قاموس لهجات فلسطين العتيد – نظرات في قاموس البرغوثي بقلم :ا.د. حسيب شحادة

اصدارات ونقد ….
بقلم > ب جسيب شجت\خ – جامعة هلسنكي ..
خُلاصة
في هذه المرحلة المصيرية من تاريخ الشعب الفلسطيني، هناك حاجة ماسّة لإعداد قاموس عاميّ – فصيح جامع ومانع، لا سيّما أن أكثر من نصف هذا الشعب ما زال يعيش خارج وطنه. ما هي السمات العامّة الضرورية لمثل هذا القاموس العتيد من حيث المصادر، المنهاج في جمع المادة، تبويبها وطريقة عرضها، المستويات اللغوية المختلفة، ترتيب المعاني، الإحالة واستخدام المختصرات، اللهجات الفلسطينية والفصحى، الأهداف المتوخاة، أهمية دراسة اللهجات العربية الحيّة، الدروس المستفادة من قاموس الأستاذ عبد اللطيف البرغوثي.

مقدّمة
صدر حتّى خريف ١٩٩٨ الجزءان الأوّل والثاني من “القاموس العربي الشعبي الفلسطيني – اللهجة الفلسطينية الدارجة للدكتور عبد اللطيف البرغوثي، ج. ١، الحروف ا-ذ، ٣١٠ ص.، البيرة ١٩٨٧ ؛ ج. ٢، الحروف ر-ف، ٢٩٨ ص.، البيرة ١٩٩٣؛ ج. ٣، الحروف ق-ي، البيرة ١٩٩٩. نَشرت هذا المؤلّفَ جمعيةُ إنعاش الأسرة – البيرة، لجنة الأبحاث الاجتماعية والتراث الفلسطيني. أُسِّست هذه اللجنةُ عام ١٩٧٢ ووضعت نُصبَ عينيها تحقيقَ هدف سامٍ، وهو نشر موادّ التراث الشعبي الفلسطيني العريق، من (ص. ١٣٦ في كتاب بيامنتا) أغنية، حكاية، أسطورة، لغز، مَثل، نكتة، طرفة ونادرة الخ لحفظها من الضياع والانتحال. قام أعضاء اللجنة المذكورة حتى يومنا هذا بجهود مقدّرة في هذا الصدد نذكر منها على سبيل المثال: إنشاء نواة لمتحف فولكلوري؛ إقامة ثلاثة مهرجانات في السبعينات في مدينة البيرة في الضفة الغربية حول الزجل الشعبي ، العرس الفلسطيني والطهور الفلسطيني؛ جمعُ حوالي أربعة آلاف مثل فلسطيني وتصنيفُها؛ إصدارُ ثلاثين عددًا من المجلة الفصلية التراث والمجتمع منذ عام ١٩٧٤ وحتى أيلول ١٩٩٧؛ إصدار عدة كتب مثل: تُرْمُسْعَيّا – دراسة في التراث (١٩٧٣، ط٢ ١٩٨٧)؛ مدخل لدراسة الفولكلور (١٩٧٧)؛ الملابس الشعبية الفلسطينية (١٩٨٢)؛ الإنجاب والطفولة (١٩٨٤)؛ دليل متحف التراث الشعبي الفلسطيني (١٩٨٧)؛ دليل فن التطريز الفلسطيني (١٩٨٩)؛ مناضلة من فلسطين (هي السيدة سميحة سلامة خليل رئيسة الجمعية، ١٩٩٢).
أسهم الدكتور البرغوثي، المولودُ عام ١٩٢٨ في قرية كفر عين الواقعة في قضاء رام الله وأحد أعضاء لجنة الأبحاث الاجتماعية والتراث الفلسطيني، إسهامًا ملحوظاَ في إثراء المكتبة العربية الفلسطينية. من مؤلفاته: الأغاني العربية الشعبية في فلسطين والأردن (رسالة دكتوراة من لندن ١٩٦٣، نشرتها جامعة بير زيت، ١٩٧٩)؛ حكايات جان من بني زيد، ١٩٧٩؛ ديوان العتابا الفلسطيني، ١٩٨٦؛ القصص العربية الشعبية من أرطاس، بالعربية والانجليزية، ١٩٨٧. أضف إلى ذلك القاموس الضخم قيد البحث هنا وهو كما ورد في مقدمته “خطوة أولى في سبيل إصدار قاموس شامل للهجة الفلسطينية الدارجة حيث يُعتبر هذا العمل الأوّل من نوعه في هذا المجال.
يتطرّق المؤلِّف في مقدمته (ج. ١ ص. ٩-٣٨، ج. ٢ ص. ٧-٣٣) إلى نقاط عديدة تندرج تحت ما يمكن أن يُسمّى “مدخل إلى اللهجة العربية الفلسطينية”. من تلك النقاط: الضمائر المتصلة والمنفصلة؛ الأسماء والأفعال والصفات؛ إسما الفاعل والمفعول؛ أساليب الاستفهام ، التعجب، النفي، النداء، الاستغاثة، التفجّع، التوجّع، الغنج، الشتم، الدعوات، المجاملات، التوسّل، الايمان والحلفان.

خطّة البرغوثي وأفكاره
أما الافكار الرئيسية التي طُرحت في بداية المقدمة فيمكن إيجازُها في البنود التالية:
١) إنّ إعداد القاموس العربي الشعبي الفلسطيني الشامل للمفردات والأدب والتقاليد يتطلّب فريقًا من المختصّين تدعمه مؤسسة ذات ميزانية كافية.
٢) إقدام الدكتور البرغوثي بمفرده على إعداد القاموس المذكور جاء لعدم توفّر الفريق والمؤسسة المذكورين ويُرجى أن يكون عمله هذا بمثابة نواة للقاموس المنشود.
٣) هناك ضرورة لدراسة اللهجات العربية أكاديميا ووطنيا. إن دراسة كهذه لا تهدّد اللغة الفصحى أو القرآن الكريم كما قد يدّعي البعض. اللهجة العربية الفلسطينية التي لا وطنَ لها هي المهدَّدة بالضياع والاندثار والواجب القومي يحتّم علينا تدوينها إذ أنّها من المقوّمات الهامّة للهُوية العربية الفلسطينية.
٤) اللهجة العربية الفلسطينية شأنها شأن بقية اللهجات العربية الأخرى في العالم العربي هي وليدة العربية الفصحى في جوهرها من حيثُ الصرفُ والنحو والدلالة.
٥) من أهم أوجه الخلاف بين اللهجات العربية وأمّها الفصحى، انعدام الإعراب في اللهجات واحتواء اللهجات لأصوات غير واردة في الفصحى، وهذه السمة الثانية تجعل عملية تدوين العربية المحكية بالرسم العربي أمرًا عسيرا. ظاهرة التنوين، تنوين الفتح والضمّ والكسر، في اللهجات واردة رغم ندرتها.
٦) يرجو الدكتور البرغوثي ألا يُستغلّ ما قد يَتوصّل اليه من قواعدَ لغوية في اللهجة الفلسطينية لتدريسها في المستقبل وذلك منعًا لتجميد اللهجة وتكبيلها.
٧) نشوء اللهجات العربية تدريجيًا قد حدث إثر الفتوحات العربية واختلاط العرب بالعجم وتفشّي اللحن ومن ثم انتهاج المبدأ “سكِّن تَسْلَم”.
٨) لا يستقيم للغة العربية الفصحى معنىً بدون الإعراب. (١٣٨)
٩) معظم مفردات اللهجة العربية الفلسطينية مستمدّ من العربية الفصحى وقدر ضئيل دخيل عليها من الفارسية والتركية والانجليزية والفرنسية والايطالية.
١٠) اللهجات البدوية أقرب إلى العربية الفصحى من لهجات المدن والأرياف.
١١) استخدام معجم “المنجد”، ط. ٢١، بيروت ١٩٧٣، كمرجع أساسي بغية استخراج (احتواء) القاموس العربي الفلسطيني والاعتماد عليه وعلى “محيط المحيط”، بيروت ١٩٧٧، للتعرّف على أصول الألفاظ الدخيلة.
١٢) إيراد الكلمات وفق الترتيب الأبجدي لصيغها المجرّدة أولًا فالمزيدة ثانيًا ووضع الفعل المضعّف الثلاثي في أوّل المادة.

