حاج حسين الحطاوي – بقلم : سعيد مقدم ابو شروق

فن وثقافة ….
بقلم : سعير مقدم ابو شروق – الاهواز
يقول صديقي أبو وسام:
كنّا نسكن قرية السفحة في الخلفيّة، ونعيش حياة قرويّة، أغنام وأبقار وبساتين…
وكنّا نزرع البطيخ الأحمر ونبيعه على الشاحنات.
نتعاون كلّنا، أنا وإخوتي وأبي، نقطف البطيخ وننقله إلى خارج البستان حيث تقف الشاحنات، ثمّ نحمله ونصفّه في الشاحنة.
وفي يوم من الأيّام الحارّة الرطبة، جاءتنا شاحنة ذات عشرة إطارات فحمّلناها…
قال السائق لأبي: ليست لديّ نقود لأدفع لكم الآن، سوف أبيع المحصول فأرجع لأسدّد ديني.
ولم يرفض أبي رغم أنّه لم يكن يعرف السائق، ولم يمكث ليفكّر قليلا، ولم يستشرنا…وافق رأسا.
كان آباؤنا يحترمون الإنسان ويثقون بكلامه.
وسارت الشاحنة محمّلة بالبطّيخ الأحمر الخلفي والذي كان يُضرب به المثل آنذاك، وكأنّ ماء نهر الجراحي خُلق ليمنحه حجما ونضجا وينعا!
ومضى أسبوع ولم يرجع الرجل، ومضى شهر ولم نرَ له أثرا ولم نسمع منه خبرا!
وبدأ أبي يقلق عليه:
هل تعرّض لحادث؟!
هل انقلبت به الشاحنة؟!
هل مرض؟!
يقول أبو وسام: ولم يظنّ أبي ظنّ السوء بالرجل، ولم يخالجه شكّ بأنّه غشّنا فباع البضاعة وجعل المبالغ في جيبه.
بل كان قلقا على الرجل وليس على المبالغ، وحتّى عندما طال الأمد وانقطع الأمل من رجوعه، لم يساور أبي شكّ فيظنّ بالرجل ظنّ السوء؛ بل حمله على محمل الخير.
هكذا كانت النفوس طيّبة قبل أن تلوّثها الأنظمة السياسيّة.