ويقسم احدهم اغلظ الايمان انه رأى فلانا وهو يقبض من السفارة الفلانية، وبأنه اطلع على الشيك الذي يتعدى الخمسين الفا، ويحلف آخر ان فلانا عميل ل (CIA) وهو في موقع مهم في هذه الجهة. ويضيف انه يبيع وطنه في سبيل مصالحه، وقد شاهده المدعي وهو يقبض، ورآه وهو يصرف، وانه اشترى سيارة جديدة، او سهر في مرقص كذا، او الى آخره…
ومن الغريب اننا نتهم النساء بالثرثرة ونقل القيل والقال، في وقت نحن فيه – واقصد الرجال – لا هم لهم الا الثرثرة في المقاهي والمحلات العامة والقاء التهم وتفصيل الاثواب.
ولقد انقلب الحال فصح ان نتهم الرجال بالثرثرة، اما النساء المظلومات فهن بين غسيل وطبخ ورعاية للاولاد، وفي آخر النهار يعطيها زوجها الذي كان عادة يثرثر في المقهى لكمة في وجهها لأن الطبيخ مالح، او لانها لم تخط زر القميص او قالت له لماذا تسهر في الخارج، اولادك اولى ان يشاهدوك.
هذا الحال الذي وصلنا اليه وخاصة في بلاد الغربة لا يسر، ولا الوم هؤلاء الناس بالقدر الذي الوم فيه قرونا من الذل كابدها الانسان العربي منذ الاحتلال العثماني لبلادنا حتى اليوم.
فلم يتعود هذا الانسان ان يعيش حياة الديموقراطية، ومورست ضده اقسى انواع التعذيب والقمع لكي يغير قناعاته، فأصبحت العادة لديه عداوة بينه وبين نفسه لا يمكن ان تلغى بقرار او تمحى بجرة قلم.
لماذا لا نجلس مع انفسنا لدقائق لنبدأ منذ الا،؟ لماذا لا ندع الخلق للخالق؟ لماذا لا نكف عن كتابة التقارير تحت اسم مخبر صادق؟ لماذا لا نعلو فوق انفسنا ونمتنع عن الايقاع بين الزوجات وازواجهن لان هذه جميلة وتلك مدبرة والثالثة تعيش مع زوجها قصة حب.
ان الحقد الذي يملأ قلوبنا من السهل تجاوزه، فهذه طبيعة الانسان، لا يحب ان يرى احدا اكثر منه نجاحا.
وهو في كل هذا معذور، وفي نفس الوقت ملام، فإن السنة السوء طويلة، وكلمة الحق صعبة المذاق ….
ولنا في ديننا اسوة حسنة