مناقشة هذه الأفكار
تحديد الهدف
إزاءَ هذه الآراء لا مندوحةَ من تعليق موجز على بعضها قبل الولوج في إعطاء صورة عن محتوى القاموس. بادئ ذي بدء ينبغي أن نعرّف بدقة ووضوح المؤلَّف الذي نحن بصدده هنا. أهو قاموس شعبي فلسطيني يُعنى بالأدب الشعبي (الفولكلور ) والعادات والتقاليد والاعتقادات الخ؟ أو أنه قاموس للهجة العربية الفلسطينية كما ورد في العنوان بالانجليزية (sic!) ((Dictionary of the Arabic Palestinian Dialect؟ أو أنه، على ما يبدو، كلاهما معًا بل وأكثر من ذلك، مقارنة اللهجة الفلسطينية بالعربية الفصحى؟ إن تحديدَ الموضوع أمر ضروري ومركزي لما فيه من تأثير مباشر على منهاج البحث ، حجمه، أسلوبه، طبيعته، تبويبه، متطلباته، ومضمونه. بعبارة أخرى هل بين أيدينا بحث انثروبولوجي أم لغويّ وشتّان ما بينهما. (١٣٩).
يبدو لنا أنه من الأنسب والأجدى علميًا وعمليًا لتراثنا الشعبي الفلسطيني من جهة وللهجة العربية الفلسطينية من جهة أخرى بحث كلّ موضوع منهما على حدة. إنّ قاموسَ البرغوثي هذا هو عمل رائد فهو يضمّ جانبًا انثروبولوجيا فولكلوريا وآخر لغويًا فصيحًا وعاميّا. كما ويُعتبر هذا المؤلّف أوّل قاموس للعربية الفلسطينية يستخدم العربية الأدبية الحديثة منطلقًا وأداةً للشرح والتفسير.

ضرورة دراسة اللهجة، لغة الأم، وأهميّتها
في الواقع، حظيت اللهجة العربية الفلسطينية، لهجة الأراضي المقدّسة،بعدّة معاجمَ ثنائية اللغة منذ ما يقرُب من نصف القرن مثل قاموس بارثيليمي العربي-الفرنسي وقاموس باور الألماني-العربي . أما القاموس العبري-العربي الفلسطيني الأول فقد صدر عام ١٩٦٨ والقاموس الثاني عام ١٩٧٧ والثالث عام ١٩٧٨ والقاموس العربي الفلسطيني-العبري الأول “على الطريق”. أمّا بداية البحث في معالم اللهجة الفلسطينية وقواعدها فتعود إلى مستهل القرن العشرين . والجدير بالذكر أنّ هناك أطلسًا لغويًّا لفلسطين أعدّه ونشره برچشتراسر عام ١٩١٥ .
أرى لزامًا عليّ أن أقول إن إجراء الأبحاث في مضمارِِ ما يُسمّى بعلم اللهجات العربية (Arabic Dialectology)، وما أكثرَ لهجاتنا في الأقطار العربية، لا يحتاج إلى أي تبرير أو مسوّغ مهما كان . العلوم اللغوية الحديثة بمدارسها المختلفة ترى في اللغات المحكية مادّة خام نموذجية للاستقراء والبحث. جمع هذا التراث اللغوي اللهجي الضخم في العالم العربي أجمع بغية بحثه ونشره لحفظه من الضياع والاستفادة منه لا سيما في عصر التكنولوجيا المتقدمة اليوم واجب على لغويّينا وعلى الجامعات العربية. حبّذا لو ازداد اهتمام أهل اللغة بمحكياتهم فهم أدرى عادة بمكنوناتها من غيرهم. ويُسعدني أن أشيرَ هنا إلى أن باحثًا عربيًا فلسطينيًا، الدكتور بندلي صليبا الجوزي، قد نادى بهذا منذ (١٤٠) مطلع القرن العشرين. إن هذه اللهجات هي اللسان الدارج أي لغة الأم الطبيعية بالنسبة للعرب كافّة.
إنّي لا أضيف أمرًا جديدًا إذا ما قلتُ إن اللغة العربية الفصحى بأنماطها المختلفة ليست لغةَ أمِ أي عربي جُبِل عليها على الاطلاق. اللغة الفصحى مكتسبة بالجدّ والكدّ، يشرع في تعلّمها كل من تُتاح له الفرصة لذلك منذ نعومة أظفاره في الصفّ الاوّل الابتدائي وحتى نهاية حياته على هذه الأرض. ومشوار تعلّم أطفالنا لهذه اللغة طويل وشاقّ وما زال المربّون منذ عشرات السنين يسعون لتذليل الصعوبات الجمّة التي يواجهها المتعلّمون. أمّا اللهجات المحكية، مصريةً كانت أو مغربية أو عراقية أو شامية الخ.، فراسخة لدى كل شخص ناطق بها وهي سليقية حيث يتلقّنها العربيُّ سماعًا منذ الرضاعة مع حليب أمّه، كما يقال، والبون بين الاكتساب والرسوخ أو السليقة أو الملكة كما يقول ابن خلدون (ت. ١٤٠٦) واسع وجوهري جدّا.
أية غرابة أو خطر إذن في دراسة اللغة التي يهفو لها كل جنان ونتحدّث ونفكّر ونشعر ونحلُم بها؟ مثل هذه الدراسة لا تعني إحلالَ العامية مكان اللغة العربية الفصيحة أو منافستها .
نخلص إلى القول إن دراسةَ العاميات العربية عامّةً والمحكية الفلسطينية، على وجه الخصوص، واجبٌ قومي من الدرجة الأولى فهي مثلًا تنير الطريقَ في تعليم اللغة العربية الأدبية لفلذات أكبادنا وتزيدها ثراء وحيوية وزخما. لغة الأم مرآة النفس والعقل وأهم وسيلة للتعبير عن خوالج النفس والروح من إحساس وتفكير. إن المشاكل الجمّة التي تواجه الشبابَ العربي في اكتساب اللغة العربية الفصيحة كثيرة وواضحة للكثيرين ومن أهمّها أوجه الشبه وأوجه الاختلاف المتداخلة بين العربية الأدبية والعربية المحكية. اللغة المحكية هي عادة المنطلق والأداة والوسيلة في تعلّم اللغة الفصحى. وقد قال قاسم أمين في أوائل القرن العشرين بهذا الشأن “في اللغات الأخرى يقرأ الانسان ليفهم، أما في اللغة العربية فإنه يفهم ليقرأ … لذلك كانت القراءة عندنا من أصعب الفنون”. (١٤١).

