غزل المحبين في زمن ( الهشك فشك) قلم : وليد رباح

الجانلية العربية
وليد رباح – امريكا
يختلف الغزل بين المحبين بين عصر وآخر.. ففي الغابة . عندما كان الشعر يكسو جسد الانسان الاول كان الرجل يقترب من المرأة ليقول لها : انت احب الى من غضروف غزال شهي .. واحلى من فرو قردة بيضاء .. واجمل من حجر مسنون على شكل سكين .. فترد عليه .. وانت احسن عندي من خف فيل مدهن .. واروع من ذيل خنزير بري ..
ثم تطور الامر فدخلنا في عصر الرومانسية ما قبل الاديان فكانت المرأة تقول للرجل : انت اجمل من خاروف مشوي على الفحم .. وارق من حمار وحشي .. فيرد عليها : وانت ايتها الحبيبة احسن خلقة من البومة التي تنعق من على أغصان الاشجار .. واحلى من خرتيت يفتح فمه لتناول الطعام
ثم تطور الامر بعد الاديان ليقول الرجل : قل للمليحة في الخمار الاسود ، ماذا فعلت بناسك متعبد .. فترد عليه المرأة .. قل للذي يلومني في جمالي .. اراك حمارا وانت تسوق الجمالي .. وازداد الغزل جمالا عندما دخلنا في العصور الوسطى : تقول المرأة للرجل : انت احب الي من خنزير في حظيره .. واجمل من بغل وهو يحمل الاثقال .. فيقول الرجل : وانت اجمل عندي من بعرة حمار على قارعة الطريق .. واحسن صورة من الغوريللا بقليل ..
وظللنا على هذا الحال حتى كان العصر يقترب من القرن الماضي فاخذ الحب والعشق طريقه الى قلوب المحبين بشفافية.. يقول الرجل للمرأة : انت وانا كفردتي حذاء لا نفترق ابدا .. فتقول له المرأة .: وانا وانت مثل فردتي الجورب .. نليق ببعضنا بعضا .. يقول الرجل للمرأة : انت احب الى من مرض الايدز .. فتقول له المرأة . وانت اجمل عندي من مرض السرطان .. وهكذا بدا ان القرن الماضي كان اجمل من قرننا الحالي الذي بلغ فيه الغزل مبلغا لم يصله اي عصر آخر .. اذ تقول فيه المرأة للرجل .. انت جميل ولكن ينقصك الحلق الذي يتدلى من اذنك .. انه خطير .. فهلا لبسته كي اوافق على ان احبك .. ويقول لها الرجل : انت يا انستي ( هذا ان كانت ما تزال آنسة) : انت احب الي من راتبي آخر الشهر .. واجمل عندي من عشرين دولارا .. واروع من العقد العرفي الذي سيجمعنا .. واحسن من الشيخ الذي يعقد قراننا .. حبي لك مثل زبد البحر .. لا يلبت ان ينطفىء بعد اجتماعنا في غرفة واحدة .. ولسوف يكون طلاقك ( ان شاء الله) مشهودا به من قبل اكبر عدد ممكن من الناس .. لسوف ننشره في الصحف حتى يليق بمقامك ..
ومثل العشق والغرام والغزل بين المحبين .. تطور الدعاء منذ ظهور الاديان .. ظل الشيوخ يدعون على الصهاينة ان يقطع الله نسلمهم .. ويدمر ديارهم .. وييتم اطفالهم .. وتسبى نساؤهم .. فاذا بالدعاء ينقلب علينا فينقطع نسلنا .. وتدمر ديارنا .. وييتم اطفالنا .. وتسبى نساؤنا .. ويبدو وعلم ذلك عند الله ان اولئك الذين يعلون بالدعاء عليهم هم المؤمنون .. اما نحن فاننا كفرة لا يسمع الله دعاءنا الا بالقدر الذي نكون فيه مخلصين .. وهكذا ايها السيدات والسادة .. دول الكفر في هذا العالم تعلو .. اما ( دول الايمان ) التي نمثلها ( ولا فخر) فانها تنخفض الى اسفل سافلين .. فما السر في ذلك ؟ الله اعلم .
ثم تطور الدعاء قليلا فأخذ كل ذي مهنة يدعو لذي المهنة الاخرى .. فان كان ( بنشرجيا) دعا له صاحب السيارة بقوله: الله لا يفسيلك عجل .. ويبعد المسامير عن طريقك .. وان كان ميكانيكيا دعا لصاحب السيارة قائلا : اللهم لا يخربلك زامور .. ولا يعطل لك بريك .. الهي وانت جاهي ما يضربلك رفراف .. ولا يخربلك دبرياج .. اما ان كان حلاقا فيدعو له الزبون بقوله : اللهم لا يحفى لك مقص.. ويعطيك الشامبو على قدر نيتك .. ان كان زبالا دعا له اهل البيت ممن يجمعون الزبالة امام بيوتهم قائلين : اللهم كثر الزبالة عليك حتى يكثر ( البخشيش)
وينفرد الحانوتي بالدعاء له قائلين : اللهم في كل يوم تقع عمارة ليرزقك الله بالرزق الوفير .. وتحدث هزة ارضية لكي يرتفع عملك الى مصاف السحاب .. اللهم يا خالق الخلق ان يموت الناس بالجملة لكي تربح مالا وفيرا ..
هكذا ترون ايها السادة .. ان العشق والدعاء مثل الاصبع والظفر لا ينفصلان ابدا .. فان تخلى الاول عن الثاني فلن تتخلى فردة الحذاء عن اختها .. ولن تتخلى فردة الجورب عن الفردة الاخرى ..
وكل ما هناك ان الزمان تغير .. ومع تغير الزمان يتغير الدعاء وتتغير سمات العشق والمحبة والوله .. ولا يستبعد ان يأتي يوم نقول فيه للميت : الهي يجعل لك في قبرك قنديلا لا ينطفىء ابدا .. فان انطفأ قم واشعله حتى ترى طريق جهنم وانت تسير اليها ببطء .. وكل سنة وانتم طيبون