لهجة بلا وطن وكتابة قواعدها لا تكبّلها
ما يقارب نصف الشعب الفلسطيني (٥٣٪) ما زال يقطن خارج وطنه منذ أكثرَ من خمسين عامًا إمّا في الدول العربية وإمّا في الغرب. وعليه فإن التأثيراللغوي الخارجي على لهجته أمر طبيعي فهناك، على سبيل المثال، اللُكنة المصرية الجلية في كلام الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات. أضف إلى ذلك وجود ما يمكن أن يُدعى ب “لاجئي الداخل” أي فلسطينيّي ١٩٤٨ الذين أُجبروا على هجر قراهم والسكن في قرى أخرى مثل أهل البِروة، إقرث، كفر برعم، الطنطورة، عين غزال، عين حوض، اجزم، المجدل، عراق المنشية، رجم العلوي، ام الزينات، وملبّس إلخ. إلخ . وكما ذُكر سابقًا لا وطن مستقلّ بعد لناطقي اللهجة الفلسطينية.
على ضوء هذا الواقع يُدهش المرؤ عند قراءة رغبة البرغوثي القاضية بألا يُستغلّ ما قد يتوصّل إليه من قواعدَ في اللهجة الفلسطينية لتدريسها في المستقبل وذلك منعًا لتكبيلها وتجميدها. أوّلًا علينا أن نفرّق بين اللغة الأدبية واللغة المحكية. اللغة المحكية حيّة متطوّرة وقائمة بذاتها ولا خطر لتكبيلها إذا ما دُرّست قواعدُها كما هي الحال منذ عشرات السنين في العالم الغربي وفي بلاد أخرى ولا سيما في إسرائيل. لم تُصَبِ اللهجة الفلسطينية بأي جمود أو تكبيل من جرّاء إعداد كتُب القواعد والمؤلفات المدرسية التي تُعدّ بالعشرات منذ مطلع القرن العشرين وحتى أواخره . قواعد اللغة، أية لغة، عبارة عن تنظير للسمات العامة التي ترتكز عليها اللغة أو بكلمات أخرى إنها وصف علمي لبنية اللغة. وبما أن اللغة المحكية كائن حيّ ينمو ويتبدّل بمرور الزمن وفقًا لعوامل ثقافية، سياسية واجتماعية فكتابة قواعدها يجب أن تواكب النمو والتغيّر. كتابة قواعدَ للهجة ما لا تكبّلها ولا تجمّدها بتاتًا إذ أنّ ناطقي اللهجة الفلسطينية العاديين، على سبيل المثال، لا يعلمون شيئًا عن خصائص صوتيات لهجتهم، صرفها، نحوها ودلالتها ولا حاجة لهم بذلك ، ولله الحمد، فهي لغة أمّهم. وتحضرني في هذا السياق الحادثة التي وقعت بين ابن جنّي (القرن العاشر الميلادي) وراويته الشجري التي تمثل ما نحن (١٤٢) بصدده، النحوي وابن اللغة السليقي، خير تمثيل: “وسألت الشجريّ يوما فقلت: يا أبا عبد الله، كيف تقول ضربت أخاك؟ فقال: كذلك. فقلت: أفتقول: ضربت أخوك؟ فقال: لا أقول: أخوك أبدا. قلت: فكيف تقول ضربني أخوك؟ فقال: كذاك. فقلت: ألستَ زعمت أنك لا تقول: أخوك أبدا؟ فقال أيشٍ ذا! اختلفت جهتا الكلام. فهل هذا في معناه إلا كقولنا نحن: صار المفعول فاعلا، وإن لم يكن بهذا اللفظ البتّة فإنه هو لا محالة”.
أميل إلى الاعتقاد بأن تأليف قواعد للهجة الفلسطينية بالعربية الفصحى في الظروف الراهنة أمر ضروري وواجب قومي من الدرجة الأولى. مؤلَّف كهذا سيساعد، دون شكّ ، الآباء والامّهات في الغربة في عملية تعليم أبنائهم لهجتهم العربية الفلسطينية التي يتمخّض عنها تراث وحضارة يجب الحفاظ عليهما. إذ أنّ الغرض من نحو اللغة كما يقول ابن جني هو “…ليلحق من ليس من أهل اللغة العربية بأهلها في الفصاحة، فينطقَ بها وإن لم يكن منهم؛ وإن شذّ بعضهم عنها رُدّ به إليها”.
بالرغم من كل هذا ما زال هناك خصوم كثر للعاميات العربية يأنفون حتى من البحث فيها. وهذا مما ورثه أهل علوم العربية المحدثون من اللغويين القُدامى الذين أهملوا اللهجات ونعتوا بعضها ب”اللغات المذمومة”. ففي كتاب إمام النحاة سيبويه (ت. ٧٩٦م) نجد مثل هذه الأوصاف “قبيح” خبيث”، “لغة رديئة”، لغة رديئة جدا”، “ضعيفة” الخ. إنّ مصيرَ أية لغة طبيعية في هذا الكون من حيثُ التطوّرُ واستيعاب العلوم والفنون والتكنولوجيا المعاصرة على أنواعها المختلفة متعلّقٌ أصلًا بمستوى ناطقيها العلمي والاجتماعي. ما زالت نسبة الأمية في العالم العربي عاليةً والواجب القومي يقضي بمضاعفة الجهود للقضاء على هذه الآفة وتطبيق التعليم الالزامي. وثمة سؤال يطرح نفسه، لماذا لم يُقدم علماء العرب حتى الآن على تدريس العلوم في الجامعات العربية، وما أكثرَها، بلغة الضاد (باستثناء جامعة دمشق، على ما نعلم )؟ ولماذا، عاى سبيل المثال، لا يستخدم المشرق العربي الأرقام العربية؟ (١٤٣).

لكل مقام مقال
لا ضيرَ في وجود نوع من الازدواج اللغوي (diglossia) أي لغة مكتوبة وأخرى محكيّة فهذه سُنّة الطبيعة في جميع اللغات البشرية الطبيعية والحية منذ القِدم. وللازدواج اللغوي في كل الشعوب أثر واضح في الفكر والشخصية والتربية والأخلاق. وكما يقال “لكل مقامٍ مقال” ومدى اتّساع الهوّة بين النمطين اللغويين المذكورين مرتبط أساسًا بمستوى التعليم والثقافة لدى الناطقين باللغة. حُكي عن أبي عمرو بن العلاء اللغوي المعروف (ت. ٧٧٠ م) ما يلي: “قصده طالب ليقرأ عليه فصادفه بكلاء البصرة (سوق بالبصرة) وهو مع العامة يتكلم بكلامهم، ولا يُفرّق بينه وبينهم فنقص في عينه، ثم لما دخل الجامع أخذ يخاطب الفقهاء بغير ذلك اللسان فعظم في عينه، وعلم انّه كلّم كل طائفة بما يناسبها من الالفاظ، وهذا هو الصواب، ومن ادّعى معرفة اللغة وتكلّم مع كل احد بالعالي والغريب فهو ناقص العقل”.

جمع المادة القاموسية
قبل الشروع بعمل جليل كهذا الذي شرع الدكتور البرغوثي في إصداره لا بدَّ من طرح عدّة أسئلة أساسية ومحاولة الإجابة عليها بغية اتّباع منهاج علمي معيّن أو أكثر. من هذه الاسئلة: ما هي خطوط المنهج التي سار عليها الباحث في جمع المادة اللغوية ومن ثمّ تصنيفها وتدوينها ومنهاج عرضها؟ مصدر العربية المحكية هو كلام الناس الدارج العادي وعليه فمن الضروري جدًا القيام بتسجيل ميكانيكي (آلي) لأكبر قدر ممكن من عيّنات هذا الكلام لدى جميع شرائح المجتمع الفلسطيني ولا سيّما المسنّين والمسنّات الذين يرمون الكلام على عواهنه في شتّى القرى والمخيمات والمدن. والشئ بالشئ يُذكر، لا شكَّ أنّ إقامة أرشيف لمثل هذه التسجيلات تُعتبر واجبًا وطنيًا من الدرجة الأولى إذ بواسطتها يمكن الحفاظ على التراث العربي الفلسطيني. أضف إلى ذلك أنه لا بدّ من جمع كل ما كُتب ونُشر (أو ما زال مخطوطا) باللهجة (١٤٤) العربية الفلسطينية نثرًا كان أم شعرا. مما يجدر ذكره بأن في جامعة حيفا مشروع بحث منذ عام ١٩٩٦ لجمع النصوص المحكية في شمال البلاد ومقالة الاستاذ طلمون في هذا الكتاب تعتبر إحدى ثمار هذا المشروع.
يذكر الدكتور البرغوثي أنه اعتمد على نصوص متوفّرة لديه إلا أنه وللأسف لا يُفصح عنها في الجزء الأوّل ويكتفي في الجزء الثاني بالقول “مؤلفاتي التراثية” دون إيراد قائمة بها مفصّلة ودقيقة واثباتها في المكان المناسب وإحالة القارئ إلى الكتاب والصفحة كالمعتاد في الأبحاث العلمية. المصدر الثاني الذي اعتمده البرغوثي في إعداد قاموسه كان بالطبع معرفته الشخصية بلون من ألوان اللهجة الفلسطينية، قرية كفر عين في منطقة رام الله. يرد اسم قرية البرغوثي هذه بضع مرّات في القاموس وكان من المحبّذ بل من الضروري اعطاء ولو نبذة عنها في المقدمة فجلّ المادة اللغوية العامية النثرية مبنية عليها.

لغة الشعر ولغة العامة
يلاحظ المتصفّح للقاموس، لا سيّما الجزء الأوّل، بأن المؤلِّف قد هضب في المادّة الشعرية، حوالي ٩٥٠ بيتا من الشعر الشعبي (أكثر من ٦٠٠ بيت في ج. ١) وهذه الظاهرة تعكس خلفية البرغوثي العلمية. والسؤال المبدئي الذي يطرح نفسه هو: أهناك حاجة إلى استغلال هذا المصدر الشعري الشعبي في إعداد قاموس للهجة العربية الفلسطينية؟ إذا كانت الإجابة نعم فإلى أيّ مدىً وما هي الطريقة المُثلى لعرض المادة وما الهدف منها؟ هل هذه الشواهد الشعرية تساهم في شرح الموادّ القاموسية؟ أم أنه من الأنسب والأجدى، كما ألمحنا أعلاه، فصل القاموس اللهجي عن القاموس الشعري الفولكلوري؟ على كل حال لا بدّ من التمييز الواضح بين لغة الكلام العادي الدارج ولغة الشعر الشعبي. لا يُعقل أن يقال، على سبيل المثال، بأنّ اسم الاستفهام “مَن” مستعمل في الكلام الدارج الفلسطيني اعتمادًا على مثل يتيم متحجّر، “يِرْحم مَنِ (ا)نْتو فاقْدين”، في التعزية المألوفة. لا نحبّذ أسلوب الاستشهاد التلقائي (١٤٥) ببيت أو أكثر من الشعر بمجرّد احتوائه على اللفظة المطروقة. في مثل هذه الحال نرى بأن إعداد معجم مفهرس للشعر الشعبي الفلسطيني هو الإطار العلمي المناسب. على الباحث انتقاء الأمثلة الجيّدة فقط والاحتفاظ بما بقي في جعبته لبحث آخر في المستقبل واتخاذ قرار قاسٍ وعسير كهذا لا يفقه كنهه إلا المجرِّب.

أداة التدوين
لا يُولى الدكتور البرغوثي موضوعَ كيفية تدوين المادّة اللهجية الفلسطينية الاهتمام الذي يستحقه بل يكتفي بالقول بأن الأبجدية الفصحى لا تفي بالغرض. لا شكّ في ذلك فالكتابة العربية ليست صوتية حسية بل فونولوجية والعين عدوّة الأذن. لا توجد لغة في العالم تستعمل أكثر من ٦٠ صوتًا من مئات الامكانيات التي يمكن لجهاز النطق التفوّه بها. لذلك يلجأ باحثو اللهجات العربية الأجانب إلى استخدام الحروف اللاتينية كأساس لتدوين أبحاثهم وهذا ما يُعرف ب”الأبجدية الصوتية العالمية” أي IPA أو الأبجدية الصوتية المستخدمة في الموسوعة الاسلامية (Encyclopedia of Islam) . هذا لا يعني بأن تدوين نصوص من اللهجات العربية بالرسم العربي مستحيل ولا يمكن أن يكون دقيقا. الأمر ممكن إذا ما أدخلنا عليه التعديلات والاضافات والعلامات الكفيلة لوصف صوتي دقيق قدر الامكان كما هي الحال في الرسم اللاتيني المعدّل. برامج الحاسوب المتطوّرة كفيلة إلى حدّ بعيد بتقديم الكثير من الافكار والحلول في هذا الشأن. بالرغم من ذلك فالأمر يتطّلب دراسة متأنية فنحن بصدد خلق شئ جديد قد يلاقي معارضة إذ لم يعتد العرب بعد على كتابة نصوص لهجية بطريقة دقيقة والحاجز النفسي ما زال كبيرا.
يتكلم الانسان العربي بلهجته وإذا أراد الكتابة فعليه بالفصحى. لا زلت أتذكّر المشقّة التي كان يتكبّدها طلابي العرب في الجامعة العبرية في القدس خلال قراءة نصوص عربية مدوّنة بالخط العبري لباحثين يهود في القرون الوسطى أمثال موسى بن ميمون وسعيد بن يوسف الفيومي وأبي الوليد مروان ابن جناح. لا مجال هنا لاستقراء موضوع أداة التدوين (١٤٦) الجديدة ونكتفي بالاشارة إلى بضع نقاط فقط. لا بدّ من التفريق بين لفظي كل من الحركتين الطويلتين، الواو والياء، في اللهجة الفلسطينية (ī ، ē ; ō, ū) أمّا طريقة لفظ الضمّة والكسرة u / o و i / e على التوالي فلا تؤثّر على دلالة الكلمات. الكلمة “صوم” في العامية الفلسطينية قد تكون مثلًا مصدرًا أو فعل أمر للمخاطَب وعليه ينبغي كتابتها بشكلين مختلفين مثلًا “صوم” و”صوم” أي أن الواو بالخط الكوفي تُلفظ ō والواو العادية (بخط الجيزة) تُلفظ ū كما هي الحال في الفصحى. وبنفس الطريقة لا بدّ من التمييز بين “بِيبي” الدخيلة بمعنى “الطفل الرضيع” و”الاسم الشخصي غير الرسمي لرئيس الحكومة الاسرائيلية” أي “بِيبي” و”بِيبي”. وقِس على ذلك بخصوص ضرورة التفريق بين أحرف الترقيق وأحرف التفخيم لا سيما عندما يؤدّي هذا الفارق الصوتي إلى اختلاف دلالي (وهذا ما يُدعى بالاختلاف الفونيمي) مثل “بابا” أي “بابُها” و”بابا” أي “يا أبي” أو “حبر أعظم”، “بوزا” أي “فمُها بأسلوب غير مؤدَّب” و”بوزا” أي “بوظة”، “أيّ” للاستفهام و”أيّ” للتوجع، “أخ” أي “شقيق” و”أخ” للتوجع. كذلك فإن طول الحركة يؤدّي إلى تغيير المعنى مثلًا: أسْكِيمُو = اسم شعب في القطب الشمالي؛ أسْكِمُو = نوع من البوظة المجمدة.
قسم كبير من المادة اللغوية اللهجية الذي جُمع ونُشر حتى الثلث الأول من القرن العشرين لا يمثّل بصدق اللغة الشعبية المحكية بل فيه سمات واضحة من الأسلوب الفصيح وعليه ينبغي التعامل معه برويّة وحذر. الحصول على عيّنات موثوق بها من اللهجة العربية الفلسطينية يحتاج إلى خبرة واسعة إذ أنّ الرواة عادة يميلون إلى إضفاء بعض “التفصيح” في حديثهم لا سيما أمام الغريب ومسجّل الصوت وآلة التصوير.

منهاج البحث ومجاله وأنماط العربية
ماذا يُدرج في طيّات القاموس وماذا يُهمل؟ ماذا بخصوص الكلمات العبرية الكثيرة المستعملة في لهجات عرب ١٩٤٨ ؟ ماذا بشأن (١٤٧) لهجة اليهود المولودين في فلسطين مثل أستاذنا الفذّ موسى پيامنتا؟ ما الغرض من إعداد القاموس ومن المستفيدون منه؟ هل هناك حقًّا لهجة عربية فلسطينية واحدة أم لهجات عدّة وما هي؟ ما الحدود الفاصلة بين اللغة المكتوبة واللغة المحكية؟ هل هناك مستويات في اللهجة العامية؟ ما المنهاج في إدراج المعاني والاستعمالات المختلفة للكلمات؟ ما هي الاختصارات المستخدمة؟ هل يرمي الأستاذ البرغوثي إلى مقارنة اللغة الفصيحة بلهجته الفلسطينية كما يبدو الأمر جليًا في الجزء الثاني؟ في هذه الحالة الأخيرة أليس من الأفضل كتابة بحث بعنوان “الكلمات العربية الفلسطينية الفصيحة” أو ما أشبه ذلك كما نجد في بعض اللهجات العربية الاخرى؟ التخصّص والتعمّق من سمات الأبحاث المعاصرة.
في العالم العربي ثلاثة أنماط لغوية رئيسية وهي اللغة الفصحى، اللغة المحكية ولغة بَيْنَ بَيْنَ (أو اللغة المشتركة، اللغة الوسطى، لغة المثقفين). يمكن القولُ بأنّ اللغةَ العربية الفصيحة واحدةٌ في جوهرها في جميع الأقطار العربية وهي أهمّ دعائم القومية العربية إذ أنها “الرباط الوحيد الذي يمكن أن يجمع العربَ في كل مكان”. من المعروف أنّ هناك بعض الاختلاف الفونوطيقي والدلالي للعربية الفصحى في الدول العربية. في سوريا والعراق، على سبيل المثال، يُفرّق بين “المعلّم” و”المدرّس”، الأوّل عمله في المدرسة الابتدائية والثاني في المرحلتين الابتدائية والثانوية، وهذا التفريق غير موجود في مصر والاردن ولبنان مثلا؛ “وزارة الزراعة” و “بعد الظهر” في المشرق العربي هما “وزارة الفلاحة” و “بعد الزوال” في المغرب العربي؛ “اقليمي” في المشرق العربي هو “جهوي” في المغرب العربي؛ “تاريخ الولادة” في المشرق العربي هو “تاريخ الازدياد” في الجزائر و “تاريخ التكاثر” في المغرب؛ “الدعاية” في المشرق العربي يقابلها “الإشهار” في الجزائر؛ “رُشّح” في المشرق العربي هو “تمّ الدفع بـ ” في ليبيا الخ.
أماّ اللغة العربية المحكية فهي عبارة عن كم هائل من اللهجات المحلية ولا أحدَ يعرف تعدادَها. وهذه اللهجات التي يستعملها في الوقت الراهن قرابة مائتي مليون انسان في حياتهم اليومية العادية ليست وليدةَ اللغة العربية الأدبية الحديثة بل (١٤٨) ترجع بداية تاريخ نشوئها إلى القرن الثامن الميلادي إثر الفتوحات العربية الاسلامية. هذا هو الرأي السائد في المصادر اللغوية العربية القديمة والحديثة بشأن انبثاق اللغة المحكية خارج شبه الجزيرة العربية إثر انتشار ظاهرة اللحن (الخطأ اللغوي بأنواعه، من حيث الصوتُ والصرف والنحو والإعراب) بين الأعاجم في مدنهم.
يقول ابن جنّي النحويّ المعروف: “غير ان كلام أهل الحضر مضاهٍ لكلام فصحاء العرب في حروفهم، وتأليفهم. إلا أنهم أخلّوا بأشياءَ من إعراب الكلام الفصيح”. وفي فصل آخرَ يتحدّث ابن جنّي عمّا طرأ على لغة أهل المدر (الحضر) من “الاختلال والفساد والخطل،…اضطراب الالسنة وخبالها، وانتقاض عادة الفصاحة وانتشارها، …الضعفة الحضرية “. هذا الرأي حول نموّ اللهجات العربية وظروفه يذكره الدكتور البرغوثي في المقدمة. للأمانة العلمية لا بُدَّ من التنويه برأيٍ آخرَ يقضي بأن اللهجاتِ العربيةَ كانت، كما هو معروف ومتوقّع، حيّةً تُرزق في حقبة ما قبل الاسلام إلى جانب لغة الشعر الجاهلي ولغة الخطابة والأمثال والحِكم. الازدواج اللغوي، لغة الحديث الشعبية ولغة الأدب الرسمية، قديم في تاريخ البشرية قِدم الفصل بين الحيوان والحيوان الناطق أي تعلّم اللغة “بالمواضعة أو بالالهام”.

اللغة واللهجة
من الصعوبة بمكان رسم خط فاصل ودقيق بين اللغة واللهجة وللتفاهم المشترك دور ما في الموضوع. في الوقت ذاته يجب الاشارة إلى أن ناطقي لغات مختلفة كالسويدية والدانمركية والنرويجية يفهم بعضُهم البعضَ في حين يصعُب ذلك أو يتعذّر في بعض لهجات اللغة الواحدة. من المستحيل رسم حدود دقيقة بين لهجات اللغة الواحدة. ويصحّ القول بأن اللغة عامّة تكون ذات تراث أدبي مدوّن في حين أن للهجات تراثًا شفويا والعلاقة بينهما هي علاقة العام بالخاص، الأم بالبنت، الأصل بالفرع. وفي موضوع الاختلاف اللهجي يكون لإحساس الشريحة الاجتماعية الناطقة بلهجة معيّنة وزن كبير ولكل لهجة مجموعة من الخصائص (١٤٩) المشتركة. هذه الصلة لم تكن جليّةً لدى الكثير من اللغويين العرب القدامى أمثال ابن جنّي الذي اعتبر اللهجات لغات وكلها حجّة.
من الممكن تعليل ما بين اللهجات من فروق إلى مجموعة من العوامل أهمهّا عوامل اجتماعية، سياسية، جغرافية وتاريخية وفي بعض الحالات هناك العامل الطائفي. في نظرنا من الضروري والمفيد تقسيم اللهجة العربية الفلسطينية إلى ثلاثة أقسام أساسية – لهجة أهل المدن، لهجة أهل القرى (الفلاحين) ولهجة البدو. للأسف الشديد لم يأبه الدكتور البرغوثي بهذه القضية الجوهرية إلا فيما ندر. وهو كذلك يستعمل ألفاظًا وعباراتٍ عامّة دون أي تحديد مثل “وكثيرا ما يسقط الناس الهمزة”؛ “وقد يقولون”؛ “البعض يقول ويسمّي”؛ “في العامية”؛ “الناس يقولون / يلفظون” “في بعض أنحاء فلسطين” الخ. الخ. ومما يجدر ذكرُه في هذا السياق أن باور مثلًا في كتاب قواعده للهجة الفلسطينية الذي صدر عام ١٨٩٨ يميّز بوضوح بين لهجة المدن ولهجة الريف ويشير أحيانًا إلى لهجة نابلس والشمال.

الإعراب
هناك بون شاسع بين العربية الفصحى واللهجات العربية المعاصرة من حيثُ الفروعُ الأساسية للغة وهي الفونولوجيا (علم الاصوات الوظيفي أو التشكيلي)، الصرف، النحو والدلالة. نكتفي في هذه العُجالة بالاشارة إلى فوارق ثلاثة: أولا،ً اللغة العربية الفصحى معرَبة أمّا العاميّات العربية فغُفل من الإعرابَ (هناك بقايا للتنوين لا سيما تنوين الكسر في اللهجات البدوية) . من الأمثلة لتنوين الفتح كلمات “محنّطة” مثل “أهلًا وسهلًا؛ شكرًا؛ عفوًا؛ نعيمًا؛ سلفًا؛ أوّلًا؛ قصدًا؛ متلًا؛ طبعًا؛ رأسًا؛ أساسًا؛ أصلًا” وأمثلة لتنوين الكسر “غصبٍ عنّه؛ بْعيدٍ عنّك؛ أجْرٍ عنّه؛ بعد عمرٍ طويل” أمّا بخصوص تنوين الضمّ فلم أعثر على أمثلة له لا في لهجتي ولا في القاموس قيد البحث رغم أن البرغوثي يشير إلى وجوده. كما يذكر البرغوثي بأنه لا يستقيم للغة الفصحى معنىً بدون الإعراب.

لا يخفى على المضطلع أنّ في مثل هذا التعميم (١٥٠) قدرًا من المبالغة. أوّلًا لمصطلح “الإعراب” معنيان رئيسيان يمكن تلخيصهما بفعلي الأمر “أعْرِب” و”أشْكُل” في دروس قواعد اللغة العربية في العالم العربي. ففي الحالة الأولى يُطلب من المتعلّم القيام بتحليل صرفي ونحوي ظاهر أو مقدّر الخ. في حين أّنه في الحالة الثانية على الطالب إضافة الحركة القصيرة المناسبة أو التنوين الملائم على الحرف الأخير من الكلمة أو الحرف الدالّ على الإعراب. ثانيًا إنّ اللغة العربية الأدبية اليوم ليست مكوّنة فقط من مبانٍ لغوية مثل: “إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ” (سورة فاطر آية ٢٧)؛ إن اللهَ برئٌ من المشركين ورسولُه” (سورة التوبة آية ٢)؛ “أنا قاتلُ (قاتلٌ) غلامِك (غلامَك) في قصّة الكسائي وأبي يوسف القاضي في مجلس هارون الرشيد؛ “مَن خَتَنَك (خَتَنُك)؟” قول الأمير عبد العزيز بن مروان للرجل المظلوم؛ “ما أجملُ (أجملَ) السماءِ (السماءَ)” سؤال ابنة لأبيها أبي الأسود الدؤلي؛ “بكم ثوبك مصبوغًا / مصبوغٌ”؛ “زيد يأتينا صباحَ مساءَ” الخ. الخ.

لغة الضاد والظاء
ثانيًا، يحقّ لنا أن نطلِقَ على العربية الفصحى المعاصرة الاسمَ، لغة الضاد والظاء، إذ أنّ هذين الصوتين المفخَّمَيْن لا وجودَ لهما مجتمِعَيْن في أية لهجة عربية حديثة بل اندمجا في صوت واحد. ومن الملاحظ أن الضاد التي تأتي بدلًا من الظاء أيضًا ترد في لهجات المدن التي لا تستعمل عادةً الاصوات الاسنانية، الثاء والذال. أما الظاء التي تمثّل الضاد أيضًا فتوجد في اللهجات التي تستعمل الثاء والذال مثل اللهجات البدوية. أضف إلى ذلك بأن هناك بعض اللهجات في الاناضول تُقلب فيها الضاد والظاء زايًا مفخّمة في حين أنهما يقلبان في لهجات أخرى في قضاء سِعِرْد إلى الڤاء المفخّمة.
مما يجدر ذكرُه في هذا السياق أن هناك لهجةً عربية واحدة، على ما نعلم، وهي لهجةُ بني عَبادِلَ في شمال اليمن الشمالي حيث لا اندماجَ بين الضاد والظاء بل كلٌ منهما تنقلب إلى صوت آخر. تُقلب الضاد الفصيحة ظاءً أمّا الظاء الفصيحة فتُقلب (١٥١) ثاءً مفخّمة. وقلب الظاء ثاء يذكره إمام النحاة سيبويه ضمن الأصوات السبعة الرديئة وغير الشائعة على ألسنة أهل الفصاحة إذ يقول عنها “…بحروف غير مستحسنة ولا كثيرة في لغة من ترتضى عربيته، ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر”.
ربما حسُن، في هذا السياق، التنويهُ بأن الضاد القديمة غير الضاد التي نعرفها اليوم، فهي اليوم أسنانية مطبقة انفجارية (كالدال المفخّمة) في حين كانت في الماضي البعيد رخوة مطبقة ومخرجها قريب من مخرج اللام أي “من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس”. ويبدو أنه نتيجة لغرابة تلك الضاد القديمة وندرتها دُعي العرب باسم “الناطقين بالضاد” وأطلق على لغتهم اسم “لغة الضاد” “وزعم ناس ان الضاد مقصورة على العرب دون سائر الامم” ، وهذا أقدم شاهد عثرنا عليه حتى الان بخصوص التسمية المذكورة.

صيغة المبني للمجهول
ثالثًا، وجود صيغة الفعل الثلاثي المبني للمجهول في الفصحى واندثارها كليًّا تقريبًا في العاميات العربية الحديثة باستثناء بعض لهجات يمنية ولهجة عُمان. من الممكن العثور على بعض الأمثلة النادرة للصيغة آنفة الذكر في بعض اللهجات الفلسطينية، ففي لهجة كاتب هذه السطور، قرية كفرياسيف، يستعمل الكفارسة “خِلِق” و”شِفِي” و “قِلِب” بمعنى “وُلِد”و “شُفِي” و “انقلب” (أما “دِفي”، “حِفي”، “كِرِم” الخ الخ. فهي متحدّرة من فَعِل أو فَعُل اللازمين). وهناك بضع أمثلة للمضارع المجهول في نفس اللهجة، “تِرزِِق” أي “تُرْزَق ” الوارد في المثل “مَحَلّ ما تِرْزِق إلْزِق” أي “في المكان الذي تُرزَق فيه التصق به” ، “يِضْرَبْ” أي “يُضْرَب” في القول : “يِضْرَبْ بُطْرُس ؤسْخُولُه” أي ” لا أتدخّل”.

صرف واحد
بالرغم مما قيل فإنّا نودّ أن نلفت النظر إلى حقيقة مهمّة وهي أنّ وشائج القربى بين العاميات العربية متلاحمةٌ لا سيما في (١٥٢) مجال الصرف. وعليه فإنا نميل إلى الاعتقاد بأن الرحّالة بركهارد مصيب إلى حدّ بعيد في رأيه”: تجد اختلافًا لا ريب في لهجات اللغة العربية العامية أكثر من أية لغة أخرى، ولكنه لا يصعب عليك أن تفهمها جميعًا إذا ما تعلمت إحداها، وذلك على الرغم من اتساع البلدان التي يتكلم أهلوها بها”.
ومما يجدر ذكرُه أنّ النحويين العرب القدماء لم يستعملوا اللفظة “اللهجة” قط في مؤلفاتهم. وجاء في المعاجم العربية القديمة أن معنى “اللهجة” اللسان أو طرفه أو جرس الكلام ولهجة فلان لغة أمه وكانوا يطلقون على “اللهجة” “لغة” أو “لغية”.

هفوات قاموس البرغوثي
بالاضافة إلى ما ذُكر حتى الآن من ملاحظات وتساؤلات وتحفّظات ومآخذ جوهرية عامّة بشأن قاموس البرغوثي لا بدّ من الإشارة إلى قائمة مختارة بالهفوات التي عثرنا عليها خلال القراءة المتمعنّة والممتعة بغية تصليحها في المستقبل.
١) لم تحظ لهجات عرب عام ١٩٤٨ إلا باهتمام ضئيل جدّا وكذلك لهجات المدن والبدو. ولا مادة قاموسية للدروز في القاموس، حوالي مائة ألف نسمة يعيشون في الجليل، ولكنهم ذُكروا في مادة “عقل”.
٢) من المألوف في إعداد المعاجم الحديثة التطرّق في المقدمة القصيرة إلى منهاج العمل، ثبت المصادر، اثبات لائحة بالمختصرات المعتمدة وإرشادات عامّة للقارئ.
٣) اللهجة العامية كيان قائم بذاته وعليه فمن الضروري استقراء قاموسها دون اعتبارها مسخًا للفصحى إذا ما أردنا إعداد قاموس علمي وشامل للعربية الفلسطينية. بناء على ذلك فمن يودّ مثلًا أن يبحث عن “إنجاص” فموقعها الطبيعي تحت هذه الأبجدية وليس تحت الصورة الفصيحة والدخيلة أيضًا “إجّاص” (ج. ١ ص. ٥١) وكذلك ما يقابل :التوأمين” في العامية أي”توم” مكانه تحت ت.و.م. وليس تحت أصل اللفظة الفصيحة أ.ت.م.(ج. ١.ص. ١٤٢)، أمثلة أخرى: ج. ١ ص. ٤٢ (ميبرة)، ٧٠، ٧٣، ٧٥، ٨٧، ٢٧٨؛ ج. ٢ ص. ٤٣، ٢٠٨.(ص. ١٥٣).
٤) أخطاء لغوية ولا سيما مطبعية كثيرة وقعت في القاموس مثلًا: ج. ١ ص. ٤٠، ٤٣، ٥٣، ٦٨، ٧٦، ٧٩، ٨٤، ٨٩، ٩٢، ٩٦، ٩٧، ١٠٠، ١٠٤، ١٠٦، ١٠٧، ١٤٧، ١٥١، ١٦٢، ١٦٤، ١٧٤، ١٨٧، ١٩٣، ١٩٧، ٢٠٢، ٢١٥، ٢١٧، ٢٢٣، ٢٣٠، ٢٣١، ٢٣٦، ٢٤٣، ٢٥٢، ٢٥٣، ٢٦٠، ٢٦١، ٢٦٨، ٣١٠؛ ج. ٢ ص. ٣٤، ٣٥، ٣٩، ٤٠، ٤١، ٤٨، ٤٩، ٥٠، ٥١، ٥٩، ٦٠، ٦١، ٦٣، ٦٧، ٦٩، ٧٠، ٧١، ٧٢، ٧٩، ١٠٣، ١١١، ١١٢، ١١٤، ١١٥، ١٢٦، ١٢٧، ١٢٩، ١٣٤، ١٣٨، ١٤٤، ١٤٩، ١٥٣، ١٦٣، ١٦٣، ١٧١، ١٨٦، ١٩٥، ٢٢٣، ٢٣٤، ٢٣٥، ٢٤٤، ٢٥٣، ٢٥٦، ٢٦٢، ٢٦٩، ٢٧٣، ٢٧٥، ٢٨٧، ٢٩٢، ٢٩٣.
٥) لا مكان للقصص وللحكايات وللتفسيرات وللاستطرادات وللمعتقدات وللروايات وللوصفات وللرُّقى وللطُرف وللنكت في المعاجم. كذلك من الحشو إدخال ملاحظات حتى ولو كانت ثاقبة وذكية مثل: “والذي يولد يوم (٢٩) شباط لن يتمكن من الاحتفال بعيد ميلاده الا مرة كل أربع سنوات”. أنظر ج. ١ ص. ٤٢، ٤٣، ٤٦، ٥٢، ٥٤، ٥٨، ٦١-٦٢، ٦٩، ٧٢، ٧٥، ٨٢، ٨٣، ٨٤، ٩٣، ٩٦، ٩٧، ٩٨، ١٠٠، ١٠٦-١٠٧، ١٠٩، ١١٢، ١١٥، ١٢٧، ١٢٨-١٢٩، ١٣١، ١٣٣، ١٣٤-١٣٥، ١٣٩، ١٤٠، ١٤٣، ١٤٤، ١٤٥، ١٤٨، ١٥٣-١٥٤، ١٥٥، ١٦٠، ١٦٣، ١٧١، ١٧٢، ١٧٣، ١٧٦، ١٨٠، ١٨٢، ١٨٣، ٢٠٠، ٢٠٢، ٢١٤-٢١٥، ٢٢٢، ٢٢٣، ٢٢٧، ٢٤١، ٢٤٣، ٢٤٦-٢٤٧، ٢٤٩، ٢٥٠، ٢٥١، ٢٦١، ٢٦٩-٢٧٠، ٣٠٠، ٣٠١، ٣٠٢-٣٠٣، ٣٠٦-٣٠٧؛ ج. ٢ ص. ٥٠، ٥٦، ٥٩، ٦٠، ٦٣، ٦٨، ٧٢، ٧٣، ٧٤، ٧٧، ٧٩، ٩٢، ٩٨، ١٠٣، ١١٠، ١١٤‏.١١٦، ١٢٢، ١٢٨، ١٢٩، ١٣٠-١٣١، ١٣٦ (في الجليل قريتان شركسيّتان)، ١٣٩، ١٤٩، ١٥٦، ١٥٨-١٥٩، ١٦١، ١٦٣، ١٦٥-١٦٦، ١٦٧، ١٦٨، ١٧٠، ١٧٧، ١٧٩، ١٨٢-١٨٣، ١٨٥، ١٩٠-١٩١، ١٩٦، ١٩٨، ١٩٩، ٢٠١، ٢٠٢-٢٠٣، ٢٠٨، ٢١١-٢١٢، ٢١٣، ٢١٦، ٢٣٦-٢٣٧، ٢٤٢، ٢٤٩، ٢٦٤، ٢٦٩، ٢٧٠، ٢٧٥، ٢٧٨-٢٧٩، ٢٨٧، ٢٩٢.
٦) بدلًا من هذه النصوص الشيّقة في معظمها وغير “المحتشمة” في بعضها كان من المتوقّع إيجاد أمثلة لغوية مقتضبة وجيّدة حول معاني الموادّ القاموسية واستعمالاتها. في المادّة القاموسية “أجا”، على سبيل المثال، كنّا نتوقّع شيئًا من هذا القبيل : (١٥٤).

عيّنة للهجة كفرياسيف
أجى: يِيجي، تَعال/تَعْ، جاي (ذ/ث)،جَيّْين، جَيّات، جينِه: جاء:يجئ، جِئ، جاءٍ، جائية، جاؤون، جائيات، مجيء. أجآ توم صُبْيان: وُلد له صبيّان؛ جايْ جايْ يِمَيِّل عَلينا: عادةً يعرّج علينا؛ أجَت مِنُّه مِشْ مِنّي: الجواب السلبي (المفضّل للمتكلِّم) صدر عنه وليس عنّي؛ إ(ل)سِّنِه إلْجاي/إِجّاي: السنة القادمة؛ مِنِ الْبير ؤجاي: من البئر وإلى هذه الناحية؛ تَعْ جايْ!: تعالَ (غير مؤدَّب) إلى هنا!؛ مِنْ خَمْسين سِنِه ؤجاي: منذ خمسين سنة وإلى الآن؛ روحَه جينِه: ذهابًا وإيابًا؛ هاي جينْتِى مِنِ (ال)سُّوق: هذه اللحظة، الآن وصلتُ من السوق؛ إيش يَمّا أجيتْ، أجيتْ ها أيْ موجِه تِقْحَفَك: ماذا يا أمّي جئتُ، جِئْتَ أخيرًا فلتبلعك الموْجةُ؛ إلّي بيجي أَهْلا ؤسَهْلا وِ(ا)لّي بِجيش مَعِ (ال)سَّلامِه: مَن يأتي فأهلًا وسهلًا به ومَن لا يأتي فلا أسَف على ذلك؛ خُدي هَلْبَمْيات بيجو ٢ كيلو: خذي هذه الكمية من البامية إنها تُقدّر بـ ٢ كغم؛ بيجي (=أبو) تْلَتين واحَد كانو في (ال)صَّلا: كان حوالي الثلاثين شخصًا (مصلّيًا) في الكنيسة؛ عَقْلُه بِجيش على عَقْلي: نحن لا نتفاهم، لا تناسقَ بيننا؛ إزا بيجي عَليك إلْبَنْطَلون خُدُه: إذا كان مقياس السروال مناسبًا لك فخذه!؛ هِيّاتو رايِح جاي عَ(لى)دَّكْتور: صحّته متدهورة، يتردّد دومًا على الطبيب؛ هَلْحَمّ بيجي ؤُبِروح: الحرارة متقطّعة، تأتي وتزول؛ شو جاي عَ(لى) بالَك توكُل؟: ماذا تُحبّ / تشتهي أن تأكل؟؛ إلّي بِجيش مَعَاك تَعال مَعآ: كُن دبلوماسيًا / مرنًا، من لا يوافقك الرأي شاطره أنت رأيه؛ إلّي بِجيش بِالِمْنيح بيجي بِالْعاطِل: من لا يوافق مقتنعًا لا بدّ سيوافق مجبَرًا ؛ إيجي خود نَحّ!: تعالَ وخُذ بعض السكاكر!(بلغة الأطفال وذويهم)؛ أجانِي فارِع دارِع: جاءني هائجا مهدّدًا؛ أَجَتْ ؤألَّله جابا: حدث أخيرًا أمرٌ ايجابي؛ سِتّنا غَزِيِّه جينا عَليكِ رُشّي (ا)لْمَطَر حَواليكِ….:أيتها السيدة (القدّيسة) غَزِيَّة نتوسّل إليك أن تأتي بالمطر؛ جينا ؤجينا ؤجينا جِبْنا (ا)لْعَرُوس ؤجينا كُرْمالِ عْيونِ (ا)لْكَحْلى…: ها قد جئنا وأحضرْنا معنا العروس وذلك من أجل العيون الكحيلة؛ ما أجَتْشِ (ص. ١٥٥) (ا)لْعَتْمِه عَ قَدّْ إيدِ (ا)لْحِرامي: لم يفلح، لم يكن الظرف مناسبًا لتنفيذ أمر ما؛ تيعا تيعا…: نداء للدجاج لعلفه.

٧) في كثير من الحالات لا يدري القارئ العادي أين الفصيح وأين العامّي، أنظر مثلًا ج. ١ ص. ٥٦، “أُرجوان”، “إرث” فلا ذكر ل”فصحى فقط” أو “فصحى”، ج. ١ ص. ٤٨، ٥١، ٥٢، ٦٦، ٦٧، ٧٠، ٧٦، ٨١، ٨٢، ٨٦، ١٠٢، ١٠٥، ١١٠، ١٦١، ١٧٧، ١٨٣، ١٩٢، ٢١٤، ٢١٩، ٢٣٠، ٢٨٥، ٢٨٨؛ ج. ٢ ص. ٣٥، ٣٧، ٣٨، ٤١، ٥٠، ٥٩، ٦٧، ٧٠، ٧٣، ٨٠، ٨١، ٩٤، ١٠٢، ١٠٥، ١١٢، ١٢٧، ١٤٥، ١٥١، ١٥٣، ١٦٢، ١٦٥، ١٧٢، ١٨٥، ١٨٨، ٢٠٠، ٢٠٥، ٢٤٩، ٢٥٧، ٢٦١، ٢٦٥، ٢٦٧، ٢٦٨، ٢٧١، ٢٧٢، ٢٧٤، ٢٨٧، ٢٨٨، ٢٨٩، ٢٩٠.
٨) نقص في الموادّ القاموسية، مثلًا: جمع إبرة هو أُبَر أيضًا، إبْرِة البريموس، ضرب إبرة، أخد إبرة الخ. ج. ١ ص. ٤٢، أبْصَرْ ٤٤، أرض، أرْضِيِّة الجُمعة = أيام الأسبوع، أرضية الطفل = قعّادة الطفل، أرضية إلأوضه = مصطبة الغرفة ٥٧، إسّا = الآن ج. ١ ص. ٥٩، إسْتَنّى ص. ٦٣ وليس تحت “أني” ص. ٧٣، ٦٦، ٦٧، ٦٨، ٧٠، ٧٢، ٧٤، ٧٥، ٧٦، ٧٨، ٨٠، ٨٧، ٩٠، ٩٨، ١٠١، ١٠٢، ١٠٧، ١٠٨، ١١١، ١١٣، ١٣٦، ١٣٧، ١٤٠، ١٤٤، ١٤٨، ١٨٣، ٢١٦، ٢١٩، ٢٢١، ٢٤٨، ٢٦٠؛ ج. ٢ ص. ٣٤، ٥٧، ٦٨، ٧٢، ١٠٢، ١١٣، ١١٩، ١٢٠، ١٤٦، ١٥٧، ١٥٨، ١٦٤، ١٧٨، ١٨٠، ١٨١، ١٨٤، ٢٣٥، ٢٣٨، ٢٦٣، ٢٦٥، ٢٦٧، ٢٩١، ٢٩٣.
٩) أسلوب العرض يجب أن يكون ما قلّ ودلّ: “فاذا تأخر الابن عن العودة تساءلت الأم عن تأخره قائلة: “أَبْصَرْ إشُّو جَرَى لُه” ج. ١ ص. ٤٤، “فاذا …قائلة” حشو وينبغي شرح المثل بالفصحى، وكذلك في “أباط”، ٥٤، ٦٩ “إلّي: الذي وأخواتها الثماني في الفصحى” بدلًا من الأسطر الثلاثة، ١٥١، ١٧٤ الخ. الخ. في كل صفحة تقريبا.
١٠) إعطاء صيغة الجمع يجب ألا يكون تلقائيا مثل “إبليس ج. أبالسة وأباليس” إذا لم تكن مستعملة في لهجة ما (مثلًا في لهجة كاتب هذه السطور) وجمع “إبن” هو “إوْلاد” وجمع “آدَم” ليس “أوادم” إذ في الواقع لا جمع له، وأحيانًا صيغة الجمع ناقصة كما ويجب التمييز بين الجمع واسم الجمع: ج. ١ ص. ٤٥، ٥٣، ٦٠، ٦١، ٦٨، ٦٩، ٧٠، ٧٢، ٧٨، ٨٠، ٨١، ٨٥، ٩٠، ٩٣، ١٠٨، ١٠٩، ١٢٠، ١٣٦، ١٥١، (ص. ١٥٦)١٦٠، ١٦٩، ١٧٩، ١٨٢، ١٨٧، ١٩٠، ١٩٤، ١٩٦، ٢١١، ٢١٤، ٢٦٢، ٣٠٨؛ ج. ٢ ص. ٣٤، ٣٥، ٧٧، ٨٥، ١١١، ١٤٠، ١٤٧، ١٦٤، ١٦٨، ١٧٠، ١٨٠، ٢٦٠، ٢٦٨.
١١) يجب الاشارة إلى ألفاظ نادرة الاستعمال بالنسبة إلى مرادفات لها احتلت مكانها لدى الأكثرية مثل: “أُتُومْبيل، تْرُمْبيل، إطْرُمْبيل، أطونبيل” التي استُبدلت عادة ب”السيارة”، “بوسْطَه /بريد”، “إصْبِطار / مستشفى”، سِكِّه / تْرين / قِطار” الخ. من الصعب القول بأن اللفظة الفلانية أكثر شيوعًا من أخواتها في حالة انعدام الأطلس اللغوي المعاصر أو مسح ميداني شامل. بناء على ذلك فإن قول البرغوثي بأن “يَرْغول” أكثر انتشارًا من “المِجْوِز، القُصّابَه والمَقْرُونَه” في فلسطين مستند، على ما يبدو، على الانطباع فحسب. ج. ١ ص. ٥٧، أنظر ج. ١ ص. ٢٠٧ “الحرشية”، ٢٥١، ج. ٢ ص. ١٣٧ (شِشْمه).
١٢) يجب إدراج ستّ الصيغ الرئيسية للفعل ثمّ جميع أوزنته المستعملة وفق ترتيب معيّن مثلًا الترتيب الغربي: I II III IV الخ. أي فَعَل، فَعَّلَ، فاعَلَ، أفْعَلَ الخ. مقرونة بالأمثلة المناسبة، أكَل، يوكُل، كول، ماكِل، مَكول، أكِل؛ بِتّاكَل الخ. ج. ١ ص. ٦٧.
١٣) توخّي الدقة والوضوح وعدم الاسهاب في العرض والترتيب والوصف والإحالة وعدم التكرار وتجنّب الحشو والتعميمات: هناك فرق بين “الإخوة” والإخوان” أنظر ج. ١ ص٥٣، أداة التعريف “أل” توصل بأوّل الاسم والصفة في الفصحى والعامية، في العامية تستعمل أيضًا “هَلْ” الخ. ص. ٦٧، ٧٠، ٧٢، ٧٧ (البابا هو الرئيس الروحي للكنيسة الكاثوليكية وليس للكنيسة ككل)، ٧٩ (باش الخ. قبل باشا)، ٨٠، ٨١، ٨٢، ٨٧، ٩٤، ٩٨، ١٠١، ١٠٥، ١٢٥، ١٣١، ١٣٧، ١٤٣، ١٤٥، ١٤٨، ١٥٠، ١٥١ (التلمود هو التوراة الشفهية، بابلي واورشليمي)، ١٥٦، ١٥٨، ١٦٣ ، ١٧١، ١٨٥ (الچلوكوز هو سكّر الدم وليس الفواكه-فروكتوز)، ١٩٨، ٢٠٧، ٢١٦، ٢١٧، ٢١٨، ٢٢٧، ٢٣٠، ٢٤٠، ٢٤٣، ٢٤٤، ٢٤٩، ٢٥٥، ٢٥٧، ٢٦٠، ٢٧١؛ ج. ٢ ص. ٣٤، ٣٥، ٤٤، ٦٠، ٦٧، ٦٨، ٦٩، ٧٠، ٧٧، ٨٩، ٩٢، ٩٥، ٩٩، ١٠١، ١٠٤، ١٠٥، ١٠٧، ١١٤، ١١٦، ١٢٤، ١٢٦، ١٤٧، ١٥٩، ١٦٢، ١٦٤، ١٦٥، ١٦٦، ١٦٧، ١٧٢، ١٧٤، ١٧٦، ١٧٨، ١٨٧، ١٩٠، ١٩١، ٢١٢، ٢٣٢، ٢٣٨، ٢٤٨، ٢٤٩ (يقدّر عدد الروما، الغجر، بأكثر من ١٢ مليونا وليس بأكثر من مليون نسمة)، ٢٦٠، ٢٦٤، ٢٦٦، ٢٦٧، ٢٧٨، ٢٨٩، ٢٩٢، ٢٩٣.
١٤) توخّي الحذر بشأن التأثيل (الاتيمولوجيا) والابتعاد عن التحليل المبني على الحكايات الشعبية. ج. ١ ص. ٦٤، ٧٣، ٨١، ٨٣ (الثاء لا تقلب شينا، أصل الفعل “بحش” سرياني-عبري)، ١٠٠، ١٢٥، ١٣٧، ١٤٤، ١٥٥، ١٦٧، ١٧٤، ١٧٥، ١٧٩، ١٩١، ٢٠٧، ٢٠٩، ٢١١ ، ٢١٢، ج. ٢ ص. ٦٣، ٦٦، ٧٩، ٨٥، ١٦٠، ١٧٣، ١٧٧، ١٩١، ٢٠١، ٢٩٢.
١٥) إبقاء موادّ قاموسية لا تُحصى بدون أي شرح أو تفسيرلا سيما الشعر الشعبي مثلًا: ج. ١ ص. ٤٤، ٤٥، ٥٣، ٦٤، ٧٣، ٨٤، ١٠١-١٠٢، ١٤٨، ١٨٨، ٢٠١، ٢٠٣، ٢١١، ٢١٨، ٢٢١، ٢٤٥، ٢٤٦، ٢٧٢؛ ج. ٢ ص. ٤٠، ٤١، ٤٤، ٥٠، ٥٩، ٧٧، ٩٠-٩١، ٩٣، ٩٩، ١٢٦، ١٢٧، ١٣٢، ١٣٥، ١٤٤، ١٥٠، ١٦١، ١٦٣، ١٦٦، ١٧٧، ١٧٩، ١٨٦، ١٨٧، ٢٠٠، ٢٠٢، ٢٠٥، ٢٠٨، ٢٠٩، ٢١٠، ٢١٣، ٢٢١، ٢٢٥، ٢٢٨، ٢٢٩،
٢٣٤، ٢٣٦، ٢٤١، ٢٤٢، ٢٤٣، ٢٤٤، ٢٤٦، ٢٥١-٢٥٢، ٢٥٨، ٢٦٠، ٢٦٣، ٢٦٤، ٢٦٥، ٢٦٩، ٢٧٠، ٢٧١، ٢٧٧، ٢٧٩، ٢٨٠.
١٦) إدراج الحرف “چيم” بعد “الجيم” وإيراد الكلمات الدخيلة المستعملة في اللهجات الفلسطينية مثل: چابي؛ چِتارَه ج. چِتَرات؛ چَدَع ج. چُدْعان، چَدْعَنِه؛ چَدون، چْرام ج. چْرَمات؛ چْرَفَتّا ج. چْرَفَتّات، چْرافِه ج. چْرَفات؛ چْريبْفرُوت؛ چَزوز؛ چُلّ ج. چْلال؛ چَلّبِيًّه ج. چُلّبِيّات؛ چَلَن ج. چْلان، چَلَنات؛ چَوّاد ج. چَوّدين؛ چَوّل، چول ج. چْوَال، چُلَرْجي ج. چُلَرْجِيّه؛ حبْة چَوافَه ج. چَوَفات جج. چَوافة؛ چولْف؛ چير (جابي؛ قيثارة؛ شجاع؛ مقود الدراجة النارية؛ غرام؛ ربطة عنق؛ الكريب فروت؛ كازوز؛ بنّورة؛ جلابية؛ غالون؛ قوّاد؛ سجّل هدفا في كرة القدم، هدف في كرة القدم؛ حامي المرمى؛ جوافة؛ غولف؛ غيارات السيارات على التوالي).

الخاتمة
يُعتبر قاموس الدكتور البرغوثي، بالرغم ممّا قلناه، نواة لثلاثة مؤلّفات مختلفة يجب الفصل بينها خدمة للعلم وللتراث الفلسطيني وهي: (ص. ١٥٨).
ا. قاموس اللهجة العربية الفلسطينية – العربية الفلسطينية – العربية الفصيحة.
ب. معجم مفهرس للشعر العامّي الفلسطيني.
ت. كلمات عربية عامية فلسطينية فصيحة.
بخصوص المؤلّف الأوّل، وهو ما يعنينا في هذا المقام، يمكن القول بأن عمل البرغوثي لا سيّما بعد إزالة ما علق به من شوائبَ وهفوات هو بمثابة اللبنات الأولى في صرح اللهجة العربية الفلسطينية، عامّي – فصيح. هناك بداية في إعداد القاموس أي قاموس ولكن لا نهاية له. فينبغي على ذوي الاختصاص اللغوي التعاون من أجل تشييد هذا الصرح .